علم" الاقتصادي" أن قانون التأمينات الموحد الذي انتهت من أعداده وزارة التضامن الاجتماعي يواجه مأزق كبير في حيث يحتاج تنفيذ القانون إلى استعادة وزارة التضامن لأموالها لدى وزارة المالية ووزارة المالية ترفض في الوقت الحالى نتيجة ما تعانيه الوزارة من عجز والتزامات كبيرة. وعلم الاقتصادي أن التضامن خاطبت المالية بفض الاشتباك بين أموال التأمينات والموازنة وإعادة هذه الاموال لوزارة التضامن حتى تتمكن من أستثمارها في مجالات مختلفة بعوائد مرتفعة تسطيع من خلالها تحقيق إستدامة مالية للنظام التأميني في مصر ولكن المالية قامت بتأجيل الموضوع برمته نظرا لما تواجهه الوزارة من مشاكل ادت الى أرتفاع عجز الموازنة. المعروف أن أموال التأمينات مقسمة بين وزارة المالية وبنك الأستثمار القومي وتستحوذ المالية على 550 مليار جنيه منها 160 مليار جنيه في صورة صكوك بعائد لا يتجاوز ال 11%، في الوقت الذي يصل العائد على الأستثمارات الى 14 % في البنوك و16% على اذون وسندات الخزانة مما يضيع على اموال التأمينات فرصة كبيرة لاستثمار اموالها بعائد كبير، ويمتلك بنك الاستثمار القومي وديعة قيمتها 56 مليار جنبه بفائدة سنوية 10%. وتقوم وزارة المالية بدفع 60% من أموال المعاشات شهريًا وقد علم الاقتصادي أن الوزارة لا تدفع منذ فترة طويلة إلا 40% فقط وتقوم وزارة التضامن الإجتماعي بسداد الباقي ويتحول المبلغ المتبقي من حصة المالية للمعاشات الى ديون بدون عائد مما يضيع على المالية فرصة ثانية في استغلال اموال المعاشات واعادة تدويرها. وكانت منظمة العمل الدولية قد أعدت دراسة حول الأستدامة المالية لأموال التأمينات والمعاشات في مصر واوصت بضرورة تغير نظام المعاشات وتغيير القانون لتحقيق الاستدامة المالية للنظام حيث أثبتت الدراسة ان النظام بوضعه الحالى لا يمكنه الاستمرار طويلا. لهذا كان الاتجاه لقانون التأمينات الموحد كما يقول عمر حسن مستشار وزيرة التضامن الاجتماعي لشؤون التأمينات حيث رفض التعليق على موعد ارسال القانون لمجلس الوزراء لإقراره وأكد أن الفائض النقدى الحالى لن يستمر وندرس آليات جديدة لضمان الاستدامة المالية لنظام المعاشات موضحا أن هناك عدة تحديات تثقل كاهل النظام، من أهمها فض الاشتباك المالى لنظام التأمينات الحالى مع الخزانة العامة للدولة وبنك الاستثمار القومى، حيث تتشابك أموال التأمينات مع وزارة المالية التى استحوذت عليها فى 2006 مقابل صكوك بفائدة سنوية 9% تقوم الوزارة بدفعها بشكل شهرى لسداد المعاشات بعد أن كانت هذه الأموال موجودة فى بنك الاستثمار القومى كاملة، وأصبح الموجود لدى بنك الاستثمار اليوم وديعة بقيمة 56 مليار جنيه بفائدة سنوية 10%، هذا التشابك يستهدفه القانون الجديد ويرغب فى فصل الحسابات وتوحيد جهة الاختصاص بأموال التأمينات لتحقيق الاستدامة المالية لنظام التأمينات المصرى.
وقال أن هناك عجز شديد فى التوازن المالى بين الإيرادات والمصروفات، هذا العجز حتى الآن عجز اكتوارى حسابى يعتمد على دراسات قدمتها منظمة العمل الدولية لوزارة التضامن الاجتماعى بناء على طلب الوزارة، فحتى اليوم لا يزال هناك فائض نقدى بين الإيرادات والمصروفات، ولكن هذا الفائض وفقا للدراسات لن يستمر إذا استمر وضع التأمينات على ما هو عليه، لذلك كان التفكير فى وضع آليات تسهم فى تحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل.
ويستهدف قانون التأمينات الجديد توسيع شبكة التأمين الاجتماعى، حيث يعد التهرب التأمينى من أكثر المشاكل التى تواجه النظام، وبلغة الأرقام نجد أن عدد المواطنين فى سن العمل يبلغ 27 مليون مواطن، منهم 5.6 مليون عامل بالحكومة و11 مليون عامل بالقطاع الخاص و700 ألف عامل بالقطاع العام و1.8 مليون مواطن من أصحاب الأعمال، بالإضافة إلى 908 آلاف عمالة غير منتظمة، وهناك 7 ملايين مواطن خارج قطاع التغطية التأمينية منهم 3 ملايين بطالة و4 ملايين يعملون بالقطاع غير الرسمى، وليس هذا فحسب بل إن التهرب التأمينى يشمل التأمين على العاملة بمبالغ ضعيفة لا توازى الأجر، ما يجعل العامل عند خروجه على المعاش يصطدم بمعاش ضئيل لا يتناسب مع ما كان يحصل عليه من أجر حقيقى، وهنا يحاول القانون الجديد السيطرة على الموقف من خلال التفتيش على العمالة والأجور والمبالغ المؤمن عليهم بها، لذا فإن القانون الموحد للتأمينات لم يستهدف فقط إصلاح المعاشات، بل وضع أيضا تصورا للإصلاح الإدارى على كل المستويات لتحقيق إدارة سليمة للنظام.
