أعلنت مساء أمس نتيجة انتخابات مجلس إدارة أتيليه القاهرة، وأسفرت عن اختيار الفنان محمد عبلة رئيسا للأتيليه، والناقد شريف الجيار نائبا له، كما اختير الفنان أحمد الجناينى أمينا عاما، والفنان أحمد الصعيدى أمينا للصندوق. ويضم مجلس الإدارة الجديد كلا من: الفنان صلاح عنانى، والفنان محمد عبلة، والفنان علاء الطيب، والفنان أحمد الصعيدي، والفنان أحمد الجناينى، والفنان ناثان دوس، والشاعر فارس خضر، والكاتبة عفاف السيد، والناقد شريف الجيار. كان مجلس الإدارة السابق برئاسة صلاح عناني، قد تم حله في يونيو الماضي، بقرار من محافظ القاهرة، الدكتور عبد العظيم وزير، بعد الصراعات التي نشبت داخل إدارة الأتيليه بين رئيسه وأمينه العام الدكتور صلاح الراوي، والتي وصلت إلى النائب العام. ترجع نشأة "الأتيليه" في مصر إلى عام 1934، عندما قاد الفنان التشكيلي محمد ناجي، ومعه نخبة من المثقفين المصريين، حركة لتعريب الحركة الثقافية المصرية، بدأت من الإسكندرية، وأنشئ على أثرها أتيليه الإسكندرية (جماعة الفنانين والكتاب المصريين)، وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952 انتقل مثقفو الإسكندرية، بمشروعهم للقاهرة، حيث أنشأ ناجي أيضا أتيليه القاهرة( جماعة الفنانين والكتاب المصريين) في عام الثورة، ليكون بوتقة لتفاعل الفنون بمختلف أنواعها من شعر وفن تشكيلي وسرد وموسيقى، الأمر الذي جذب إليه العديد من المثقفين والفنانين المصريين منذ وقتها وحتى الآن، فضمت عضويته تشكيليين وممثلين وموسيقيين وأدباء، من أمثال محمد مندور، والشاعرة ملك عبد العزيز الذي ترأسته في إحدى الدورات، ونجيب سرور وفاروق عبد القادر وعبد المنعم تليمة ويحي الطاهر عبدالله وأمل دنقل.. ومخرجين كبارا من أمثال سعد الدين وهبة وتوفيق صالح وعبد الغفار عودة، كما ضم الأتيليه حجرة للتذوق الموسيقي يجتمع فيها أعضاؤه كل يوم أحد، بانتظار الأستاذ لويس عوض الذي كان يشرح لهم موسيقي موتسارت وبيتهوفن، الأمر الذي أدى لازدهاره وبزوغه كملتقى للمثقفين بشتى مشاربهم الإبداعية منذ إنشائه، وحتى أوائل التسعينيات، "قبل أن يرسخه رؤساؤه كملتقى مغلق على الفن التشكيلي، ويعزلوه عن ممارسة أنشطة الفنون الأخرى"، وهو الأمر الذي يراه الكاتب الصحفي أسامة عفيفي، سبب كل النزاعات التي لحقت بالأتيليه بعد ذلك -منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا-، حيث قال ل"بوابة الأهرام"، إن تدهور الأوضاع في أتيليه القاهرة، بعد ازدهاره منذ نشأته وحتى أوائل التسعينيات، ناتج عن تدخل وزارة الثقافة لسلب استقلاليته.. وتكريسه كإحدى النوافذ الدائمة للفن التشكيلي، وعزله عن دوره الذي أُنشئ ليؤديه، وهو أن يكون جمعية للأدباء والفنانين، بمن فيهم من موسيقيين وممثلين ومخرجين وتشكيليين. ويتابع: من المصائب التي لحقت بالأتيليه، تحويل قاعاته كلها لقاعات عرض للفن التشكيلي، فحتى غرفة التذوق الموسيقي، وهي قاعة (إنجي أفلاطون)، لم تسلم من ذلك، وأُجر بعض من هذه القاعات بصفة دائمة لقطاع الفنون التشكيلية، التابع للوزارة، من أجل أن يكون هناك دعم مالي سنوي من هذا الإيجار، وبالتالي جار الفن التشكيلي على أنشطة الأتيليه الأخرى، وأدى إلى عزوف الكثيرين ممن كان لهم حضور قوي من موسيقيين وأدباء وسينمائيين. ويضرب عفيفي المثل على أن معاملة الأتيليه بوصفه بوتقة للفنون، هو مايؤدي لازدهاره، بماقام به الفنان التشكيلي محمد راتب صديق، الذي كان رئيسا للأتيليه، وازدهر معه نشاط الأتيليه حتى نهاية عهدة في أوائل الثمانينيات، والذي كان واعيًا بالدور الذي يلعبه المكان أدبيا وسياسيا، وهو الذي اتخذ في عصره قرار رفض التطبيع الثقافي مع إسرائيل، وقام قبل موته قام بترك وديعة مادية في البنك وأنشأ من خلالها جائزة أدبية للأدباء الشباب. ويتفق القاص إبراهيم أصلان مع رأي"عفيفي"، مؤكدا أن الأتيليه كان يتميز بغنى وتنوع النشاطات، التي كان يقوم بها "وكان أكثر حيوية مما هو الآن"، ويرى أصلان أن الأمل في إحيائه ملقى على المجلس الجديد، قائلا: أرجو أن يتفق المجلس الجديد، الذي سيتم انتخابه اليوم، ويتوحد على إحياء المكان وإعادة بعثه، فالأماكن بمفردها لا تنهض، وإنما تنهض بمن هو مسئول عنها، فلو كانت الجماعة التي تديره مناسبة، فبالقطع الأمور ستتغير. ليس فقط الأدباء والموسيقيون والسينمائيون، هم من عزفوا عن الذهاب إلى الأتيليه، بل أيضا بعض التشكيلين، مثل الدكتور محمد طه حسين، الذي علل غيابه لظروفه الصحية، التي أصبحت تمنعه عن الخروج كثيرا، كما رفض التعليق على أسباب خفوت دور الأتيليه في الفترات الأخيرة، قائلا: أنا أحب الأتيليه وفي رأيي أنه وجمعية محبي الفنون الجميلة، من أهم الأماكن الثقافية التي أثرت الثقافة المصرية على مدار القرن العشرين، ولا أستطيع إلا أن أتمنى أن يعود أتيليه القاهرة، هذا المكان العريق إلى مكانه البارز كما كان.