خالف البنك المركزى توقعات الكثير من الخبراء والمصرفيين بقرار رفع الفائدة، وسط توقعات كبيرة بتثبيت سعر الفائدة عند مستوياتها السابقة. وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي رفع أسعار العائد علي الإيداع والإقراض ليلة واحدة، أمس الأحد، بواقع 200 نقطة أساس لتصبح 16.75% و 17.75%. وتعتبر هذه الزيادة هى الأولى منذ قرار تحريك سعر الصرف، نوفمبر الماضي، والذى قررت لجنة السياسة وقتها رفع الفائدة 300 نقطة أساس، بهدف امتصاص فائض السيولة قصيرة الأجل وتحسن معدل التضخم الشهر. وذكر البنك المركزى، فى بيان له، أن لجنة السياسة النقدية ترى أن رفع الفائدة يتسق مع تحقيق المسار المستهدف لانخفاض معدل التضخم، وأن هدفها هو تقييد الأوضاع النقدية لاحتواء التضخم الضمني بعد استبعاد صدمات العرض، والذي يتأثر بتوقعات التضخم والضغوط الناجمة من جانب الطلب، وليس لتحييد آثار الصدمات الناجمة من جانب العرض. ويستهدف الوصول بمعدل التضخم العام السنوي إلى مستوي 13% في الربع الأخير من العام المقبل. واعتبر مصرفيون، أن قرار البنك المركزى خطوة تستهدف من خلالها كبح جماح التضخم، فضلاً عن تنفيذ توصية صندوق النقد الدولى، التى طالبت بضرورة اتخاذ خطوات لخفض التضخم. وتعد أداة رفع الفائدة هى الخطوة الوحيدة التى يستطيع اتخاذها البنك المركزى لمواجهة التضخم، رغم تأثيراتها السلبية على المناخ الاستثمارى وخفض فرص التمويل أمام البنوك، نظرًا لارتفاع الفائدة التى قد تصل إلى ما يقرب من 22% الفترة المقبلة. قال الدكتور فخري الفقى، مستشار صندوق النقد الدولي السابق والخبير الاقتصادي، إن هناك توصيات من جانب صندوق النقد برفع سعر الفائدة لامتصاص السيولة الفائضة من الجهاز المصرفي. أضاف أن البنك المركزى لا يستطيع تجاهل توصية الصندوق لصرف الشريحة الثانيه من القرض، وأن معدل التضخم وصل إلى أعلى معدلاته الشهر الماضى، مشيرًا إلى آثار سلبية على الاستثمار المحلى أو الأجنبى لارتفاع تكلفة الاقتراض. وأوضح الفقى، أن عجز الموازنة العام المقبل وصل إلى 370 مليار جنيه، يتم تمويل 300 مليار جنيه من البنوك والباقى من القروض الخارجية، وأن رفع الفائدة يضع أعباء جديدة على موازنة الدولة. وأشار إلى أن رفع الفائدة 2% يزيد من الدين المحلى حوالى 6 إلى 7 مليارات دولار، وأن وزارة المالية مطالبة بتغطية هذه الزيادة لضمان خفض الدين المحلى الفترة المقبلة. من ناحية أخرى، قال رئيس قطاع خزانة بأحد البنوك الحكومية، إن قرار لجنة السياسة النقدية "مفاجئ" وإن معدلات الفائدة الحالية مرتفعة جدًا ولا تحتاج إلى زيادتها. وأضاف أن ارتفاع التضخم ووصوله إلى 32.5% ليس بسبب رفع الفائدة، ولكن السبب الرئيسى هو زيادة التكاليف على الإنتاج نتيجة تحريك سعر الصرف، خاصة أن أغلب مدخلات الإنتاج يتم استيرادها من الخارج. وأشار إلى أن رفع الفائدة 200 نقطة أساس، خطوة لها تأثيرات سلبية على الإقراض، خصوصًا أن الفرص التمويلية أمام البنوك الشهور الماضية ضعيفة، متوقعًا زيادة توظيفات البنوك فى أدوات الدين الفترة المقبلة لمواجهة ارتفاع تكلفة الأموال، فى ظل وصول الفائدة إلى 20% على الشهادات الادخارية. فيما قالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية، إن اتخاذ قرار البنك المركزى غير متوقع، وأن المركزى يسعى من هذا القرار محاصرة التضخم والعمل على انخفاضه خلال الشهور المقبلة. وأضافت، أن رفع الفائدة 2% دفعة واحدة، يقابلها زيادة بنفس القيمة على القروض، وهو ما يصل بمعدلات الاقراض إلى مستويات عالية، مما يؤثر على نشاط الاقراض الفترة المقبلة، فضلاً عن التأثير المباشر على القروض متغيرة الفائدة. وتوقعت الدماطى، أن يسهم قرار رفع الفائدة بشكل ملحوظ فى تخفيض معدل التضخم الشهور المقبلة، وأن هذه الخطوة تطلب قيام الحكومة بالمزيد من الرقابة على الأسواق لمواجهة ارتفاع الأسعار، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذى يرتفع فيه الطلب ويزيد الاستهلاك.