ستكون لحظة فارقة للمضي قدما في الكفاح الدولي ضد تغير المناخ، عندما يجتمع الوزراء والمفاوضون من جميع أنحاء العالم فى جنوب إفريقيا نهاية هذا الشهر، لحضور مؤتمر الأممالمتحدة حول تغير المناخ. قد يسأل البعض: ألا نستطيع الانتظار قليلا وأن نتعامل مع تحديات تغير المناخ بعد حل أزمة الديون فى أوروبا، عندما يعم النمو مرة ثانية؟.. الإجابة لا. تعتبر الفيضانات فى تايلاند أو الجفاف فى تكساس ومنطقة القرن الإفريقى بعض التذكيرات الأخيرة أن تحديات تغير المناخ أصبحت أكثر إلحاحا الآن من أى وقت مضى، لأن تغير المناخ يزداد سوءا. وقد كان تقرير توقعات الطاقة العالمية الصادر من الوكالة الدولية للطاقة دعوة مدوية تؤكد: الوقت ليس فى صالحنا وسيتضاعف الأمر كثيرا إن لم نتحرك الآن. لذا ما الذى نستطيع تحقيقه فى دوربان؟.. من تعليقات وسائل الإعلام يمكن أن يصل لدى أى شخص انطباع أن هناك معيارا واحدا للنجاح، هو الحصول على موافقة البلدان المتقدمة للتوقيع على فترة التزام ثانية لبروتوكول كيوتو لمتابعة الأولى التى تنتهى فى 2012. الاتحاد الأوروبى يدعم بروتوكول كيوتو، وقد أقمنا تشريعاتنا الخاصة على أساس مبادئها، نحن كمنطقة مع الهدف الأكثر طموحا بموجب بروتوكول كيوتو، ونوفى به. فى الواقع نحن على أعتاب تحقيق هدفنا بما يفوق التوقعات. لكن بروتوكول كيوتو يستند على التمييز الحاد بين البلدان المتقدمة والنامية، ويطلب الفعل فقط من الدول المتقدمة، ألا تعتقد أن التغيرات التى حدثت فى الاقتصاد العالمى على مدار العقدين الأخيرة جعل هذا التمييز غامضا بشكل كبير؟، خذ على سبيل المثال سنغافورة وكوريا الجنوبية، فهما دولتان ذات اقتصاد صادرات قوي، بصناعات قادرة على المنافسة وسجلات مبهرة فى مؤشر التنمية البشرية بالأممالمتحدة، لكنهما لا تزالان ضمن الدول النامية بموجب بروتوكول كيوتو. أو خذ على سبيل المثال اقتصاد بارز وحركى مثل البرازيل، فلها صناعات مزدهرة وموارد طبيعية ضخمة ودخل الفرد الواحد بها أعلى بكثير من بلغاريا ورومانيا على سبيل المثال. تشكل أنماط التلوث تحديا أيضا للتميز بين البلدان النامية والمتقدمة، وفقا للوكالة الدولية للطاقة فإن ارتفاع نسبة التلوث بثانى أكسيد الكربون يرجع فى الأساس إلى الاقتصادات الناشئة باعتمادها على الفحم، وسيزيد فقط هذا الاتجاه حتى عام 2035، حيث ستكون نسبة ال 90% من الزيادة على طلب الطاقة من الدول غير التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ولو نظرنا إلى الصين على سبيل المثال سنرى أن انبعاثات الطاقة تضاعفت ثلاث مرات منذ عام 1990، مما يجعلها الدولة الأولى التى تسجل أعلى نسبة انبعاثات على مستوى العالم، ففى المتوسط يصدر المواطن الصينى حاليا انبعاثات أكثر من المواطن البرتغالى أو السويدي أو المجرى على سبيل المثال، لذا لا يستطيع العالم مكافحة تغير المناخ بفعالية بدون الصين وغيرها من الافتصادات الناشئة. ويبقى تحد آخر هو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تنضم إلى بروتوكول كيوتو ولن تنضم أبدا، بينما أعربت اليابان وروسيا وكندا صراحة عدم وجود نية لديهم فى توقيع فترة التزام ثانية، باختصار هذا يعنى أنه لو توصل الاتحاد الأوروبى لفترة التزام ثانية بموجب بروتوكول كيوتو بالقليل من الدول المتقدمة الأخرى، فإن هذا قد يغطى فى الغالب 16% من الانبعاثات العالمية، حيث غطت فترة الالتزام الأولى حوالى ثلث الانبعاثات العالمية، فكيف يمكن وصف هذا نجاحا للمناخ؟. بمعنى آخر إن هذا المعيار ليس لديه فرصة للحفاظ على درجة الحرارة أقل من 2 درجة مئوية (3.6 درجة فهرنهايت)، ويجب أن يكون هذا هدفنا المشترك وفقا لما أعلنه المجتمع الدولى، ولكى يكون لنا فرصة لتحقيق ذلك، نحتاج فعليا إلى إطارعمل عالمى من قبل كل اقتصادات البلدان النامية والمتقدمة على السواء. إطار عمل يعكس العالم حقا فى القرن الحادى والعشرين، ويجب على جميع الدول الالتزام بتعهداتها. يرحب الاتحاد الأوروبى بفترة التزام ثانية بموجب بروتوكول كيوتو، شريطة تحسين السلامة البيئية لبروتوكول كيوتو، وأن يتوصل مؤتمر دوربان إلى خارطة طريق وجدول زمنى واضح لاستكمال هذا الإطار خلال السنوات القليلة المقبلة، وأن يتم تطبيقه فى موعد لا يتجاوز 2020. أتمنى أن تعرب كل الدول عن رغبتها السياسية والقيادة اللازمة لبدء مثل هذه العملية فى دوربان. تعهد القادة فى كوبنهاجن أن يحافظوا على درجة الحرارة دون 2 درجة مئوية. وها هو الوقت قد حان لإظهار ذلك.