احتضن جبل درنكة بمحافظة أسيوط آلاف الزائرين للاحتفال ب"مولد العذراء"، وسط حشود كبيرة من المسلمين والمسيحيين، والتي بدأت أوائل شهر أغسطس وانتهت في ال 21 من الشهر الجاري، وهي الفترة التي مكثتها العائلة المقدسة في أثناء رحلتها بمصر في هذا المكان. من مختلف المحافظات ووسط فرحة تسود وجوههم، مصطحبين أطفالهم وعائلاتهم، يحتفل الأقباط بمولد السيدة العذراء بجبل درنكة كل عام لمدة أسبوعين، ويتزامن ذلك مع الصوم الصغير المعروف باسم صوم العذراء الذى يختتم اليوم الإثنين، وسط النذور التي لا تنقطع. أكد المهندس ياسر الدسوقي، محافظ أسيوط، أن مولد السيدة العذراء بدرنكة يعد من أهم الاحتفالات الدينية بالمحافظة، وله دور كبير في تنشيط الحركة السياحية سواء الداخلية أو الخارجية، حيث يجذب الآلاف من الزائرين من جميع محافظات مصر بالإضافة إلى السائحين من مختلف دول العالم. وأضاف الدسوقي أن المحافظة تولي اهتمامًا بالغًا بالأماكن الدينية والتي تشمل المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء للحفاظ على قدسيتها فضلا عن تشجيع السياحة والتعريف بهذه الأماكن التاريخية الهامة، التي تعد من أبرز معالم المحافظة، منوهًا بأن أسيوط تزخر بآثار فرعونية وقبطية وإسلامية بمختلف المراكز. وأوضح عثمان الحسيني، مدير الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بمحافظة أسيوط، أن الهيئة تتابع وتشارك في احتفالات المصريين بمولد دير السيدة العذراء لإظهاره بالصورة التي تليق بالحدث، مشيرًا إلى تشكيل لجان وغرفة عمليات لمتابعة الاحتفالات والتنسيق مع الجهات المختلفة لافتًا إلى توزيع هدايا وشنط سياحية على زوار الدير خلال الاحتفالات. ويرجع تاريخ مولد العذراء حين كان حضن الجبل أحّن على المسيح وأمه، من حضن البني آدميين، ففرت العذراء بوليدها، يرافقهما يوسف النجار، من بطش ملك الرومان (هيرودس) - حينذاك- الذي كان يود البطش بالمسيح.. "بوابة الأهرام" ترصد بالصور والفيديو المكان الذي مكثت فيه العائلة لمدة 15 يومًا. ففي رحلة طويلة استمرت أياما وليالي، تكبدت خلالها العائلة المقدسة، ويلات السفر، ومشقة الترحال من بيت لحم بفلسطين، دخولًا إلى صحراء سيناء في مصر، ووصلت شرقي الدلتا مجتازة بعض بلاد الوجه البحري، ومنها إلى صعيد مصر حتى مدينة أسيوط، حتى استقرت في مغارة في حضن الجبل الغربي بقرية "درنكة"، حيث احتضنت هذه المغارة العذراء ووليدها، وحارسهما الأمين يوسف النجار، لمدة 15 يومًا. وتعتبر"الدورة" أشهر الطقوس المؤداة خلال الاحتفال، وتنطلق في السادسة مساء كل يوم، بخروج صفين من الشمامسة بكنيسة المغارة، حاميلن أيقونة كبيرة للسيدة العذراء، وأمامها أطفال صغار يلبسون أيضًا ملابس الشمامسة البيضاء، تعلو أصواتهم بالترانيم والتسابيح، ويتوسطهم الأنبا مطران بملابس الرهبان حاملاً صليبًا بيده اليمنى. عبر ممرات طويلة، وطرق ممهدة، امتدت لها يد العمران على مدار عشرات السنوات، ترتفع تدريجيًا، كلما صعدنا إلى أعلى، يقع دير العذراء بدرنكة، حيث يتسم بروعة نحته داخل جبل أسيوط الغربي، على مسافة 120 مترًا عن سطح الأرض، دلالة على سمو ورفعة المكان، الذي احتضن العائلة المقدسة. وما إن تدور عينيك في المكان، حتى ترى المذبح، يتوسط كنيسة المغارة، حيث المكان، الذي يتم إعطاء العظة اليومية بداخلة، خلال فترة الاحتفالات، بينما يقع في الجانب المقابل له معمودية قديمة، تمثل تراثًا كنسيًا، ولا يتم استعمالها الآن. وفي هذا الإطار قال الأنبا بيشوي، راعي دير العذراء بجبل درنكة، إن الدير يضم مجموعة من الكنائس أقدمها كنيسة المغارة، وطول واجهتها 160 مترًا وعمقها 60 مترًا، وهى منذ نهاية القرن الأول المسيحي، ويعود تاريخها إلى حوالى 2500 قبل الميلاد، وبالدير كثيرا من الأبنية يصل بعضها إلى خمسة أدوار، وبها قاعات كبيره للخدمات الدينية والاجتماعية والأنشطه الفنية، وحجرات للضيافة والإقامة. يُذكر أن دير العذراء بالجبل الغربي لمدينة أسيوط، يقع على ارتفاع 120 مترا من سطح الأرض، ويبعد عن المدينة عشرة كيلومترات تقطعها السيارة في ربع ساعة، وللذهاب إلى الدير يعبر الزائر بالمدينة غربًا حتى يرى نفسه في مواجهة جبل أسيوط الواقف منتصبا، وعنده يتجه جنوبًا ثلاثة كيلومترات أخرى إلى قرية درنكة، ثم يتجه نحو الطريق الصاعد إلى الجبل مسافة كيلو متر، وفى نهايته تصل السيارة أمام أبواب الدير. جبل درنكة جبل درنكة .