بمناسبة زيارة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي واشنطن للقاء الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب نشرت مجلة الايكونومست تقريرا عن آفاق التعاون التجاري بين البلدين .وقالت " قد يأمل الاوروبيون للافضل مع ترامب ، لكن يجب عليهم الاستعداد للاسوأ".واضافت انه قبل عام مضي قرر الرئيس الامريكي آنذاك باراك اوباما ان اوروبا في حاجة الي مساعدته، فقام مستشاريه بصياغة استراتيجية جديدة للتحالف تم بناء عليها زيارات متبادلة ، لكن مع تولي دونالد ترامب مهام عمله كرئيس للولايات المتحدة قد تشهد تلك العلاقة الخاصة تغييرات كثيرة. حذر التقرير ان المخاطر التي يمثلها ترامب بالنسبة لاوروبا اكبر من اية مكاسب محتملة وذكر مثال علي ذلك بتلميحاته الي تخفيف العقوبات المفروضة علي روسيا منذ ازمة القرم في عام 2014 . وقال انه بدون الدعم الامريكي فإن الاجماع الاوروبي علي العقوبات الروسية سيفقد جدواه ( لاسيما اذا فاز فرانسوا فيلون ، صديق بوتن ، بالانتخابات الرئاسية في فرنسا). وبالنسبة لبريطانيا فإن المكاسب المتوقعة من عقد اتفاق تجاري مع امريكا ستكون مخيبة للآمال في رأي التقرير. وتقدر صادرات بريطانيا الي الولاياتالمتحدة بحوالي 100 مليار جنيه استرليني في عام 2015. فامريكا هي اكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة بعد الاتحاد الاوروبي الذي تجاوزت صادراتها اليه من سلع وخدمات 200 مليار جنيه استرليني. في الوقت نفسه، لدي بريطانيا فائض تجاري مع امريكا اكبر مما لديها مع الاتحاد الاوروبي. ووفقا لمؤشر "التوافق التجاري" للبنك الدولي فإن آفاق التبادل التجاري بين الاقتصادين ،الامريكي والبريطاني،جيدة لكن القواعد المنظمة تعوق نمو التجارة بين البلدين. وعلي سبيل المثال، اختلاف معايير السلامة في الاتحاد الاوروبي عنها في الولاياتالمتحدة من الاسباب الرئيسية للانخفاض النسبي في صادرات بريطانيا من السيارات الي امريكا . كما ان الولاياتالمتحدة لا تستورد اللحوم من بريطانيا منذ نشوب ازمة بخصوص لسلامة الغذاء في الثمانينات. تعديل بعض القواعد والرسوم الجمركية قد يساعد صناعات محددة .(هناك شائعات بان جنسية والدة ترامب الاسكوتلندية ستشجعه علي رفع الحظر المفروض علي استيراد اللحوم من اسكتلندا). في الوقت نفسه، يشير خبراء اكاديميين الي استفادة المستهلك البريطاني من فتح اسواقه امام الاغذية الامريكية الرخيصة.وربما تسمح بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي باستيراد الاغذية المعدلة وراثيا التي يفرض عليها الاتحاد قيود مشددة عليها. وتعد القيود غير الجمركية – مثل اختلاف القواعد التنظيمية – من معوقات نمو التجارة.فبحسب دراسة بحثية عن صناعة الكيماويات،صادرات الاتحاد الاوروبي الي الولاياتالمتحدة تواجه قيود غير جمركية بما يساوي حوالي رسوم بنسبة 20%. ويري معهد بيترسون البحثي في واشنطن فرصة جيدة لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال التجارة الرقمية، والتي توقفت بشأنها مفاوضات بين الاتحاد الاوروبي وامريكا . أكد تقرير الايكونومست ان بريطانيا لن يكون لديها قوة تفاوضية عالية مع الولاياتالمتحدة نظرا لان اقتصادها سدس الامريكي . وتوقع علي سبيل المثال غزو امريكي لسوق التأمين البريطاني بما يحسن الميزان التجاري الذي يميل لصالح المملكة المتحدة. توقع التقرير كذلك ان تسعي شركات الرعاية الصحية الامريكية للحصول علي عقود حكومية في بريطانيا. اما بالنسبة لصناعة السيارات ، قال التقرير ان ترامب لن يفتح الباب امام المنافسة الاجنبية في ظل اعتماده علي حشد التأييد السياسي عن طريق حماية الصناعة . وفي النهاية ، حتي اذا تم تجاوز تلك العقبات سيظل هناك العامل الجغرافي. وفقا لاحد التقديرات ، سيترتب علي خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي انخفاض حجم تعاملاتها التجارية بحوالي الخمس . حتي اذا كانت تصريحات ترامب مشجعة ، فإن بريطانيا ليست علي اعتاب عصر ذهبي للتجارة.