تشهد الاستثمارات الخليجية فى أسواق القارة الإفريقية نموا متسارعا فى الفترة الأخيرة، حيث تتركز معظم هذه الاستثمارات فى مجالات البنية التحتية التى تحتاجها دول القارة بشدة وتعد محركا للنمو فى معظم الاقتصاديات الإفريقية إلى جانب الربحية الجيدة فى هذه المجالات . وحسب وحدة المعلومات الاقتصادية للايكونوميست يعادل الاستثمار الخليجى العام والخاص أكثر من 10٪ من اجمالى الاستثمار الخارجى فى قطاع البنية التحتية الإفريقية ولكنه بالنظر الى حجم الاستثمارات الصينية الذى وصل إلى 13 مليار دولار خلال عام 2012 يبقى ضئيلا وقد يقترب من حجم الاستثمار من الجهات المانحة الأوروبية بينما يتجاوز ال 4 مليارات دولار التى يوفرها البنك الدولى. (شريك استثمارى) واحتلت دبى المركز الأول كأكبر شريك استثمارى عبر القارة بأكملها، وكانت مؤسسة دبى للاستثمار قد أبرمت اتفاقا بقيمة 300 مليون دولار أمريكى مع شركة «دانجوت» للأسمنت فى غرب إفريقيا واشترت حصة مهمة فى اسهم شركة »كيرزنر« الدولية وشهد عام 2014 توسعا ملحوظا لأنشطة وعمليات »مجموعة جميرة« التى تتخذ من دبى مقرا لها فى شمال إفريقيا إضافة إلى اتفاق ادارة فى موريشيوس، واتفاق أخير أبرم بين خطوط طيران الإمارات التى تنظم أكثر من 160 رحلة طيران داخل إفريقيا اسبوعيا، وشركة طيران تاج الأنجولية من أجل تحسين تواصلها وطيرانها مع وسط افريقيا وجنوبها. كان من أولى المجالات الاستثمارية فى القارة الإفريقية البنى التحتية التى تفتقر إليها القارة فى معظم القطاعات الحيوية، وشكلت الاستثمارات الخليجية فى هذا المجال بمبلغ ما بين 7 - 10 ٪ من اجمالى الاستثمارات الخارجية 30 مليار دولار بالأسعار الجارية مقسما ما بين 15مليار دولار استثمارات مباشرة و15 مليار دولار مساعدات وقروضا ومنحا. وعلى الرغم من ذلك أظهرت بيانات بنك التنمية الافريقى انه لاتزال هناك فجوة تمويلية تتمثل فى الحاجة لنحو 93 مليار دولار سنويا لتلبية احتياجات البنية التحتية للقارة الإفريقية حتى عام 2020 فى حين أن نصف هذا الرقم متوفر حاليا، وهو ما يسمح بفجوة كبيرة للمستثمرين لملئها، بما فى ذلك صناديق الثروات السيادية والمقرضون متعددو الأطراف والشركات الفردية والاتحادات الخاصة. (الموانئ تحتل الأولوية) وأظهرت دراسة الايكونوميست ان المعدل السنوى للاستثمارات الخليجية فى البنية التحتية الإفريقية 5 مليارات دولار خلال السنوات القادمة، أى ما يعادل 10٪ على الأقل من متوسط إجمالى التدفقات الاستثمارية السنوية فى قطاع البنية التحتية. وتستقطب الموانى اهتمام الشركات الاستثمارية الخليجية يتبعها قطاع الطيران وبدرجة أقل بناء المطارات والطرق، وجاء أبرز المشروعات فى قطاع الموانى هو ادارة شركة موانى دبى العالمية محطة حاويات »دوراليه« فى جيبوتى عام 2000 إذ كان أول استثمار لموانى دبى العالمية خارج دبى وإحدى أولى الصفقات الخليجية الكبيرة فى مجال البنى التحتية الخليجية فى إفريقيا، استثمرت موانى دبى العالمية 1.5 مليار دولار فى المحطة وهو ما جعلها تسهم بنحو ربع الناتج المحلى الإجمالى فى جيبوتى التى تعد البوابة البحرية لإثيوبيا ثالث ميناء للحاويات فى إفريقيا إضافة الى الاستثمار فى موانى الجزائر ومصر والسنغال وموزمبيق، وفقا لغرفة تجارة وصناعة دبى. بينما توسعت شركات الطيران الخليجية مثل طيران الإمارات فى إفريقيا، وكانت مجموعة الخرافى الكويتية من أولى الشركات الخليجية التى عملت فى إفريقيا، حيث قامت ببناء مدرج فى مطار أديس أبابا، ومجموعة طرق فى تنزانيا وجامبيا، وأوشكت مجموعة بن لادن السعودية على الانتهاء من المطار الجديد فى السنغال. وفى مجال الطاقة ساعدت خبرة شركات الطاقة الخليجية فى تلبية الحاجة المتزايدة للطاقة فى القارة الإفريقية، وكانت مبادلة أولى الشركات الخليجية التى عملت فى القارة إذ استحوذت فى عام 2006 على حصة 25٪ فى تطوير محطة توليد الكهرباء فى الجزائر ومن بين أبرز الشركات على الساحة الإفريقية اليوم «أكوا باور» السعودية وطاقة الاماراتية وشركة الكهرباء والماء القطرية ومعظم التمويل الخليجى فى الطاقة المتجددة كان على شكل مساعدات، إذ يلاحظ كذلك ظهور مشروعات تجارية فى هذا القطاع، كما بنت