في عام 1989 ُأعلنت محمية "الغابة المتحجرة" محمية طبيعة بقرار رقم 944 بمساحة إجمالية 7 كيلومترات، ووضعت إحداثياتها في عهد عمالقة البيئة في مصر والوطن العربي الدكتور محمد عبدالفتاح القصّاص -رئس الاتحاد الدولي لصون الطبيعة سابقًا-، ومصطفى كمال طلبة -عالِم وخبير بيئي مصري - تقلد عدة مناصب علمية وتنفيذية. وفي تلك الفترة تم تحديد طبيعة المحمية ومنطقة الحماية لها، وذلك للحد من التعديات التي من الممكن أن تتعرض لها.. وكأن نظرتهم للمستقبل أفصحت لهم عن الوضع الذي وصلت له "الغابة المتحجرة" الآن، من انتهاك لحرمتها وسرقة مقتنياتها. وجودها في منطقة سكنية تتميز بالعمارات المتألقة "كومباوندز" جعلها عرضة لسرقة الرمال الصفراء منها، ولم يكتف المتعدون عليها بهذا، وإنما وصل الأمر إلى إلقاء مخلفات الهدم والبناء بها، وكأنها "مقلب زبالة". في جولة "بوابة الأهرام" حول حدود محمية الغابة المتحجرة، التي تلقب بمنطقة "جبل الخشب"، لم نستطع أن نميز بداية ونهاية حدود المحمية، فالسور الذي كانت مهمته حماية من التعد، تأكل وتهاوى تمامًا.. فالمخلفات طمست ملامحها. وكان انتشر في الآونة الأخيرة بوسائل الإعلام المختلفة، رغبة وزارة البيئة في تعديل إحداثيات محمية الغابة المتحجرة واقتطاع جزء منها لصالح وزارة الإسكان لبناء تجمع سكاني على مستوى راق. تعديل حدودها "مصيبة"، هكذا وصفت الدكتورة شيرين فراج، عضوة مجلس النواب، تصريحات الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، المستمرة حول إمكانية تعديل إحداثيات محمية الغابة المتحجرة، باقتطاع جزء منها وإضافة آخر، قد لا يكون له نفس الصفات الجيولوجية التي تتمتع بها أرضها. و"بنبرة غاضبة".. قالت "فراج" ل"بوابة الأهرام" إن محمية الغابة المتحجرة من أندر المحميات الجيولوجية التي تحكي تاريخ الكرة الأرضية وبداية تكوينها، تعود ل 36 مليون سنة، واقتطاع متر واحد منها يعد خسارة للبشريه كلها، وإذا بالوزير يحذو نفس ما قام به تجاه محمية "وداى جلة". وتكمل "فراج" حديثها قائلة: إنه حين أعلنت الغابة المتحجرة محمية طبيعية، كان ذلك في عهد عمالقة البيئة في مصر والعالم، وغير مقبول تصريحات وزير البيئة بأن الإحداثيات وضعت سابقًا دون دراسة دقيقة، مطالبة "فهمي" بأن يعلن عن الخبراء الذي استند إليهم في إعادة إحداثيات المحمية، مؤكدة أن القانون يمنع تغير إحداثيات أي محمية. ووفقًا لفتوى مجلس الدولة التي تمنع بيع المحميات الطبيعية، توضح "شيرين" أن وزير البيئة هو المسئول الأول والأخير عن حماية المحميات في مصر، وهو من يسأل ويحاسب علي التعديات التي تتعرض لها الغابة المتحجرة باستمرار، وغير مقبول ما يذاع من تصريحات له حول عدم قدرة البيئة على حماية أراضيها. وحين علمت "فراج" أن وزير البيئة أصدر تعليماته بإعادة بناء سور محمية الغابة المتحجرة، بعد تقديمها الاستجواب لمجلس النواب، وتعرضه لحملة إعلامية تنادي ببطلان ما تتعرض له المحميات الطبيعية في مصر، قالت: إن سور المحمية يُهدم أكثر من مرة بسبب تعدى المخالفين وعصابات اللوادر عليه، وإعادة بنائه تكلف وزارة البيئة ملايين الجنيهات في وقت الدولة في أمس الحاجة إلي كل جنيه لدعم الوضع الاقتصادي الحرج الذي نمر به. وتقترح النائبة شيرين فراج إنشاء متحف جيولوجي مفتوح في المناطق التي نهبت وجرفت، مما تسبب في ظهور الأثر الجيولوجي، لكن فكرة بيعها مخالف لمواد الدستور. ويقول الدكتور محمد إبراهيم، مدير عام المحميات الطبيعية الأسبق، إنه لا يجوز تعديل إحداثيات محمية الغابة المتحجرة، إلا بعد إجراء دراسة مستوافاة توضح أسباب التعديل، والحصول على موافقة مجلس الوزراء، التي تحصل عليها الوزارة بناءً علي العرض الذي يقدمه وزير البيئة باعتباره الجهة الحامية للمحميات الطبيعية. وفي