مشاركة فاعلة للشركات البادئة وريادة الأعمال بهدف تحقيق التنمية المستدامة فى مدن وقرى الصعيد جاء منتدى "دندرة" الاقتصادى فى نسخته الرابعة هذا العام ليلقى الضوء على القدرات الاقتصادية الكامنة والفرص المتاحة فى مثلث جنوب الصعيد الذى يشمل مناطق قنا والأقصر وأسوان والبحر الأحمر وصولا إلى قرى النوبة وكيفية تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الإمكانات وإطلاقها فى مشروع متكامل للتنمية المستدامة. ويبرهن المنتدى الذى أسسته الأسرة الدندراوية انطلاقا من مركز "دندرة" التنموى الذى يعمل تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعى على قدرة الأجيال الجديدة فى محافظات الصعيد على التأقلم مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة التى يشهدها عموم البلاد من التحول فى النظرة من الوظيفة الحكومية الثابتة إلى إعطاء أهمية أكبر للمبادرة الفردية والمشروع الخاص ولكن فى إطار إمكانات وقدرات المجتمع المحلى واعتمادا على تراثه الثقافى والدينى الذى يعلى من قيم الالتزام والجدية فى العمل والمثابرة وتحمل ضغوط البداية وانطلاقة المشروعات. كما يبرهن المنتدى أيضا -عبر نماذج عملية فى إطار معرض للشركات البادئة كان مصاحبا لفعاليات المنتدى- على الإمكانات الكبيرة التى يزخر بما صعيد مصر سواء بالنسبة للموارد الطبيعية أو السوق الكبير والمتنوع أو طبيعة المنتجات الزراعية والخامات المحلية التى يمكن تحويلها إلى صناعات صغيرة ومشروعات قابلة للنمو والاستدامة ولا سيما أن فعاليات المنتدى شهدت أيضا مشاركة دولية فاعلة تمثلت فى وفود من بعض بلدان شرق آسيا خاصة ماليزيا وسنغافورة التى استعرضت بعض نماذج الأعمال والصناعات المعتمدة على الخامات المحلية مثل تصنيع شيبسى من الموز -الذى تكثر زراعته فى محافظة قنا وقرية دندرة على وجه الخصوص- أو تصنيع منتجات يدوية وإكسسوارات منزلية من المنتج ذاته وهى النماذج التى تحولت من مجرد أفكار مطروحة فى مناقشات المنتدى فى نسخته الثالثة العام الماضى إلى منتجات حقيقية تدق أبواب الأسواق مع انعقاد النسخة الرابعة للمنتدى هذا العام -الذى شهدته أيام 17 و18 و19 نوفمبر الماضى واختضنته قرية دندرة- الأمر الذى يقدم دليلا عمليا على بيئة خصبة للأعمال وشباب قادر على التعليم واكتساب المهارات فى ظل منظومة اقتصادية واجتماعية إيجابية ودافعة للتقدم تتوافر جميعها فى مصر، وجاء منتدى "دندرة" الاقتصادى ليقدم دليلا عمليا على كل ذلك. قدرات البشر وحسب الكلمة الترحيبية فى افتتاح المنتدى التى ألقاها الأمير هاشم الدندراوى -كبير وراعى الأسرة الدنداروية- فإن مركز دندرة التنموى ينطلق فى جميع أعماله من مجموعة من المرتكزات الأخلاقية التى تستنهض فى الإنسان أفضل ما وهبه الله من قيم إيجابية وميل فطرى لإعمار الأرض وانتماء وطنى كامل، وإن بناء البشر يأتى قبل بناء الحجر، وإن بناء الإنسان على أسس سليمة كفيل بالاعتماد عليه فى عملية تنموية شاملة ولا سيما إذا كان هذا البناء الإنسانى يستند إلى قوة روحية معطاءة ومن ثم كان اختيار عنوان المنتدى هذا العام هو أخلاقيات العمل التى ترتكز على محورين المحور الأول هو الخاص بأهمية اكتساب المهارات والقدرات والعلم الذى تغلفه الأخلاق ثم العمل الذى يغلفه الإخلاص ومن ثم تكون النتيجة الطبيعية هى التنمية المستدامة. لذلك كله يؤكد الأمير هاشم