أصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عاصم عبد الحميد، وعضوية المستشارين عبد المنعم عبد الستار وسامي زين الدين اليوم الإثنين، حيثيات حكمها ببراءة 5 من ضباط الشرطة بقسم السيدة زينب المتهمين بقتل 5 من المتظاهرين والشروع فى قتل 3 آخرين أمام القسم يوم جمعة الغضب. وأكدت المحكمة في مستهل حيثياتها أنه ثبت لديها أن الضباط كانوا فى حالة دفاع شرعى عن أنفسهم، بعد أن تعرضوا لهجوم من مندسين وعناصر تخريبية وسط صفوف المتظاهرين الذين سعوا إلى اشعال النيران بقسم الشرطة، وسرقة محتوياته وإخراج العناصر الإجرامية منه. وقالت المحكمة إنه ثبت لديها أيضا عدم تواجد ثلاثة من الضباط المتهمين أمام القسم يوم الواقعة في 28 يناير الماضى، وأن أقوال شهود الإثبات من المصابين جاءت مبنية على السمع فقط والقصد منها الصاق التهم بالمتهمين. وأضافت المحكمة فى حيثيات حكمها والتى جاءت في 35 صفحة، أنه رغم ما تضمنته أوراق الدعوة من أسانيد وأدلة اعتمدت عليها النيابة العامة في توجيه الاتهام للمتهمين، فإن المحكمة ساورها الشك في صحة هذه الأدلة، ورأت أن الدعوي خلت من الدليل اليقيني المطمئن لها لإدانة المتهمين. وقالت المحكمة إنه بالنسبة للأدلة التي ذكرتها النيابة العامة سندًا لإدانة المتهمين الثالث والرابع والخامس، وهم النقيب عمرو الخراط، والعقيد هشام لطفي، وأمين الشرطة محمد شعبان، فرأت المحكمة أنه بالنسبة للمتهم الأول فإن أقوال شاهد الإثبات الأول في القضية بتحقيقات النيابة أكدت تواجد المتهم أمام مسرح الأحداث يطلق النار من سطح القسم بسلاح آلي، مما أصاب المجني عليه، ولم تقدم النيابة أي دليل يدعم قول الشاهد، في حين أكد أحد شهود النفي بأن المتهم عمرو حمدي لم يكن متواجداً بمسرح الحدث، وأنه صدر قرار بنقله إلي قطاع غرب قبل الواقعة، وأيد ذلك أقوال شاهدي النفي الثاني والثالث. وأضافت المحكمة أن هناك شاهد نفي آخر أكد أن المتهم اتصل به تليفونيا يوم الواقعة الساعة الثالثة والنصف، وأبلغه أنه متواجد بمكتبه بقطاع غرب بالمعادي، وأنه ترك سلاحه الميري بمنزله وطلب منه إحضاره له، ونظرًا لظروف الطريق لم يتمكن من الوصول لمنزل المتهم بشارع فيصل بالجيزة. وأشارت المحكمة إلي أنها اطمئنت لأقوال شهود النفي الذين دعموا أقوالهم بالمستندات والأدلة الثابتة عند جهات العمل الرسمية، وتشككت المحكمة في صحة رواية شاهد الإثبات الأول والتي كان القصد منها إلصاق الاتهام، وبالنسبة للمتهم الرابع هشام لطفي، فإن أقوال شاهد الإثبات التاسع والعشرين جاءت متناقضة، حيث ذكر أمام المحكمة بأنه شاهد المتهم يطلق النار علي المتظاهرين أمام القسم، إلا أنه ذكر في تحقيقاته أمام النيابة بأن المتهم لم يكن متواجدًا بمكان الواقعة وقت حدوثها، وأنه علم بأسماء المتهمين من المتواجدين، وأنه حدد المتهم الرابع من خلال حديث مع محاميه. وقالت المحكمة إنه في جميع الحالات التي واجهت المحكمة فيها شهود الإثبات والنفي مع المتهمين، تبين أن شهود النفي أسندوا أدلتهم إلي السمع سواء من أشخاص عاديين أو محاميهم دون أن يقدموا دليلًا أومستندًا يدعم أقوالهم، وأوضحت المحكمة أنه تمت أحاطتها بأن أحداث القضية قد صاحبت وقائع ثورة 25 يناير التي قام بها شباب الثورة لتغيير الأنظمة الحاكمة الفاسدة، وإرساء نظم العدل والمساواة ودفع الظلم عن جموع الشعب، وكان سبيله إلي ذلك التظاهر السلمي في الميادين العامة للتعبير عن مطالبهم المشروعة التي تبعد عن أعمال البلطجة والاعتداء علي الأموال العامة والخاصة، بينما كان الواقع شيئًا مختلفًا تماما، حيث ثبت من الأوراق والمشاهد المصورة أن هناك نية مبيتة للهجوم علي أقسام الشرطة، ومنها قسم السيدة زينب، والفتك بجميع العاملين به من ضباط وأمناء شرطة وجنود والاستيلاء علي أسلحتهم والزخائر الموجودة بمخازن القسم، والاستيلاء أيضا علي محتويات الأقسام وإحراقها، وقد عزموا علي تنفيذ ذلك وشاركهم بعض أهالي المناطق المحيطة، وكان ذلك يوم جمعة الغضب 28 يناير. وتبين كذلك من شرائط الفيديو وجود أصوات تحريضية مسموعة تدعوا المتظاهرين إلي إشعال النيران في القسم، ونزع نوافذه وإخراج المسجونين منه وذلك باستخدام زجاجات المولوتوف والأسلحة البيضاء والحجارة، ونجحوا في إحراق الدور الأول، فاضطر ضباط وأمناء الشرطة إلي الصعود علي سطح القسم للهروب من النيران، وبالتالي وسط هذا الهجوم العدواني الذي استخدمت فيه كل أنواع الأسلحة، كان لزامًا علي ضباط الشرطة أن يدافعوا عن أنفسهم باستعمال الأسلحة العادية المصرح بها لهم جميعاً، وقاموا بالفعل بإطلاق أعيرة نارية في الهواء لإبعاد المهاجمين عن القسم، حيث أطلقت هذه الأعيرة بحسن نية بغرض رد الاعتداء والتمكن من الفرار والهرب فأصيب من أصيب وقتل من قتل. وأكدت المحكمة أنه تبين لديها عدم توافر القصد الخاص لدي رجال قسم شرطة السيدة زينب بإطلاقهم الأعيرة النارية لقتل وإذهاق أرواح المواطنين، ولكن للدفاع الشرعي عن النفس ومنشآت الدولة، بما يتعين علي المحكمة القضاء ببراءة كل المتهمين من التهم المنسوبة إليهم وإحالة الدعوي المدنية للمحكمة المختصة. واختتمت المحكمة حيثياتها بقول "إنه لا عقوبة مطلقًا علي من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضرب أثناء استعماله حق الدفاع عن نفسه أو ماله أو نفس غيره أو ماله".