رغم تأثر معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام بما شهدته منطقة الربيع العربي من ثورات انعكست بالسلب علي كثافة الإقبال الجماهيري والمشاركة الدولية والمحلية في صالات عرض الكتب.. وزيادة الأمر سوءاً ب¢فاجعة¢ بورسعيد التي دفعت الكثيرين للإحجام عن الحضور خاصة يوم الجمعة الماضي وهو من الأيام التي ينتظرها منظمو وعارضو الكتب باعتباره يوم عطلة.. إلا أن ¢الكتاب الإسلامي¢ علي وجه الخصوص شهد صعودا مطرداً من حيث حجم الإقبال عليه واقتنائه مما زاد من حجم مبيعاته بنسبة 80% عن الأعوام السابقة نظرا لرغبة الأغلبية الساحقة في معرفة كل الجوانب المتعلقة بالتيار الإسلامي الذي حقق اكتساحاً علي المشهد السياسي فضلا عن سقوط الحواجز الأمنية السابقة والتي كانت تمنع الكثير من الكتب خاصة كتب الإخوان المسلمين. من جانبنا حرصنا علي القيام بجولة للتعرف علي أجواء المعرض الذي ¢يلملم¢ أوراقه وكتبه وخيامه ليرحل اليوم الثلاثاء فكانت هذه هي المحصلة. في البداية لاحظنا وجود حالة من الحزن تأثراً بالفاجعة التي وقعت في مدينة بورسعيد واستغل خلالها ¢أعداء الوطن¢ مباراة كرة القدم بين فريقي الأهلي والمصري لارتكاب أبشع الجرائم, مما أثر بالسلب علي الحضور الجماهيري بالإضافة إلي حالة الخوف المسيطرة علي الكثيرين من الاعتصامات والاحتجاجات التي ¢تقطع¢ الطرق السريعة ما جعل معظم أبناء الأقاليم يحجمون عن الحضور للعرس الثقافي السنوي. وعن حالة الكتاب الإسلامي بصفة خاصة في معرض هذا العام يقول محمد العبيكان- صاحب مكتبة العبيكان السعودية-: أن الكتاب الإسلامي يعد رقم واحد في العالم العربي والإسلامي ومازال محافظاً عليه وله جمهوره بدليل أن كتاب ¢ لا تحزن¢ للدكتور القرني حقق توزيعا كبيرا بلغ حتي الآن 3 ملايين نسخة. والكتاب الإسلامي عامة سيظل كما هو لا يتأثر بالسياسة سواء كان الحزب الحاكم إسلامياً أو لا فهو مطلوب باستمرار. رقم واحد يتفق معه في الرأي حسن علي- مدير الدار- مؤكداً أن الكتاب الإسلامي يعتبر الأول في كل المعارض العربية والإسلامية, فعلي سبيل المثال في مصر 80 مليون نسمة لو أن 20% فقط لديهم نزعة دينية فالنتيجة أن 16 مليوناً سيقبلون علي الكتاب الإسلامي أو الديني بصفة عامة فهو ¢مكتسح¢ مقارنة بكتب الاتجاهات الأخري سواء كانت أكاديمية أو تنمية موارد بشرية أو ثقافية فهي مجموعات ونسب متفاوتة لكن الكل يجمع علي الكتاب الديني. ويؤكد أحمد الفلكي- مدير دار الدعوة- أن الكتاب الإسلامي شهد إقبالا غير عادي لدرجة أنه حقق نسبة 80% مبيعات مقارنة بالكتب الأخري, ويقول: لقد احتلت كتب الإخوان المسلمين المركز الأول في المبيعات متأثرة بصعود التيار الإسلامي السياسي فالكثيرون يرغبون في معرفة من هم الإخوان؟ وهذا ما جعلنا نبرز كتب الإمام حسن البنا وسيد قطب في مقدمة المعرض, ورغم أننا كنا نعرض كتبهم في السابق إلا أن المشتري كان هم الإخوان فقط أما اليوم فالجميع يشتري كتبهم, وأكثر من هذا فلدينا مجموعة كبيرة من الكتب التي كانت ممنوعة بأمر ¢أمن الدولة¢ سابقاً وهي تشهد إقبالا كبيراً وكلها للإمام حسن البنا أو سيد قطب مثل: مذكرات الدعوة والداعية- وقد أحرق ¢أمن الدولة¢ 4 آلاف كتاب منه كانت محمّلة في سيارة متجهة للمعرض العام قبل الماضي!! وكتب: رسائل الإمام البنا, أحداث صنعت تاريخ, الدعوة.. قواعد وأصول, الإخوان المسلمون.. شبهات وردود للدكتور توفيق الواعي. المسئولية الداخلية ويشير حسام حسين- مدير عام دار أطلس- إلي أنهم يعرضون الكتاب بحرية تامة دون أية قيود أمنية لكنهم يلتزمون بالكتب ذات الأفكار البنّاءة وليست الهدّامة فهذه هي رسالة الدار تجاه المجتمع والناس والتي سيُسألون عنها يوم القيامة, ويقول: لأن الكتاب الإسلامي يعتبر الأكثر مبيعا ورقم واحد من بين بقية الكتب فإننا نضعه في مقدمة الجناح و¢الزبون¢ أياً كان توجهه فهو دائماً ما يبحث عنه حتي في مسألة الطب البديل فهو يبحث عن الطب النبوي, فشعوبنا عامة والمصريون خاصة مؤمنون بالفطرة ويحرصون علي اقتناء الكتاب الإسلامي, لذلك فنحن نسعي لتعريف الناس بحقيقة وجوهر الأديان والمذاهب والعقائد المختلفة بهدف إصلاح المجتمع بالحكمة والموعظة الحسنة ولذا