تنمية سيناء ضرورة اقتصادية ووطنية، وتصاعد الاهتمام بها والحديث عنها فى كل مرة تحدث عملية ارهابية على الحدود يمثل خلطا مريبا غير مبرر وربما يعطى ايحاءات غير مقصودة ومعانى تخدم اغراض المتربصين بهذا الوطن باكثر مما تسهم فى حل المشكلة. عقول آثمة تسعى لتحويل مطاردة الارهاب فى سيناء الى معركة مع القبائل والعشائر المصرية فى شبه الجزيرة، وهذا خلط آخر فى الاوراق يتعين تصحيحه وتداركه. سيناء مصرية دفع ابناء الوطن من دمائهم الكثير عبر التاريخ لحمايتها والذود عنها، وفى مقدمة هؤلاء ابناء العشائر انفسهم. حدث هذا فى كل الحروب مع اسرائيل، وحدث من قبل كثيرا فى معارك مجيدة سجلها التاريخ، فقد كانت سيناء دوما خط الدفاع الاول عن المصريين. اليوم مصر كلها تدخل معركة من نوع جديد لصيانة وحدتها، وللتصدى للمخططات العلنية التى تستهدف اعادة رسم خريطة المنطقة وتفتيت دولها على خلفيات عرقية ومذهبية على نحو ما نرى ونشاهد حولنا. وقد خرج المصريون فى 30 يونيو يرفضون اداء الرئيس المعزول وهيمنة الاخوان على الحكم، وكان فى خروجهم ايضا معنى أكبر وأجل يتمثل فى رفضهم خطط التقسيم والتفتيت والوقيعة بين مكونات الامة فى اول دولة مركزية «موحدة» فى التاريخ. اليوم تظهر سيناء كعادتها مسرحا لحرب صغيرة فى مقاصدها، كبيرة فى آثارها معركة بين الدولة المصرية وجماعات الارهاب الاسود الملتحف بالدين فى مسعى يائس لنقل ما يحدث فى دول الجوار الى العمق المصرى عبر سيناء.. تماما كما كان الحال فى الحروب السابقة مع فارق طفيف ومخزٍ ايضا هو انه من بين الاعداء الجدد عناصر مصرية مغرر بها قبلت دون وعى ولا ادراك ان تكون ألعوبة فى يد قيادات استبدت بها الهلاوس وأعمتها اطماع الفوز، «بالامارة» عن رؤية حقيقة ما تفعله وما تأمر به باسم الدين مستسلمة فى بلادة لأياد اجنبية ترسم المشهد كله وتخطط لشرق اوسط جديد خال من قلبه الصلب على مدى التاريخ. أمر مخزٍ ان يكون من بين الارهابيين مصريون تورطوا فى عمليات قذرة ضد وطنهم وجيشهم، ولا فارق ان يكون هذا المتورط من ابناء سيناء او من ابناء الوادى، فكلهم مصريون، ولن ينسحب وزر هؤلاء النفر على اهاليهم وعائلاتهم وقبائلهم، ويجب ألا يحدث حتى ان يؤخذ الاخ بجريرة اخيه الآثم، فهذا ليس من الاسلام، ولا من قيم المصريين. الشعب أوكل للجيش وقوات الامن مسئولية مواجهة مخططات الخارج وعملائهم من عناصر الارهاب الاسود، ولابد ان يكون للجيش خطة مواجهة، ولابد ان نساعده فى تنفيذها كل بحسب امكانياته . وفى يونيو 1967 قررت الدولة المصرية فى لحظة انكسار صعبة اخلاء 3 محافظات من اهاليها اخلاء كاملا كمقدمة لبناء خط دفاعى جديد عن البلاد، والصمود تمهيدا للتصدى للعدوان والعمل على دحره، وهذا ما حدث فى ملحمة بطولة مازلنا نتباهى بها حتى اليوم. اليوم ايضا يجب ان نساند الجيش فى المعركة ضد الارهاب، ولابد ان تكون هناك تضحيات فلا حروب بلا تضحيات ولا نصر بلا ثمن. ومن لطف الاقدار ان التضحيات المطلوبة هذه المرة هينة والتعويض عنها قائم وبصورة سريعة فقط لنمنح الجيش المرونة التى يحتاجها للقضاء على بؤر الارهاب وخفافيش الحدود الساكنة فى اعماق الارض وباطن الجبال. وعندما تعود سيناء نظيفة طاهرة خالية من الارهاب سوف يذكر كل المصريين لاهالى سيناء تضحياتهم الجديدة، كما يتذكرون دائما تضحياتهم التى قدموها على مدى التاريخ للذود عن البلاد.. بلادهم. عندما يتحقق النصر، وهو قريب. يصبح الحديث عن التنمية مقبولا، بل فريضة لصالح كل المصريين وفى مقدمتهم اهالى القبائل والعشائر، وعندما يبدأ اعداد خطط التنمية على المخططين، اضافة الى دراستهم للمزايا النسبية فى شبه الجزيرة، الالتفات الى طبيعة المقيمين عليها واجراء الدراسات التى تناسب احوالهم المعيشية وقدراتهم، وفى حدود التجارب التنموية التى مرت بها سيناء ابدى اهل القبائل عزما وانجذابا للانشطة الخدمية يستدل على ذلك من نجاحهم البالغ فى وظائف النشاط السياحى من شرم الشيخ حتى طابا وما بينهما، فالانشطة الخدمية تناسب طبيعة المصرى البدوى اكثر من غيرها، ولكن امكانيات سيناء الهائلة تستوعب اكثر بكثير من الانشطة الخدمية لاسيما بعد تنفيذ مشروع محور قناة السويس، هنا سيحتاج الامر التوسع فى استقطاب العمالة من كل انحاء البلاد لشغل