شركة مصدر أكبر محطة لتوليد الكهرباء بواسطة الألواح الكهروضوئية فى موريتانيا وبقدرة انتاجية تبلغ 15ميجاوات إضافة إلى محطة توليد الطاقة من الرياح فى سيشيل. (أمن غذائى) وكانت دول الخليج التى تعتمد على الواردات فى تأمين احتياجاتها قد بدأت عقب الأزمة المالية فى عام 2008 فى ضخ استثمارات كبيرة فى الأراضى الزراعية بالخارج للبحث عن الأمن الغذائى، فعملت على تأجير اراض زراعية فى العديد من الدول الإفريقية ومنها السعودية التى عملت على تأجير 2 مليون فدان وزراعتها وتؤجر الإمارات مليونًا و750 ألف فدان، والكويت 600 ألف فدان وقطر حصلت على 250 ألف فدان فى العديد من الدول مثل إثيوبيا وتنزانيا وكينيا من اجل تأمين امدادات الغذاء. وهناك مشاكل كبرى يمكن ان تتعرض لها الزراعة وتأمين الغذاء بالنسبة لدول الخليج، هذه المشكلات تتعلق فى كيفية زيادة إنتاج المزارع بسبب المناخ المتغير وتحسين إدارة المياه إضافة الى أنه لا يمكن التركيز على الأراضى دون ضمان تحسين الانتاجية ومخاطر الاستحواذ عليها من قبل السكان المحليين الذى قد يخلق اضطرابات وفرصا حقيقية لإثارة النزاعات المسلحة وينذر بالخطر على واردات دول الخليج من انتاجية هذه الاراضى . ////////// النقل.. مفتاح الكنز الإفريقى النقل هو شريان التجارة ومفتاح كنز الاسواق الافريقية ومع ذلك يظل غياب خطوط ملاحية سريعة وكفؤة محل شكوى الشركات والمستثمرين المصريين المتعاملين مع الاسواق الافريقية. ويكفى ان نعلم ان كيلو اللحم يمكن ان يباع فى السوق المصرية بنحو اربعة دولارات فقط لو توافرت وسائل نقل سريعة وعصرية من السودان واثيوبيا، ويقاس على ذلك الكثير من السلع المنتجة فى بلدان افريقية ونذهب لاستيرادها من الصين ودول شرق اسيا. ما هى ابعاد ازمة النقل مع الاسواق الافريقية؟ فى البداية يطالب اللواء حاتم القاضى رئيس الاتحاد العربى للنقل البحرى بتفعيل خطوط الحاويات ومرحلى البضائع الموجودة بمصر لتنشيط التجارة مع افريقيا . وقال لا توجد مشاكل فى ارسال اى حاوية لاى مكان فى العالم، وفى العالم الحديث لا يوجد خط مباشر للنقل وحاليا لا يوجد دولة فى افريقيا لا تصل اليها الحاويات من مختلف دول العالم حتى الدول الحبيسة مثل تشاد والنيجر وافريقيا الوسطى. وقال القاضى من الممكن ان تصل السلع المصرية لكل دول افريقيا لكن علينا عمل طريقة محاسبية لجميع البضائع واختيار كل وسيلة تناسب عمليات نقلها الى كل دولة فلا يعقل نقل الارز مثلا لدولة افريقية بالطائرة او نقل خضراوات بالسفن خاصة التى يمكن ان تفسد سريعا. واوضح انه يمكن نقل السلع التى لا تفسد سريعا بالحاويات عن طريق شركات نقل الحاويات بالسفن للدول المطلة على البحر ونقلها للدول الحبيسة عن طريق البر، اما السلع التى تفسد سريعا فيمكن نقلها بطرق اسرع حسب العائد الاقتصادى لو كان هناك جدوى فى نقلها. وقال ان الخطوط الملاحية ومرحلى البضائع التابعة لشعبة النقل الدولى باتحاد الغرف التجارية لهم وكلاء فى مختلف دول العالم وبالتالى يمكن خدمة المصدرين والصادرات المصرية لنقلها الى دول العالم. يرى مصطفى الاحول رئيس مجلس الاعمال الشرق افريقى اننا فى حاجة الى منظومة متكاملة للتعامل مع السوق الافريقية خاصة ان جميع المجهودات لتعزيز الوجود الاستثمارى لمصر فى افريقيا عبارة عن مجهودات فردية. ويوضح اننا فى حاجة ماسة لتوحيد تلك الجهود بهدف وضع رؤية وفق آليات محددة المعالم وقابلة للتنفيذ لتعزيز وجودنا الذى تأخر كثيرا وادى الى دخول منافسين اقوياء فى هذه السوق الواعدة. ويضيف اننا فى المجلس نركز على تعزيز الوجود المصرى فى دول حوض النيل، مشيرا الى ضرورة الانتهاء من مشروع دنجلة ارقين الخاص بربط عمليات نقل البضائع المصرية لافريقيا وحتى كيب تاون. ويوضح ان البنك الافريقى للتنمية يرصد نحو 2.2 مليار دولار للقطاع الخاص بهدف تشجيعه للاستثمار فى افريقيا الا ان مصر لم تحصل الا على نحو 40 مليون دولارفقط مما يبين عدم وجودنا فى افريقيا بالشكل الكافى الذى يتماشى مع علاقاتنا التاريخية ويؤكد ان مشاركة مصر المشرفة فى اعمال القمة الافريقية فى مالابو خطوة هامة من شأنها اعادة الحياة وانعاش تلك العلاقات التى شهدت فتورا على مدار عقود سابقة .