من الأهداف المسجلة لثورة الخامس والعشرين من يناير سنة 2011 ترسيخ القيم والمفاهيم والمبادئ التى تتفق واحترام سيادة القانون بعد انتهاكها سنوات طويلة، فالثورة بطبيعتها نقيض لنظام سابق حينما تستهدف التغيير يجب عليها تقديم البديل باعتبار ان الفراغ الناشئ عن انهيار نظام سابق يستوجب على الفور بناء نظام جديد يحل محله مستهدفا تحقيق المصالح العليا للمجتمع بمصداقية ملموسة وموضوعية مدروسة. فمن المسلم به ان حدوث الفساد قد يكون أمرا يسيرا ولكن الكشف عنه هو امر عسير يتطلب رجالا ممن استبانت بهم الخبرة الصادقة واستقدم بهم العمر المصاحب للقيم السليمة ذلك ما يدعو لكشف النقاب عن وزير كانت تصفق له الجماهير وتقف عنده المزامير وتفترش له أهل النفاق الحرير فقد اتى بأفعال ظاهرها الرحمة وباطنها الخراب المرير وهو القرار 736 لسنة 2005 الذى يعد برهانا ساطعا ودليلا قاطعا على فساد تعمقت جذوره ارض البلاد انشأه السابقون ليتبعه اللاحقون حاملا بين نصوصه وأحكامه أربع مصائب أصابت التجارة الداخلية للبلاد هى: الأولى: تتمثل فيما نص عليه هذا القرار بأن العبوات السابق استعمالها فى تعبئة المواد الغذائية وغيرها يعد مخالفة لقانون قمع التدليس والغش التجارى 48 لسنة 1941 وتعديلاته، هذا سوء فهم للأوصاف الجنائية ومدى مطابقتها للقيود التشريعية، حيث ان قانون القسم التجارى جاء خاليا تماما من الوصف الوارد بهذا القرار جملة وتفصيلا باعتبار ان جرائم الغش التجارى فيما يتعلق بالتعبئة لا تقع اركانها الا اذا كانت العبوات والأغلفة تحمل بيانات مخالفة لحقيقة السلعة المعبأة أو صفاتها الجوهرية او مواصفاتها المقررة، ومن ثم فقد يمكن تعبئة سلعة سليمة المواصفات والصلاحية فى عبوات سبق استعمالها فى تعبئة تلك السلعة تحمل بيانات صادقة عليها وهنا يكون الوصف مخالفا للقرار 736 لسنة 2005 وليس مخالفا لقانون قمع التدليس والغش التجارى 48 لسنة 1941 وتعديلاته، وهذا يؤكد سوء فهم البطائن المحيطة بالوزراء فى مثل تلك الأمور. الثانية: تتمثل فيما نص عليه ذلك القرار بين المنع والمنح لوقائع متماثلة حيث أجاز إعادة استخدام العبوات السابق استعمالها وتداولها وتخزينها بناء على مواصفات مصرية صدرت فى ذلك ولم يتعرض القرار لا من قريب ولا بعيد لهذه المواصفات او ان يكون السماح باعادة استخدام العبوات السابق استعمالها بناء على ترخيص يصدر عن وزارة الصناعة والتجارة الخارجية وهذا أمر يفتح بابا للفساد على مصراعيه عندما يقع الموظف العام المنوط به منح مثل تلك التراخيص أمام إغراءات تفوق قدراته النفسية والمادية فيقع فريسة تلتهمه الانحرافات التى قننها هذا القرار. الثالثة: تتمثل فيما تضمنه القرار 736 لسنة 2005 حيث أجاز للغير استعمال العلامات التجارية المسجلة والمملوكة لأصحابها الموضوعة على العبوات السابق استعمالها فى التعبئة لمجرد موافقة كتابية تصدر عن مالك تلك العلامات التجارية لمستخدم العبوات السابق استعمالها فى تعبئة المنتجات المراد تعبئتها وكذلك الحال بالنسبة للنماذج والتصميمات الصناعية وتلك هى أشد المصائب المدمرة للتجارة الداخلية التى حملها القرار بين طياته لتحقيق مصالح غير مشروعة نتيجة الازدواج الذى جمع بين السلطة والمال وتقديم المصالح الخاصة على المصالح العليا للمجتمع المصرى من خلال إيقاف أحقية القانون 82 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية والصادر بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية، حيث تفردت مادته 96بوضع قواعد قانونية آمرة اشترطت على مالك العلامة التجارية المسجلة باسمه عند الترخيص لغير مالكها فى استخدامها ان يكون ذلك بموجب عقد مبرم بين مالك العلامة والراغب فى استخدامها موثقا او مصدقا على صحة توقيعاته ومسجلا بسجلات العلامات التجارية المودعة بالإدارة العامة للعلامات التجارية بجهاز تنمية التجارة الداخلية الذى يتبع حاليا وزير التموين والتجارة الداخلية وفى جميع الأحوال لا يسرى هذا العقد الا بعد القيد فى السجلات والنشر عنه بجريدة العلامات التجارية المعدة لهذا الغرض. وفى جميع الأحوال لمالك العلامة التجارية وعندما يرخص للغير استعمالها لا يحول هذا الترخيص منع مالكها من استعمالها الا اذا تضمن العقد ذلك بصريح اللفظ ومضمون المعنى، ومن ثم فإن القرار 736 لسنة 2005 جاء التفافا على أحكام القانون 82 لسنة 2002 لإيقاف أحكامه عن التنفيذ والتطبيق. الرابعة: تمثلت فيما تضمنه القرار من إلزام النيابة العامة عند التصرف فى العبوات المخالفة للقرار وإعدام ما بداخلها وتسليم تلك العبوات لمالك العلامات التجارية اذا رغب ذلك وهذا يتعارض مع أحكام المادة 95من قانون العلامات التجارية التى تقضى بأنه لا يجوز لمالك العلامة التجارية إنهاء عقد الترخيص المبرم بينه وبين المرخص له استعمالها كما لا يجوز لهذا المالك عدم تجديد العقد المبرم بينه وبين المرخص له فى استعمال تلك العلامة الا لسبب مشروع وهذا يمثل قيدا صريحا على مالك العلامة التجارية وليس الامر كما ورد بالقرار . رئيس مصلحة التسجيل التجارى وعضومجلس ادارة جهاز المنافسة ومنع الاحتكار الأسبق