الحلول السياسية والمجتمعية قدمنا فى الجزء الأول عرضا لأسباب مشكلة النقل والمرور بالقاهرة الكبرى وفى الجزء الثانى قدمنا عددا من الحلول الهندسية التى تساعد على الحد من هذه المشكلة وفى الجزء الثالث هذا نستعرض أهمية توافر الإرادة السياسية والمجتمعية لدعم هذه الحلول وتوفير الآليات لتنفيذها وذلك من خلال تحقيق النقاط التالية: 1 نظرا لغياب الإرادة السياسية القوية سواء من متخذى القرار وعلى مدى العقود الماضية فى إعطاء هذه المشكلة الأولوية الأولى والاهتمام بها واتخاذ القرارات والدعم السياسى المناسب من متخذى القرار من الدولة الى جانب عدم توافر الإرادة المجتمعية لإعادة بناء الثقافة المجتمعية بالالتزام بآداب وتعاليم المرور واحترام الطريق ومراعاة الآخر كل هذا أدى الى تراكم المشكلة وزيادة تعقيدها الأمر الذى يجب معه فى ظل تغيير المناخ والنظام السياسى فى مصر بعد ثورة 25 يناير أن تكون هناك إرادة سياسة ومجتمعية قوية فى اتخاذ كل ما يلزم من قرارات لحل هذه المشكلة والعمل على تنفيذ هذه القرارات حتى ولو استلزم الأمر تعديل التشريعات والقوانين ودعم الرقابة المرورية وتفعيلها بأقصى العقوبات على الجميع دون استثناء والا نستمر فى دفن رءوسنا فى الرمال بحجة أن المجتمع مازال يعانى من العديد من المشكلات ولا داعى للسرعة فى اتخاذ قرارات قوية وثورية فى هذا المجال لأننا إذا اتبعنا هذه السياسة فسوف تزداد المشكلة سوءا وتعقيدا بحيث سوف يصعب حلها كليا فى المستقبل. 2 ضرورة إنشاء هيكل وجهاز لإدارة وتشغيل شئون النقل والمرور وإدارة منظومة الحركة اليومية فى القاهرة الكبرى خاصة أن هذه المنظومة التى تضم مترو الأنفاق بتبعيته لوزارة النقل والأتوبيسات التابعة لهيئة النقل العام وتشرف عليها محافظات الإقليم والطرق التى تتبع فى إدارتها كل محافظة الى جانب وسائل النقل العشوائى المتعددة من ميكروباصات والتاكسيات والتوك توك كلها وسائل تعمل دون تنسيق أو تنظيم أو تخطيط فعمت الفوضى على شبكة طرق الإقليم الأمر الذى يحتاج الى تنظيم بحيث تصبح إدارة منظومة النقل والمرور اليومية تحت مظلة كيان فنى متكامل وبرئاسة مسئول متخصص له جميع الصلاحيات فى الإدارة والتنظيم واعتماد تنفيذ المشروعات واتخاذ القرارات. 3 لابد من إعادة النظر فى قضية دعم المواد البترولية التى تستخدم فى تسيير وسائط النقل المختلفة ورفع هذا الدعم عن كاهل الدولة ولو تدريجيا وعلى مدى فترة سنوية قصيرة حيث إن الخسائر اليومية الناجمة من وسائل النقل والمركبات على شبكة طرق الإقليم تكبد الدولة سنويا ما يزيد على 100 مليار جنيه الأمر الذى مع رفع سعر الوقود سوف يساعد على الحد من حركة الرحلات اليومية وقصرها على الضرورى فقط منها واللجوء الى استخدام وسائط النقل الجماعى والوسائل الأقل تكلفة فى استهلاك الوقود. وكفانا خوفا من أن رفع أسعار الوقود سوف يؤدى الى رفع السلع الاستهلاكية لأنه بمعادلة بسيطة يمكن توفير جزء كبير من تكلفة حوادث النقل والمرور بالإقليم لتعويض هذه الزيادة ودعم السلع الستهلاكية المختلفة بدلا من دعم الوقود . 4 إن الحقيقة المرة التى نعرفها جميعا أن 80%من تراخيص قيادة السيارات التى يحملها قائدو السيارات حاليا يجب على الدولة أن تضع سياسة حاسمة لإعادة تأهيل حاملى هذه الرخص للقيادة الصحيحة ومن ثم يجب وضع خطة لسحب التراخيص القديمة كلها على مدى خمس سنوات قادمة وتحديثها برخص قيادة جديدة لا تمنح إلا لمن يستحقها ويلم إلماما جيدا بآداب وتعاليم المرور. وهذه قضية سهلة التنفيذ حيث يمكن أن نتبع نفس الأسلوب الذى تم فى استبدال البطاقات الشخصية والعائلية الى بطاقات الرقم القومى الممغنطة. 5 إن ما نجم من مخالفات بنائية سواء فى ارتفاعات المبانى أو استعمالات الأراضى وما أدى ذلك الى كارثة فعلية فى زيادة الحركة المرورية ومتطلبات الطلب على الانتظار وتحميل كل ذلك على شبكة طرق الإقليم تحت سمع وبصر المسئولين فى المحليات ليعتبر كارثة قومية لابد من الوقوف بحزم أمام هذه المخالفات ومعاقبة المسئولين عنها وعدم اللجوء الى التصالحات مقابل جنيهات قليلة مع الإبقاء على المخالفة إذ لابد من إصدار قوانين بعقوبات رادعة من متخذى القرار فى معاقبة كل من يساعد على هذه المخالفات أو يقوم بها مع إزالتها فورا دون استثناء والالتزام التام بالمخططات العمرانية الشاملة التى تم اعتمادها من قبل للإقليم ولم يتم الالتزام بها فى أغلب الأحوال. 