نعم. مصر فى حالة حرب، تلك هى الحقيقة المؤسفة، التى لم تغب عن البال، منذ أكثر من ثلاث سنوات، ونصف السنة، ويجب أن نعترف بها، وأن نتعامل معها بكل صراحة ووضوح، واستعداد، ولا نتوقف - فقط - عند صدمة يوم الجمعة الدامية الأخيرة فى سيناء. شعرت بحالة الحرب، هذه واضحة وضوح الشمس، فى اليوم الأغبر، الذى اعتلى فيه منظر الإرهاب، يوسف القرضاوى، منصة الثورة، فى ميدان التحرير، فى أحد أيام الجمعة، التالية لخلع الديكتاتور الفاسد المستبد، مدشنا هو وإخوانه الإرهابيون، سطوا مسلحا، وعدوانا فاشيا مع سبق الإصراروالترصد، وقرصنة فاجرة سافرة، لثمرة نضال شباب "زى الورد اللى بيفتح فى جناين مصر" وثوار وطنيين حقيقيين، ضحوا بأرواحهم وبدمائهم لعقود من أجل تحقيق حلم المصريين المشروع فى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. عاشت مصر حالة الحرب هذه على مدى السنوات الثلاث الماضية، مع التنظيمين الإرهابيين، المحلى والدولى، وأعوانهما، المتمسحين بالدين الإسلامى الحنيف، والإسلام برىء منهم ومن أفعالهم الإجرامية الدنيئة، إلى يوم الدين. استمرت حالة الحرب السافرة والفاجرة، المفروضة على مصر والمصريين، من جانب التنظيم الإرهابى، طوال الفترة الإنتقالية الأولى المضطربة، بخارطة الطريق الفاشلة والمرتبكة، التى اعقبت انتصار الثورة فى الميدان، وإذا نسينا فلن ننسى غزوة الصناديق والحشود "الداعشية" المرعبة فى العديد من ميادين مصر ومدنها. تبدلت الأحوال كليا بالمحروسة لتصبح العيشة فيها أكثر تعاسة وشقاء، بالذات عندما استقر المقام بالعصابة فى القصر، ولتصبح حرب تكسير عظام المصريين وإدخالهم بيت الطاعة الإخوانى المتخلف غصبا، هو الفعل المستباح، على جميع الأصعدة والمستويات. حالة الحرب مع التنظيم الإرهابى المسعور، ومع أعوانه المجرمين، باتت أكثر عنفا وشراسة، عندما انتصرت إرادة الأمة، وانحاز لها جيشها العظيم، فى ثورة 30 يونيو، وتجلت قدرة الخالق عز وجل، بإعانة المصريين على كنس العصابة ونياتها المبيتة السيئة، وخططها المريبة ومموليها ومريديها فى مزبلة التاريخ. استهداف المصريين العزل وقتل جنودهم، وحالة الحرب المفروضة عليهم من جانب التنظيم الإرهابى الفاشى، لن تنتهى فصولها المروعة عند الجريمة الإجرامية البشعة الأخيرة، يوم الجمعة الدامى بسيناء. هنا وجب تنشيط الذاكرة بعشرات الشهداء ومئات المصابين فى مذابح الفرافرة وناهيا والفيوم ومديريتى الامن فى القاهرة والدقهلية، ولن ننسى - بطبيعة الحال - ما لحق من دمار وحرق فى كنائس أسيوط والمنيا وسوهاج، وقتل الأبرياء فى سيناء ذاتها، والإسكندرية وطنطا والمنصورة وغيرها من محافظات ومدن وقرى ونجوع مصر. الأمر المؤكد أن مصر سوف تنتصر بعون الله وبتوفيقة فى هذه الحرب الخسيسة المفروضة عليها. الانتصار الحقيقى فى هذه الحرب، من وجهة نظرى، لن تتوقف مظاهره عند مجرد القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، مهما كان الثمن المدفوع، ومهما بلغت التضحيات، المقدمة عن رضا وإيمان بقضاء الله وقدره، وفداء للوطن، بدماء المصريين الذكية وبكل ما يمتلكون من قدرات ومقدرات. الانتصار الحقيقى، الذى أعنيه وينتظره المصريون، على أحر من الجمر، يكمن فى استكمال خارطة طريق 3 يوليو 2013، وتفعيل مواد دستور 2014، وبالذات، ما ينص عليها فى باب الحقوق والحريات وحقوق الإنسان، وإنجاز الانتخابات النيابية المستحقة بدون تأجيل، فى أجواء ديمقراطية وحرة ونزيهة وشفافة، وتمكين الرئيس المنتخب من تأسيس وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، المجيدتين، وشعارهما الخالد، عيش. حرية. كرامة إنسانية. عدالة اجتماعية. واستقلال القرار الوطنى.