نعتمد علي كتب الوسطية والاعتدال ونجعل لها خصومات كبيرة تصل لنسبة 25% أما المصحف الشريف فنبيعه بسعر التكلفة مساهمة منا في نشره. فاشل ب¢الثلاثة¢ لكن محسن عبد الحميد شحاته- صاحب دار الإيمان- له رأي آخر فيؤكد أن المعرض هذا العام فاشل ¢بالثلاثة¢ لغياب الجمهور نتيجة الأحداث وتداعيات الاعتصامات مع ارتفاع قيمة الإيجار التي بلغت 33 ألف جنيه ولم يخفّضها المسئولون كما وعدوا, في حين أنه لم يبع بأكثر من 15 ألفاً أي أن الخسارة كانت مركّبة "علي حد تعبيره" ويؤيده قدري منير محمد مدير دار السلام للنشر- في أن الأحداث أثرت بالسلب كثيرا علي الإقبال الجماهيري لكن ما عوّض ذلك الإحجام المصري الإقبال الخارجي ويأتي علي رأسه الإقبال الليبي والماليزي. ويتفق معه كل من تامر إبراهيم وعبد الرحمن السيد وخالد الفرماوي مسئولو مبيعات بالدار- مؤكدين أن ثورات الربيع العربي فتحت الباب واسعاً أما الكتاب بصفة عامة والإسلامي خاصة والذي احتل نسبة 99% من المبيعات لأن الأنظمة السابقة كانت تمنع الكثير منه, وقد شهد الكتاب الإسلامي إقبالا كبيرا من أبناء ليبيا و تركيا و روسيا, ماليزيا و أندونيسيا. الإقبال الخارجي وللتعرّف أكثر علي سبب الإقبال الخارجي علي الكتاب الإسلامي التقينا في جناح ¢المجموعة الدولية¢ والتي تضم داري نشر دار الساقية ببنغازي الليبية والوليد بطرابلس أحمد الليدي ووليد المختار واللذين أكدا أن الكتاب الإسلامي له جماهيرية وإقبال غير عادي وهو ثابت ولا يتغير بتغير السياسات أو الحكام خاصة كتب التاريخ لكن أكثر الكتب مبيعاً حالياً هي التي تبحث في موضوعات السياسة الشرعية كالتعددية الحزبية والديمقراطية و الربيع العربي و طاعة ولي الأمر. أما سبب الإقبال الليبي فيرجعانه إلي انتهاء سياسة منع الكتب في ليبيا والتي انتهجها القذافي بطريقة غريبة وغير ممنهجة فالمنع كان يشمل كل ما هو تاريخي أو إسلامي عامة وأحياناً المنع يكون بسبب شخص المؤلف حتي وإن كانت له مؤلفات أخري مهمة تمنع من الدخول مثل كتب ابن القيم كلها والمفكر الليبي الصلابي. بالإضافة إلي أن الدولة كانت منذ منتصف السبعينيات وحتي نهاية التسعينيات تحتكر توريد الكتب أي تمارس الديكتاتورية الفكرية. آراء جماهيرية ويشير نبيل محمد عبد العزيز- ناظر مدرسة أبو بكر الصديق الإعدادية بغرب النوبارية بالبحيرة- إلي أن المعرض هذا العام مختلف تماماً لأن به مجموعة كتب لم يكن مسموحاً بعرضها في السابق وزاد الإقبال عليها حالياً وهي المتعلقة بالإخوان المسلمين نتيجة صعودهم السياسي, بالإضافة لكتب الثورة والتاريخية. يتفق معه الشيخ محمد مجدي أحمد محمد- إمام مسجد أبو بكر الصديق بالنوبارية- مرجعاً ذلك الإقبال علي الكتب الدينية للثورة التي أزالت الطغيان وحررت البلد من الظلم والفساد. ويري المهندس عماد اسماعيل محمود- باحث مساعد بمركز البحوث الزراعية بالاسكندرية- أن التداعيات التي صاحبت الثورة من احتجاجات وقطع الطرق أثرت سلباً علي الحضور الجماهيري فقد أحجم أبناء الأقاليم عن المجازفة بالحضور للقاهرة ومع ذلك فالكتاب الإسلامي يتربع علي عرش المبيعات فهو ثابت ولا يتغير وأكثر من هذا فهناك كتب كانت ممنوعة في السابق أصبحت متاحة ومعظمها عن الإخوان المسلمين لأن الإنسان كان في الماضي يخشي حملها أما اليوم فتهدي بين الأصدقاء وهذا ما جعلني أشتري مجموعة منها لإهدائها لزملائي في العمل. تلتقط خيط الحديث المهندسة لبني عبد العزيز محمد علي- مهندسة مدني- مؤكدة أن الناس بالفطرة تتجه للكتاب الديني رغبة في التعرف علي أحكام ومبادئ الدين, فضلا عن الشغف بمعرفة أحكام المرأة في الإسلام وإن كانت القنوات الفضائية الدينية تنافس بشدة الكتاب الإسلامي مكانته. تضيف: لقد اشتريت بعض الكتب لأنني أقوم بتحفيظ القرآن الكريم للسيدات بمراحل عمرية مختلفة في ¢دار السلام¢ بسيدي جابر بالاسكندرية, وأهتم بكتب التفسير والمصحف الناطق. ويرجع آدم محمد بشير وصديقه موسي محمد- من روسيا- إقبالهما علي المعرض وشراء الكتب الدينية لرغبتهما في التعرف علي التاريخ الإسلامي وفهم حياة رسول الله وسيرته وقصص الأنبياء خاصة أنهما يدرسان بالأزهر ويريدان التعمق في فهم الفكر والتاريخ الإسلامي من أصوله.