قالت الدكتورة منى مينا وكيل النقابة العامة للأطباء، إن أطروحات النسخ المتتالية من مشاريع قانون التأمين الصحي غير واقعية وغير جادة وغير قابلة للتحقيق، لأنها لم توضح ولم تهتم بكيفية توفير الأسس الأولية لتأمين صحي اجتماعي شامل في مصر، قائلة: "كأننا نناقش ديكورات مبنى فخم، دون أن يكون المبنى موجودًا، بل ودون أن نبذل الجهد اللازم لوضع أساس المبنى". وأضافت وكيل النقابة العامة للأطباء: "هل يمكن الحديث عن التأمين الصحي الذي يعتمد على نظام طب الأسرة، كمدخل أساسي لتعامل أي مريض مع التأمين، في حين أننا نفتقد لأي نظام مستقر لطب الأسرة في مصر، حيث نفتقد للأطباء المتخصصين في طب الأسرة، موضحة أن إجمالي أخصائي طب الأسرة المقيدين بالنقابة بلغ 1840 طبيبًا، يوجد حوالي 20% منهم فقط على رأس العمل بمصر، والباقي نزح للخارج. وقالت: "كما نفتقد لوجود الخطوط العلاجية الاسترشادية الملزمة لطبيب طب الأسرة، ونفتقد لنظام الإحالة الذي يحدد لطبيب الأسرة متى وأين يحول مريضه، إذا احتاج لخدمة صحية ذات مستوى أعلى من الرعاية الصحية الأولية، كما نفتقد حاليا وبشدة لتوافر قائمة الأدوية الأساسية والمستلزمات الأساسية التي يحتاجها عمل وحدات طب الأسرة. وتساءلت: "هل يمكن أن نناقش تأمين صحي ذو جودة، ونحن نعاني من عجز 50% في التمريض، وعجز 75% في تمريض المستشفيات الكبيرة؟ وقدمت وكيل النقابة العامة للأطباء، بعض الخطوات البسيطة ، التي تمثل مدخلًا أساسيًا وضروريًا لإصلاح المنظومة الصحية، وهي خطوات قليلة التكلفة، يمكن أن تعطي تحسنًا ملموسًا ورائعا في مستوى الخدمة الصحية خلال عام أو عامين على الأكثر، كما أنها تبني القاعدة الأساسية التي لابد أن نعتمد عليها في بناء نظام تأمين صحي شامل، وهي إعداد وحدات طب الأسرة التي تعتبر المدخل الأساسي لكل نظم التأمين الصحي الشامل عن طريق تدريب كل أطباء التكليف قبل توزيعهم على الوحدات الصحية على برنامج سريع باسم "مدخل لطب الأسرة"، مع ربط أطباء الوحدات الصحية بالمستشفيات العامة والتعليمية والجامعية القريبة، بخطة تدريبية مستمرة يوم أسبوعيَا مثلًا، وإتاحة عدد كبير من نيابات طب الأسرة (لا يقل في رأي عن ألف مكان في كل حركة نيابات) مع إتاحة الالتحاق الفوري لمن يرغب من أطباء التكليف بنيابة طب الأسرة، وإتاحة البدء في دراسة زمالة طب الأسرة لكل من يلتحق بنيابة طب الأسرة. كما اقترحت أيضًا وضع تحفيز مادي خاص لأطباء طب الأسرة، وتجميع "الخطوط العلاجية الإرشادية" للأمراض التي تعالج في مستوى طب الأسرة، ونظام التحويل عند احتياج المريض للتحويل لمستوى طبي أعلى، في مطبوع رسمي للوزارة، يحدث كل عام تبعا للتطور العلمي، ويصل ليد كل طبيب في وحدات طب الأسرة، مشيرة إلي أنه يمكن لتوفير النفقات توفير هذا المطبوع على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة، بدلا من النسخ الورقية، مع إتاحة كمبيوتر مربوط بالمواقع العلمية في كل وحدة طب أسرة. كما طالبت بتوفير قائمة الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية التي يحتاجها طب الأسرة في الوحدات، وفي حال عدم توافر بعض الأدوية الأساسية، يتم تكليف شركات الأدوية المحلية