6 وضع سياسات وآليات مدعومة بقرارات سياسية حاسمة للحد من الهجرة للإقليم من باقى محافظات الجمهورية مع إغلاق الدخول اليه وقصر الدخول فقط على من يهدف رحلة علاج أو رحلات خاصة وبتصاريح مسبقة دون السماح لعمالة مهاجرة أو استيطان جديد لأسر جديدة تسعى للسكنى بالإقليم مما ينجم عنه زيادة العشوائيات والتكدس السكانى غير المرغوب وقد سبقتنا دول من قبلنا فى اتخاذ مثل هذه القرارات. 7 إعداد التشريعات والقوانين اللازمة لتشجيع القطاع الخاص والمستثمرين فى الدخول لتقديم خدمات للنقل والمرور وخاصة توفير وسائل النقل الجماعى ذات السعات العالية والآمنة والمريحة والسماح لهم بنسبة ربحية معقولة من تعريفة الركوب تحت إشراف ورقابة الدولة ممثلة فى جهاز تنظيم وإدارة النقل والمرور بالقاهرة الكبرى المقترح سابقا مع منحهم مسارات ومواقف محددة يتم الاتفاق عليها مسبقا. 8 البدء فى إنشاء شركات وطنية مساهمة يساهم فيها مواطنو الإقليم وبحد أدنى للسهم 100 جنيه على الأقل للإسراع فى تنفيذ المشروعات العملاقة للنقل والمرور بالقاهرة الكبرى مثل مترو الأنفاق الذى تطول فترات تنفيذه من تجاربنا السابقة للقصور الحاد فى تمويل مثل هذه المشروعات العملاقة من موازنة الدولة. 9 إنشاء مجوعات عمل متخصصة من علماء الاجتماع والنفس والنقل والمرور لوضع الخطط والبرامج والآليات اللازمة لسرعة تحسين الثقافة المجتمعية عند المواطنين فى استعمال الطريق والالتزام بآداب وتعاليم المرور. مع إعداد برامج توعية للمواطنين عبر جميع الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية لتوعيتهم بآداب المرور وقواعده. 10 لابد من استصدار قرارات حاسمة لإعادة الانضباط فى الشارع المصرى فى تشغيل النقل العشوائى سواء بالميكروباصات أو التاكسى أو التوك توك وعدم السماح لهم بالحركة داخل الإقليم إلا فى مسارات محددة وعند مواقف محددة مع سحب جميع التراخيص للمخالفين وإلغاء سير هذه المركبات لكل من يخالف أو لم يلتزم بهذه التعليمات أو المخططات وذلك بهدف الحد من هذه المظاهر غير الحضارية التى نراها كل يوم على شبكة طرق الإقليم 11 وضع سياسات وخطط وتوفير أماكن لتلبية الطلب على الانتظار فى الإقليم يتم تنفيذها فى أسرع وقت ممكن للحد من نسبة الإشغالات العالية لشبكة الطرق الحالية بوجود انتظار "صف أول وثانى وثالث ورابع" على نفس محور الحركة الواحد، مما أضعف من كفاءة الشبكة وساعد على زيادة أزمنة الرحلات اليومية فى الإقليم ويمكن الاستفادة باستثمار الأراضى الفضاء التى يمتلكها القطاع الخاص بإنشاء جراجات من المنشئآت الحديدية تعود بالصالح على الدولة وصاحب الأرض بالنفع المادى وعندما يقرر إنشاء منشأ عليها يكون من السهل آنذاك فك هذا المنشأ الحديدى ونقله الى مكان آخر، مع اختيار جميع المنشآت التى مر عليها أكثر من 100 عام وإزالتها وإنشاء جراجات وساحات انتظار عليها للمساهمة فى حل مشكة الانتظار فى الإقليم مع تعويض مستخدمى هذه المنشئآت ونقلهم الى المجتمعات العمرانية الجديدة، حيث إن المنفعة العامة تجب المنافع الخاصة. 12 عدم منح أى تراخيص للبناء أو استعمالات للأرض إلا بعد تقديم دراسة عن الأثر المرورى الذى ينجم عن هذا المنشأ أو استعمالات الأرض وتأثير ذلك على حركة المرور بالمنطقة ومدى توفر أماكن الانتظار اللازمة والمتولدة من جراء هذا الاستعمال . 13 إعطاء الدعم المادى والأدبى وجميع الإمكانيات والتقنيات الحديثة اللازمة لإدارة حركة المرور التى تشرف عليها شرطة المرور فى الإقليم حت يتسنى لها القيام بدورها المطلوب فى إزالة جميع المخالفات والخروج على القانون فور حدوثها ودون استثناء. 14 الاستفادة من خريجى الجامعات الذين ليس لديهم فرص عمل حتى الآن وإعادة تأهيلهم للإشراف على تنظيم المرور وإدارته بالإقليم بالأسلوب العلمى المطلوب مما يساعد على وجود فئة أكثر تثقيفا وتأهيلا من جنود الدرجة الثالثة الذين يعملون حاليا بصفة مؤقتة مع رجال شرطة المرور، حيث يمكن توفير رواتب ومكافآت وحوافز جميع العاملين فى قطاع شرطة المرور والمعاونين لهم باستقطاع جزء من دخل حصيلة مخالفات المرور والجزء الآخر يصرف فى صيانة شبكة طرق الإقليم الخبير الدولى فى النقل