يقول الشاعر الراحل محمود غنيم (25 ديسمبر 1901 – 1972) في قصيدته "صرخة في وادي الريف": "يا بدر أنت ابن القرى.. وأراك في ليل الحواضر - إن طلعت – غريبًا"، ويستبدل الأديب يوسف القعيد كلمة "بدر" ب"رمضان"، كونه يرى أن شهر رمضان الفضيل، مرتبط بالقرية ارتباطًا أصيلًا ووثيقًا، فرمضان كما يوصّفه هو ابن القرية"، فيحكي "مُنذ أن تغربت عن قريتي في البحيرة، وأنا أشعر بغربة حقيقية في رمضان، افتقدت المؤذن والمسحراتي وطقوس رمضان القروية". رمضان القرية وقتئذ، لم تدخل الكهرباء فيها بعد، كان الراديو أهم شيء في حياتنا نحن القرويين، وأذكر – كما يقول يوسف القعيد – أن علاقتي ب"ألف ليلة وليلة" بدأت من مسلسل على الراديو، حيث كانت تلعب الفنانة زوزو نبيل دور شهرزاد، وبدأ شغفي بعالم الأدب والقصص والحكايات. لقطة أخرى من لقطات رمضان، حين كان يصحب مسحراتي القرية الأطفال، وينادي على كل طفل باسمه، وفي الأيام العشرة الأواخر من رمضان، تبدأ الاستعدادات للعيد، فكان يذهب للترزي ليفصل جلابية وطاقية وحذاء العيد، فيقول "كان شهر رمضان، شهر الفرحة المسروق من كل متاعب الدنيا". كتب القعيد رواية "الحرب في بر مصر" خلال شهر رمضان، مثلما تدور أحداثها في شهر رمضان، وهي رواية تدور أحداثها في قرية مصرية قبيل حرب 1973، حيث يتنصل عمدة القرية من إرسال ابنه الأصغر للالتحاق بالجيش، كما يفترض به أن يفعل، ولكي لا ينكشف هذا الأمر، يقوم بإرسال ابن خفيره "مصري"، التلميذ الفقير المتفوق في دراسته، بدلا عنه، وتستخرج أوراق إثبات جديدة ل"مصري" باسم ابن العمدة، ويؤخذ منه كل ما قد يثبت هويته الحقيقية، ويلتحق بالجيش، لكن الشاب الصغير يضيق ذرعا بلعب دور ابن العمدة، ويثقل السر الدفين عليه، وتبدأ الحرب فيستشهد ببسالة، لكن الأوراق الرسمية كلها تشير إلى أن ابن العمدة هو الذي استشهد، وتتوالى الأحداث. نقل المخرج صلاح أبو سيف الرواية إلى الشاشة الكبيرة في فيلم "المواطن مصري"، بطولة عمر الشريف وعزت العلايلي.