مؤيدون: فرصة ذهبية لتشجيع المشروعات الصغيرة.. ومعارضون: لا تتلائم مع إمكانيات الشباب "التنمية الصناعية": السعر أقل من محل تجاري بالقاهرة تباينت ردود أفعال صغار المستثمرين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة إزاء مبادرة "مصنعك بتراخيصه" ضمن مشروع المجمعات الصناعية للمشروعات الصغيرة التي اعلنت الهيئة العامة للتنمية الصناعية تفاصيلها خلال مؤتمر كبير مؤخرا، حيث جاءت بعض الردود، في استطلاع أجراه "الأهرام الاقتصادي" مع عدد من صغار المستثمرين خلال المؤتمر، مرحبة بالمبادرة التي وجدتها أنها خطوة صائبة لتشجيع المشروعات الصغيرة، فيما رأت أخرى أن المبادرة لم تأتي بجديد حيث ان تكلفة شراء مصنع بها مرتفعة جدا فضلا عن قصر المهلة الممنوحة للسداد والمقدرة بعام واحد، خاصة بالنسبة لشباب المستثمرين وصغارهم. وتتركز مبادرة "مصنعك بتراخيصه" والتي تم طرح المرحلة الاولى منها بمدينة السادات، على انشاء مجمع صناعي يضم نحو 296 مصنعا في مجالات الصناعات الهندسية والغذائية والدوائية، وتبدأ المساحات بها من 300 إلى 720 متر مربع للمصنع الواحد، فيما تبدأ اسعار شراء المصنع شاملة سعر الارض والانشاءات والمرافق وكامل التراخيص والموافقات من مليون و281 ألف جنيه لاصغر المساحات، وحتى 2 مليون و900 ألف جنيها لاكبرها، على أن تسدد هذه المبالغ كاملة على مدى عام واحد من تاريخ تخصيص الارض، بواقع 5 % عند الحجز و25 % عند التخصيص، والباقي على دفعات ربع سنوية، فيما يوجد نوعين من التمويل إما ذاتي، وإما بمساعدة البنوك تحت مظلة مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة، الإ أن الاخيرة تتطلب دراسة البنك للحالات أولا البت في امكانية تمويلها أم لا. وتقوم مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة على توفير 200 مليار جنيه لاقراض اصحاب هذه المشروعات، ويتم السداد على مدى 10 سنوات بفائدة متناقصة نسبتها 5 %، على ان يتم منح السنة الاولى سماح. وقال المهندس تامر السباعي، صاحب شركة للصناعات الهندسية بمدينة السادات، ان الاسعار المعلنة بالمشروع مرتفعة للغاية، ويصعب تحملها بالنسبة لصغار وشباب المستثمرين والمبتدئين منهم، خاصة أنه مطلوب سداد كامل قيمة المصنع والتي تتعدى لاصغر مصنع مليون جنيه خلال عام واحد فقط، وهو ما يمثل تعجيزا للشباب. ولفت الى مغالاة ملحوظة لتقييم الهيئة لسعر متر الانشاءات، موضحا أنه يزيد عن الاسعار المتداولة بالاسواق، بل وانه يزيد عن سعر الانشاءات لمتر الاسكان، حيث يقدر ب 2471 جنيها للمتر المربع، في حين ان سعر متر الانشاءات بمدينة السادات لا يزيد عن 1200 جنيها للمتر المربع. فيما قال وسيم جمال صاحب شركة مباني معدنية، أن ارتفاع سعر الارض بالمجمع الصناعي الجديد من شأنه ان ينعكس سلبا على اسعار الاراضي الصناعية بالمطوريين الصناعيين بالمدينة، حيث تقدر حاليا ب 2200 جنيها للمتر المربع المرفق، ما يثير المخاوف من اتجاهها لمزيد من الارتفاع اسوة باسعار المجمع الجديد الفترة المقبلة. وحول وسائل التمويل، قال أن خضوع التمويل البنكي ضمن مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة للدراسة أولا من جانب البنك، ما يعني احتمالية قبول طلب التمويل واحتماليه رفضه، قد يصرف العديد من صغار المستثمرين عن المشروع، نظرا لاعتماد الكثير منهم على هذه مبادرة البنك المركزي ازاء مساعيهم لشراء مصنع بالمجمع الجديد. ورأى جمال أن المبادرة بهذه الصورة لم تقدم دعم يذكر لاصحاب المشروعات الصغيرة، فهي تستثمر من وارء هذه المبادرة وستحصل على ارباحا كبيرة منها، في حين انه كان من الاولى أن تكون المبادرة غير هادفة للربح من جانب الدولة. في المقابل ، رأى سمير غراب صاحب شركة للتجارة الاستثمار أن المبادرة جيدة جدا، فهي تقدم على مصانع جاهزة ومؤهلة للانتاج الفوري ومستوفية لكامل الاجراءات باسعار معقولة وفي مدة زمنية قصيرة، مؤكدا أن عند مقارنة الاسعار المعلنة لما سيحصل عليه المستثمر يتضح انها ليست