استضافت مصر فعاليات «منتدى الاستثمار فى إفريقيا» تحت شعار «إفريقيا 2017» برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى الفترة (9-7 ديسمبر 2017)، والذى انعقد فى مدينة السلام «شرم الشيخ». وقام بتنظيم المنتدى كل من وزارة الاستثمار والتعاون الدولى والوكالة الإقليمية للاستثمار لتجمع «الكوميسا»، بمشاركة نحو 1200 شخصية مهمة وفى مقدمتهم رؤساء دول وحكومات ومسئولو كبريات الشركات فى إفريقيا والعالم، علاوة على رواد الأعمال ورجال الأعمال وممثلى مؤسسات التمويل الدولية والخبراء والأكاديميين والإعلاميين. ويمثل منتدى إفريقيا 2017 إحدى الركائز الاستراتيجية فى التحرك المصرى تجاه القارة الإفريقية، حيث تتبنى مصر رسالة تنموية تستند إلى ثلاثة محاور أساسية، هى: 1- التكامل الاقتصادى بين التجمعات الإقليمية داخل القارة الإفريقية من خلال دعم الاستثمارات والتجارة البينية. 2- تشجيع ريادة الأعمال بين شباب القارة. 3- وضع منظومة فعالة لمكافحة الإرهاب والتطرف. وفى ضوء ذلك قامت مصر بوضع العديد من الآليات، كان أبرزها: استضافة قمة تكتل «الكوميسا والسادك ومجموعة شرق إفريقيا» فى صيف عام 2015 بمدينة شرم الشيخ. تنظيم منتدى إفريقيا 2016 للمرة الأولى بمدينة شرم الشيخ. افتتاح المرحلة الأولى للطريق القارى الذى يربط شمال القارة الإفريقية من مدينة الإسكندرية إلى مدينة كيب تاون جنوب القارة. إن تحرك مصر لتحقيق هذه الاستراتيجية يهدف إلى تأكيد انتماء مصر الإفريقى واعتزازها بهويتها الإفريقية وانفتاحها على قارتها السمراء وحرصها على مواصلة تعزيز علاقاتها بدولها فى مختلف المجالات. إن تبنى مصر استراتيجية ترتكز على التعاون الوثيق والتكامل الاقتصادى الإقليمى الإفريقى يحقق العديد من المزايا لدول القارة الإفريقية، منها: 1- توسيع نطاق السوق الإفريقى بشكل يبرر الاستثمار فى إقامة صناعات متوسطة وثقيلة وازدهار التجارة الإفريقية البينية. 2- تمكين دول القارة من حشد مواردها واستغلالها الاستغلال الأمثل لتلعب دورها فى دفع عجلة التنمية المستدامة لدول القارة، ومن ثم خلق مزيد من فرص العمل لشباب القارة. 3- زيادة قدرتها التفاوضية بشأن شروط التبادل الاقتصادى، وتحقيق الاستقلال الاقتصادى والسياسى وكذا تحقيق الاستقرار الاجتماعى. يرتكز المنتدى على محور مهم يتمثل فى تجمع الكوميسا وهى مختصر لمصطلح «السوق المشتركه لدول الشرق والجنوب الإفريقى» الذى تم إنشاؤه فى ديسمبر عام 1994 خلفا لمنطقة التجارة التفضيلية التى بدأت فى عام 1981، وتضم الكوميسا فى عضويتها 19 دولة، وتستضيف العاصمة الزامبية «لوساكا» مقر سكرتارية الكوميسا. وقامت مصر بالانضمام إلى اتفاقية الكوميسا فى منتصف عام 1998، وتم البدء فى تطبيق الإعفاءات الجمركية مع باقى الدول الأعضاء اعتبارا من 17 فبراير عام 1999 على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، وللسلع التى يصاحبها شهادة منشأ معتمدة من الجهات المعنية بكل دولة. ومنذ انضمام مصر للتجمع تقوم بدور نشط ومحورى فى تفعيل وتطوير آليات عمل الكوميسا، وفى المشاركة فى أنشطة وبرامج التجمع، كما تستضيف مصر مقر الوكالة الإقليمية للاستثمار التابعة للكوميسا التى تسهم فى تنظيم عقد تلك المنتديات مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى. وطبقا لتقرير الجهاز الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، الصادر فى نوفمبر 2017، بلغت قيمة إجمالى الصادرات لدول إفريقيا 1.25 مليار دولار عام 2016، وتمثل نسبة 5.6% من إجمالى الصادرات المصرية، كما بلغت قيمة إجمالى الواردات من دول إفريقيا نحو 1.04 مليار دولار عام 2016. كذلك تعمل مصر على استكمال جهود إنشاء منطقة التجارة الحرة، التى بدأت أولى خطواتها فى شرم الشيخ فى صيف 2015، والتى تضم فى عضويتها 26 دولة، بإجمالى عدد سكان يبلغ نحو 625 مليون نسمة، بناتج محلى يبلغ 1.2 تريليون دولار، وهى خطوة مهمة نحو إنشاء الاتحاد الاقتصادى لإفريقيا بحلول عام 2063. ومن أهم فعاليات المنتدى الكلمة التى ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسى، التى أكد فيها أن اقتصادات القارة الإفريقية لا تزال تمثل وجهة جاذبة للاستثمار العالمى، إلا أن ذلك يتطلب تعزيز الجهود نحو تعميق التكامل الاقتصادى بغية تحفيز النمو المستدام. كما أفصح الرئيس عن أن إجمالى الاستثمارات المصرية فى القارة الإفريقية (الخاصة والعامة) بلغ نحو 9 مليارات دولار، منها ما يزيد على مليار دولار فى عام 2016. كذلك أشار الرئيس إلى أن مصر قامت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بتطبيق إصلاحات اقتصادية ومالية جريئة لتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، ومنذ نحو عام تبنت مصر برنامجا وطنيا شاملا للإصلاح الاقتصادى والمالى ممولا من صندوق النقد الدولى وعدد من المؤسسات المالية الدولية الأخرى يستهدف معالجة الاختلالات المالية وإصلاح الهياكل الاقتصادية لتعزيز معدلات النمو، وخلق فرص العمل، مع توفير مظلة اجتماعية لحماية الطبقات غير المقتدرة. وفى نهاية فعاليات المنتدى خرج المشاركون بعدد من التوصيات المهمة، من أهمها: 1- ضرورة تكثيف الجهود واستمرار العمل المشترك نحو التعاون والتكامل الاقتصادى من خلال تشجيع الاستثمار والتجارة الإفريقية البينية. 2- زيادة معدلات الاستثمار بصفة عامة وفى البنية الأساسية بصفة خاصة. 3- إفساح المجال أمام القطاع الخاص لكى يكون القوة الدافعة والمحرك الأساسى لنمو للنشاط الاقتصادى. 4- تمكين المرأة وشباب القارة الإفريقية للعب دور رائد فى عملية التنمية المستدامة.
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة المستشار السابق بصندوق النقد الدولى