كان هذا واحدا من المعانى التى وضعها شباب قرية دندرة، محافظة قنا، فى معرضهم أو سوقهم الذى عرضوا من خلاله أفكارهم ومشاريعهم الاقتصادية الصغيرة، التى جاءت ضمن ما يعرف باسم منتدى دندرة الاقتصادي. وهنا أمران للقارئ.. أولهما اننى لا أعتمد على أوراق وأنا أكتب عن دندرة، بل أنقل معايشة لواقع خاص رأيته لدندرة، القرية الصعيدية التى لا يفصلها عن قنا العاصمة غير بضعة كيلو مترات ..لدندرة منتديان يعقدان سنويا.. أحدهما اقتصادي، وهذا ما تشرفت بحضوره، الأسبوع الماضي، فى ذكرى المولد النبوى الشريف، والثانى منتدى ثقافي، يعقد فى ذكرى الإسراء والمعراج. المناسبتان، والفاعليتان يمكن ان تستشف منهما ما يخص دندرة، وهو الربط ما بين مناسبتين، متعلقتين بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وبين نشاطين تنمويين: أحدهما اقتصادى والثانى ثقافي.. أن تجد مشروعا صغيرا هنا أو هناك، ليس هو الغرض مما أكتبه، الحكاية تكمن فى الانسان الدندراوي، قبل الكلام عن نموذج دندراوى فى التنمية. ماذا يعنى ذلك؟ يعنى ببساطة أن فى دندرة نموذجا تنمويا، بدأ بتنمية البشر، إصلاح البشر، ثم تمكين الانسان الذى جرى العمل على إصلاحه، من اكتشاف قدرات أو امكانات، ساعدته على إيجاد الفرصة لعمل ورزق.. وفرق بين الانتظار لفرصة يهديها إليك احدهم، أو ان تنظر وتفحص داخلك وتصل بنفسك إلى الطريق. ولدندرة طريقها النابع من خصوصية يمكنك وصفها بالروحية أو الداخلية، لانتسابها الى نوع من الفكر الاصلاحي، النابع من الاقتداء بنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، الخلق والقدوة الساعية الى العمل، وهذا هو جوهر الأسرة الدندراوية، فى تجربتها التنموية. هل يمكن أن يأتى يوم نتكلم فيه عن تجربة تنموية دندراوية؟ وارد جدا، بعدما تابعته فى إطار دعوة كريمة من منتدى دندرة الاقتصادي.. دندرة استخرجت من محليتها الخالصة نموذجها فى تنمية الانسان، وتطويره، معرفيا وثقافيا، لتؤهله، لاكتساب رزقه ولإيجاد فرصة حياة. الاسرة الدندراوية، جمع انساني، يؤلف فيما بينه اسسا أو مبادئ تبناها رائد الأسرة الذى أتى مرتحلا من أقاصى المغرب العربي، وحط فى قلب الصعيد القناوي، قبل ما يقرب من قرن ونصف..الامير لعقود طويلة تحول نهجه فى الاقتداء بالرسول، إلى رباط يضم الدندراوية، فى الأسرة الدندراوية. لعقود ظل العمل الاهلى التنموى فى دندرة له مساره، بريادة كبير الاسرة الدندراوية، أو الامير، من محمد الدندراوى إلى العباس حتى الامير أبو الفضل الدندراوى الذى رحل عام 2010. دخلت فكرة المنتديات الثقافية والاقتصادية قبل أربع سنوات، مع منحنى جديد، اخذه هذا المسار للعمل الاهلى التنموى فى دندره، الذى بدأه الامير هاشم الدندراوى بعد رحيل الوالد.. وتبلورت شراكات متطورة مع برامج تنموية، وجهات علمية لإتاحة فرص تطور حقيقية لابناء دندرة.. سوف تتفاجأ بأعداد الحاصلين على دبلومات فى اللغة والترجمة من الجامعة الأمريكية، مثلا، والسبب أن الحامعة ذهبت الى دندرة ولم يأت أبناء دندرة اليها.. جاء المعلمون، وقدمت الجامعة خصومات وقدم الدندراويون الاقامة والضيافة.. ذهب ايضا معنيون فى خبرات صناعية وذراعية وفى الكمبيوتر، إلى الشباب.. وكانت هذه رؤية الامير هاشم ابو الفضل. كل شاب أن يعمل على تطوير نفسه، والبنت زى الولد. فتح طريقاً للحلم والأخذ بأسباب تحقيقه، فى سياق مواطنة حقيقية، دونما افتعال دخلت فيه الأبراشية، أو ذهب هو الى الابراشية يمجد قيم الخلق الرفيع والسلوك الطيب.. هذه وصفة الدندراوية. تذهب الى الشباب خبرات آسيوية فى عام، فى العام التالى تجد النموذج الدندراوي، وهكذا ولدت افكار مستنبتة من دندرة، ولكن مستفيدة مما يجرى خارجها.. اكبر زراعات دندرة هو الموز، فكان تصنيع: شبسى الموز.. نسيج من مخلفات الموز.. وقود حيوى وغاز وجلسرين من المخلفات الصلبة..تشغيل لربات بيوت من منازلهن فى صناعة مخللات او غيره... استمعت الى حكايات ومسارات تغيرت لأنها عثرت على النموذج الواعي، الذى قادهم للمفتاح والمفتاح هو أن تنظر داخلك وتفتش عما سوف تغيره ليواكب اللحظة وما سوف تستبقيه من قيم هى بطانتك الاخلاقية.. وشرفنى الدندراوية بدعوة لملتقاهم الاقتصادي، وكان تساؤلي: هل يمكن أن يأتى يوم نتكلم فيه عن تجربة دندراوية فى التنمية؟ لمزيد من مقالات ◀ ماجدة الجندى