تصميمات غريبة ومساحات أغرب لشقق الشباب فى مصر، حيث لجأت شركات العقارات فى الفترة الأخيرة إلى تصميم وحداتها الصغيرة التى تقل عن100 متر بدون بلكونات أو حتى شبابيك تطل على الشوارع الرئيسية، واكتفت بالمناور كوسيلة لالتقاط ما يمكن التقاطه من ضوء الشمس والهواء، والأغرب الدعوات الجديدة لإنشاء وحدات سكنية لا تتجاوز مساحتها 35 مترًا. فى طنطا، وضعت أكبر شركات العقارات فى المحافظة، تصميمات لمشاريعها الجديدة تمنح المساحات الكبيرة التى تزيد على140 مترًا الواجهة وبلكونات مميزة، أما الشقق الصغيرة التى تتراوح بين 80 و100 متر فتكون على مناور فقط، وهى الوحدات التى وضعت عليها الشركة تسهيلات فى السداد تتضمن دفع مقدم 20٪ ثم الباقى على 3 سنوات، أما الشقق الكبيرة ف 50٪ مقدم والباقى على سنة ونصف. فى مدينة نصر الجديدة، التصاميم لم تختلف كثيرًا، فالمشروعات الجديدة تحرمك من مجرد إطلالة على الشارع إذا كنت غير ميسور الحال، حيث قصرت التصاميم الواجهات على المساحات الكبيرة التى تزيد على 120 مترًا وبات ضوء الشمس مطلبًا للقاطنين فيها، وليس فقط بلكونات لنشر غسيل الملابس. والأغرب فى التصاميم الجديدة اقتراح بنك الإسكان والتعمير إنشاء شقق للشباب مساحتها 35 مترًا، التى تم التعامل معها بسخرية، حيث قال البعض إن أفضل شىء فيها أن تكييفا واحدا يكفيها كلها فى الصيف، وفريق ثالث قارنها بشقة »كراكون« فى الشارع، فى إشارة لفيلم »الزعيم« عادل إمام الذى تناول مشكلة الإسكان بمصر عام 1986، بينما أكد فريق رابع أن تلك المساحات موجودة فى الخارج ولكن لطلاب الجامعات أو الشباب الذى يقطن فيها بمفرده فقط. ويقول محمود عبد العزيز: إن الشباب رضى بالمساحات الصغيرة التى تصل ل 60 مترًا لكن المساحات التى تقل عن ذلك تمثل أزمة، متسائلاً : كيف يمكن لشباب يمتلك وحدة لا تزيد على 35 مترًا أن يتقدم لخطبة فتاة؟، وماذا سيقول والدها عندما يعرف مساحة الشقة؟، وكيف يعيش فيها عندما يرزقه الله بأولاد؟ يقول أحمد مندور: إن التصميمات الجديدة التى تحرم الشقق الصغيرة من البلكونات أو حتى شبابيك كبيرة لدخول الهواء والشمس تُضر بالصحة كما أنها تزيد من استهلاك الكهرباء فى ظل الأزمة التى تعانى منها مصر حاليًا، حيث سيتم الاعتماد على ضوء المصابيح ليلا ونهارا فى الإنارة. ويرى أحمد فاروق، مدير إحدى الشركات العقارية أن الحياة باستديو تبلغ مساحته 35 مترًا صعبة للغاية، كما أن الفئات التى قد تقبل عليها ظروفها لن تسمح مستقبلاً بأن تنتقل لسكن أعلى، علاوة على أنه يزيد الكثافة السكنية فى المنطقة الواحدة فبدلاً من أن تكون العمارة التى يوجد بها 5 أدوار 5 عائلات، سيعيش فيها 10 أو أكثر مما يزيد من العشوائية، فالحياة الآدمية تتطلب غرفتين أو أكثر أى مساحة لا تقل عن 54 مترًا، كما أنه لا يوجد، مبرر لتلك الوحدات، فمصر تمتلك صحراء واسعة ويمكن تعمير مجتمعات جديدة بمساكن واسعة. ورفض أيضًا التصميمات الجديدة للمبانى التى تفصل البلكونات