لايزال النشاط الرياضى فى مصر عاجزا أمام مواكبة التطورات العالمية فى مجال الاستثمار الرياضي، وإتباع أساليب الإدارة المحترفة عبر تحويل الأندية إلى شركات، وطرح أسهمها فى البورصة. فعلى الرغم من أن الاستثمار الرياضى بات يمثل اتجاها عالميا ذا مردودات هائلة يترتب عليها حراك اقتصادى هائل فى العديد من القطاعات المساندة والخدمية، فإن منظومة الاستثمار الرياضى فى مصر، لاتزال تعانى من نقص فى الاهتمام، على الرغم من عوائدها الكبيرة التى من الممكن أن تسهم فى مخططات التنمية الاقتصادية. ومن المقرر تخصيص جلسة خاصة، خلال مؤتمر مارس الاقتصادي، لمناقشة مساهمة القطاع فى عمليات التنمية، وتعظيم الاستفادة منه فى المجال الاقتصادي، وتسير خطوات تعظيم الاستفادة من منظومة الاستثمار الرياضى ببطء السلحفاة، ولا تتعدى كونها دراسات، ومباحثات لم تترجم على أرض الواقع، وسط تطلعات الكثيرين أن يشهد العام الحالى 2015 ملامح لتلك الخطط والدراسات. كان وزير الاستثمار الأسبق أسامة صالح قد بحث إنشاء منطقة صناعية تلبى جميع احتياجات النشاط الرياضى، وإقامة 5 مدن رياضية جديدة متكاملة الخدمات فى كلِ من مدن الأقصر وأسوان والعريش والغردقة وشرم الشيخ، فضلا عن تحويل استاد القاهرة الدولى إلى منطقة استثمارية، لإقامة مدينة رياضية متكاملة على أحدث المواصفات العالمية، إلا أن تلك الأفكار لم يسمع صداها بمغادرة صالح، على الرغم من أن وزير الاستثمار الحالي، أشرف سالمان يعى جيدا العوائد المالية من الاستفادة من منظومة الاستثمار الرياضى التى لا يتعدى حجم الاستثمار فيها نحو 1.2 مليار جنيه.. وحتى مع اتجاه بعض الأندية للطرح فى البورصة على رأسها النادى الأهلي، أشهر الأندية المصرية، وذلك فى إطار مطالبات الفيفا بإنشاء شركات تدير الأندية الرياضية، إلا أن تلك الخطوة لم تتضح معالمها بعد سوى السير فى إجراءات الطرح . وكان تحالف مكون من بنكى الاستثمار «سى آى كابيتال - القاهرة المالية» قد فاز فى عام 2012 بإعادة هيكلة نشاط كرة القدم بالنادى الأهلى بعد منافسة شرسة مع عدة بنوك استثمار. وبالتطبيق على تجربة عالمية ففى أغسطس 2012 بدأت عمليات تداول أسهم نادى مانشستر يونايتد الإنجليزى فى بورصة وول ستريت بواقع 14 دولارا للسهم، بعد أسابيع قليلة من التقدم بالأوراق المطلوبة أمام لجنة الأسواق المالية بالولايات المتحدة. وأكد خبراء أسواق المال ل»الأهرام الاقتصادى« أهمية الاستفادة من منظومة الاستثمار الرياضى تجاريا وماليا، لأنها تعود بالنفع على جميع الأطراف المرتبطة. وقال أحمد بكر، رئيس شركة نماء لتداول الأوراق المالية: إن تحول النادى إلى شركة مساهمة سيفتح له قناة تمويل ممتازة من المساهمين ستساعده على اقتناص المزيد من اللاعبين المتميزين وتساعده على توفير إمكانات حديثة ترفع مستوى الفريق، وهو أفضل الطرق لتعظيم منظومة الاستثمار الرياضى فى مصر. وأشار إلى أن تحويل النادى لشركة سيضمن وجود هيكل ملكية واضح ومجلس إدارة يدير، وجهات رقابية تراقب عليه مالياً، وسيوسع قاعدة المساهمين، لحصولهم على المزيد من الأرباح لحملة الأسهم، خاصة فى شأن الأندية الكبيرة مثل النادى الأهلي. وأكد أنه من أجل الإسراع فى تنفيذ تلك الإجراءات فى مصر، يجب تغيير مفاهيم الإدارات فى الأندية الرياضية، وتوعيتهم بأهمية استخدام سوق المال كمنصة للحصول على تمويل، وإدارة عجلة النشاط الاستثمارى الرياضى بشكل أسرع. وأكد محمد عبد السلام، رئيس شركة مصر للمقاصة للإيداع والحفظ المركزى، أن الرياضة فى معظم دول العالم لم تصبح رياضة تصرف عليها الحكومة، بل أصبحت استثمارا فى المجال الرياضى وربما يكون هذا المجال حديث العهد . وأكد عبد السلام أن النشاط الرياضى يدر عائدا كبيرا إذا أحسنا إدارته، بشرط أن تكون الإدارة جيدة، وواعية بما يجرى من تطورات عالمية فى هذا الشأن. وأضاف عبد السلام أنه يجب إقحام القطاع الخاص فى تلك المنظومة، وإعطاؤه حوافز استثمارية كتوفير الأراضى وتسهيل التعاملات البنكية لتعزيز الاستثمار الرياضى وتحويل الرياضة إلى صناعة واستثمار تخلق فرص عمل وتولد عوائد تسهم فى زيادة إيرادات الدولة على غرار التجارب العالمية. ولفت إلى أن هناك بعض الأندية يقوم الأعضاء بالتبرع إليها ولا يهمهم الوضع المالى للنادى فهم يتبرعون مقابل خدمات، لكن النادى الذى تديره شركة فإن المساهمين استثمروا أموالهم فى هذا النادى بغرض تنميتها وبغرض المكسب لا الخسارة فقد يكون العائد فى البداية بسيطا حتى تظهر نتائج خطط الشركة على المدى القريب. بينما رأى محمد النجار ، مدير قسم التحليل الفنى بشركة المروة لتداول الأوراق المالية، إن التركيز على صناعة الرياضة وتحويلها إلى منتج وطنى منافس أمر فى غاية الأهمية، خصوصاً مع التسارع العالمى فى تطوير كرة القدم وتحولها إلى عمل اقتصادى من خلال خصخصة الأندية ونظام الاحتراف والرعاية وقيام الأندية بتصنيع منتجات خاصة بها وارتفاع تكاليف رياضة كرة القدم، وطرح الأندية فى البورصة. وأضاف أن الاستثمار فى القطاع الرياضى بمصر لا يزال محدوداً نظراً لعدم الاهتمام الكافى بتلك الصناعة رغم أنها تساهم بنسبة كبيرة فى الناتج المحلى لدى العديد من دول العالم. وأشار إلى أن البرازيل مثلا تعتبره من أهم مصادر الدخل القومى وقررت الدخول لذلك من بوابة الاقتصاد والاستثمار الرياضى، والرياضة تعتبر ضمن رؤية وخطط البرازيل المستقبلية. ونوه النجار بأن معدل النمو الاقتصادى فى الرياضة العالمية خلال العام الماضى 2014 وصل إلى 12,5 ٪، موضحا أنه يجب تحديد مكانة مصر من الاستثمار الحقيقى فى صناعة الرياضة. وأضاف أن السوق المصرى أصبح مؤهلا ممثلا فى الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة ، لاستقطاب أى شركات جديدة، بعد أن قامت بتعديل قواعد القيد فى السوق لجذب شركات جديدة للقيد والتداول.