كان وسيظل الحرم الجامعي له جلالة وقدسية، كونه هو محراب العلم والفكر والنافذة لاستلهام الفنون والعلوم.. كما أن له من الهيبة ما يتطلب الحفاظ على قيمه ومبادئه. الأسبوع الثالث انقضى من الدراسة بالجامعات للعام 2017 – 2018، وخلال هذه الفترة شهدت الجامعات العديد من المشاهد الخارجة عن الإطار الجامعي، حيث شهدت جامعة طنطا، قيام طالب وطالبة بتنظيم حفل خطوبة في الحرم الجامعي، وقيامهما باحتضان بعضهما وسط الطلاب. كما شهدت جامعة دمنهور قيام أحد طلاب كلية التربية بنشر بعض الصور وهو في أوضاع غير أخلاقية مع فتيات ما أثار جدلا كبيرا، وأثار المشهدان سخطًا وغضبًا واسعًا داخل الوسط الجامعي، نظرا لخروجهما عن الأعراف الجامعية. وعن هذا رصدت "بوابة الأهرام" آراء أساتذة الجامعات، حول معالجة ما حدث، داخل الجامعتين. في البداية، قال الدكتور محمد كمال المتحدث باسم النقابة المستقلة لأساتذة الجامعات، إن العامين الماضيين انتشرت بالجامعات ظاهرة تعليق لافتات حب وغرام متبادل بين الطلاب والطالبات، فضلا عن الملابس شبه العارية التي تصلح لأماكن أخرى غير مقاعد الدراسة، مؤكدا أنه لابد من اتخاذ إجراء صارم ضد هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن صمت الجميع أدى إلى الفاجعة الأخيرة في جامعة طنطا واحتضان شاب وفتاة لبعضهما داخل الحرم الجامعي. وأشاد كمال، بما قامت به إدارة الجامعة بتحويلهما للتحقيق فورًا ومعهم مسئول الأمن، مطالبا باتخاذ أقصى عقوبة في قانون تنظيم الجامعات فما فعلاه لا يمثل خروجًا علي قيم وتقاليد الجامعات فحسب، بل جنحة بتهمة ارتكاب فعل فاضح في مكان عام. ورأى المتحدث باسم النقابة المستقلة لأساتذة الجامعات، أنه لو تم السكوت على هذه الواقعة أو جرى توقيع عقوبات ضعيفة فسيكون عاملاً مؤثرًا في انتشار هذا السلوك في كل الجامعات من بعض الطلاب الذين لم يتلقوا قواعد وأصول التربية ومفهوم الدين فأصبحوا لا يعرفون الحلال والحرام أو العيب. وقال كمال، إن من لا يعرف معنى الحرم الجامعي لا يستحق دخوله وعلي الجامعات ألا تقدم العلم فقط بل الخلق وأن تراجع وزارة التربية والتعليم اسمها بعد أن أصبحت لا تقدم تربية ولا تعليم. وأفصح كمال، عن أنه قدم للمسئولين عشرات المرات مقترحًا تفصيليًا لتدريس مادة القيم والأخلاق المهنية في كل الجامعات كما نص الدستور وكما يجب أن يكون، فلم يهتموا، أو يناقشوا الأمر من الأساس، وكانت النتيجة ضياع الخلق والانتماء. من جانبه، شدد الدكتور وائل بهجت أستاذ في كلية الطب البيطري بجامعة الإسكندرية، أن التعليم ما قبل الجامعي له الأثر الكبير في نشأة الطالب التربوية قبل التعليمية، مضيفا أن المدرسة والجامعة ليسا للعم فقط، ولكن هناك المثٌل العليا والقيم والأخلاق بجوار المعرفة والعلم. وعما حدث في جامعتي طنطاودمنهور، أكد بهجت، أن هناك انعدام للقدوة، ضاربا المثل بما حدث في الجامعات، في بداية العام الدراسي الجديد والاحتفال بعروض الرقص، وهو ما أعطى الانطباع للطلاب بأن هذا شيئ عادي داخل الحرم الجامعي الذي له من الهيبة والمكانة الكبيرة ويتم الآن اختراقها. وأكد بهجت، أن ما حدث، ليس أول مرة، ولكن حدث من قبل، ولم يواجه بأي عقوبات رادعة، أو مواجهة إعلامية، لمنع تكراره، موضحا أن هناك تراخيا إعلاميا في مثل هذه المسائل ولذا يتم تكراراها ولابد من عقاب الطلاب مع تقويم جيد لمنع تكرار مثل هذه الأفعال داخل الحرم الجامعي. ورفض مقولة أن ما حدث مستوحى من جامعات أوروبية، مؤكدا أن مصر دولة لها مبادئ وتقاليد وأعراف لابد من الحفاظ عليها، مبينا أن الحرم الجامعي للعلم وليس للانحراف الأخلاقي، مؤكدا أن الأخلاق لا تتجزأ. أكد بهجت، أن الجامعة لها دور كبير في تقويم الطالب بعد وصوله لتلك المرحلة العمرية من خلال أن يقدم الأستاذ الجامعي ما يستطيع الطالب أن يحذو حذوه في الأخلاق والمثل، مشددا على ضرورة التعامل مع هذه الأفعال بكل حزم مع الطلاب وأن يكون "عبرة" لبقية الطلاب حتى لا يجرؤ أحد على تكرارها بحرم الجامعة. ويرى الدكتور وائل كامل، عضو تدريس جامعة حلوان، أن ما حدث يعد خروجا عن قدسية الحرم الجامعي، مؤكدا أنه يجب عدم النظر إلي تلك المواقف على أنها مواقف فردية ستنتهي بمجرد تطبيق عقوبة الفصل كعقاب رادع بعد انتهاء التحقيقات، مطالبا بمعالجة كافة جوانب الخلل الذي تسببت في ظهور تلك المواقف. وقال كامل، إن من لدية قابلية لارتكاب الجريمة لا يردعه عقوبتها بقدر ما يجب معالجة أسباب المرض قبل بتر العضو المصاب، مشيرا إلى أن هناك أسباب عديدة اخترقت المجتمع المصري تحاول أن تدمر عاداته وتقاليده وهويته. أكد كامل، أن ما حدث بجامعتي طنطاودمنهور وإحدى الحفلات التي أعلن فيها عن رفع علم للمثليين مشكلة أكبر من مجرد اعتبارها حالات فردية، لهذا لابد من تضافر الجهود اعلاج أسباب الخلل من منبعه. ولفت عضو هيئة التدريس بجامعة حلوان، إلى أن هناك عوامل أخرى أدت إلى ذلك، منها كوكتيلات التعليم الأجنبي ودس السم في العسل، عن طريق الميديا والمسلسلات التي تحض على التحرر، وسينما الجنس والعنف، موضحا أن معاملة التربية الدينية بالمدارس على أنها مادة هامشية خارج المجموع، أحد الأسباب، كذلك انشغال الآباء والأمهات بالعمل وترك تربية أبنائهم للإنترنت كان السبب فيما وصل إليه حال الطلاب بالمدارس والجامعات.