فى حياته محطات من الصعب أن يمر بها فنان آخر.. فهو منذ بدايته كممثل فى عام 1967 وكان الاسم اللافت دائمًا للنظر فى الوسط السينمائي.. مر بعثرات، قيل إنه لن يعود بعدها نجمًا، لكنه نجح باقتدار فى أن يتخطاها وظل قويًا حتى رحيله فى 11 أغسطس 2015. اتهم فى فنه وفى سمعته وفى علاقاته، لكن حب الجمهور له، وصدقه الدائم كان هو الدافع لأن يقف بجانبه، ويصعد سلمه بقوة فيقدم أعمالاً للتليفزيون تتوجه نجمًا حتى آخر أيامه. هو النجم الكبير نور الشريف الذى تحل ذكراه الثانية، ذكراه التى تحتفل بها أسرته بوسى ومى وسارة ، بوسى التى قالت إنها فقدت كل شىء برحيله، وإنه كان الأب، بل وأنه ظل يعاملها كطفلة حتى وهو على فراش المرض وهى تستمع لعباراته المنكسرة وهو يقول لها خدى بالك من مى وسارة.. عرف كيف يصنع لنفسه منذ أن تربى يتيما مكانة، فقد ساعده اليتم فى أن يبنى نفسه بنفسه وأن يواصل مشواره دون الاعتماد على أحد .. نور الشريف، حكاية من حكايات نجيب محفوظ ، التى مثلها، حكاية من حكايات يوسف شاهين الذى جسد شخصيته فى حدوتة مصرية، الذى قدمه عام 1982 عن قصة يوسف شاهين. كان هو لسان حال كبار المخرجين ، ففى الحكايات التى تحتاج الى ممثل مثقف ولديه دراية ووعى كان هو الاسم الأبرز.. حتى ظهر أحمد ذكى فكان المنافس الوحيد له فى هذه النوعية من سينما الموضوع . ونور الشريف هو ثانى نجوم السينما المصرية ممن سجلوا الرقم القياسى فى موسوعة المئة فيلم بعد شكرى سرحان، إذ كان لنور الشريف سبعة أفلام صنفت كاهم أعمال السينما المصرية من 170 فيلمًا قدمها فى مشواره.. وكان يفتخر بها بداية من "أبناء الصمت" الذى قدمه عام 1974 وهو عن حرب أكتوبر مرورا بفيلمه المهم جدا "العار" فى الثمانينيات والذى به على عشرات الجوائز وكان دائما يشيد بدور حسين فهمى رجل القانون فى الفيلم . والفيلم الذى كان لحسين فهمى الاختيار الأول عندما طلبت منه إدارة مهرجان اسكندرية اختيار فيلم لعرضه فى المهرجان فقال: "العار"ل أنه جمعنى بشقيقاى نور الشريف ومحمود عبد العزيز. صعد نجمه بقوة حتى جاء "ماجى العلى" فيلمه الذى تسبب فى وقفه عن التمثيل لسنوات وحزن بسببه بعد منعه من العرض الجماهيرى.. وظل نور الشريف لسنوات حبيث حالة الاكتئاب حزينا على حال السينما وما يحدث من تيارات ساقها مغرضون ضده، فهو لم يقدم فيلما هابطا بل فيلما عن القضية الفلسطينية. ولولا اسمه ونجمه اللامع الذى حفره بأعمال مثل "سواق الاتوبيس" والكرنك " والصعاليك وحدوتة مصرية ، ودخوله مجال الانتاج بافلام مثل "حبيبى دائمًا" وغيره من الاعمال ، لما استمر اسمه، لكن الأيام أثبتت أنه كان على حق. ولد في الخليفة بالقاهرة، وتوفي والده وكان عمره وقتها سنة واحدة. بدأ التمثيل في المدرسة حيث انضم إلى فريق التمثيل بها، كما كان لاعبًا في أشبال كرة القدم بنادي الزمالك ولولا حبه للتمثيل لاتجه لكرة القدم. بعد أن حصل على الثانوية العامة التحق بكلية التجارة، ثم تركها والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وحصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1967 بتقدير امتياز وكان ترتيبه الأول. تزوج من الفنانة بوسي بعام 1972 وله بنتان هما سارة ومي، انفصلا بعام 2006 ثم عادا بعام 2015. تعرف أثناء دراسته بالمعهد على الفنان سعد أردش، الذي رشحه للعمل معه في دور صغير في مسرحية الشوارع الخلفية، ثم اختاره المخرج كمال عيد ليمثل في مسرحية روميو وجولييت، وأثناء البروفات تعرف على الفنان عادل إمام الذي رشحه للمخرج حسن الإمام ليقدمه في فيلم قصر الشوق، وقد حصل عن هذا الدور على شهادة تقدير وكانت أول جائزة يحصل عليها. قام بالإخراج المسرحي أول مرة على مسرح الهناجر بمسرحية الكاهن، كما قام بالإخراج السينمائي لمرة واحدة بفيلم العاشقان. حصل على عدد من الجوائز عن العديد من أعماله السينمائية من عدد من المهرجانات. فى مراحله العمرية تعرف على شخصيات أثرت كثيرا فى ثقافته وموهبته، فكان دائم الاحتكاك بالوسط الثقافى ومعترفا بفضل من ساندوه المخرج الكبير سعد أردش ونجيب محفوظ وعادل إمام ويوسف شاهين وصلاح أبو سيف وحسن الإمام وعاطف الطيب. لم يتألم من مرضه الأخير قدرالمه من شائعة سخيفة كانت قد لا حقته من إحدى الصحف الصفراء فى عام 2009 والتى تزعمتها جريدة "البلاغ" ووقف معه جمهوره وبرئه القضاء المصرى.. لم يتألم من مرضه والذى عانى منه فى السنوات الأخيرة من عمره قدر ألمه من مرض ابنته سارة والتى ظلت لثلاث سنوات تعانى مرضًا غريبًا، وفرح بزواجها فرحا شدديا.سيظل نور الشريف هو الأيقونة التى تلمع دائمًا كلما تذكرنا أعماله، فهو فى المسرح نجما مهما وظل يحلم حتى آخر أيامه بأن يقدم رواية "الحسين ثائرًا" لكن الزهر رفض ..أحب الرواية لأنه كما كان يقول يحب آل البيت.. أحب عمر بن عبد العزيز وعاش تجربة من أهم تجاربه الفنية عندما قدمه للتليفزيون..عاش شخصيات يصعب على غيره أن يقدمها كهارون الرشيد. حتى الكوميديا قدمها كما يجب ان تقدم ، فما زال مسلسله الشهير "الحاج متولى" حالة خاصة من الكوميديا الاجتماعية.. ما زال مسلسله "لن أعيش فى جلباب أبى" عملاً فريدًا.. وسيظل مسلسل "الرحياة " تكوينًا دراميًا إنسانيًا بصوفيته وروحانيته عملاً فريدًا. فى مهرجان الإسكندرية السينمائى وقبيل رحيله بعام بكت جموع الفنانين، عندما صعد على خشبة المسرح ليودع الجميع، وعندما أقيمت له ندوة.. قال فيها كلمة الوداع الأخيرة.