للتعرف على أسباب مشكلة المرور بالقاهرة الكبرى للوصول لعدد من الحلول التى مع الأخذ بها يمكن الحد من هذه المشكلة وتوفير المليارات من الجنيهات الضائعة سنويا من جراء تفاقم هذه المشكلة سنويا ويوما بعد يوم . ونظرا لكبر حجم هذا الموضوع وأبعاده فإننا سوف نتناول هذا الموضوع على ثلاث مراحل نعرض اليوم المرحلة الأولى فى هذا الموضوع والتى تختص بالأسباب التاريخية والحقيقية من وراء تراكم هذه الأزمة : 1) وصل عدد سكان إقليمالقاهرة الكبرى حاليا الى مايقرب من 15 مليون نسمة وما كان هذا العدد الضخم من السكان ليقطن فى هذا الإقليم إلا نظرا للهجرة الدائمة والمستمرة من باقى محافظات مصر الى إقليمالقاهرة الكبرى والذى يشمل محافظة القاهرةوالجيزة وجزء من محافظة القليوبية سعيا وراء إيجاد فرصة عمل أو العيش فى ظروف وبيئة أفضل من الظروف والبيئة والمستوى الذى عليه مكان ميلاده . وقد تراكمت أعداد المهاجرين الى هذا الإقليم وتزايدت يوما بعد يوم فى وجود نظام المركزية فى الدولة والإهتمام بالعاصمة وإعطائها الأولوية الأولى فى توزيع الموازنة العامة للدولة مما ساعد على تطوير الخدمات والبنى التحتية فيها بالمقارنة بباقى المحافظات . وقد أدت هذه الزيادة المطردة فى السكان الى زيادة الطلب اليومى على النقل فى غيبة وقصور وسائل النقل وشبكاته التى تلبى هذا الطلب المتزايد . 2) عدم الإلتزام بمخططات استعمالات الأراضى بالإقليم سواء فى نوعية استخدام واستعمالات الأرض أو فى النسب والارتفاعات البنائية مما أدى الى وجود تكدسات مرورية وكثافة عالية للإنتظار على شبكة طرق الإقليم مما أضعف من كفاءتها وأفقدها الدور الرئيسى الذى من أجله أنشئت مع تزايد الفساد الإدارى والمالى فى المحليات وإهمال الرقابة والتدقيق فى منح التراخيص للبناء داخل الإقليم . 3) عدم الإلتزام بمخططات النقل الشامل للإقليم على مدى السنوات الماضية وماتم تحديثه منها فى وضع مخطط وبدائل لحل المشكلة فى حينها . 4) إلغاء وسائل النقل الجماعى ذات السعات العالية مثل الترام من الإقليم خلال السنوات الماضيه مما دفع بالنقل العشوائى إلى استخدام الميكروباصات فى محاولة لتلبية الطلب اليومى على النقل وفى غيبة التنسيق والتخطيط له مما أدى ذلك إلى هذه الفوضى التى نراها الآن فى الشارع المصرى من حركة هذه الوسائط ووقوفها فى أى مكان ودون أى رقيب أو ضوابط . 5) عدم توفير متطلبات الطلب على الانتظار خلال الأعوام الماضية بتوفير جراجات أوساحات انتظار داخل الإقليم مما نتج عنه تحويل طرق وشوارع القاهرة الكبرى الى جراجات انتظار أفقد شبكة الطرق الحالية كفاءة تشغيلها . 6) تركز العديد من الأنشطة ذات الجذب العالى من الرحلات داخل الإقليم مثل الأسواق والمولات التجارية والمعارض والمصانع وغيرها وتمركز الجامعات والمدارس الخاصة فى مواقع معينة داخل الإقليم مما نتج عنه زيادة فى الكثافة المرورية على عدد من المحاور المؤدية الى هذه الأنشطة . 7) زيادة حجم الحركة البندولية بين شرق وغرب الإقليم نتيجة لوجود المسكن فى شرق الإقليم والعمل فى غربه أو العكس وذلك فى غياب وجود شبكة سريعة من الطرق ووسائط نقل جماعى سريعة وآمنة لخدمة متطلبات هذه الحركه اليومية بين شرق الإقليم وغربه . 8) عدم ربط المجتمعات العمرانية الجديدة حول وداخل الإقليم بوسائل نقل جماعى آمنة وسريعة ومانتج عن ذلك من التركيز على استخدام المركبة الخاصة فى تلبية الطلب اليومى للنقل منها واليها ، ومما أضعف الهدف المطلوب تحقيقه فى إنشاء هذه المجتمعات بتخفيف الكثافة السكانية عن الإقليم وانتقالها الى هذه المجتمعات بل العكس ما حدث تماما وهو زياده فى أعداد سكان الإقليم والسعى الدءوب للتملك فى هذه المجتمعات الجديدة. 9) عدم توافر السيولة المالية الكافية لمشروعات النقل والمرور العملاقة فى الإقليم ومانتج عن ذلك من زيادة فى تعقيد المشكلة مثل طول الوقت الذى تم استغراقه فى إنشاء الخط الأول من مترو الأنفاق حيث استغرق إنشاؤه أحد عشر عاما واستغرق إنشاء الخط الثانى إثنى عشر عاما ومن المقدر أن ينتهى العمل فى الخط الثالث بعد أربعة عشر عاما تقريبا . كل هذا والمشكلة تزداد تعقيدا يوما بعد يوم فى غيبة توفير السيولة المالية اللازمة لإنجاز مثل هذه المشروعات فى أقل وقت ممكن للمساعدة فى تلبية جزء من الطلب اليومى على النقل . 