الوظائف بأنواعها والقيام باعباء التنمية التى تحتاجها سيناء.. وتحتاجها مصر كلها. تنمية سيناء واجب وطنى تأخر كثيرا ومسئولية التأخير تعود للنظام الذى حكم مصر طوال الثلاثين عاما الماضية، وقد نجحت الدولة المصرية فى استعادة سيناء بالحرب والمفاوضات ولكنها فشلت فى ترجمة هذا الانتصار إلى جوائز اقتصادية وتنموية.. وهذا امر عجيب. سيناء التى تمتد على مساحة 66 الف كيلومتر مربع ويقطنها نحو 600 الف مصرى نصفهم من البدو تعد الاقل كثافة سكانية فى مصر والمنطقة بمعدل 6 مواطنين لكل كيلو متر مربع، واذا اخذنا فى الاعتبار الثروات الطبيعية القابعة فى باطن الارض وعلى الجبال فإن امكانيات التنمية هائلة ومستدامة، وبجانب المواقع السياحية على السواحل وفى وسط شبه الجزيرة تعد سيناء منجما للثروات تبحث عن المستثمرين القادرين على استغلالها وتعظيم العوائد منها لصالح الاقتصاد القومى واهالى سيناء. التمويل هو العقبة الاساسية التى تواجه خطط التنمية فى بلادنا.. وسيناء ليست استثناء، ومع ذلك فإن اغراءات الربح والعوائد الطيبة تذلل كثيرا من صعوبات التمويل.. الامر كله يحتاج لخطة واقعية شاملة لتنمية المنطقة وتذليل ما تبقى من معوقات الاستثمار فى انحاء البلاد مع الوضع فى الاعتبار خصوصية العمل الاقتصادى فى سيناء باعتبارها منطقة حدودية مما يلزم قصر الاستثمارات بها على الشركات الوطنية فى القطاعين الخاص والمتصل بالدولة. لا احد يهون من آثار الاعتداء الخسيس الذى وقع على جنودنا قبل ايام، ويكفينا همًّا ما فقدناه من شباب لم يقترفوا إثما ولا ذنبا وراحوا ضحية عقول مأفونة قبلت التورط فى مخططات شيطانية لزعزعة الاستقرار والامن فى بلادنا، ومع ذلك فإن محاصرة الاثار الاقتصادية والاجتماعية لحوادث الارهاب فى سيناء وغير سيناء تظل مسئولية الجميع، وهذا امر ينبغى التصدى له بكل حسم، فاستعادة الامن والاستقرار هدف قومى يسبق غيره من الاهداف فبدون الامن والاستقرار لن تتحقق نهضة ولا تنمية. ومن حسن الطالع ان الاستقصاء الذى قمنا به بين الخبراء حول الاثار المحتملة لحادث الشيخ زويد قلل كثيرا من تداعياته فى الداخل والخارج، وفضلا عن كون الحادث زاد من تصميم المصريين واصرارهم على وأد الارهاب فإن التوقعات بشأن الاقتصاد كانت مطمئنة فالسياحة مستقرة عند مستوياتها الراهنة والبورصة تجاوزت الأزمة النفسية التى تصاحب عادة مثل هذه الحوادث وكذلك اسواق الصرف فيما استبعد الخبراء ان يتأثر موقف مصر الائتمانى فى الاسواق الدولية جراء الارهاب الاخير فالمنطقة بأثرها تقاسى اهوال الارهاب بصورة شنيعة وعبثية، وتبقى مصر دائما متفردة بوحدتها وامكانياتها وثبات قواتها المسلحة عنصر دعم للناس وللاقتصاد وهذا ما نراه وهذا ما أصبح يراه العالم معنا. استقطاب الاستثمارات الجديدة هدف حيوى للاسباب المعروفة، وليس خافيا ان واحدا من اهم اسباب المتآمرين هو تركيع الاقتصاد وخنقه عسى ان يفلح فى تحقيق اغراضهم الشيطانية الدنيئة واليوم فإن التحدى العاجل هو السعى الحثيث للحفاظ على الثقة وقوة الدفع التى تتمتع بها الاسواق الان وجذب مزيد من الاستثمارات وفقا لما هو مخطط له فى ضوء المشروعات القومية التى اطلقتها الحكومة ويتحلق حولها الناس. ولاشك ان الاستعداد الجيد وحسن تنظيم المؤتمر الاقتصادى لشركاء مصر المزمع عقده فى فبراير المقبل سوف يكون عنصرا بالغ الاهمية لنجاح المؤتمر فى جذب الاستثمارات التى تستحقها مصر. نجاح المؤتمر الاقتصادى سوف يكون بمثابة رسالة متعددة الاتجاهات فى الداخل والخارج وفضلا عن كونه منصة لاعادة اطلاق الاقتصاد بعد سنوات من الارتباك فإنه سيكون ايضا رسالة ايضا لزمرة الارهابيين ومن وراءهم ان مصر اكبر مما يظنون وهذا وعد اورده الله فى كتابه العزيز.. وصدقه المصريون بعملهم. الشعب أوكل للجيش وقوات الامن مسئولية مواجهة مخططات الخارج وعملائهم من عناصر الارهاب الاسود ، ولابد ا ن يكون للجيش خطة مواجهة ، ولابد ان نساعده فى تنفيذها كل بحسب امكانياته . وفى يونيو 1967 قررت الدولة المصرية فى لحظة انكسار صعبة اخلاء 3 محافظات من اهاليها اخلاء كاملا كمقدمة لبناء خط دفاعى جديد عن البلاد، والصمود تمهيدا للتصدى للعدوان والعمل على دحره ، وهذا ما حدث فى ملحمة بطولة مازلنا نتباهى بها حتى اليوم .