كانت البداية من حمام شعبى يمتلكه والده فى حى باب الشعرية حيث ولد احمد عبود عام 1889 ثم صعوده الى قمة النجاح والثراء ليكون واحدا من اعلام الاقتصاد المصرى حتى ثورة يوليو 1952، ورائد حركة التمصير بعد امتلاكه شركة البوستة الخديوية «البواخر» اقوى شركات الملاحة فى مصر وكان يمتلكها الانجليز.. احمد عبود باشا الرجل العصامى الذى بدأ من تحت الصفر حصل على البكالوريا من مدرسة فاروق الاول وعمل بحمام والده ليحقق حلمة فى الالتحاق بمدرسة المهندسخانة التى تخرج منها. وانتقل المهندس الشاب الى «ارمنت» بمحافظة قنا ليعمل فى وابورات تفتيش الكونت الفرنسى «فونتارس» براتب خمسة جنيهات ولكن هذا المبلغ لم يرض طموحه فسافر الى فلسطين ليعمل مع احد مقاولى الطرق والكبارى وكان يتعامل مع الجيش الانجليزى مما جعل عبود قريبا من قيادات انجليزية ووطد علاقاته معهم وصلت لحد الصداقة وتعرف على مدير الاشغال العسكرية للجيش الانجليزى ونشأت قصة حب مع ابنة الضابط الانجليزى انتهت بالزواج واسفرت عن انجابه لابنته الوحيدة «مونا» ومن هنا كانت نقطة التحول الهامة فى حياة احمد عبود. حظى عبود بخدمات عديدة من والد زوجته بعد ان ترك العمل لدى المقاول واستقل بذاته فاسند اليه معظم اشغال الجيش الانجليزى فى فلسطين والاسماعيلية وبورسعيد وسيناء فتكون لديه رأس المال الذى استطاع به شراء معظم اسهم شركة «نيوكرافت» للنقل بالسيارات بالقاهرة ثم شركة البوستة الخديوية «البواخر» وهى كبرى شركات الملاحة فى مصر حتى ظهر اسمه فى مؤخرة قائمة اغنياء مصر عام1935 .. وبسبب الارتفاع الخيالى فى اسعار النقل نتيجة الحرب العالمية الثانية استطاع ان يحقق ثروة هائلة من ارباح اسطول السفن الذى يملكه فاشترى معظم اسهم شركة السكر وكان يملكها رجل اعمال بلجيكى، وعندما مات تولى ابنه الادارة ولكن تم تجنيده فى الجيش الانجليزى ومات فى احدى المعارك فانفرد عبود بادارة الشركة حتى تأميمها. واشترى عبود تفتيش الكونت الفرنسى فونتارس بسبب هجرته للبرازيل وهو المكان الذى بدأ فيه مشواره ويتكون من 6 آلاف فدان وقصر كبير كان احد قصور الخديو اسماعيل واطلق عليه «سرايا عبود» بالاضافة الى منشآت ومنازل ومخازن وحظائر بمبلغ 60 الف جنيه. أغنى أغنياء مصر تشعبت انشطة احمد عبود لتشمل 20 مصنعا للاسمدة والبترول والتأمين والصناعات الكيماوية والفنادق السياحية وتنامت ملكيته الزراعية وتزايد نشاطه فى تجارة القطن والمحاصيل الاخرى وقال عن نفسه: انه يلمس التراب فيحيله ذهبا !! كما بنى عمارة الايموبيليا 1939 اكبر عمارة فى القاهرة وكانت حديث الناس وقتها لارتفاعها الشاهق «13 دورا» سكنها معظم الفنانين وعلية القوم وقد حصل فى نفس العام على الباشوية، وقدرت ثروته فى الثلاثينيات باكثر من 10 ملايين جنيه حوالى 30 مليون دولار ! رئاسة النادى الأهلى تولى احمد عبود باشا رئاسة النادى الاهلى لمدة 15 سنة من 1961 - 1946 كانت من ازهى عصور النادى فبنى حمام السباحة والملعب الرئيسى «مختار التتش» وهو صاحب الاستعانة بمدربين اجانب فى كرة القدم وخصص دورين بالايموبيليا للاعبى الاهلى. وبعد الثورة كان عبود من طليعة مؤيديها وبعد شهور قرر انشاء مراكز تدريب عسكرية لتشكيل كتائب فدائية لمقاومة الاحتلال الانجليزى فى القناة ومنح مجلس ادارة النادى رئاسة النادى الشرفية للرئيس عبد الناصر عام 1955 وبعد تأميم القناة اوقف عبود جميع الانشطة الرياضية وفتح باب التطوع للعمل الفدائى ولكن قرارات التأميم اطاحت به من الحياة الاقتصادية والرياضية. اصيب عبود باشا بأزمة قلبية بعد التأميم غادر بعدها مصر إلى بريطانيا وكأنه شعر بما ستفعله الدولة فتمكن من تهريب جزء من امواله للخارج وامر بواخره وهى فى طريقها للاسكندرية بالتوجه الى جدة وبيروت وامضى ثلاث سنوات ثم توفى عام 1964 . قد يعجب كثيرون بعبود باشا ويتحفظ اخرون ولكن يتفق الجميع على عصاميته وذكائه وبراعته الفائقة وقدرته على القراءة الواعية لمعطيات الواقع والتعامل مع المتغيرات. قال عنه احسان عبد القدوس: كان بمثابة القدوة والمثل الاعلى عند من يريدون اقتحام عالم المال والاعمال فهو قائد النهضة الاقتصادية ورائد عملية التمصير التى تمثل مطلبا وطنيا لمواجهة احتكار النفوذ الاجنبى انه ابن باب الشعرية فى مصر المحروسة. عبود والسياسة لعب عبود باشا دورا فى السياسة المصرية وكان له التأثير فى اسقاط وزارات وتعيين اخرى وهناك اقاويل وشائعات كثيرة فى هذا المجال كما كانت له معارك مع الصحافة.. كما لعب دورا فى اجبار طلعت حرب على الاستقالة من بنك مصر الذى اسسه فقد اشترك مع احمد فرغلى باشا فى سحب ودائعهما من البنك بمعدل نصف مليون جنيه يوميا حتى بلغ السحب ثلاثة ملايين جنيه الى جانب تهديد حكومة حسين سرى بسحب ودائع دفاتر التوفير فما كان من طلعت حرب الا ان قدم استقالته.. وكان لطائرة عبود باشا الخاصة دور مؤثر فى حادث 4 فبراير 1942 فعاد بها مصطفى النحاس من الاقصر لتشكيل الوزارة عفب الانذار الانجليزى للملك فاروق ومحاصرة الدبابات لقصر عابدين.. كان عبود باشا عضوا بمجلس الشيوخ ونائبا عن ارمنت فى البرلمان عن حزب الوفد عام 1942 ورشح نفسه مرة اخرى عام 1945 وترشح امامه ابو المجد الناظر من اقطاب الوفد ومن ابطال ثورة 1919 وطلب منه النحاس التنازل لصالح عبود وكان رده «شاورت نفسى واهلى فأبوا» وسقط عبود فى الانتخابات.