بعد شهور طويلة من الصراعات والأزمات المتتابعة علي أتيليه القاهرة، مرورا بحل مجالس إدارته وصولا لتولي موظفي وزارة التضامن مسئولية إدارته عقدت الأسبوع الماضي الجمعية العمومية للأتيليه، التي اختارت مجلس إدارته، الذي استطاع التغلب علي أول مشكلة واجهته، والتي تمثلت في الصراع بين الفنانين محمد عبلة وصلاح عناني علي رئاسة المجلس، حسمها الأول لصالحه، وبمناسبة فوز الفنان ، تحدثنا معه في "روزاليوسف" عن وضع الأتيليه في الفترة المقبلة، ورؤيته لأحداث الانتخابات، فكان لنا معه هذا الحوار: كيف بدأت فكرة ترشيحك في الانتخابات؟ - لم يكن لدي أي دوافع شخصية، وإنما بدأ الأمر بمطالبات من جانب عدد من أعضاء الجمعية العمومية للأتيليه القاهرة، وذلك ما دعاني للترشح، وعندما شاهدت قوائم المرشحين ولم أجد عددا كبيرا أعرفه، حتي الفنان صلاح عناني لم يكن قد ترشح بعد، ولو كنت وجدت أحدا جديرا بالمنصب لما قمت بترشيح نفسي، وبدأت منذ وقتها وضع تصور لما أريد عمله في الأتيليه، وبدأ عدد كبير من أعضاء الجمعية العمومية بالاتصال بي والتنسيق معي، وشكلنا قائمة منتقاة للدخول بها في الانتخابات. كيف كانت الصراعات في فترة ما قبل الانتخابات؟ - أري أنها كانت فترة وضيعة، شهدت بالإضافة للشتائم من جانب أفراد بدون مبرر، مؤامرات واستقطابات، أفراد يدفعون لأعضاء آخرين اشتراكاتهم المتأخرة للأتيليه ليذهبوا لانتخابهم، فقد كانت الانتخابات بالنسبة لنا في السابق كالرحلة، يجتمع فيها الأعضاء لاختيار مرشحيهم، وبعد نجاحنا نختار تشكيل مجلس الإدارة، ثم نقابل الأعضاء ونجدهم في انتظارنا لتحيتنا، وتلك الروح لم تعد موجودة، وقد سبق لي منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي الترشح والنجاح في الحصول علي عضوية مجلس الإدارة لثلاث مرات، وكان الأتيليه في الماضي ينقسم إلي نوعين، طائفة شبه مقيمة به وأعضاء "طياري" يأتون وقت الأنشطة فقط، أما الآن فكثير من الأعضاء "شايلين إيدهم"، وآخرون كل همهم أن يبقي الأتيليه مفتوحا ليقضوا فيه وقتهم ليس أكثر، وقليل من يسعي للنهوض بالمكان. ما رأيك في الناجحين معك بمجلس الإدارة؟ - بالطبع لو كانت نجحت كل المجموعة التي معي في القائمة لكان ذلك في صالح الأتيليه، لكن هناك مثلا الكاتبين شريف الجيار وأحمد الصعيدي، وكذلك الفنان أحمد الجنايني وهم مجموعة مميزة، والتجربة ذاتها سوف تثبت من لديه جلد وصبر للعمل لصالح الأتيليه. كيف كنت تري حال الأتيليه في الفترة السابقة؟ - الفترة الماضية كانت مليئة بالمشاحنات والمناوشات بعيدا عن الفن، وقد وجدت في ذلك ظلم لأجيال جديدة أصبح لها المكان مكانًا طاردا، فكنت أنا وغيري الكثيرين قد توقفنا عن الذهاب إلي الأتيليه، وكذلك حال أجيال كاملة، وذلك أمر مؤسف، مما ولد داخلي رغبة في تشكيل مجلس لإدارة الأتيليه خاصة أنه ظل طوال ستة أشهر تحت إدارة عدد من موظفي وزارة التضامن، بالنيابة عن أعضاء الأتيليه من فنانين وكتاب، بالإضافة إلي رغبتي في حدوث نشاط وحياة للأتيليه من جانب الكتاب والفنانين أنفسهم، وما يدعوني للتفاؤل اتصال عدد كبير من الشباب بي يعلنون رغبتهم في العودة والتواجد في الأتيليه. أثيرت شائعات بأن نجاحك بداية لدخول التمويل الأجنبي إلي المكان، ما تعليقك؟ - أنا شخصيا لم آخذ في حياتي أي تمويل أجنبي، وأنا أملك مركز الفيوم للفنون، الذي أقمته منذ خمس سنوات تقريبا، ولم نأخذ خلالها أي تمويل، سوي مرة واحدة من صندوق التنمية الثقافية، ومرة أخري من قصور الثقافة، وباقي التبرعات من أشخاص أو فنانين مصريين، وكذلك سيكون الوضع في الأتيليه، فأنا حريص علي التعاون مع وزارة الثقافة، لأن تمويلها هو حقنا علي الوزارة، والتعاون مع أي جهة أجنبية إن حدث سيكون لضرورة فنية وليس لضرورة تمويلية. ما آخر مستجدات الصراع داخل مجلس إدارة الأتيليه بعد تشكيله؟ - آخر المستجدات أن مجلس الإدارة تم تشكيله وهناك أربعة أعضاء ضده، يقومون بكتابة الشكاوي فقط، وأنا لن أتنازل عن موقفي لأنه موقف الأغلبية، فالجمعية العمومية انتهت من رأيها، وفي حالة تأزم الموقف لا بد من العودة إلي رأي الجمعية مرة أخري، وآن الأوان لأعضاء الأتيليه لأن يشاركوا بإيجابية، فما يحدث حاليا هو أضعف الإيمان، والوقت الحالي بحاجة إلي أقوي الإيمان، وعلي من هو حريص علي الأتيليه أن يتواجد لحمايته. وما تصوراتكم لتطوير الأتيليه والنهوض به؟ - هناك أفكار للنهوض بالمكان من خلال التمويل الذاتي، حتي لا يصبح الأتيليه تحت رحمة ممول أو غير ذلك، وكذلك استقطاب الشباب والأجيال المختلفة، وزيادة جرعة الحوار الثقافي، حتي نعيد الأتيليه مكانًا مريحا كمركز ثقافي وفني. ما أول ما ننتظر حدوثه في الأتيليه؟ - بعد استقرار حال مجلس الإدارة، سوف نقوم بدعوة كل رؤساء الأتيليه السابقين في احتفال لنشكرهم علي جهودهم، ونستشيرهم ونأخذ برأيهم لصالح الأتيليه، خاصة أن هناك حالة مرضية غريبة تحدث، فكل من يخرج منهم من المجلس لا يأتي للأتيليه مرة أخري وكأنه "ما صدق"، وكذلك أفكر في إقامة معرض لتمويل الأتيليه، من خلال تبرع فنانين تشكيليين بأعمالهم، وكذلك الأدباء الكبار بمسودات كتبهم ورواياتهم المهمة لبيعها لصالح الأتيليه، لأن مشكلة المكان الرئيسية أنه لا يوجد مبالغ تكفي للصرف علي الأتيليه بشكل مرضي، وبالتالي يضطر إلي تأجير القاعات. وكيف سيتم إدارة قاعات العرض بالأتيليه؟ - هناك نية لاستغلال قاعات الدور الأول والثاني كقاعات عرض بما فيها غرفة مجلس الإدارة، وإقامة ورش فنية في قاعات الدور الثالث، ونقل مجلس الإدارة إلي إحداها، وتلك كانت فكرة جيدة للمجلس السابق. كيف تري حال الحركة الثقافية والتشكيلية حاليا؟ - لابد للمثقف أن يكون إيجابيا ويظهر ذلك، لكن ما يحدث أن الثقافة في حالة من التردي ليس في الأتيليه فقط، وإنما بشكل عام، فالمؤسسة متردية وكذلك حال المثقفين، وصالون الأتيليه في دوراته الأخيرة في حالة سيئة، مجرد عرض أعمالا، أما في السابق فكان يعرض أعمالاً لكبار الفنانين مثل: حسن سليمان، وإنجي أفلاطون وغيرهما، لكن هناك شبابًا نشطًا ينشئ مدونات وصفحات علي الفيس بوك، ويمارسون الثقافة والفن وهم فئة لا يعلم عنها الكثيرون، فهم غير الثقافة التقليدية التي اعتدنا عليها، أما الحركة التشكيلية فهي ممزقة، جاليريهات خاصة تود احتكار الفنانين، وفنانون يرتمون بسهولة في أحضان أي شيء يقدم لهم، وذلك يحدث بالطبع لأن الفنانين الكبار يعزفون عن الاحتكاك بالشباب وصقل أفكارهم، وبذلك يتخلون عن أدوارهم التي من المفترض عليهم تأديتها.