تباينت آراء الخبراء حول عودة وزارة قطاع الاعمال العام فالبعض يرى انه لا جدوى من ذلك بل انه يزيد من أعباء الدولة ويعظم ترهل الجهاز الإدارى لها، والبعض الآخر يرى ان هناك حاجة ملحة لذلك بشرط وجود رؤية وخطة إصلاح متكاملة مرتبطة بجدول زمنى محدد، وهناك رأى ثالث يطالب بإعادة تبعيتها مرة أخرى للوزارات وفقا للأنشطة التى تنتمى اليها، ولكن ما أجمع عليه الخبراء هو أهمية إقالة قطاع الأعمال من عثرته عن طريق إدارة سليمة أو متخصصة تتولى عمليات الاصلاح والهيكلة حتى لا يستمر نزيف موارد الدولة لغياب الرؤية الإصلاحية.. التحقيق التالى يناقش الآراء السابقة. ليست حكومية يرى د. محمود سالم مدير المكتب الفنى لوزارة قطاع الأعمال العام - سابقا - أنه لم يكن فى السابق وزارة لقطاع الاعمال العام فلم يكن هناك وكلاء للوزارة أو مديرو عموم أسوة بكل وزارة فى الدولة بل كان هناك وزير لقطاع الاعمال العام ومكتب فنى معاون للوزير لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى وكان ذلك المكتب ممولا لعدة سنوات من منحة مقدمة من البنك الدولى. ويوضح د. سالم أن شركات قطاع الاعمال العام لا تعد شركات حكومية، كما يظن البعض فهى تابعة لقانون خاص (القانون 203) والمظلة الكبرى لشركات قطاع الاعمال العام وقانون الشركات 159 بمعنى النصوص التى لم يتناولها القانون 203 يتم الرجوع الى نصوص قانون الشركات 159 . ويرفض د. سالم تأسيس وزارة لقطاع الأعمال العام قائلا: إننا ضد تضخم الجهاز الحكومى والإدارى فمرتبات العاملين تستقطع جزءا كبيرا من موارد الدولة دون وجود انتاج حقيقى لها ويمكن الإبقاء عليها بالوضع الحالى فالمشكلة ليست وزارة أو هيئة أو حتى مكتب فنى فالمشكلة الحقيقية أن معظم الشركات المتبقية غير قابلة للاستمرار وضخ استثمارات فيها يعتبر أمرا غير ذى جدوى وعمالتها غير مدربة وغير قابلة للتعامل مع التكنولوجيا المتطورة ومن ثم فإن التصفية علاج فعال لمعظم الشركات، أما القلة القليلة القابلة للإصلاح فى هذه الشركات فتتطلب وجود شركات إدارة هذه الشركات بكفاءة وترفع من قيمتها الاقتصادية وهذه الشركات لديها التمويل اللازم لعمليات إعادة الهيكلة والتطوير فالتمويل أيسر مشكلة تواجه قطاع الاعمال لكن لابد من تغيير الفكر والتعاون مع القطاع الخاص فى إدارة تلك الشركات. يعتبر د. سالم أن تعارض المصالح لبعض المسئولين فى قطاع الاعمال العام يعد سببا جوهريا فى تراجع دوره وعدم رفع كفاءته وهناك أمثلة عديدة على ذلك . - عبء جديد ويقول م. حمدى رشاد عضو مجلس ادارة هيئة الرقابة المالية والمدير الفنى السابق لوزارة قطاع الأعمال إننا لسنا فى حاجة إلى أن نثقل كاهل الدولة بإنشاء المزيد من الوزارات لاسيما أن عدد الوزارات الحالية يفوق ضعف الوزارات الموجودة فى أى دولة فى العالم وقطاع الاعمال العام يديره رجل سياسة مع الاستعانة بالقائمين على شركات قطاع الاعمال وهم رؤساء الشركات القابضة ومن الممكن أن يتحقق هذا الدور إما من خلال وزارة الاستثمار (وضعها الحالى) وإما من خلال وزارة الصناعة دون الحاجة إلى وزارة جديدة فى كل الأحوال ونحن نقلل من أهمية قطاع الأعمال العام لكن لا يوجد مبرر حقيقى لإنشائها. ويضيف إننا فى حاجة إلى تحديد الهدف المرجو من هذه الشركات بمعنى إذا كانت الدولة تهدف إلى إصلاحها فلابد من توجيه الأموال اللازمة لذلك وإحداث هذا الإصلاح وإذا كان لا جدوى من ذلك فعلى الدولة أن تنهى نشاط تلك الشركات ولكن استمرار