قبل شهور قليلة تم الاعلان عن خطط للقضاء علي تهديدات تشكلها صيرفة الظل علي الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي وسط دعوات متزايدة الي تشديد الرقابة علي الأنشطة المصرفية من قبل مؤسسات غير بنكية, ويبدو أن الصين هي الاكثر جدية بخصوص هذا الشأن حتي الآن بسعيها لنزع فتيل قطاع التمويل البديل. مع تجدد اهتمام مسئولي الاقتصادات الكبري بقضية صيرفة الظل وعودتها مرة أخري الي أجندتهم. يري محللون انتهاء فترة الازدهار التي تمتعت بها مؤسسات الإقراض غير البنكية, ايام انشغال محافظي البنوك المركزية بانقاذ بنوكهم وتعزيز اوضاعها. و صيرفة الظل التي توصف بها الوساطة المالية غير البنكية مثل صناديق التحوط, صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المغمر, تمكنت حتي الآن من الإفلات من التنظيم المصرفي التقليدي علي الرغم من اقتناع بعض المنظمين بأنها كانت وراء تفاقم الأزمة المالية العالمية. يذكر انه علي مدي السنوات الخمس الماضية كانت الأولوية لاعادة رسملة البنوك وجهود انقاذ اليورو, ولكن حسبما أعلن رئيس مجلس الاستقرار المالي مارك كارني للمنتدي الاقتصادي العالمي دافوس هذا العام, فإن محافظي البنوك المركزية بصدد التعامل, أخيرا مع هذا الجانب المنسي من الإصلاح المالي في اطار خطة التنظيم المالي الشاملة خلال العامين القادمين وقد حذر كارني الذي سيترك منصبه الحالي كمحافظ للبنك المركزي الكندي في شهر يوليو, لتولي رئاسة بنك انجلترا, ان تداول المشتقات خارج البورصةOTC كان الأكثر حذرا بالنسبة لتضخم خسائر الأزمة المالية الأخيرة, وانه سيتكرر نفس الشيء مالم تتم خطة الإصلاح المقترحة. ووفقا لإحصاءات مجلس الاستقرار المالي(FBS) فإن قطاع صيرفة الظل قد شهد نموا قويا منذ بداية الازمة المالية العالمية في2007 ليصل الي67 تريليون دولار في عام2011 وقد اشار تقرير المجلس الأخير الي خطورة انشطة نظام صيرفة الظل لاسيما في حالة شح السيولة مع تحول المقرضين اليه هربا من عمليات التدقيق والمراجعة. والواقع ان إضطرار البنوك لزيادة رأس مالها كإجراء للتحوط ضد المخاطر قد اعطي الفرصة للاعبين غير مصرفيين جدد لدخول سوق الائتمان, لاسيما لتوفير القروض للشركات الصغيرة. ويوضح اقتصاديون ان صيرفة الظل قطاع مهم لايمكن تجاهل تنظيمه والمستثمرون الذين كانوا يضخون الأموال في الأسهم تحولوا الآن الي إقراض اموالهم وهو ليس ائتمانا غير تقليدي فحسب, لكنه محفوف بالمخاطر وتلجأ اليه البنوك احيانا حتي لاتظهر الصفقات التي تشكل مخاطرة كبيرة في دفاترها. وهو سبب دعوة صندوق صندوق النقد الدولي لإفصاح المؤسسات غير المصرفية لبازل3 ويرحب مجلس الاستقرار الماليFinancailstabihcyBoard بنظام مرن للوساطة الائتمانية غير المصرفية ويدعو الي تنظيم حكومي لقطاعات مختلفة بما فيها صناديق سوق المال, بقطاع اقراض السندات المالية وسوق الريبو اتفاق إعادة الشراء للإقراض المضمون قصير الأجل وذلك للتصدي للمخاطر المتعلقة بالاستقرار المالي بضمان احتفاظ تلك المؤسسات برأس مال يمكن ان يغطي الخسائر المحتملة. وقد قدم مجلس(FSB) مقترحات حول كيفية تنظيم هذه المنطقة المظلمة في اجتماع مجموعة العشرين الأخير في روسيا, حيث كانت القضية محل نقاش واسع. صيرفة الظل باتت قضية مهمة في الصين ايضا مع خضوع القطاع المقدر بنحو2 تريليون دولار للتحقيق الصارم بعد تعثر أحد الصناديق التي كانت تتعاون مع بنك