عن المساحة الصغيرة قائلاً، إنه من المفترض أن تواجد اشترطات من وزارة الإسكان تحدد المساحة وطبيعة التصميم، بحيث تسمح بدخول الهواء والشمس لمنع الاصابة بالامراض. وقال مسئول باتحاد المقاولين رفض ذكر اسمه إن الشقة التى تبلغ مساحتها 35 مترًا، لا تصلح لاغراض السكن وأن الاتحاد يفكر فى تقديم مذكرة للرئاسة ينتقد فيها تصرفات الوزارة، خصوصًا أنها تأتى بعد إعلان مصر عن عاصمة إدارية جديدة، ورغبتها فى توسعات بملايين الأفدنة، مشددًا على أن تلك الدعوات تزيد العشوائيات. عبد المنعم الجمل، رئيس النقابة العامة للعاملين بالبناء، وصف الدعوات لإنشاء شقق 35 مترًا بغير الانسانية، قائلاً: إن الشقة فى مصر معروفة أنها سكن العمر كله، فليس عندنا ثقافة التنقلات وظروفنا المادية لا تسمح حتى بعد إنجاب الأبناء بشراء وحدات جديدة. وحذر من اقتباس نماذج من الخارج لا تتماشى مع ثقافتنا وطبيعتنا، ففى أوروبا ظروف العمل تؤدى لتنقلات كثيرة كما أن الأجانب معروف عنهم أنهم لا يجلسون فى المسكن كثيرا وبالنسبة لهم لا يتعدى سوى مكان للنوم، حيث تنتشر ثقافة الخروج إلى الكافيهات والملاهى وغيرها. شدد على ان الشركات تضع شقق الشباب فى الأماكن التى كان يمكن إهدارها من التصميم، ويجب على الحكومة إعادة صياغة النماذج فى إسكان الشباب ووضع رقابة على شركات القطاع الخاص فيما يتعلق بالتصاميم لمنح شقق الشباب بعض الافضلية التى تمكنهم من العيش بداخلها، وتهكم متسائلاً: شقة 35 مترًا.. تبقى شقة ولا مدفن؟ رئيس «بنك التعمير والإسكان» فتحى السباعي، الذى أطلق دعوة شقق ال 35 مترًا، قال: إن الحياة فى شقة صغيرة أفضل من 4 أسر فى شقة واحدة، مؤكدًا أن أزمة الإسكان موجودة فى كل دول العالم وليس فى مصر فقط، مشيرا إلى أن العالم يتعامل مع أزمة الإسكان بطريقة علمية بخلاف مصر. وأكد اقتراب وزارة الإسكان من تشييد 240 ألف وحدة سكنية ضمن مشروع المليون وحدة سكنية ومشروع الاسكان الاجتماعي، موضحا أن الحكومة جادة فى تنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية وبدأت بالفعل فى تسليم بعض وحداته للمواطنين. قال نبيل محيسن، خبير الاسكان، إننا كمجتمع شرقى لا ينفع معنا شقق ال 35 أو 40 مترًا، موضحًا ان تلك التجربة منتشرة فى اليابان بجوار المناطق الصناعية للعاملين وفى الغرب الذين لديهم علاقات خارج الزواج، منتقدًا أن يكون الهدف الرئيسى من الوزارة هو زيادة عدد الشقق المبنية بصرف النظر عن مساحتها، إلا انه أكد ضرورة وضع حلول موضوعية جديدة لأزمة الإسكان فى مصر فالتمدد العمرانى محدود بسبب ندرة المياه واستمرار الرى التقليدى فى الزراعة، وبالتالى لا نستطيع الخروج بمساحات كبيرة على بعد 200 كيلو من الوادى. وشدد على ضرورة وضع اشترطات صحية لشقق الشباب فى ظل ظروف مادية صعبة يضاف عليها شقق بدون أى خدمات، منتقدا فى الوقت ذاته ارتفاع الأسعار، فالشقق فى أكتوبر بالدور الأرضى ولا تتجاوز مساحتها 60 مترًا تصل لربع مليون جنيه.