السياحة الداخلية تعتبر من المحاور المهمة التي ترتكز عليها السياحة في مصر الآن، خاصة بعدما لحق بها عقب أحداث ثورة 25 يناير، من انخفاض لمعدلات دخلها، وفي السنوات الأخيرة ثار حول هذا القطاع جدل كبير وصل إلى صفحات التواصل الاجتماعي، وتفاقم هذا الصيف، فيما يخص سلوكيات شريحة من السائحين المصريين، وثقافتهم في "الأوبن بوفيه" بالفنادق والقرى السياحية، أو حتى في النزول للبحر بالملابس الداخلية، فيما انتقد آخرون سياسة الفنادق في التعامل مع السائحين المصريين باعتبارهم درجة ثانية، مفضلة عليه السائحين العرب والأجانب، وجاء قرار منع بعض الفنادق ارتداء النساء المايوه الشرعي ليزيد الأمر سوءًا، برغم تكذيب ونفي وزارة السياحة هذا الأمر. وتنتشر، على فترات متباعدة، على مواقع التواصل الاجتماعي، صور وصفها البعض بالسلبية، تُظهر سائحين مصريين على الشواطئ، وهم يرتدون ملابس لاتناسب البحر، بشكل رآه البعض انتهاك لخصوصية الأفراد، الذين يتم تصويرهم في غفلة منهم، ولا يعلمون أن القانون يحاسب على ذلك. وكانت عاملة بأحد الفنادق قد قامت بتصوير طاولة إفطار عليها كميات كبيرة من الطعام المُهدر، وذلك عقب انصراف أسرة زاعمة أنها كانت مكونة من فردين فقط، ونشرت الصورة على إحدى الصفحات، التي تضم آلاف الأعضاء عبر"الفيس بوك"، ولاقت صاحبة الصورة موجة حادة وغاضبة تعترض على نشرها ومزاعمها التي تفيد بأن الإفطار كان لفردين فقط ، في الوقت الذي يوجد على الطاولة أطباق وأكواب لأكثر من عشرة أفراد، وأنه بذلك يصبح الأمر عاديًّا. الدكتورة شيرين على زكي طبيبة بيطرية، شاركت في عدد من الحملات التفتيشية على الفنادق والمناطق السياحية، كانت قد ردت على ما قامت بنشره العاملة بالفندق، أكدت ل"بوابة الأهرام" أنها وجدت مخالفات في الأطعمة التي تقدمها الفنادق أثناء وجودها في لجان تفتيشية من الطب البيطري، وكتبت عن ذلك عبر صفحتها الشخصية على "الفيس بوك"، مشيرة إلى أنها وجدت يومًا "عدة شغل" عمال الصيانة داخل الثلاجة التي يحفظون فيها الطعام !! كما أن اللحوم والدواجن كانت مخالفة للشروط الصحية !! لافتة إلى أنها تقدمت باقتراح عبر نقابة الطب البيطري مخاطبة وزارة السياحة بأهمية وجود طبيب بيطري يتم تعيينه في الفنادق والقرى السياحية للإشراف على جودة الطعام ولكن الوزارة لم تستجب له حتى الآن. ولفتت إلى أن وزارة السياحة لم تقدم شيئًا لإصلاح المنظومة بمخاطبة الفنادق بتطبيق الشروط والمعايير، في الوقت الذي لا تكف فيه الفنادق عن مهاجمة السائحين المصريين بنشر صور سلبية لهم، رغم أنهم يعتمدون على السياحة الداخلية منذ ستة أعوام، منذ أحداث ثورة 25 يناير، قائلة: "وإلا لكانت تلك الفنادق خرابة" - على حد وصفها، ومؤكدة أنها حينما كشفت عن مخالفات كثيرة بتلك الأماكن، قام القائمون عليها بمهاجمتها، وحرروا محاضر ضدها، بزعم أن ما تنشره يضر بالسياحة ويؤثر سلبًا على الدخل القومي. وتلفت زكي ل"بوابة الأهرام" إلى أن الفنادق تقوم بإعادة تدوير الأطعمة المتبقية، والمهدرة بحالتها على الموائد، وتقدمها مرة أخرى للسائح الذي دفع بالفعل أسعارها ، ويعاب عليه أنه أهدرها !! فمثلًا بواقي اللانشون واللحوم والدجاج والجبن يعاد تصنيعها في شكل سلطات تقدم في اليوم التالي له، مؤكدة أن ما يدفعه السائح المصري أكثر مما يدفعه الأجنبي، رغم أن الأخير يدخل في قائمة مشروباته المشروبات الكحولية باهظة السعر، كما أنه لا يعترف بما يسمى "البقشيش" ويعتبر أن ما يقوم به العاملون في صميم عملهم. وتابعت أن السرقات كذلك التي تُلصق بالسائح المصري يمكن أن تصدر من قبل السائح الأجنبي أيضًا، مبدية ضيقها من الرغبة الدائمة من قبل البعض لتشويه صورة المصريين. وتشير زكي، إلى أن السائح المصري، الذي حُرم سنوات طويلة من تلك الأماكن التي لم يكن يقيم بها سوى الأغنياء فقط، لن نستطيع أن نلومه ولكن وجب علينا تنبيهه ووضع معايير يلتزم بها، مؤكدة أن هذا هو دور إدارة الفنادق، التي يمكن أن تضع معايير يلتزم بها العميل، سواء أجنبي أو مصري. وتكمل أن هناك فنادق تضع معايير، وتطبق عدة شروط، وتجعل السائح يوقع عليها مع بدء إقامته، وعليه أن يتقبلها أو يرفضها، وذلك فيما يخص إتباع سلوكيات