حظي معرض القاهرة للكتاب والذي يقام حاليًا في الفترة ما بين 5 إلي 25 رمضان الحالي بمنطقة فيصل بمحافظة الجيزة بنسبة إقبال كبيرة، لم يكن يتوقعها كثيرون خاصة وأن المعرض يبتعد عن قلب القاهرة، إضافة إلى أنه يتزامن مع شهر رمضان بما يضيفه من أعباء مادية تتحملها الأسرة المصرية في هذا الشهر الكريم. ذهبت إلى المعرض لاستقصي حقيقة هذا الإقبال الذي سمعت عنه ولم أكن أتوقعه، ولكن لم تكن تلك هي الفكرة الوحيدة المسيطرة علي ذهني حين توجهت إلي المعرض، ولكن كان هناك سؤال أهم وهو ما الكتب التي يشتريها المصريون وعلام يقبلون وهل صحيح أن معظم الكتب المباعة بالمعرض هي كتب دينية فقط أم أن الإقبال علي القراءة كان إقبالاً متنوعًا. في بداية دخولي للمعرض لاحظت الإقبال الشديد الذي يحظي به جناح الهيئة العامة للكتاب التي تقدم مجموعة متنوعة من الكتب مخفضة الأسعار هو جناح كبير يحتل حوالي 10% من مساحة الخيمة المقام داخلها المعرض والتي تجمع تحت سطحها ما بين 72 إلى 85 دار نشر بينهم ما يقرب من 11 دار نشر عربية، توزع جمهور المعرض عليها. وقد رأي العديد من أصحاب ومسئولي دور النشر أن نسبة الإقبال جيدة بالنسبة لمعرض صغير مقام في شهر رمضان، كما أكد العديد منهم علي أن حجم المبيعات معقول للغاية ومرض لتطلعاتهم، فيقول مسئول "دار سولزر" دار النشر التركية الوحيدة المشاركة بالمعرض أن الإقبال جيد ونتمني أن يقام المعرض هنا بشكل سنوي ودائم إلي جانب المعرض السنوي في مدينة نصر، ويري أن المبيعات جيدة في ظل أزمة اقتصادية تمر بها مصر والمنطقة، فرغبة الناس في القراءة تغلبت علي تلك الأزمة. وعند سؤالي عن نوعية الكتب التي حققت أكثر مبيعًا جاءتني الإجابة من دار سولزر وغيرها من الدور المصرية والعربية بأن أكثر الكتب التي حققت مبيعات هي الكتب الدينية والتراثية وخاصة المصاحف والمصحف التوافقي الذي توفره دار سولزر وهو ما نقلته عنهم العديد من وسائل الإعلام، ولكن في حقيقة الأمر إن استنتاج بعض وسائل الإعلام أن الكتب الدينية هي الأكثر مبيعاً هو نتاج إستسهال في الحكم والإعتماد علي عينة ربما تكون كبيرة من حيث عدد الدور ولكنها لا تمثل معظم مبيعات المعرض فمعظم دور النشر التي حققت الكتب الدينية لديها النسبة الأكبر من المبيعات هي دور نشر متخصصة في الكتب الدينية أو هي دور نشر تخصص جزءًا منها للكتب الدينية وجزء لكتب تهتم بموضوعات هامشية لا تهم غالبية القراء وبالتالي يصبح طبيعيًا أن تكون الكتب الدينية لديها هي الأكثر مبيعًا فنسب مبيعات الدور من الكتب في الفروع المختلفة تأتي علي حسب نوعية الكتب التي تقدمها. ففي الوقت الذي حققف فيه الكتب الدينية مبيعات في دور نشر كثيرة من المنتشرة بالمعرض وهو أمر لا غبار عليه ولكنه ينفي تنوع ذائقة القارئ المصري، ويوحي برفضه للعلوم والآداب المختلفة إلا أنه وبنظرة بسيطة علي المعرض نجد أن هذا لم يكن الواقع علي الأرض فأكثر الأجنحة التي شهدت إقبالاً، وحققت مبيعات مرتفعة كان جناح الهيئة العامة للكتاب وهو جناح يقدم كتب متنوعة في الثقافة العامة والأدب إضافة إلي كتب دينية وتراثية بالطبع وبحسب ناشرين آخرين أكد صاحب دار "مصر المحروسة" أن مبيعاته جيدة، رغم أن نوعية الكتب التي يعرضونها هي كتب تنويرية علي حد قوله تهتم بنقد العقل والمجتمع وحقق المركز القومي للترجمة مبيعات مرتفعة معظمها من كتب الفلسفة والتاريخ وعلم الإجتماع. وعلى جانب آخر كان من اللافت غياب الحضور الأمني الكثيف لقوات الشرطة والدفاع المدني الذين انتشروا في داخل وخارج خيمة المعرض بكثرة لتأمينها في يوم الافتتاح وحل محلهم الآن عمال وفنيي إصلاح التكييفات، التي بدا عدد منها متهالكاً وهو ما حدا بإدارة المعرض لوضع مراوح ضخمة في الممرات، وهو ما عكس مشكلة تحدث لي الكثير عنها من أن حرارة الجو في المعرض تصعب من ظروف العمل حتي أن أحدهم قال لي عندما سألته عن وجود مشكلات في التنظيم "أتينا علي أساس أن الخيمة مكيفة، هل تجدها مكيفة؟"، لكن بخلاف تلك النقطة أشاد العارضون بالتنظيم وبالنسبة المعقولة من المبيعات والإقبال الذي لم يكن متوقعًا.