* تم اغلاقها وهدمها من الداخل وإعادة بناءها محلات تجارية * انشاء 8 محلات داخلها .. ومخطط لتحويلها لمول تجاري كبير.. ومحاضر المخالفات كأن لم تكن * 1.2 مليون جنيه سعر تأجير المحل بسينما ريفولي لصالح مافيا من الفاسدين * ضعف الرقابة محافظة القاهرة وتهاونها في الحفاظ على اصول الدولة.. من اهم الاسباب
في الوقت الذي تشن فيها مختلف اجهزة الحكومة حملة ضخمة لاسترداد اراضي الدولة واملاكها من واضعي اليد، ووضع حد لجرائم الاستيلاء على املاك الدولة، يقبع في قلب القاهرة نموذجا من العيار الثقيل للفساد والاستيلاء على اراضي الدولة، إنه مجمع سينما ريفولي بشارع 26 يوليو بوسط البلد الكائن أمام دار القضاء العالي. سينما ريفولي إحدى أعرق سينمات القاهرة التي يعود تاريخ انشاها الى مطلع القرن الماضي، وشهدت احياء اشهر الحفلات الغنائية لعملاقة الفنانين مثل ام كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الاطرش، تقبع منذ عدة اعوام فريسة بين ايدي مجموعة من المخالفين وواضعي اليد، حيث تم اغلاقها وتدمير ملامحها وهدم اجزاء منها لتحويلها الى محلات تجارية يتم تأجيرها بملايين الجنيهات لصالح هولاء القلة. وتعد سينما ريفولي من الاصول العريقة للدولة، ويستفيد بها الامير طلال بن عبد العزيز بنظام حق الانتفاع منذ الثمانينات من القرن الماضي، ويتجاوز سعر المتر في هذه المنطقة الحيوية هذه الايام حوالي 50 ألف جنيه، فيما يصل سعر تأجير المحال التجارية بها لاكثر من مليون جنيه سنويا. وتكشف مستندات حصلت عليها "الاهرام الإقتصادي" حقيقة الفساد وراء ما آلت اليه سينما ريفولي، حيث تكشف عن استيلاء كل من فاروق عطية عطية مسعود وخالد سالم محمد سليمان الشهير ب"خالد بطاح" على مبنى السينما والكائن في العقارين رقم 25 و 27 بشارع 26 يوليو أمام دار القضاء العالي بوسط البلد، دون ترخيص او سند قانوني وذلك منذ عام 2012 وحتى الان، على الرغم من ان ملكية مجمع ودار سينما ريفولي تعود للامير السعودي طلال بن عبد العزيز بنظام حق الانتفاع تعاقد عليه مع الحكومة منذ الثمانينات من القرن الماضي. وقام المدعوان "مسعود" و"سليمان" بفرض سيطرتهم الكاملة على مقر السينما في غياب تام لرقابة حي الازبكية ومحافظة القاهرة ، حيث قاما منذ ذلك الحين بوقف عمل السينما واغلاقها تماما، كما تم تقسيم مقدمة المبنى لمجموعة من المحلات التجارية بالمخالفة للقانون ودون ترخيص، يتم تأجيرها بمبالغ ضخمة تترواح ما بين 600 ألف وحتى 1.2 مليون جنيه سنويا. ويوضح خطاب رئيس حي الازبكية المهندس السيد عبد الفتاح والموجه الى رئيس مكتب شرطة مرافق الازبكية بتاريخ 21 سبتمبر 2016، انه تبين بمعاينة موقع مجمع سينما ريفولي انه يوجد عدد 8 محلات تجارية مخالفة وهي : ( محل عصائر ومشروبات وصدر بشأنه قرار إغلاق رقم 57 لسنى 2016، ومحل بيع كواتش صدر بشأنه قرار إغلاق برقم 58 لسنة 2016، ومحل بقالة تحت اسم "سم سم" صدر بشأنه قرار اغلاق رقم 40 لسنة 2014 ، ومحل بيع تلفونات محمولة صدر لها قرار إغلاق برقم 52 لسنة 2012، ومحل عصائر ومشروبات صدر لها قرار إغلاق برقم 12 لسنة 2015، ومحل بيع ملابس جاهزة صدر لها قرار إغلاق بقرار رقم 41 لسنة 2014، ومحل بيع كماليات سيارات