بعينها، أو فيما يخص الملابس التي يرتدونها في البحر أو حمام السباحة، وغيرها من الضوابط. فيما قال ناجي عريان عضو غرفة الفنادق في اتحاد الغرف السياحية ل"بوابة الأهرام"، إن كلا الطرفين مخطئ، سواء السائحون أو إدارات الفنادق ذاتها، فالسائح المصري ليست لديه ثقافة سياحية عن كيفية التعامل مع الأماكن التي يزورها ووجوب الحفاظ عليها، أما إدارة الفندق فهي مخطئة في عدم وضع قوانين وقواعد للسياح حتى لا تحدث أخطاء. ويضيف عريان، أن الصور السلبية التي تُنشر عن السائح المصري وسلوكياته مع "الأوبن بوفيه" حقيقية في الغالب، فهو لم يتعود على تلك الثقافة وأن يكون الأكل أمامه فيأخذ منه ما يكفيه فقط، ثم يعاود التردد مرة أخرى في حال أراد صنفًا آخر، مشيرًا إلى أن ما يحدث هو الهرولة الشديدة وراء الطعام، وترك فائض كثير على المائدة، ما يضايق إدارة الفندق، في الوقت الذي يكون تصرف السائح الأجنبي في هذا الشأن مثاليًّا ولا يأخذ أكثر من حاجته، ويمكن أن يأكل أكثر من المصري، ولكن بنظام دون ترك كميات مهدرة خلفه. ويعلق عريان على ما يثار حول الأطعمة التي تفتقد المعايير الصحية بالفنادق بقوله: "هذا كان متبعًا بالفعل في الفنادق المصرية، ولكن قبل تطبيق التفتيش الصحي من قبل وزارة السياحة" ، لافتًا إلى أنه أمر معروف عالميًا ولكن بقواعد معينة . ويكشف عن أن الطعام الفائض له ثلاثة مسارات: إما أن يتناوله العاملون بالفندق، أو التبرع به لجمعيات خيرية، أو يلقى في سلة القمامة لأنه فاسد، نافيًا أن يخاطر الفندق بمستقبله ويقدم طعامًا يمكن أن يسبب تسممًا للسائحين عامة، خاصة أن من بينهم مصريين وأجانب، مؤكدًا أن الفنادق، خاصة التي تديرها شركات أجنبية، لها سياسة عالمية محددة لا تحيد عنها. أما مستخدمو الفيس بوك فأكدوا وجود كميات كبيرة من الطعام المهدرة يعاد تدويرها من قبل إدارة الفندق، وتقدم بشكل جديد مرة أخرى للسائح، لافتين إلى أنهم يشاهدون كثيرًا من السلوكيات السلبية من الأجانب، سواء عند تناولهم الطعام، أو حتى في حالة "سكرهم" وتجاوزهم. ورد عريان على ذلك بقوله إن بعض السائحين المصريين يعاملون العاملين بالفنادق معاملة سيئة، ودائمًا ما يسمعون منهم كلمة ب"فلوسي"، في الوقت الذي لا تقوم فيه الفنادق بتحرير محاضر ضد حالات السرقة لأدوات المائدة و"الفوط والبشاكير"، لكنه لم ينكر وقوع بعض التجاوزات أيضًا من بعض السائحين الأجانب. وتعتمد الفنادق بمدينتي شرم والغردقة بشكل كبير على السياحة الداخلية، وغالبًا في فترة الأعياد والمناسبات، إذ تكون نسبة الإشغال 100%، وهذا ما يؤكده رأي شركات السياحة. أما الدكتورة عادلة رجب نائبة وزير السياحة، فترفض فكرة التعميم في الأساس على تجاوزات وأخطاء بعض الفنادق، والقرى السياحية، لكنها حذرت من أن نشر الصور السلبية، وتدولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يضر بشكل كبير بقطاع السياحة، مما يؤثر بالتبعية على الدخل القومي. ولا تنكر رجب، أن السياحة الداخلية، التي تقدر نسبة إشغالها في الفنادق ب 66% هي رمانة الميزان للسياحة في مصر، وهي التي أنقذت قطاع السياحة خلال السنوات الماضية عقب أحداث ثورة يناير، ولكنها تبدي أسفها لإهانة السائح المصري بنشر صوره وسلوكياته، بما يضر بمصالح جميع الأطراف، وتصدِّر صورة سلبية وغير لائقة بمصر للعالمين العربي والغربي، مما سيجعلهم ينصرفون عن زيارة مصر، ويفضلون الدول الأخرى مثل تركيا وماليزيا ودبي، وغيرها. وتشير نائبة وزير السياحة، إلى أن إدارة الفندق من حقها وضع الضوابط والمعايير لتطبيق النظام، بما تراه أفضل لإدارة منظومته، لافتة إلى أن بعض الفنادق تمنع ارتداء المايوه الشرعي، وتضع ذلك في شروط الإقامة، وفي هذه الحالة لا أستطيع أن أعترض كسائح، لأن هناك فنادق أخرى يمكن اللجوء إليها لا تضع هذا الشرط. ولفتت رجب، إلى أن وزارة السياحة تقوم بدورها في التفتيش الصحي على الفنادق والقرى السياحية، وليس من مصلحتها التغطية على أي فندق يتجاوز أو يقدم خدمة سيئة، أو يقدم طعامًا فاسدًا للسائحين، مؤكدة أن الوزارة لم تتلق أية رسالة، سواء من الفنادق أو من السائحين، ولم يشتك أحد من الآخر، وإذا حدث ذلك فسيتم التعامل مع الشكوى بكل حيادية.