10) ومع ماسبق من أسباب كانت هناك أسباب أخرى وهى سلوك مواطنى الإقليم فى استخدام وسائل النقل وشبكاته داخل الإقليم حيث انعدمت الثقافة المجتمعية منذ سنوات طويلة فى الإلتزام بآداب وتعاليم المرور وآداب الطريق وفى غيبة دور الشرطة فى الرقابة المرورية الحازمة لضبط الحركة وانتظامها على شبكة طرق الإقليم . ولإسراف فى منح تراخيص القيادة لمن يستحقها ومن لا يستحقها . 11) عدم الاستعانة بمهندسى ومخططى النقل والمرور فى إجراء دراسات عن الأثر المرورى من تولد وتوزيع الرحلات لأى مشروع لاستعمالات الأراضى قبل منحه الترخيص لهذا الاستخدام والتعرف على الأثر المرورى على شبكة الطرق المحيطة والمؤدية اليه قبل تنفيذه ، حيث تمنح تراخيص البناء والبدء فى المشروع وتكون المفاجأة والكارثة بعد ذلك فى تحميل شبكة الطرق المؤدية لهذه المواقع أكثر من طاقتها وعدم توافر أماكن انتظار كافية للمركبات القادمة إلى هذه الإستخدامات . 12) نجم عن هذه المشاكل والاختناقات المرورية اليومية التى يشعر بها كل مواطن يعيش فى داخل الإقليم إلى انخفاض السرعة المتوسطة لسير المركبات الى أدنى مستوى لها ، حيث وصلت الى مايقرب من 9 كمالساعة . أى أن الرحلة التى كان يقوم بها الفرد باستخدام سيارته الخاصة وكان المفروض أن يقطعها فى عشر دقائق أصبح الآن يقطع نفس الرحلة ونفس المسافة فى حوالى الساعة أو يزيد . وهذا ينجم عنه خسارة يومية فى استهلاك الوقود وتلوث البيئة إلى جانب ما هو متوقع من زيادة فى عدد الحوادث المروريه وما يستتبعه ذلك من آثار سلبية على الاقتصاد القومى 13) ومع زيادة التكدس والاختناقات المرورية اليومية وغيبة الالتزام بآداب وتعاليم المرور فى سلوك المواطنين وإنقيادهم للسير بسرعات عالية على معظم المحاور الطوالى والقصور فى أعمال صيانة شبكة الطرق وإنشاء العديد من المطبات الصناعية بطرق غير هندسية طبقا للمواصفات العالمية ، كل ذلك أدى الى زيادة عدد الحوادث اليومية مما جعل التكاليف الناجمة عن هذه الحوادث والآثار الضارة الناجمة عن اختناقات المرور وتلوث البيئة تصل إلى مايفوق المائة مليار جنيه تخسرها الدوله سنويا . 14) عدم وجود محاور عرضية كافية لربط شرق الإقليم بغربه واختصار هذا الربط على محور طريق 6 أكتوبر العلوى ومحور صلاح سالم وامتداده إلى الجيزة والطريق الدائرى بطوله الكبير الذى يصل إلى حوالى 120 كيلومترا. مما أدى ذلك إلى زيادة فى أزمنة الرحلات وإختناقات للحركة على هذه المحاور وزيادة لعدد الحوادث عليها وتركت أثرا بيئيا سيئا على الإقليم بأكمله . 15) زيادة نمو ملكية العربات الخاصة بالإقليم فى غيبة توفر وسائل النقل الجماعى الآمنة والسريعة والواجب أن توفرها الدوله للمواطنين سواء بنفسها أو السماح للقطاع الخاص والمستثمرين للعمل فيها مما يفوق الطاقة الإستيعابية لشبكة الطرق الحالية بالإقليم . 16) إطلاق حركه النقل الثقيل بالسير دون ضوابط او رقابة على شبكة طرق الإقليم وخاصه على الطريق الدائرى الأمر الذى جعل من هذه الوسائل بما يتبعها من مقطورات تشكل خطورة شديدة على الحركه وخاصة عدم التزام السائقين بحارات المرور المخصصة لهم او ان يكون سائقو هذه المركبات غير مؤهلين او حاملين لرخص قيادة معتمدة مما يؤثر تأثيرا سلبيا على أمان حركه المرور على الشبكة ويزيد من عدد الحوادث عليها إن ماسبق من أسباب مباشرة فى تراكم وتزايد هذه المشكلة يوما بعد يوم إلى جانب العديد من الأسباب غير المباشرة أيضا و التى أدت وتؤدى يوميا إلى ازدياد وتفاقم آثارها السلبية على المجتمع والإقليم لتدفعنا بإصرار على أن نضع عددا من الحلول والمقترحات للحد من هذه المشكلة وسوف نتناول فى الجزء الثانى الحلول الهندسية العاجل منها والآجل اللازمة للحد من هذه الأزمة كما سنتطرق فى الجزء الثالث لهذا الموضوع الى الحلول السياسية والمجتمعية اللازم اتباعها مع اقتراح برامج تنفيذية لأولويات الحلول للخروج من مشاكل النقل والمرور بإقليمالقاهرة الكبرى الى بر الأمان . الخبير الدولى فى النقل