مرتفعة، بل على العكس فإن الحكومة ستتحمل خلال هذا العام احتمالات ارتفاع اسعار الخدمات وانخفاض قيمة الجنيه دون ان تحمل المستثمر اي مبالغ اضافية. وحول قصر فترة سداد اثمان المصانع، قال أن ذلك افضل بهدف وتشغيل المصانع وسرعة بدء الانتاج وهو ما سيعود بالايجاب على المستثمر نفسه. وأوضح أن غالبية الاعتراضات على المبادرة تأتي من الشباب والمبتدئين وذلك لصعوبة تدبير هذه المبالغ خلال عام واحد، خاصة أن تمويل البنك ضمن مبادرة البنك المركزي ليس مضمونا الحصول عليه في ظل الدراسات التي يجريها البنك والتي قد تأتي برفض منح القرض. واتفق معه جلال رسلان صاحب شركة تصنيع لدى الغير، مؤكدا ان لاسعار ليست غالية، بل تعد مناسبة ازاء الحصول على مصنع جاهز للانتاج، مؤكدا سلاسة خطوات ومتطلبات شراء مصنعا بهذا المجمع. في مقابل، رد المهندس أحمد عبد الرازق رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية على ذلك، قائلا: أن الاسعار المعلنة لا تتعدى التكلفة الحقيقية للاسعار الاراضي المرفقة والانشاءات، موضحا ان المشروع يقدم ارض ومباني والهيكل المعدني للمصنع وكامل المرافق فضلا عن كامل التراخيص والموافقات واجراءات بدء النشاط، ما يجعل هذه الاسعار مناسبة بل ومغرية وليست غالية على الاطلاق، مؤكدا عدم تحصيل الدولة ربح يذكر من وراء هذا المشروع . وتابع، في تصريحات صحفية على هامش مؤتمر الاعلان عن تفاصيل المبادرة الذي اقيم مؤخرا بمدينة السادات، أن قيمة اصغر مساحة مصنع والمقدرة ب300 متر مربع، تبلغ 1.2 مليون جنيها، هي قيمة اقل من قيمة محل تجاري في القاهرة، ما يعني ان هذا المشروع يمثل فرصة ذهبية لصغار الصناع. ونفى قصر فترة سداد المبلغ وبدء الانتاج والمقررة بعام واحد، موضحا ان اي مستثمر قادر خلال هذه الفترة على توفير خطوط انتاجه وخاماته وسداد هذا المبلغ، وهو أمر متاح وليس تعجيزا، غير أنه شدد على أنه سيتم سحب المصنع من المستثمر حال التأخر عن البدء وهو ما يعكس عدم جديته في الانتاج، مؤكدا ان هذا الشرط لا تفاوض فيه. واوضح رئيس هيئة التنمية الصناعية أن اختيار المستثمرين للحصول على فرصة بمشروع المجمع الصناعي لن يكون بالقرعة، ولكن سيكون وفق عاملين اولا اسبقية الحجز والذي يتضمن سداد 5 % من قيمة المصنع، ثانيا جدارة دارسة الجدوى للمصنع، كاشفا عن ان دراسة الجدوى لها الاولوية الاهم في الاختيار، حيث ان تقييم الدراسسة ومدى جديتها وواقعيتها للتنفيذ ستكون الفيصل في الاختيار النهائي، وذلك لان الهيئة تستهدف مساعدة المستثمر الجاد القادر فعلا على الانتاج والاستمرار، ذلك بالطبع الى جانب دراسة ملائة المالية للمستثمر والتي شيشارك بها البنوك المشاركة في التمويل. وكشف عن ان مجمع مدينة السادات يعد المجمع الاول ضمن خطة تستهدف انشاء 22 مجمع صناعي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة حلول 2020، مشيرا الى انه من المقرر اعلان عن ثاني المجمعات والمخطط اقامته في مدينة بدر في 29 ديسمبر الجاري، فيما سيتم الاعلان عن المجمع الثالث منتصف يناير 2017، مضيفا أن الهيئة تستهدف بدء العمل بالمجمعات الثلاثة وتسليمهم للمستثمرين خلال عام واحد. وأكد ان الهدف من فكرة المجمعات الصناعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الى جانب تشجيعها ودعمها لصغار المستثمرين، ايضا تعميق المكون المحلي وتشجيع اقامة الصناعات المغذية الصغيرة الى جانب الصناعات المتوسطة والكبيرة، ما يحد من الاستيراد من الخارج، كذلك العمل على زيادة الانتاج المحلي من مختلف الصناعات ما ينعكس على زيادة النمو الصناعي ومن ثم التصديري. ولفت الى أن الاقبال غير المسبوق للمستثمرين على المؤتمر للمشاركة في المجمع الصناعي بالسادات لم يكن متوقعا، خاصة في ظل الازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، غير أنه يعكس أن هذا المشروع نجح في مخاطبة احتياجات المجتمع الصناعي ومتطلباته، وهو ما يشجع الهيئة للاجتهاد لطرح من المشروعات المزيد الفترة المقبلة.