سواء كانتا قطاع أعمال أو خاصة بإنتاجها، بسعر يضمن هامش ربح لهذه الشركات لمنع إفلاسها، مع تقوية دور الرقابة الدوائية، لضمان فاعلية الدواء، وزيادة ثقة المريض المصري في دواء الوحدات والمستشفيات الحكومية. وأكدت أن هذه الخطوات البسيطة سترفع كفاءة جدا قطاع الرعاية الصحية الأولية، الذي يعالج في العالم كله مابين 70% إلى 80% من المرضى، مضيفة أن هذه الخطوات ستمكننا من علاج أغلب مرضى الضغط السكر عن طريق المتابعة والعلاج الشهري البسيط التكلفة، بدلا من المشكلات الرهيبة لمضاعفات الضغط والسكر، حال عدم وجود علاج منتظم من البداية، وهي مشاكل لها تكلفة عالية جدا، ولا يعود بعدها المريض لحالته الطبيعية، بغض النظر عن نوع العلاج وتكلفته. وأوضحت أن هذه الخطوات البسيطة أيضًا ستمنع إغراق المستشفيات الجامعية، والمستشفيات المتخصصة، بحالات الأمراض البسيطة، التي يجب أن تعالج في وحدات طب الأسرة، وبذلك تستطيع المستشفيات المتخصصة أن تقوم بدورها في علاج الأمراض المتقدمة بشكل أحسن. كما طالبت بسد العجز الحاد في أطباء التخدير والطوارئ والعنايات عن طريق رفع فوري ومميز لأجر النوبتجية بهذه التخصصات، لحل مشكلة عدم تشغيل العديد من غرف العمليات في المستشفيات الكبرى نتيجة عدم وجود أطباء تخدير. كما طالبت يوضع خطة لحل مشكلة العجز الحاد في أعداد التمريض، حيث تعاني مصر من نقص عام في أعداد التمريض، وهذه الأعداد القليلة تسعى بكل السبل للانتقال للمراكز الصحية المريحة والقريبة من مكان السكن، لذلك فأن العجز مضاعفا وحادا في المستشفيات الكبيرة والمجهدة، مقترحة رفع أجر النوبتجيات بالمستشفيات العامة والجامعية، مع رفع أعلى لنوبتجيات الطوارئ والعمليات والعنايات والحضانات، وتشجيع الالتحاق بمعاهد وكليات التمريض، وتشجيع تعديل المسار الوظيفي لمن يريد من خريجي المعاهد والكليات العلمية، الذين لا يجدون عملًا، لدراسة منهج نظري وعملي تقره كليات التمريض، ليسمح لهم بالالتحاق بمهنة التمريض، ونشر الوعي بأهمية مهنة التمريض، والكف عن الترويج الإعلامي لصورة خاطئة وظالمة للتمريض، إحدى أهم ركائز الخدمة الصحية. كما طالبت أيضا بتوفير الأعداد الضرورية من عمال النظافة في المستشفيات، مع منحهم رواتب معقولة، وتوفير مستلزمات وأدوات النظافة، إذ ليس من المعقول أن نتحدث عن مكافحة العدوى أو الجودة في مستشفيات لا يتوافر فيها عمال النظافة أو مساحيق النظافة. وأشارت إلي أن هذه ليست خطوات لإصلاح صحي عام وشامل ، ولكنها تشكل مدخلًا للإصلاح الصحي، لإعطاء تحسن نسبي سريع للوضع الصحي المتدهور الذي يعاني منه المرضي معاناة شديدة ومتفاقمة، ومدخل ضروري لنبني عليه نظاما للتأمين الصحي الاجتماعي الشامل الحقيقي وليس الوهمي. وأكدت أن كل هذه الخطوات هي خطوات بسيطة التكلفة، من الممكن تمويلها بالكامل من أبواب الإهدار التي مازالت واسعة داخل ميزانية الصحة، مثل باب سادس الخاص بتجديد وإعادة تجديد المستشفيات، لنبطنها بالرخام والجرانيت وشراء السيارات الفارهة، وإنفاق الملايين والمليارات على القوافل الطبية التي مازالت تخرج بانتظام (فعليا أو على الورق) في كل الإدارات والمديريات الصحية على مستوى الجمهورية.