فور أن تطرق قدميك ذلك الشارع الصغير المتفرع من شارع الجمعية بمنطقة إمبابة، يمكن ببساطة أن تميز الأحاديث الجانبية لأهالي المنطقة حول الحادث الذي أدهشهم جميعا؛ فلم يتخيلوا أبد أن يتورط مدرب الكاراتيه "الخلوق" في قتل والدته وشقيقه التوأم بعد تناولهم الإفطار معا بدقائق معدودة! "ناس محترمين جداوفي حالهم وقمة في التدين" يصف رمضان حامد أحد سكان المنطقة العائلة التي شهدت الحادث، ويضيف أنه يعرف المتهم محيي الدين مدرب الكارتيه بنادي شهير، فهو مشهور في المنطقة بحسن الخلق والتدين الشديد، فهو لا يتخلف أبدا عن الصلاة في المسجد، وجهه بشوش دائما، يحاول في طريقه أن يصطحب الشباب ليؤدوا الفريضة في المسجد. يضيف "حامد" أن المتهم كان يعطي دروس وعظ في المسجد لسكان المنطقة، ويملك منطق سليم ويستخدم الحجة والبرهان في شرح الدين، وتلك الإبتسامة الصافية لا تفارق وجهه أبدا، يقول "كلامه موزون والناس كلها كانت بتحبه.. يوم الحادثة وبعد ما سمعنا صراخ من الشقة، محدش كان مصدق، خاصة إن العائلة دي في المنطقة من زمان وعمرنا ما سمعنالهم صوت". يلتقط الشاب محمد الصغير، موظف بنكي، طرف الحديث ويقول إنه في تمام السابعة والنصف بعد الإفطار فوجئ أهالي المنطقة بصراخ وعويل قادمين من الشقة التي شهدت الحادث، فتحرك بصحبة عدد من الأهالي نحو الشقة ليفاجأوا بأن محيي الدين رمضان مدرب الكاراتية بنادٍ شهير قد طعن شقيقه التوأم "رضا"، موظف بشركة محمول، وووالدته المسنة، والدماء منتشرة في الشقة بشكل غريب، وصراخ شقيقتهم الصغري يصم الآذان، وحتي أنه ركل والده الطاعن في السن في رأسه ليسقط مصابا هو الآخر. وعن سبب الجريمة التي ارتكبها مدرب الكاراتيه الذي يتغني الجميع بأخلاقه يقول "الصغير" إن الأب أخبر الأهالي بأن ولديه تشاجرا بعدما دخل "رضا" غرفة شقيقه دون إذن، فأخرج "محيي" سكينا كان بحوزته وانهال عليه طعنا، حاولت الأم التدخل للفصل بينهما فطعنها هي الأخري 4 طعنات، ليسقطا قتيلين وسط بحر من الدماء. يقول أحد الجيران ويدعي "محمد" أن السبب الحقيقي للخلاف لا يعلمه إلا الله الكل مصدوم مما حدث ولا يعرفون خلفيات الشجار، فسواء المتهم وشقيقه المجني عليه كلاهما غاية في الأدب والأخلاق والتدين، ويتابع أنه لم يشهد تفاصيل الحادث، لكنه فوجئ أن قوات الشرطة وقفت قرابة الثلاث ساعات تحاول القبض علي "محيي" لكنه كان يقاومهم بضراوة، متسلحا بسكاكين المطبخ، إلي أن استطاعوا في النهاية القبض عليه. وفي العقار الذي شهد الحادث، تقول سيدة ستينية –رفضت ذكر اسمها- إنها ونجلتها ونجلها أول من دخلوا الشقة التي شهدت الحادث، عقب سماعهم لصراخ ابنة المجني عليها، فزعوا كثيرا من مشهد الدماء التي تخضب كل تفاصيل الشقة، وبداخل غرفة الشقيقين "المتهم والمجني عليه" شاهدا جثة القتيل علي الأرض بين الفراشين الموجودين بالغرفة، وجثة الأم علي إحداهما ويجلس القاتل علي الفراش الآخر، قابضا علي سكينه، ومرددا "استغفر الله اعظيم.. وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. وإنا لله وإنا إليه راجعون، وغيرها من الأذكار". تتدخل ابنتها، في العقد الثالث من عمرها، قائلة إن المشهد استمر علي تلك الوتيرة لفترة بسيطة قبل أن يتدخل "محيي" ويقوم بإخراج الجميع من الغرفة، وأحكم إغلاقها علي نفسه، وقام شباب المنطقة الموجودين بالشقة من إخراج الجميع من الشقة وإغلاقها حتي لا يستطيع المتهم الهرب، ولم تستطع قوات الشرطة اقتحام الغرفة إلا بعد إطلاق غاز مخدر علي القاتل، ليتمكنوا من القبض عليه. وفي الطابق الأخير من ذات العقار تتحدث سيدة عجوز قريبة من الأم القتيلة، وتؤكد إنها قابلت المجني عليها في اليوم السابق للحادث بمسجد المنطقة أثناء صلاة التراويح، تبادلا السلام واطمأنت عليها، وعلي زوجها الطاعن في السن، وعن الحادث تقول "أول ما دخلنا الشقة كانت الأم لسة عايشة وبتحرك دماغها، كان ممكن ننقذها بس "محيي" رفض إن حد يقربلها وطلعنا من الغرفة". تضيف العجوز إنها تعرف الأم القتيلة منذ مدة كبيرة جدا، ومن المفارقات العجيبة أنها فقدت 6 من عائلتها في انهيار عقار بشارع مراد، منذ أكثر من عشرين سنة، وفقدت يومها 2 من أبنائها، ووالدها، وشقيقتها و2 من أقاربها، وتضيف "ربنا أراد إنها ما تدوقش نفس الوجع تاني لو شافت واحد من ولادها ميت والتاني في السجن"،وتؤكد الجارة العجوز والد المتهم ما زال يتلقي العلاج من أثر الركلة التي تلقاها في الوجه، وباقي غادروا الشقة لدفن المجني عليهم، حتي أن الدماء مازالت تملئ الشقة. ومن جانبها كانت نيابة إمبابة تحت إشراف المستشار محمد عبدالسلام، المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة، أمرت بحبس مدرب الكاراتيه المتهم بقتل والدته وشقيقه، في شقتهم في منطقة امبابة، وجددها قاضي المعارضات 15 يوما أخري. وقال المتهم "محيي الدين. ر. م" 31 سنة، مدرب كاراتيه بنادي الزمالك، في التحقيقات إن خلافات عديدة نشبت بينه وبين باقي اسرته منذ فترة طويلة لكنه لم يعتقد أبدا أن تصل به إلى حد قتل والدته وشقيقه، ويتابع أنه منذ فترة بدأ يشك في أن أحد ما مارس عليه أعمال السحر الشعوذة. وأضاف المتهم أنه مؤخرا بدأ يشاهد خيالات وأشكالا غامضة ومخيفة، كما يشعر أثناء نومه بوجود شخص يلامس جسده ويسحبه من قدمه، ما تسبب في رعبه كثيرا واندلاع المشكلات بينه وبين أفراد أسرته، كما يستعين بسكين ويخفيه داخل ملابسه نظرا لحالة الخوف المستمرة التي يعيشها.