هواشيا في شنغهاي وحسب بيانات رابطة الأوراق المالية الصينية حاليا تدير شركات السمرة التي ظهرت كلاعبين جدد في قطاع صيرفة الظل, أمولا بقيمة320 مليار دولار يطلق عليها اموال مؤتمنة وهي اموال ضختها البنوك في شركات التداول لكي تشطبها من دفاترها, وقد كشفت أحدث بيانات, تضاعف قيمة هذه الاموال سبعة اضعاف منذ اوائل عام2012. وعادة تضخ البنوك اموالا في شركات الظل التي تقدم قروضا عالية العائد لشركات لاتستطيع الاقتراض من البنوك التقليدية لأنها ذات ملاءة مالية منخفضة. ومثل هذه المنتجات ذات العائد المرتفع تعرف في الصين ب منتجات ادارة الثروات والتي سجلت نموا400% منذ عام2008 الي3.2 تريليون دولار بما يعادل40% من الناتج الاقتصادي للبلاد, وهذه التدفقات ساهمت في النمو الاقتصادي العام الماضي. ومع ذلك يحذر محللون ووكالات للتصنيف الائتماني من تهديدها للاستقرار المالي الصيني. وتعتزم الصين كبح جماح صيرفة الظل عن طريق إلزام البنوك بمزيد من الإفصاح عن انشطتها خارج ميزانيتها والقواعد الجديدة الخاصة بالافصاح ومقترحات بفرض حد اقصي لاصدارات البنوك كنسبة من الاصول قد تعمل علي تباطؤ النمو الهائل في صيرفة الظل الصينية وذلك بتقييد قدرة البنوك التقليدية علي ضخ اموال الودائع في قنوات خارج ميزانيتها. وتحركات الحكومة الصينية هذه تعكس إجماع صناع السياحة علي صيرفة الظل طالما كانت خاضعة للمراقبة والتنظيم. وبالنسبةلقواعد الافصاح الجديدة سيتم اختبارها أولا في شنغهاي بالزام البنوك بتسجيل كل مايتعلق بمنتجات ادارة الثروات ومعظمها خارج الميزانية, وتقديمها الي السلطات الرقابية, وذلك بهدف السيطرة علي مخاطر تلك المنتجات. أما فيما يتعلق بقيود الاصدارات فهناك نقاش بأن الحد الأدني لاصدار منتجات ادارة الثروات سيكون بنسبة20% من قاعدة الودائع. يذكر أن منتجات ادارة الثروات تقدر حاليا بنسبة10% من اجمالي الودائع في النظام المصرفي الصيني مقارنة بلا شيء تقريبا قبل ثلاث سنوات مضت, غير إن البنوك الصغيرة ظهرت بقوة علي الساحة باصدار منتجات ادارة الثروات لجذب مستثمرين جدد حتي وقت قريب كان رأي المنظمين الصينيين أن صيرفة الظل هي جزء هام من توجيه التدفقات المالية بعيدا عن البنوك ودفاعا عن صناعة صيرفة الظل. يقول أحد العاملين في شركة تدير أصولا بقيمة7 مليارات دولار انه لايمكن تجاهل دور القطاع في الاقتصاد بسبب عدم فهم عدد كبير من الناس لها, وانه عندما ينمو اقتصاد ما بوتيرة سريعة كتلك التي يتمتع بها الصين فحتما ستظهر انماط متنوعة من التمويل لتلبية احتياجات حقيقية وتغطية المجالات التي لايصل اليها النظام المصرفي التقليدي. وكان الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس جيمي ديمون قد دافع ايضا عن قطاع صيرفة الظل في إحدي جلسات دافوس قائلا انها توفر خدمات ضرورية ولكن عندما يتعلق الأمر بالشفافية فهناك مشكلة. في النهاية كلما تم تشييد القواعد المنظمة للبنوك التقليدية ازدادت هجرة الأموال الي الاجزاء غير المرئية من العالم المالي. واللازمة المالية الحالية هي التي دفعت الاقتصاديين وصناع السياسة لتحويل اهتمامهم نحو انشطة الظل خوفا من ازمة اشبه بما وقعت في عام2008. - مجلس الاستقرار الماليFSB يتكون من بنوك مركزية وهيئات رقابية ووزارات من24 بلدا وهيئات دولية مثل صندوق النقد الدولي, البنك الدولي, المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي*