يستكمل الدكتور فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد ومساعد المدير التنفيذى السابق بصندوق النقد الدولى قراءته فى التقرير الصادر عن بعثة صندوق النقد فى ختام زيارتها لمصر. تشير آخر التطورات الاقتصادية العالمية غير المواتية إلى حدوث تباطؤ فى معدلات النمو فى الاقتصادات القيادية بالاتحاد الأوروبى وكذلك فى الاقتصادات الناشئة كالصين واليابان وروسيا ودول أمريكا الجنوبية بسبب النزاعات التجارية بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية، مصحوبة بارتفاع غير مستقر فى أسعار البترول العالمية وتراجع تدفقات الائتمان والاستثمارات الدولية إلى الاقتصادات الناشئة وارتفاع مستويات الدين العام لديها إلى درجة أدت إلى تصاعد حدة مخاطر التعامل معها. على الرغم من تلك التطورات الصعبة فى البيئة الاقتصادية العالمية واستمرار مصر فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى حتى نهايته فى نوفمبر 2019، ورغم ذلك فإن التقارير التى صدرت مؤخرا عن كل من الصندوق والبنك الدوليين تشير إلى ما يلى: آفاق الاقتصاد المصرى فى الأجل القصير أى حتى نهاية 2019: 1- استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية ولكن بوتيرة أقل، حيث لن يجاوز معدل النمو حاجز 5.5% بنهاية العام المقبل 2019 مقارنة بتوقعات حكومية تتراوح بين 5.8 و6% خلال العام نفسه, ويعزى ذلك إلى تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية. 2- ستبدى معدلات البطالة مقاومة أكثر نحو الانخفاض بسبب الزيادة السكانية التى تعادل 4 أمثال المتوسط العالمى. 3- سيتجاوز عجز الموازنة العامة المستهدف (8.4% من الناتج) للعام المالى 2018/2019 مستوى 9% من الناتج، وذلك لسببين، أولهما ارتفاع تكلفة الدعم لمنتجات الطاقة بنحو 25 مليار جنيه عما هو مستهدف بالموازنة (89 مليار جنيه) متأثرة بارتفاع أسعار النفط العالمية إلى متوسط 75 دولارا/برميل مقارنة بمتوسط مقدر 67 دولارا/برميل بالموازنة، وثانيهما توقع ارتفاع فوائد الدين العام بنحو 15 مليار جنيه عن المستهدف بالموازنة (541 مليار جنيه) فى ضوء توقع استمرار أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة والتأجيل المحتمل للبنك المركزى لأى تخفيضات فى أسعار الفائدة على الأقل خلال العام المالى الحالى 2018/2019 لكبح خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة (الأموال الساخنة) فى أدوات الدين الحكومى المصرية تحت إغراء ارتفاع عوائدها فى أسواق ناشئة أخرى كالأرجنتين وتركيا وغيرهما. وهو الأمر الذى سيصعب معه تحقيق الفائض الأولى المستهدف (2% من الناتج) بالموازنة الحالية الذى يمكن استخدامه فى تخفيف تفاقم الدين العام، حيث من المتوقع أن تنخفض نسبته إلى 1.5%. 4- فى ضوء ما سبق، بدأت بعض دوائر المال العالمية تعرب عن قلقها بشأن استدامة الدين العام بصفة عامة والخارجى بصفة خاصة الذى سيتجاوز مستواه 100 مليار دولار ومن ثم ستقترب نسبته (40% من الناتج) من الحد الأقصى الآمن للدين الخارجى (50% من الناتج). 5- كذلك من المتوقع أن يتسم معدل التضخم بالجمود عند مستواه الحالى (14.5%) كمتوسط سنوى بسبب زيادة نمو السيولة النقدية بمعدل أسرع من النمو فى الناتج الحقيقى. 6- أما فيما يختص باحتياطيات النقد الأجنبى من المتوقع استمراره فى الارتفاع حتى يبلغ مستواه 49 مليار دولار بنهاية البرنامج فى 2019, ولكن مع ملاحظة أن نحو 40% من هذا الاحتياطى هو ملكية خالصة للسلطات المصرية والباقى يمثل التزامات عليها واجبة السداد فى مواعيد استحقاقاتها. 7- وفيما يتعلق بسياسة سعر الصرف، من المتوقع أن يتبع البنك المركزى سياسة أكثر مرونة لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار لمواجهة الضغوط المتزايدة على النقد الأجنبى ولكن مع الحرص الشديد على ألا تؤدى هذه السياسة المرنة إلى زيادة معدلات التضخم عما هو مستهدف (+/- 13.5%) بنهاية البرنامج عام 2019. تعزى هذه الضغوط المتزايدة على سعر الصرف الجنيه المصرى إلى استمرار خروج الأموال الساخنة من مصر سعيا وراء الفائدة الأعلى كما أشرنا آنفا وقيامها بتسييل استثماراتها بالنقد المحلى فى أدوات الدين الحكومى وطلب تحويلها مع فوائدها بالنقد الأجنبى للخارج.