توضيح الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة، للاتهامات الموجه له ببيع محمية الغابة المتحجرة، يقول "إنه ليس هناك اتجاه إلي البناء علي المحمية حتى الآن كما يذاع، فهناك جزء تم نهبه بالفعل وتسبب في خلق حفر بالأرض، هذا الجزء المنهوب ليس له قيمة بيئية، ويقع في المنطقة الشمالية من المحمية، والتي سيتم استبعادها، ورئيس الجمهورية، هو الوحيد الذي له حق القرار في الجهة أو الوزارة التي ستحصل على الجزء الذي سيتم استبعاده من المحمية، كما سيتم ضم الجهة الغربية والتي تقع ناحية الجامعة الألمانية للغابة المتحجرة". ويؤكد "فهمي" أنه قد آن الأون إلى فتح ملفات المحميات الطبيعية لحمايتها، من خلال استبعاد مساحات من التداخلات التى لا تؤثر على طبيعة المحمية ومواردها وثرواتها الطبيعية فى إطار قانونى وتشريعى قابل للتطبيق على أرض الواقع، حيث سيتم البدء بالمحميات الثلاث الأهم، وهى "الغابة المتحجرة، وادي الريان، وادي دجلة" نظرًا للقرب العمرانى الشديد منهم واعتبارها أكثر المحميات التى تعانى من التعديات، وسيتم ذلك من خلال حمايتهم ببناء المسئولية البيئية للمجتمعات المحلية وخلق جيل جديد يربط بين الاستمتاع بالمحميات وحمايتها. نص الاستجواب كانت النائبة شيرين فراج تقدمت باستجواب موجه للدكتور خالد فهمي وزير البيئة، يوم 10 إبريل الماضي، طبقًا لنص المادة من اللائحة الداخلية للبرلمان، بسبب شبهات الفساد الإداري بشأن ملف إدارة المحميات، مما أدي إلي إهدار مال عام طبقًا لوقائع وردت بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن نتائج الرقابة المالية على وحدات الجهاز الإداري للدولة عن الفترة من أول يولية 2015، حتى آخر يونيو 2016، الفصل الرابع عشر، صفحة "180-182"، وبالمخالفة الدستورية لصحيح المادة 45 من الدستور، ومخالفة القانون 102 لسنة 1983 بشأن بيع وتعديل حدود المحميات الطبيعية في مصر. وتؤكد فراج ل"بوابة الأهرام" أن وزير البيئة خالف المادة 45 من الدستور، التي نصت على أن "تلتزم الدولة بحماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية، ويحظر التعدى عليها، أو تلويثها، أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها". وأضافت، ووفقًا لفتوى مجلس الدولة فى الملف رقم 7/2/256 الصادرة في24 إبريل 2010، التي أرسلتها الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، لجهاز شئون البيئة، بشأن بطلان بيع 72 فدانًا واقعة في نطاق محمية بحيرة قارون لصالح شركة المدينةالمنورة للتنمية الزراعية والعقارية، وبالقياس عن عدم جواز تعديل (تقليص) حدود محمية وادي دجلة مثلما قرر وزير البيئة، وبالتبعية يطيق هذا على محمية "الغابة المتحجرة". وقد ارفقت النائبة باستجوابها المقدم للبرلمان ضد وزير البيئة عدد من المستندات والصور والفيديوهات، أهمها مخاطبه السيد أمين عام مجلس الوزراء للسيد وزير البيئه بتاريخ 2/8/2016، بناءً على ما قام سيادة وزير البيئة بعرضه لتقليص محمية الغابة المتحجرة. وإصدار القرار رقم "2953" لسنه 2015 من مجلس الوزراء، بناءً على ما عرضه "وزير البيئة" من تعديل إحداثيات محمية وادى دجلة لتقليصها، الصادر بضمها كمحمية طبيعية قرار رقم 3056 لسنه 1999. وفتوى مجلس الدولة فى الملف رقم 7/2/256 الصادرة في24 إبريل 2010. وتنتظر الغابة المتحجرة المواجهة المرتقبة في مجلس النواب بين شيرين فراج مقدمة الاستجواب ووزير البيئة خالد فهمي، فهل تزدهر "الغابة المتحجرة" وينقذها دفاع البرلمان أم تكمل يد الإهمال "قطع" ما تبقى من تراث جيولوجي نادر. محمية الغابة المتحجرة محمية الغابة المتحجرة محمية الغابة المتحجرة محمية الغابة المتحجرة محمية طبيعية للبيع.. تغيير حدود "الغابة المتحجرة" جريمة أم استثمار؟ .