الدندراوى أن بناء الإنسان وتنمية قدراته أصبحا ضرورة ملحة بل تكاد تكون ملزمة لأحداث تنمية حقيقية ومستدامة فى مجتمع اليوم ومن منطلق قناعة مركز دندرة التنموى بأن الإنسان هو مادة التنمية وموضوعها كمحرك رئيسى للنهضة الاقتصادية يقيم المركز هذا المنتدى بمشاركة أرباب الاقتصاد والأعمال ويكون لأبناء المجتمع المحلى حضور أو مشاركة بالرأى للخروج من أطر اللقاءات النخبوية التى لا تواصل فيها بين طبقات المجتمع بفئاته الأربع من: عالم وأمى، وغنى وفقير، وراع ورعية، وقوى وضعيف، فكلنا شركاء فى البناء. ريادة الأعمال ومستقبلها فى الصعيد وخصص المنتدى جلسة نقاشية حول ريادة الأعمال وأهميتها ودور المبادرة الفردية فى النمو وخلق فرص العمل فى ظل تشجيع الدولة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وإطلاق مبادرات تمويلية ضخمة لخدمة هذا القطاع وفى مقدمتها مبادرة البنك المركزى التى تخصص نحو 200 مليار جنيه لتمويل مثل هذه المشروعات. وتحدث فى هذه الجلسة عدد من خبراء هذا المجال وفى مقدمتهم أحمد الالفى رئيس شركة سوارى فينشر المتخصصة فى رأس المال المخاطر الذى تناول الأبعاد الاجتماعية لعملية التنمية واستعرض التأثيرات الاجتماعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودورها فى خلق الوظائف كما ركز على دور أخلاقيات العمل فى نمو هذه المشروعات واكتسابها القدرة على الاستمرار والاستدامة. وأشار الالفى الى ان الحكومة تعمل على توفير بيئة اعمال مواتية للشركات البادئة واصحاب المبادرات الفردية سواء عبر توفير التمويل ذى التكلفة المنخفضة أو عبر توفير الدعم الفنى والتدريبى الذى يحتاجه أصحاب هذه المشروعات ومساعدتهم فى التسويق وفتح منافذ جديدة لمنتجاتهم سواء داخل مصر أو خارجها، ومن ثم تصبح الكرة الآن فى ملعب الشباب الباحث عن فرصة وهو ما يفعله مركز دندرة التنموى من خلق الحوافز الفردية لدى شباب الصعيد ومساعدتهم فى الحصول على المهارات اللازمة لبدء مشاريعهم. هنا تجدر الإشارة الى ان مركز دندرة التنموى يوفر خدمات تدريب ودعما فنيا لاصحاب هذه المشاريع عبر إقامة وتنظيم علاقات مؤسسية ناجحة مع عدد كبير من المنظمات والمؤسسات وفى مقدمتها الجامعة الامريكية التى تقدم دورات فى اللغة الانجليزية لتسهيل تواصل هؤلاء الشباب مع العالم الخارجى وكذلك منظمة الاممالمتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو" وكذلك مركز التدريب الصناعى التابع لوزارة التجارة والصناعة. كما تحدث أيضا أشرف رشاد رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب والامين العام لحزب مستقبل وطن حيث أشار الى ان مجلس النواب يسعى لانشاء مدينة حرفية فى دندرة للاستفادة من الطاقات الكامنة لدى محافظاتجنوب الصعيد ودعم عملية النمو الشامل فى البلاد التى يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى الى جانب العمل على استصدار تشريعات من شأنها المزيد من الحفاظ على حقوق العمال عبر صيغة توازن بين حقوق العمال ومتطلبات أصحاب الأعمال وبما يدعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى عموم البلاد. وهكذا يقدم منتدى دندرة الاقتصادى تجربة فريدة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى إطار ظروف المجتمع المحلى وحسب إمكاناته عبر التركيز على بناء الإنسان الذى هو وسيلة التنمية وهدفها النهائى.