صدر له قرار إغلاق رقم 46 لسنة 2014، ومخزن صدر له قرار إغلاق برقم 47 لسنة 2014). كما توضح قرارات رقم (15 و16 و17 و18 و19) لنائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية اللواء محمد أيمن عبد التواب بتاريخ 13 فبراير 2014 ، المخالفات التي تم رصدها بمعاينة مبنى السينما وتتضمن قيام المخالفين فاروق مسعود وخالد سليمان بهدم حوائط داخلية بجزء من الدور الاراضي يطل على الممر الخاص بالعقار بمسطح قدره 65 متر مربع تقريبا وذلك بدون ترخيص او حق يسمح لهما بذلك، كذلك بالمخالفة لاحكام المادة 59 من القانون رقم 119 لسنة 2008. وتشير القرارات كذلك الى ان المخالفات تتضمن ايضا قيام المدعوان بانشاء عدد 5 فاترينة من الصاج بممر العقار بمسطح 10 متر مربع تقريبا، كما قاما بانشاء باب حديد داخل الممر، وايضا سقفية من الصاج على الممر بمسطح قدره 14 متر مربع، كذلك قاما بعمل قاطوع داخل جزء من الدور الاراضي المطل على الممر بانشاء اعمدة تفصله عن باقي اجزاء الدور الاراضي، وذلك بدون ترخيص وبالمخالفة مع احكام المادة نفسها. وتابعت أنه تبين قيامها بانشاء حائط داخل مكتب شباك التذاكر الخاص بالسينما وتحويله جزئين ، احدهما شباك تذاكر والاخر محل تجاري، وذلك بمسطح 20 متر مربع، كذلك قاما بهدم جزء من الحائط المطل على شارع 26 يوليو وتحويله من شباك الى باب، مما حوله الى محل تجاري بمسطح 20 متر مربع. ولفتت قرارات نائب المحافظ أنه رغم تحرير محضر مخالفة للمدعوين برقم 37 لسنة 2013، وكذلك قرار المحافظة بايقاف الاعمال المخالفة بالسينما وإرجاع الشي لاصله بموقع السينما برقم 35 لسنة 2013 ، إلا ان المدعوان فاروف مسعود وخالد سليمان تجاهلا المحاضر وقرار المحافظة وقاما باستئناف الاعمال المخالفة بمبنى السينما، وذلك بانشاء برواز من الزجاج و الخشب على واجهة احد المحلات المطلة على الممر والذي تبلغ مساحته 12 متر مربع، وذلك كله بالمخالفة للقانون. يزيد على ذلك ما أكده شهود عيان من قيام المخالفين منذ عدة أشهر بهدم السينما من الداخل لتحويلها الى مول تجاري يفتح بابه من الناحية الخلفية للمبني المطلة على شارع التوفيقية، مع الحفاظ على الباب الحديد في مقدمة السينما من ناحية شارع 26 يوليو للتموية وعدم الكشف عن حقيقة ما يحدث في الموقع، فضلا عن محل تم فتحه من الجهة الجانبية لبيع اغطية السيارات. وأوضح الشهود أنه تم تدمير كامل معالم السينما من الداخل بشكل كامل، وانه بالفعل تم تحويلها الى عدة محلات تجارية داخل المول التجاري الذي يتم تجهيزه حاليا، موضحين ان مساحة المول او السينما سابقا تزيد عن 300 متر مربع، ويتكون من طابقين. ويكشف تسلسل احداث الفساد في الاستيلاء على سينما ريفولي والذي يعود الى فترة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، عن أنه بعد اكتشاف امر المخالفين من وضع ايديهم على السينما وتحويلها لمحلات تجارية للتربح من ورائها بغير حق، إدعى أحدهما وهو خالد سليمان "خالد بطاح" في عام 2015 بأنه وقع ما يسمى بمذكرة تفاهم مع الامير طلال بن عبد العزيز صاحب حق الانتفاع بالسينما، وذلك بتاريخ 23 يناير 2015، بعدها ادعى انه حصل على توكيل من الامير يوكل له ادارة السينما وإدارة كامل شئونها