وقد عالج مشروع القانون الجديد قضية نظام المعاش المبكر حيث أثقل هذا النظام كاهل التأمينات وخربها، ذلك لأن المستفيد يخرج على المعاش بعد أن قضى سنوات قليلة فى دولاب العمل ويحصل على مكافأة يبدأ بها عملا جديدا، غير أنه يكون قادرا على العمل ولديه من الخبرة ما يسمح له بالعمل فى مكان آخر، ومن الممكن أن يؤمن عليه مرة أخرى وبهذا يكون قد حصل على المعاش والمكافأة وعمل مرة أخرى، مقابل من قضى سنوات عمره حتى الستين فى عمله وخرج بعد أن فقد القدرة على العمل ويحصل على المعاش نفسه وعندما يصل من خرج مبكرا على المعاش إلى سن الستين يكون معاشه قد تضاعف بفضل سنوات الاستحقاق وأصبح أكبر من معاش من خرج فى السن القانونية.
وقد وضع القانون الجديد شروطا قاسية للمعاش المبكر، منها أن يكون طالب المعاش المبكر قد قضى فى الخدمة 20 عاما، وأن تكون نتيجة حساب معاشه الذى يستحقه تتوازى مع الحد الأدنى للمعاش وقت خروجه، وإذا قل عن الحد الأدنى لا يسمح له بالخروج على المعاش. وبهذا يكون هناك عدل فى الاستحقاق للمعاش ولا يضر من قضى 35 سنة فى خدمة الوطن.
كما يستهدف القانون الجديد تغطية تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لجميع طبقات الشعب، فهو من مسئوليات الدولة الأساسية، وعن طريقه يمكن تأمين المواطنين على حياتهم وحياة أسرهم من بعدهم ومن ثم فهو من الحقوق الأساسية لكل أفراد الشعب وعنصر مهم من عناصر الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى، وسيراعى فى تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إقفال النظم الحالية فى تاريخ العمل بالقانون الجديد وحساب الحقوق التأمينية عن طريق الاشتراك بها وفقا للقواعد الواردة بهذه النظم مع صرفها فى تاريخ الاستحقاق طبقا للقانون الجديد ومعالجة أجر التسوية عن هذه الحقوق وفقا لمعدلات التضخم، ودمج أجرى الاشتراك فى أجر موحد وحساب الحقوق التأمينية وفقا لنسبة التضخم، ووضع حد أدنى للمعاش فى حالات الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة 65% على الأقل أو الحد الأدنى للأجور على المستوى القومى.
كما عالج القانون الجديد قضية التضخم وربطها بالمعاشات حيث تعتمد نظم المعاشات الحالية على زيادة سنوية تراعى ارتفاع الأسعار إلى حد ما، ولكن هذه الزيادة يعتبرها أصحاب المعاشات غير كافية، لذا وضع القانون الجديد طريقة جديدة لحساب المعاش وزيادته تراعى نسب التضخم الموجودة فى البلد ولتوفير حياة كريمة لأصحاب المعاشات بعد خروجهم للتقاعد. ووضع نظم إصابات العمل التى توفر الرعاية الطبية والإعانات النقدية للعجز المؤقت وكذلك العجز الدائم عن العمل، تشمل هذه النظم كلا من المزايا قصيرة وطويلة الأجل ويتم تمويل إصابات العمل بصفة عامة من قبل أصحاب الأعمال فقط. ماذا تعنى بالإبقاء على مزايا النظام الحالى؟ ليس من أهداف القانون الجديد نسف كل ما كان فى نظام التأمينات المصرى الذى يعد من أقدم النظم التأمينية، لذلك فقد وضع القانون شرط ألا يمس النظام الجديد أى مزايا وضعتها النظم السابقة بل على القانون تطوير هذه المزايا وتحديثها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، دون هدم النظام كاملا.
كما وضع القانون الجديد نصا يتيح لوزارة التضامن الاجتماعى إنشاء كيان مستقل يسمى صندوق استثمار أموال التأمين الاجتماعى لإدارة هذه الأموال، ويكون لهذا الجهاز هيكل إدارى مستقل، ويقوم على استغلال الموارد واستثمارها فى أوعية استثمارية آمنة وبعائد أفضل لضمان زيادة الأموال والقدرة على سداد المعاشات، هذا الكيان مهمته أيضا اختيار الجهات التى تحقق أعلى عائد عند الاستثمار بشكل مستمر، فضلا عن تطبيق أنظمة مناسبة للرقابة لضمان قيام جميع الأشخاص والجهات التشغيلية والإشرافية بأداء مسئوليتها وفق الأهداف الموضوعة.
وغلظ القانون الجديد العقوبات المقررة على صاحب العمل فى حالة تلاعبه بمصير العمال لديه تزداد مع تكرار المخالفة، وهذه العقوبات سوف تكون بعد مراقبة شديدة من النظام الإدارى للتأمين الاجتماعى.