يبدو أن أداء الاقتصاد المصرى يسير وفقا لما هو مستهدف، لكن هناك قلقا من قبل كل من صندوق النقد الدولى والحكومة المصرية من ثلاث مشكلات رئيسة تفاقمت بعد مرور 6 أشهر على بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، المشكلة الأولى تتمثل فى تفاقم معدل التضخم السنوى الذى تعدى حاجز ال30% فى شهر مارس الماضى مقارنة بشهر مارس فى العام السابق، والخطورة هنا تكمن فى تزايد حدة المخاطر الاجتماعية المتعلقة بتزايد نسب الفقر، وكذلك انخفاض درجة تنافسية الصادرات المصرية، وفى هذا الخصوص اقترح الصندوق عددا من التدابير والإجراءات لمحاربة التضخم فى الأجل القصير التى من بينها قيام البنك المركزى المصرى بتطبيق سياسة نقدية أكثر تشددا من خلال رفع سعر الفائدة قصيرة الأجل لمرة ثانية لامتصاص فائض السيولة بهدف تكميش الطلب الاستهلاكى ومن ثم تخفيض الضغوط التضخمية، فى الوقت نفسه، يؤدى رفع سعر الفائدة إلى زيادة جاذبية الجنيه المصرى كمخزن جيد للقيمة (الادخار) ومن ثم تعزيز قيمته مقابل الدولار والعملات الاحتياطية الأخرى. ومن بين التدابير الأخرى التى اتخذتها الحكومة فى محاربة التضخم اضطلاع الأجهزة الرقابية ببذل مزيد من الجهد فى الرقابة والعمل على ضبط مستويات الأسعار، بالإضافة إلى العمل على تعزيز شبكة الحماية الاجتماعية التى من بينها منح ائتمان ضريبى Tax Credit لتخفيف العبء الضريبى على أصحاب الدخول المنخفضة، فضلا عن زيادة دعم السلع التموينية للكروت الذكية لفترة شهر رمضان المبارك من 21 إلى 35 جنيها لكل فرد مستحق بتكلفة مقدارها مليار جنيه، ثم زيادته إلى 27 جنيها للفرد بشكل دائم، وذلك كمرحلة أولى تليها زيادة أخرى خلال نفس السنة المالية المقبلة 2017/2018، وإقرار علاوة اجتماعية خاصة بنسبة 10% لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية الذين حصلوا على زيادة بنسبة 7% من الأجر الوظيفى الذى يمثل نحو 75% من إجمالى ما يتقاضاه العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة. أيضا إقرار زيادة بنسبة 10% لمعاشات التقاعد وكذلك معاشات الضمان الاجتماعى، فضلا عن دعم بعض البرامج الاجتماعية للأسر الأكثر احتياجا من خلال صندوقى تكافل وكرامة مع الاستمرار فى بذل مزيد من الجهود فى تطوير العشوائيات والمناطق الخطرة وإنشاء المزيد من وحدات الإسكان الاجتماعى، فضلا عن زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى إلى نسبة 10% التزاما بما جاء بالدستور. كذلك هناك مسألة أخرى أكثر تعقيدا تتمثل فى ضرورة تحقيق الحكومة للانضباط المالى بخفض عجز الموازنة من 12.2% من الناتج المحلى الإجمالى عن عام 2016/2017 إلى 9.5% كمستهدف للعام المالى المقبل، حيث يوصى الصندوق بأهمية الاستمرار فى خفض دعم الطاقة سواء كانت طاقة كهربائية للسنة الرابعة على التوالى لأغراض الاستهلاك المنزلى والتجارى أو خفض دعم المنتجات البترولية (البنزين والسولار والديزل) للسنة الثالثة على التوالى فى موازنة العام المقبل 2017/2018، إلا أن الأمر يتطلب تفعيل منظومة الكروت الذكية فى توزيع المنتجات البترولية لحماية الفقراء والشريحة العريضة من الطبقة المتوسطة. وأخيرا يؤكد الصندوق أهمية الاستمرار فى بذل مزيد من الجهود نحو تحسين مناخ الاستثمار لتحفيز الاستثمار المحلى وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر ومعاملتهما المعاملة نفسها، وكذلك الانتهاء من تحديث البنية التشريعية المتعلقة بالاستثمار ونشاط الأعمال، وفى هذا الخصوص أقر مجلس النواب منذ أيام قانونا جديدا للاستثمار الذى يتضمن حزمة من الضمانات والحوافز الاستثمارية وكذلك تدابير تضمن الإسراع بإنهاء إجراءات تأسيس وتخصيص الأراضى لأغراض الاستثمار وكذلك إصدار تصاريح وتراخيص الاستثمار. كما يؤكد الصندوق الإسراع بإقرار التشريعات المرتبطة بقانون الاستثمار كقوانين الشركات وسوق رأس المال وتنظيم إجراءات الإفلاس والتصفية والعمل والتأمينات الاجتماعية وغيرها. وفى هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن الحكومة مع البنك المركزى قاما بحزمة من التدابير والإجراءات المحسنة لمناخ الاستثمار التى تتمثل فى توفير مشروعات البنية الأساسية بما فيها البنية التحتية، وكذلك تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وأيضا إقرار قانون الخدمة المدنية لمحاربة البيروقراطية ومؤخرا توقيع جهاز الرقابة الإدارية لبروتوكول تعاون مع البنك للحوكمة ومحاربة الفساد.