الشركات دون إصلاح أو تصفية فهذا يعد نزيفا لموارد الدولة وسداد مصروفات لا جدوى منها. ويرى م. حمدى أن الدولة فى حاجة للنمو سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو حتى للقطاع العام فلا مانع على الإطلاق من أن ينمو القطاع العام وهذا ليس ردة فى السياسات الاقتصادية ففى النهاية هو أحد أذرع الدولة الاقتصادية ومن شأنه زيادة معدلات النمو الاقتصادى فعلى سبيل المثال إحدى آليات الإصلاح السابق تنفيذها فى الشركات رفع رأسمالها مما يسهم فى الإبقاء على الكيان وفى ذات الوقت تطوير ورفع أدائه الاقتصادى. يؤكد م. حمدى أن العمالة ليست مسئولة عن تدهور أداء الشركات بل الدولة هى المسئولة عن ذلك وسياساتها التى ساهمت فى وجود زيادة كبيرة من العمال دون وجود عمل لها لذا فلابد من وجود بدائل للعمالة الزائدة حتى تصبح هذه الكيانات تعمل وفق رؤية اقتصادية تتناسب مصروفاتها مع إيراداتها فمن غير المعقول على الإطلاق أن تمثل تكاليف الأجور لشركات الغزل والنسيج 80٪ من تكاليف الانتاج. وىؤكد م. حمدى ضرورة اتخاذ القرارات السريعة للتعامل مع شركات قطاع الاعمال لأنه لا يمكن للدولة ان تحتفظ بمؤسسات تستنزف مواردها دون وجود عائد منها. - مدة زمنية أما سمير شاهين المستشار الاقتصادى لمكتب برايس ووترهاوس آندكوبرس سابقا فيرى أننا فى حاجة الى وزارة مستقلة تدير شئون شركات قطاع الاعمال العام ووضعها الحالى كتابعة لوزارة الاستثمار لا يجعلها فى بؤرة اهتمام الوزارة التى يتركز اهتمامها على جذب استثمارات القطاع الخاص ؟! ويوضح شاهين أن الوزارة المقترحة لابد ان يكون لها مدى زمنى على سبيل المثال 3 سنوات وأن يكون لها رؤية وخطة محددة ويعلن ذلك قبل تأسيس الوزارة حتى يمكن محاسبتها خلال الفترة وتتولى الوزارة تشخيص ودراسة كل شركات قطاع الاعمال وتحدد ما يمكن إصلاحه وتطويره، وما سوف تتم تصفيته وبعد الانتهاء من الدراسة يبدأ التنفيذ العملى لخطة الوزارة وبعد انتهاء فترة ال 3 سنوات (وهى فترة عمل الوزارة) تصبح الكيانات المتبقية تحت تبعية الدولة كيانات متطورة قوية تحقق ارباحا وعائدا للدولة. فالدولة رغم توقف برنامج الخصخصة لم تقرر إصلاح الشركات وكل ما تقوم به مجرد مسكنات ولم تعالج »الأمراض الحقيقية« التى تعانى منها الشركات ولا نقول إن كل ما تبقى لا جدوى من إصلاحه لكن لابد من وجود خطة واضحة الملامح للاصلاح يتم تنفيذها من خلال برامج زمنى محدد لا يتعدى 3 سنوات لنضمن سرعة تنفيذ خطط الإصلاح التى تسفر بعد ذلك عن تحسن فى الهياكل المالية وتحقيق ارباح وبذلك تخفف عن كاهل الدولة عبئا كبيرا اسمه القطاع العام. وتوضح ميرفت حطبة رئيس الشركة القابضة للسياحة والفنادق أنه بعد توقف برنامج البيع والخصخصة فإن آليات الدولة فى إدارة هذا القطاع تعتمد على محورين الأول مرتبط بإعادة الهيكلة والثانى ضخ الاستثمار وهذا الأخير مرتبط بالقطاع الاستثمارى فقطاع الأعمال العام لديه أصول ضخمة غير مستغلة ولابد من استثمارها وتفتقد للسيولة ولابد من الاستعانة بالقطاع الخاص الاستثمارى فى إدارة تلك الأصول ومن ثم فإن هناك تشابك علاقات مع الاستثمار والمستثمرين وحتى إن كان هناك وزير لقطاع الاعمال العام فهناك تشابك بين أصول قطاع الاعمال العام والأنشطة الاستثمارية . وترى حطبة ان استثمار الأصل أفضل آلية للتعامل الاستثمارى ويحقق عائدا أعلى من عائد البيع. وتؤكد أن سياسة الدولة تهدف إلى رفع القيمة المضافة للأصول ولا يتم ذلك إلا