تعتبر "دربة أولاد علي"، دستور القبائل البدوية في المنطقة الغربية، ما بين أقاليم برقة الليبي، وحتى غرب محافظة الإسكندرية، حيث تم سن قوانينها، التي تتكون من 105 بنود علي المذهب المالكي، شملت كل نواحي الحياة والأمور الخلافية الناتجة عن المعاملات، وذلك قبل سبعة قرون. مستحدثات الأمور، ومستجدات الحياة، دفعت القائمين علي الشأن القبلي بضرورة إدخال بعض التعديلات علي "دربة أولاد علي"، وهو ما أثار جدلاً كبيرًا بين أبناء القبائل، وبخاصة الشباب، الذين أبدوا مخاوفهم من إجراء التعديلات المزمع إجراؤها علي صفحات التواصل الاجتماعي، والتي أعلن عنها محافظ مطروح، علاء أبوزيد، لكونه تراث وتاريخ قبائل الصحراء التي توارثتها الأجيال، فلا يجب الاقتراب منه. الشيخ عبدالرحمن عبدالجواد العميري، المنسق العام لمجلس حكماء المحافظة، الذي يضم عددًا كبيرًا من عواقل القبائل، أكد، أن التعديلات لن تتجاوز مرحلة التنقية؛ بهدف التجديد ومجاراة مستحدثات الواقع، وخاصة في ثلاثة بنود، هي: بند "النزالة"، بند يتم العمل به في حالات القتل العمد، حيث تنزل القبيلة بأكملها كضيف علي قبيلة أخري، وهو ما أصبح يشكل عبئًا ماديًا كبيرًا، وأصبح غير مناسب لظروف العصر، فمن المقترح أن تقتصر النزالة علي أسرة القاتل فقط، كذلك بند "الالتزامات والمعاملات المالية"، مثل الدِين، وبند "السرقة"، حيث تقصر التعديلات التعامل فقط مع صاحب الشأن أي القاتل وأسرته أو صاحب الدِين أو السارق. وأوضح "العميري" أن "الدربة" ليست بكتاب مُنزل، لأن هناك أمورًا جديدة دخلت علي ثقافة المجتمع البدوي في التعامل مع مشكلة القتل، فتلاحظ خلال السنوات الماضية، أن يحرق أهل القتيل بيوت ومحلات قبيلة القاتل كإجراء انتقامي، كذلك فإن "الدربة" أقرت قديمًا أن تكون دية القتيل 4 جنيهات فقط؛ لذا جاءت فكرة التعديل والتنقية بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى أن التعديلات المقترحة تنص على تخيير أهل أولياء الدم ما بين الاحتكام للعُرف أو تسليم القاتل للشرطة، واتخاذ الإجراءات القانونية ضده. الشيخ عبد الكريم القطعانى، رئيس مجلس العمد والمشايخ، أكد أنه تم بالفعل جمع أسماء ممثلي القبائل البدوية وتشمل قبائل "أولاد أبيض"، وتنقسم إلي قبائل "أولاد خروف وصنقر" وقبائل "أولاد علي أحمر"، وقبائل "القطعان والجميعات والسننة"، وسننتظر رأي قبائل "واحة سيوه" وقبائل "أبناء وادي النيل" في انضمامهم للاتفاقية، وحال التوقيع عليها ستكون ملزمة لهم. وأضاف "القطعاني"، أن الأسماء النهائية سيتم طرحها خلال أسبوع علي محافظ مطروح، علي أن تكون هذه الأسماء لأشخاص علي دارية وعلم ببنود "دربة أولاد علي" وبتراث وعادات وتقاليد المجتمع البدوي وشئونه. وأكد، أنه حال الانتهاء من اختيار الأسماء، وتنقية البنود، وتعديلها سيتم عرضها علي مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف والجهات الأمنية للتوثيق، مشيراً إلي أنه حتى الوقت الحالي لا يوجد نسخة مكتوبة للدربة التي وضعت قبل سبعة قرون تقريبًا، وكانت منقولة بين سكان الصحراء الغربية بالتواتر بين أجيال القبائل. الباحث التراثي إبراهيم الزوام، قال، إن فكرة التعديل ليست بجديدة، ففي عام 2007م في عهد محافظ مطروح الأسبق محمد الشحات، كان هناك مقترح من بعض القيادات الشعبية بالتعديل، وبالفعل، تم عقد مؤتمر موسع لقيادات المجتمع القبلي حينذاك، ونظرًا لعدم وجود انسجام بين المحافظ وقتها(محمد الشحات)، وقيادات الحزب الوطني (المنحل بعد ثورة يناير بحكم قضائي)، تم تنظيم مؤتمر مواز للحزب؛ لتحقيق الهدف نفسه، وهو تعديل الدربة، غير أن الظروف السياسية حالت دون تحقيقه.
وأوضح "الزوام" أنه قبل 700 عام تم اختيار 20 من حكماء القبائل، وتم تقسيمهم إلى لجان، وكل لجنة وضعت مجموعة قوانين في أمور "البيع والشراء والتجارة والقتل والغنام والخيل والتحكيم والقضاء...إلخ"، ليصبح هناك دستوراً ظل ينظم حياة سكان الصحراء الغربية، وبات الآن يحتاج إلى تعديل.