بالعقارات التي تشملها وهي العقار رقم 25 و 27 بشارع 26 يوليو، وذلك بتوكيل موثق بالشهر العقاري – بحسب ادعائه – برقم 3510 حرف أ لسنة 2016، بتاريخ 30 اغسطس 2016. وبحسب توكيل الشهر العقاري المذكور، يمنح التوكيل خالد سليمان الحق في ادارة شئون السينما واتخاذ اي اجراءات والتعامل مع كافة الجهات الحكومية من كهرباء ومياة وغاز طبيعي دون الحاجة للرجوع للامير طلال، كما ينص التوكيل على تعهد من سليمان على نفسه بإزالة المخالفات التي تم تحريرها في 2014 بشأن تحويل اجزاء من السينما الى محلات تجارية، وانه يتعهد "بإرجاع الشئ لاصله" أي ارجاع مجمع سينما ريفولي الى حالته الاصلية قبل وضع اليد. ورغم اعلان التوكيل ومذكرة التفاهم، إلا أنهما لم يسلما من التشكيك في صحتهما، وذلك لسببين الاول عدم وضوح مكتب الشهر العقاري الذي تم به توثيق التوكيل به، والثاني عدم وجود توثيق للشخصيات الممثلة عن الامير طلال بن عبد العزيز في مذكرة التفاهم الموقعة، حيث يمثله كل من عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز، والامير منصور بن طلال بن عبد العزيز، ولكن دون تقديم ما يثبت هويتهما من جواز سفر او غيره. يعزز من الشكوك في صحة تلك الاوراق ايضا عدم وجود تأكيد بقدوم الامير طلال بن عبد العزيز بشخصه الى مقر مكتب الشهر العقاري بالقاهرة وتسجيل التوكيل لصالح خالد بطاح أو زيارته للمصر في التوقيت الموثق هو اغسطس 2016، حيث انه موضح بالتوكيل ان من قام بعقده هو الامير طلال نفسه وليس من يمثله من محامي او غيره، الامر الذي يثير الشكوك حول امكانية حدوث هذه الواقعة. الغريب في ذلك أنه رغم الشكوك البديهية التي تحيط بالاوراق التي اعلنها "بطاح" من توكيل ومذكرة تفاهم، إلا أن حي الازبكية ومحافظة القاهرة اعتمدوا هذه الاوراق وبدأوا التعامل مع واضعي اليد على السينما بأنهم مالكوها واصحاب التصرف بها، حيث يشير خطاب موجه من رئيس حي الازبكية المهندس سيد عبد الفتاح الى نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية اللواء ايمن عبد التواب، في تاريخ 19 سبتمبر 2016 - اي بعد تقديم "بطاح" للتوكيل – يطالب فيه بالموافقة على إعادة فتح السينما وتسليمها الى خالد سالم محمد سيلمان "بطاح" بموجب التوكيل الذي اعلنه، وذلك ليصبح مسئولا مسئولية مدنية وجنائية كاملة عن تنفيذ كافة القرارات شأن السينما. وفي حال تم التسليم بصحة هذه الاوراق من التوكيل ومذكرة التفاهم، وأن كل هذه الشكوك ليست في محلها، فكيف تقف المحافظة مكتوفة الايدي أمام استمرار اعمال التخريب بمبنى السينما دون اي استجابة من مالك السينما الجديد لقرارات المحافظة والحي، بتصحيح الاوضاع واعادة السينما لاصلها وازالة كافة المخالفات من محلات ومقاهي وتغيير معالم المبنى ؟ حيث ألزم اخر قرار لرئيس حي الازبكية والصادر بتاريخ سبتمبر 2016 المالك الجديد "بطاح" بتصحيح الاوضاع باعتباره المسئول القانوني عن السينما، ورغم ذلك تتواصل اعمال التخريب ، وتزداد المخالفات بانشاء محلات ومقاهي جديدة، دون اي ردع او تخوف ليظل الوضع على ما هو عليه منذ وضع اليد على السينما في عام 2012 وحتى الان، للتحول السينما العريقة لنموج للفساد في الاستيلاء على املاك الدولة وتخريبها.