من خلال الاستثمار. - الشركات تائهة ويقول رئيس إحدى شركات المجمعات الاستهلاكية - رفض ذكر اسمه - ان هناك ضرورة لعودة وزارة قطاع الاعمال لكى تصبح كيانا مستقلا عن وزارة الاستثمار التى تركز اهتمامها على القطاع الخاص وان عودة تلك الوزارة بمثابة »قبلة الحياة« لهذه الشركات التى تزداد معدلات التعثر فيها بصورة كبيرة سنويا. ويرى انه طالما كانت تلك الشركات أذرع الدولة فى تنفيذ سياساتها والسيطرة على الأسواق فلابد ان تكون تلك الكيانات قوية وناجحة حتى تستحوذ على حصة مناسبة من الأسواق تكون قادرة على إحداث التوازن المطلوب فى الأسعار. فعلى سبيل المثال لكى يصبح لشركات المجمعات الاستهلاكية دور فى السيطرة على الاسعار للسلع الانتاجية لابد ان تكون كيانات رابحة من خلال استحواذها على حصة كبيرة من سوق المنتجات.وان دور شركات قطاع الاعمال لم تحدده الدولة حتى الان هل هو دور خدمى »لا يهدف للربح« ام يهدف إلى تحقيق قيمة مضافة ومن وجهة نظر د. عبدالمنعم تهامى استاذ - العودة بشروط الاستثمار والتمويل بكلية التجارة جامعة حلوان ان عودة وزارة قطاع الاعمال مشروطة باعطائها صلاحيات تمكنها من الادارة الاقتصادية لهذه الشركات بحيث تتمكن من اعادة هيكلة هذه الشركات التى فى حاجة الى اعادة هيكلة اصلاح ودمج الشركات ذات النشاط المشترك ولذلك دخول بعضها فى شراكة مع القطاع الخاص او تصفية تلك التى لا جدوى حقيقية من الابقاء عليها وتمثل نزيفا لاموال الدولة بحيث تتم تصفية الشركات القوية الداعمة للاقتصاد وبذلك يحقق قطاع الاعمال العام مصلحة الدولة والاقتصاد المصرى وليس مصلحة المستفيدين والمنتفعين منه. مطالبا - د. تهامى - انه لابد من السماح للوزارة الجديدة بحرية التصرف فى الاصول غير المستغلة التى لا تدر عوائد للشركات مثل الاراضى او المبانى الشاغرة وحصيلة بيع تلك الاموال - تقليص الشركات ويؤكد د. تهامى انه فى جميع الاحوال لابد من تقليص عدد شركات قطاع الاعمال العام التى يصعب ادارة نشاطها او حتى الرقابة عليها فكيف لرئيس شركة قابضة ان يقوم بمتابعة ورقابة اداء 30 شركة تابعة وفى بعض الاحيان يكون هناك تنافر فى الانشطة التابعة. ويرفض د. شريف دلاور الخبير الاقتصادى وعضو مجلس ادارة احدى الشركات القابضة سابقا عودة وزارة قطاع الأعمال العام لان هدف انشاء الوزارة فى السابق هو الاحلال والتجديد خلال برنامج الخصخصة كأحد مطالب البنك الدولى وبعد توقف هذا البرنامج منذ سنوات بالتالى فان الغرض من عودتها يختلف عن غرض التأسيس الاول. - عودة الشركات للوزارات ويرى دلاور ضرورة اعادة تنظيم هذا الكيان بما يتوافق مع اهداف الدولة التنموية بمعنى ان تتم اعادة ضم الشركات الصناعية سواء كانت تابعة للقابضة الكيماوية والمعدنية الى تبعية وزارة الصناعة فان هذه الشركات تعد يد الدولة فى تنفيذ سياستها وان يعاد ضم شركات السياحة الى وزارة السياحة ونحن هنا لا نخترع العجلة فقد اثبتت التجربة عدم نجاح الشركات بعد فصل تبعيتها عن وزاراتها وهناك امثلة واضحة على ذلك مثل الرى والكراكات كانت من الشركات الرابحة تحت تبعية وزارة الرى والموارد المائية ولكن بعد فصلها عنها وخصخصتها بآلية اتحاد العاملين المساهمين تراجع اداؤها واصبحت مكبلة بالمليارات من الديون وقامت الدولة مرة اخرى باعادة تبعيتها لوزارة الرى كذلك الوضع بالنسبة لشركات استصلاح الاراضى تم تطبيق نفس التجربة ولجأت الدولة مرة اخرى الى نقل تبعيتها مرة اخرى لوزارة الزراعة.