* المستقبل لن يكون بالعودة للخلف * القمامة ثروة مهدرة ومشاركة المجتمع تحل أزمة النظافة * سيناريوهات استخدام الفحم مرعبة والمصريون أمانة * الاقتصاد الكربوني مأساة لن نسمح بها ----------------- صدروا لنا مصانع الاسمنت وأصبحت افريقيا بها العدد الأكبر من هذه المصانع عبر آلية شراء هجمت بها الشركات الأجنبية علي مصانعنا والآن لأنهم يريدون التخلص من الفحم يسعون الي ان نعود للخلف سنوات طويلة لاستخدامه ثانية والآلية هذه المرة جاهزة ومستعدة فنحن نعاني أزمة طاقة والطاقة يجب ان ترشد والمصانع قررت ان تستعين بالفحم لانهاء مشاكلها المستمرة مع الغاز واعتمادا علي احتياج حقيقي للطاقة وانقطاع مستمر بالكهرباء وحاجة ملحة لحلول سريعة, ولكهنم وانا اتحدث هنا عن مصنعي الاسمنت توقفوا أمام وزارة اعتبرها الكثير من المصريين ديكورا في الحقائب الوزارية لأنهم يشعرون بالكاد بمجهوداتها علي مدي السنوات الماضية وهي وزارة البيئة التي وقفت في وجه المصانع معلنة عن رفض تام لتلوث جديد ينضم الي قائمة طويلة من التلوث البيئي الذي يعاني منه المصريون وهو التلوث الكربوني, رفضت وزيرة البيئة وأعلنت رفضها وقدمت حلولا بديلة وأعلنت ان الفحم عودة للخلف ونحن نأمل في الذهاب الي المستقبل ونفت ان يكون هناك صراع بينها وبين مصانع الاسمنت لأن الموضوع هو رؤية مختلفة لمصالح الوطن وعلينا أن نصل لحلول مرضية لحل مشاكلنا دون تحميل المواطن البسيط مزيدا من الامراض والاعباء. تتابع الدكتورة ليلي اسكندر الوزير المستمرة من حكومة الدكتور الببلاوي حالة البيئة بشكل مستمر مما جعل الوزارة المنسية في مقدمة اهتمامات المواطن بعد أن وجد وعدا بإزاحة القمامة من الشوارع عبر وسائل مختلفة والحفاظ علي صحة المواطن, حاور الأهرام الاقتصادي وزيرة البيئة.. التفاصيل في السطورالتالية.. * لماذا يتصور البعض ان هناك حالة من الخصومة بين وزارة البيئة واصحاب مصانع الاسمنت ؟ - لا يوجد صراع او خصومة بل لدينا منفعة مشتركة ومشاكل نسعي لحلها معا فمن أسس الصناعة قادر علي ايجاد الحلول البديلة والمسألة ان مصنعي الاسمنت يبحثون عن حلول وتقف هذه الحلول عند أبواب المصانع فقط ولا يرون الشق الآخر من معاناة المصريين وما سوف ينتج عن هذا الاقتراح باستخدام الفحم من مشاكل كثيرة, نحن في غني عنها, فالقطاع الخاص يريد حلولا سريعة لأنه يريد استثمارات وأموالا كبيرة ومسئول عن عمالة ومنتج, والحكومة مسئولة عن المواطن والوطن ولن نعود للخلف. * هل توصلت الوزارة لحل هذا الخلاف؟ - لدينا طاقة هائلة ولكن هناك من يريدون مصر محتاجة دوما للطاقة فقد قال لي أحد العلماء ان الطاقة الشمسية في اسوان فقط تغنينا عن البترول ولكن الامر يحتاج الي مجهود وعمل, وقد قمنا بوضع بدائل أمام مصانع الاسمنت مثل استخدام الطاقة من مخلفات المواد الزراعية والقمامة وسوف نوفر20% منها لصناعة الاسمنت. * وهل يتم اعلام شركات الاسمنت العاملة في مصر بهذه البدائل؟ - عقدنا أول اجتماع مع الشركات الاسبوع الماضي وأطلعناهم علي نتائج البحوث والاختراعات للشركات في مجال الطاقة البديلة وقلت لهم إنني سوف أوفر لهم طاقة بديلة بسعر رخيص وآمن علي صحة المصريين وهذا ليس حلما او رومانسية وإنما هي حقائق وبالفعل بدأنا التعامل مع شركة لافارج للاسمنت. * يري البعض ان استخدام الفحم بتكنولوجيا تمنع انبعاثاته السامة مثلما يفعل الغرب أمر سهل وان الحديث عن رفضه مطلقا ليس مقبولا فما رأيك ؟ - الشعب المصري لديه أمراض كثيرة لو استخدمنا الفحم فسوف تتضاعف هذه الامراض وتدخل علينا حزمة جديدة منها مثل القلب والرئة والسرطان والتخلف العقلي لدي الأطفال, أضف الي ذلك ان الدول التي تستخدم الفحم في أوروبا قررت انه خلال40 عاما مقبلة سوف تعمل مصانعهم بالطاقة البديلة وتستغني عن الفحم لذلك فهم يريدون أن يجدوا أسواقا للفحم الذي يوجد لديهم في المناجم الخاصة بهم مثلما صدروا لنا قبل سنوات مصانع الاسمنت. * هل الامراض هي فقط ما يقف حائلا ضد استخدام الفحم؟ - الامراض ليست شيئا هينا ولكن هناك تأثيرات أخري من اهمها تصنيف مصر علي انها اقتصاد كربوني وهذا سوف يبعد عنا الاستثمارات التي نتوقعها وننتظرها, إضافة إلي كارثة في قطاع السياحة لأن الدول لا تضحي بمواطنيها وسوف تصبح الشواطئ والأماكن السياحية خالية وبلا زائرين, ثم ان التغيرات المناخية التي نعاني منها الآن ونشعر بها جميعا سوف تزيد نتيجة ضخ ثاني اكسيد الكربون في الجو, فهل يعقل ان أذهب الي المستقبل بعد ثورتين كتمنا فيهما الانفاس ونحن نحمل الفحم في ايدينا هذا أمر غير مقبول. * وماذا عن استيراد التكنولوجيا للمصانع مع الفحم ؟ - مصر تعاني في الأساس من تلوث جميع مناحي الحياة وتكنولوجيا مصانع اوروبا لن تأتي مع الفحم واذا أتت فلن تستخدم بالكفاءة التي تعمل بها هناك, لأن هذه الدول لا تعاني مثلنا والبيئة لديها نظيفة وليس بها كل المخاطر التي تعاني منها بلدنا. * والحل من وجهة نظري في حال اصرار المصانع علي الفحم وفي ظل وجود مشكلة طاقة حقيقية. - وفرت وزارة البيئة في خطوة سريعة كل سبل التعاون لبدائل الوقود الرخيصة والمتاحة وسبق أن دعمت الوزارة شركات الاسمنت من خلال برنامج التحكم في التلوث الصناعي في مراحله الأولي والثانية بما يعادل75 مليون دولار لتوفيق اوضاعها البيئية وقد اشتركنا مع ممثلي مصانع الاسمنت في تحديد مصادر الطاقة البديلة كمصدر للطاقة يصلح لسد جزء من عجز الطاقة لدي تلك الشركات وذلك كما هو معمول به دوليا. * هل معني ذلك ان وزارة البيئة رفضت الفحم رسميا ؟ - رفضنا الفحم ورفضنا المخلفات الناتجة عنه في مصانع الاسمنت وعرضنا تجارب لمصانع استخدمت بالفعل الطاقة الناتجة عن تدوير المخلفات, اضافة الي البدء في استخدام المخلفات الزراعية مثل قش الأرز في الطاقة بدلا من حرقه وإهداره كل عام وما ينتج عن ذلك من مشاكل صحية معتادة. * ما هي نسبة تكلفة الطاقة من صناعة الاسمنت ؟ - زيادة اسعار الاسمنت المتتالية ليس من اسبابها تكلفة الطاقة لأن هذه التكلفة30% من صناعة الاسمنت وتكاليف انتاجه إذن فالطاقة لا تمثل عبئا يزيد السعر وإنما زيادة السعر المستمرة نتيجة نقص الانتاج وليس ارتفاع اسعار الغاز. * ماذا عن معايير مزيج الطاقة في أوروبا ؟ - راجعنا معايير الاشتراطات الأوروبية الخاصة بمزيج الطاقة الخاص بصناعة الاسمنت ووجدنا انه ليس كل ما يصلح في هذه الدول يناسب مصر. * في الحقيقة نحن كمصريين لا نهتم كثيرا بوزارة البيئة ولا نشعر بدورها فلماذا من وجهة نظرك بعد البيئة عن حياتنا رغم أهميتها ؟ - لن اتحدث عمن سبقوني ولكن احاول ان احارب البيئة الملوثة طوال الوقت خاصة ان هذا التلوث ليس امرا عابرا بل هو مكون رئيسي في حياتنا كصريين, وله أضرار بالغة وهو ما يجعلني أتجه الي عنصر أكثر تلوثيا للبيئة وهي القمامة التي اعتدنا ان نراها في الشوارع وهي ثروة مهدرة ولا يتم التعامل معها بالشكل الأمثل, لأننا نحولها بأيدينا الي مشكلة ونحاول التخلص منها دائما والمشكلة في القمامة ليست في التخلص منها ولكن في الاستفادة منها ويجب ان يشاركنا المواطن لأن البيئة لها طبيعة خاصة هي ليست وزارة منغلقة علي وزير بل تحتاج الي مشاركة من الناس وإلا فلن يكون لأي مجهود تبذله الحكومة أثر حقيقي دون مشاركة المواطن. * وكيف يشارك المواطن في حل مشكلة القمامة ؟ -بدأنا العمل في منظومة جديدة يتعاون معنا فيها كل مواطن وهي منظومة الفرز من المنبع من خلال الفصل من المنازل في كيسين الأول للرطب والثاني للمواد الجافة, الأول هو مصدر الطاقة وسوف تحصل عليه الوزارة لاعادة تدويره للحصول علي طاقة منه, أما الثاني فسوف يذهب لادارة أخري لاعادة تدويره والاستفادة منه. * من يجمع القمامة بعد فصلها ؟ - وجدنا ان المستفيد عليه ان يجمعها وهي شركات اعادة التدوير لأنها تبحث عن مادة لمصانعها لذلك سوف نستعين بها مع هيئة النظافة وعمالها وسوف تمر السيارات المقسمة الي لونين الأزرق والأخضر والعامل يرتدي ملابس مقسمة لنفس اللونين لجمع القمامة من المنازل بعد فصلها في البيوت وتذهب السيارة لتسليم الكيس الرطب في مكان محدد وتأخذ هي الكيس الجاف لاعادة تدويره. * هل توجد مصانع كافية لاعادة التدوير ؟ - مصر بها6 مقرات اساسية في القاهرة تقوم باعادة التدوير هذا بخلاف الموجود في المحافظات يعمل بها من60 الي80 الف جامع قمامة وكل طن قمامة يوفر7 وظائف اذن فالصناعة موجودة فقط كل ما تحتاجه التنظيم. * هل قامت الوزارة بعرض هذه الآلية علي أباطرة القمامة في مصر ؟ - بالفعل عقدنا اجتماعات مع جامعي القمامة والمتعهدين لمناقشة المبادرة لأنهم هم الاساس في نجاح هذه المبادرة كما سيعقب ذلك حملات توعية من خلال الادارة المركزية للاعلان ووحدة الشباب وكذلك الادارة العامة للجمعيات الاهلية لتنفيذ هذه الحملات لتوعية المواطنين بمنظومة فصل المخلفات من المنبع علي أن تختص كل جمعية أهلية بكل حي في تلك المنطقة بتنفيذ الحملات بالتعاون مع الوزارة. * هل تعتبرين مشكلة القمامة وتدوير المخلفات الصلبة مشكلة مزمنة في مصر ؟ - بالفعل هي كذلك خاصة ان الشركات الاجنبية تسببت في ضياع الكثير من الوقت عندما وضعت صناديق القمامة في الشوارع وتمت سرقتها وامتلأت شوارعنا بالمخلفات الكثيرة التي أهدرت صحة المصريين وجعلت الشوارع مقلبا للقمامة لذلك فإن منظومة فصل المخلفات من المنبع التي هي منظومة فرعية وليست جديدة علي المصريين, سوف تساعد علي تدارك الازمة وتجعل القمامة مورد رزق كريما للكثيرين وهذا أقل شيء يستحقه المصريون بعد ثورة نادت بالعدالة الاجتماعية والكرامة. * هل ينقص وزارة البيئة حملات اعلانية في التليفزيون الحكومي لارشاد المواطنين ؟ - بالفعل أخذنا تصريحا من القناة الاولي المصرية لتقديم فقرة عن البيئة بشكل دائم لمزيد من التوعية فالمواطن لابد ان يكون شريكا في القرار وهذا ما يحدث في كل دول العالم قبل اتخاذ اي قرار مؤثر علي حياته تقوم الدولة بمشاركته واستصلاع رأيه وفي بعض القرارات المهمة يحدث استفتاء. *بالطبع ليست القمامة فقط هي الملوثة للبيئة ولكن هناك اشكالا اخري تحاول الوزارة مكافحتها فما هي؟ لدينا مشكلة الصرف الصناعي علي النيل وتقوم الوزارة بسلسلة من الاجراءات حاليا للقضاء علي هذه الظاهرة وقد اغلقنا4 مصانع مخالفة في قويسنا لمخالفتها للبيئة فلدينا مصانع كثيرة مخالفة نتيجة عشوائية تلك المصانع التي تبدأ صغيرة ثم تكبر دون توعية ملائمة والمنشآت التي تم اغلاقها تحتاج الي دعم فني وصحي. *هل توجد لدي وزارة البيئة ضبطية قضائية؟ لا للاسف وكل ما يمكننا عمله هو تحرير محضر بالمخالفات وعرضه علي النيابة لاتخاذ الاجراءات وكل طموحي ان تكون لدينا الضبطية ولدينا ايضا محاكمات بيئية ففي كل دول العالم توجد المحاكم المتخصصة في البيئة التي تعلم جيدا قوانين ومشاكل البيئة لانه عندما تصل القضايا البيئية للمحاكم العادية نجد مشكلة في عدم اطلاع القاضي علي المشاكل المرتبطة بالبيئة فيكون الحكم وفقا للقانون العادي وبالتالي فان الوزارة بلا اذرع حقيقية والحفاظ علي البيئة يتطلب الالتزام القانوني اولا ونهدف الي تحقيق ذلك في القانون الجديد حتي يكون للوزارة حق الضبطية القضائية ونستطيع ان نلزم الجميع باشتراطات البيئة فنحن نحتاج الي قرارات سيادية من الدولة لعدة امور منها دعم الطاقة المتجددة وتوجيه المستثمر للاستثمار بها فاذا علمنا ان الطاقة المتولدة من المخلفات الزراعية التي تصل الي35 مليون طن سنيا او غيرها من المخلفات تساهم في بعض الدول ب60% من الطاقة مقابل40% من الطاقة المعتمدة علي الوقود نري ان المسألة تحتاج الي بذل المزيد من الجهد للوصول الي هذه النسب ولن يأتي هذا الا بقرارات سيادية من الدولة. *قال لي احد مصنعي الاسمنت ان عوادم السيارات وحدها قاتلة فلماذا التركيز علي الفحم؟ فما هي الآليات المتخذة من قبل الوزارة لانهاء ازمة عوادم السيارات؟ عودة للخلف في هذه القضية اذا كانت تشترط ادارة المرور بعض الاشتراطات في السيارات قبل ترخيصها وسوف تعود من جديد لحماية المواطن من اضرار هذه العوادم وليس معني ذلك ان لدينا مشكلة في البيئة ان نزيدها باستخدام الفحم وعلينا ان نعالجها. *اخيرا هل ينتظر البيئة المصرية مستقبل افضل؟ مصر قادرة بأبنائها علي صنع الكثير نحن لا نعمل بمفردنا ولكننا نتشارك مع المجتمع والبيئة جزء من المجتمع واذا تعاون المجتمع لتحسين البيئة التي يعيش بها فسوف نصل الي مجتمع نظيف في اسرع وقت ولن نتراجع عن التغيير لانه ليس من المقبول بعد ثورتين ان نظل كما نحن.