أكد خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن التصريحات الرسمية التي توقعت انخفاض إجمالي الاحتياطي الأجنبي ليبلغ 15 مليار دولار في نهاية يناير المقبل، تدق العشرات من نواقيس الخطر وتتطلب من السلطات المصرية التحرك السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وقال الدكتور أيمن متولي، رئيس الجمعية "المصرية للتمويل والاستثمار"، إن الاحتياطي لمصر بلغ 36.1 مليار دولار قبل الثورة، سحبنا منها بمتوسط شهري يقارب المليار دولار، إلا في شهر مايو الماضي استهلكنا 800 مليون دولار وهللت حكومة عصام شرف بذلك المعدل، لنفاجأ بأننا سحبنا في نهاية أكتوبر ما يقارب الملياري دولار. وأضاف:الاحتياطي كان في التسعينيات حوالي 18.1 مليار دولار مما يعني أننا استغرقنا 16 عامًا لكي نزيد الاحتياطي بحوالي 18 مليار دولار رغم أن تلك الفترة شهدت تشجيعا ضخما للاستثمار الأجنبي بجانب حصيلة الخصخصة، وبالتالي كانت الارتفاعات مفترضا لها أن تحدث ، ووصلنا إلى نحو 20 مليار دولار ولا توجد مؤهلات لرفعه بنفس المستوى ثانيًا خلال الفترة الحالية. وأشار إلى ارتفاع كمية النقود المعروضة بالسوق، مدللاً على ذلك برفع سعر الفائدة لتغطية تخفيض الجدارة الائتمانية للبنوك المصرية والتحكم في معدل التضخم، مضيفًا: نتيجة لانخفاض الاحتياطي النقدي أصبحت مصر غير قادرة على السيطرة على الدولار الذي تجاوز مستوى الستة جنيهات لأول مرة في 22 نوفمبر الماضي. وتابع: إذا كان المجلس العسكري يقول إن الاحتياطي سيصل إلى 15 مليارات دولار، فلابد أن نتساءل هل هناك أسباب لذلك الانخفاض الذي يبلغ 5 مليارات دولار؟ وهل شمل الصرف على إرضاء الاعتصامات وزيادة الإنفاق وتأثر الإيرادات كالسياحة والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، مضيفًا أن حكومة د.عصام شرف مارست سياسة الطبطبة والأيدي المرتعشة لفترة طويلة رغم استنزاف الاحتياطي. ولفت إلى أن "الاحتياطي النقدي" مؤشر على صحة وإيجابية الاقتصاد، فمصر فقدت 16 مليار دولار وعجز الموازنة والديون السيادية وصلت لنسبة غير مسبوقة حتى إن مصر تحتل المرتبة قبل الأخيرة بدول المنطقة فيما يتعلق بالديون السيادية، بجانب عجز الحكومة عن اتخاذ خطوات شأنها أن تعيد الاستقرار الذي بدونه لن يوجد استثمار، وبالتالي نحتاج في الفترة الحالية إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولفت إلى أن الحكومة الجديدة تحتاج لسياسة اقتصادية واستثمارية مع أولويات مرحلية تمكن على الأقل إمكانية محاسبتها على الخطة التي ستعلنها، لافتًا إلى أن مصر بدون وزارة استثمار أو اقتصاد من وزارة أحمد شفيق الأولى وحتى الآن لافتا إلى أن د.سمير رضوان ود. حازم الببلاوي رغم الاحترام الكامل لهما إلا أن البورصة والاستثمار ليستا تخصصهما، كما أن البورصة والرقابة المالية لم تشهد تغييرات بالوجوه، موضحًا أن إجراء الانتخابات خطوة على الطريق الصحيح إلا أننا نحتاج أيضًا لقرارات سريعة تعطي الناس أحاسيس بالتغيير. وأكد أحمد رشدي، الخبير المصرفي ومدير عام البنك الأهلي السابق، أن تراجع الاحتياطي ليصل إلى تلك المعدلات دليل على توقف حركة الإنتاج مما يتطلب سرعة دوران عجلة النشاط الاقتصادي، معربًا عن أمله في أن تنجح الحكومة الجديدة ووزيرها الداخلية بها في إعادة الأمن واستقرار الأوضاع، مما ينعكس على السياحة وحركة التصدير. وأشار إلى أن عودة الاستقرار ستنعش الاقتصاد، فهناك مؤشرات على ذلك كانتعاش البورصة المصرية خلال آخر جلساتها، مشيرًا إلى أننا سنضطر للاقتراض بشروط قاسية جدًا إذا دخل الاحتياطي مرحلة النفاد. وقال الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية السابق، إن التراجع المتتالي للاحتياطي النقدي يشير إلى أن الاقتصاد المصري دخل مرحلة الخطر لاسيما لو استمرت الأوضاع بالشكل الحالي. وأضاف أن تقديرات المجلس العسكري تفترض عدم دخول نقد أجنبي للاحتياطي، وهذا افتراض خاطئ لأن الاحتياطي النقدي يشهد دخول متحصلات من صادرات البترول وقناة السويس. وأشار إلى أن القروض التي تحصل عليها مصر من البنك وصندوق النقد الدوليين والدول العربية تدخل الاحتياطي النقدي مما يزيده، وطالب بعودة الاستقرار للبلاد حتى تعود حركة السياحة والاستثمار الأجنبي لتعزيز النقد الأجنبي، فمعالجة الملف الأمني ضرورية نظرًا لأن مؤسسات التصنيف الدولي ك "ستاندرد آند بورز" و"موديز" خفضتا التصنيف الائتماني لمصر بسبب الانفلات الأمني وعدم الاستقرار، الأمر الذي يقلل الثقة في الاقتصاد المصري، وسيسبب مشاكل للبنوك المصرية في التعامل مع الخارج.