آمال عريضة علي الصادرات المصرية في معالجة الخلل الكبير والعجز المزمن في الميزان التجارى الذى تفاقم ليسجل 19.50 مليار دولار حتي يونيو الماضى، رغم ان البعض يشكك في قدرة المنتج المصرى علي النفاذ للاسواق الخارجية وتحقيق معدلات نمو في حجم الصادرات لرأب الصدع في الميزان التجارى وتعزيز قيمة العملة المحلية في مواجهة العملات الاجنبية. وعلى الرغم من انخفاض قيمة الجنيه بنسبة كبيرة فإن الصادرات لم تستفد من ذلك؛ حيث ظل حجم الصادرات يتراجع علي مدار15 شهرا بنسبة تتجاوز 22.6% عن المعدلات السابقة له إلا أنها ما لثبت ان استردت جزءا ضئيلا من هذا التراجع منذ بداية العام الجارى ليبدأ القطاع في تحقيق مؤشرات ايجابية تقلص من حجم عجز الميزان التجارى بنسبة 3.11% مقارنة بالعام الماضى. وفي هذا الملف يناقش ابرز القطاعات الواعدة التي يمكن البناء عليها وتدعيمها لتحقيق طفرة في الصادرات الي جانب ابرز العقبات التي تعرقل نمو هذا القطاع بشكل عام، كما يجيب الملف عن تساؤلات مهمة تتعلق بمدى اسهام صندوق دعم الصادرات في دعم المصدرين، وهل يحصلون بالفعل علي هذه المساندة في وقتها في ظل مطالبات برفع حجم الصندوق إلى 6 مليارات جنيه؟ وهل ساعدت الاتفاقيات التجارية التى وقعتها مصر مع العالم الخارجى فى دعم الصادرات وقدرتها على النفاذ للأسواق الخارجية؟ - 22٪ تراجُع العام الماضى.. ويتعافى بنفس المعدل فى 2016 على الرغم من المخاوف التى تثيرها الظروف الاقتصادية بشأن مستقبل الصادرات المصرية فإن تقريرا صدر عن وزارة التجارة والصناعة فى شهر سبتمبر من العام الجارى يشير إلى وجود ارتفاع نسبى فى حجم الصادرات بلغ 21.8 ٪، بما قيمته 10 مليارات دولار محققة تعافيا من تراجع عام2015 . كان الميزان التجارى قد شهد انخفاضا كبيرا خلال النصف الأول من عام 2016 ( يناير - يونيو) حيث بلغت قيمته 781.371 مليار جنيه مقابل 533.591 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من عام 5102 لتصل قيمة التراجع إلى 841.22 مليار جنيه بنسبة 3.11٪. وكانت معدلات الصادرات قد شهدت تراجعا حادا منذ بداية عام 2015، حيث كشفت البيانات عن تراجع خلال النصف الأول من العام بقيمة 8 مليارات دولار، بتراجع 02% عن الفترة المقابلة من عام 2014 التى سجلت فيها 10 مليارات دولار. وزارة التجارة والصناعة تتبنى حاليا استراتيجية شاملة تهدف إلى تنمية وزيادة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية، وتستهدف هذه الاستراتيجية إعادة هيكلة الهيئات المعنية بتعزيز الصادرات وتوحيدها فى مكان واحد، ووضع خطة جديدة لتطوير جهاز التمثيل التجارى بأسلوب تقييم دقيق لفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية، وإعادة توزيع المكاتب التجارية بالخارج بما يتماشى مع الطلب العالمى على المنتجات المصرية، فضلا عن تفعيل منظومة المشاركة فى المعارض الخارجية وتحسين عمليات النقل اللوجستى، ومساندة المصدرين بهدف زيادة تنافسية المنتجات المصرية وتوافقها مع المعايير العالمية للأسواق الخارجية. وزارة التجارة والصناعة ليست الجهة الحكومية الوحيدة التى تضع استراتيجية لتنمية الصادرات المصرية، فقد أعلنت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات استراتيجية لتنمية الصادرات بالهيئة من منتجات وخدمات تكنولوجية من خلال تطوير القدرات التنافسية لخدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، وكذلك تحديد نقاط التميز والتنافس لدى الشركات المصرية وزيادة القدرة التنافسية العالمية لتلك الشركات وتنمية مواردها. كما أعلنت الهيئة أيضا سعيها لتشجيع الشركات المصرية العاملة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على تصدير خدماتها ومنتجاتها إلى الأسواق الخارجية، وحددت الهيئة لنفسها مجموعة من الخطوات يمكن من خلال تنمية صادراتها إلى الخارج تمثلت فى وضع وتحديث وتقييم السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالتصدير، استحداث برامج أخرى لدعم صادرات الشركات المصرية العاملة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات بمختلف أنواعها، فضلا عن التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى التى تدعم صادرات الصناعات المختلفة. المركز المصرى للدراسات الاقتصادية سبق أن حدد فى إصداره المعنون ب «آراء فى السياسة الاقتصادية» رقم 42 المعوقات التى تحول أمام تطوير الصناعات التصديرية فى مصر ومن بينها نقص التسويق الفعال، وانخفاض مستوى خدمات الموانى، وصعوبة وارتفاع تكلفة تمويل الصادرات، وارتفاع الرسوم على الصادرات والواردات، وتعقد الإجراءات الإدارية. اقترحت الدكتورة هناء خير الدين، المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، عدة خطوات لتنمية الصادرات المصرية تمثلت فى التركيز على تطوير السلع التى حققت فيها مصر ميزة نسبية مثل الأسمنت والخزف والمنتجات الكيماوية ومصنوعات النحاس والمنتجات النسيجية والملابس الجاهزة والحديد والصلب وزيادة الصادرات من هذه السلع. كما دعت من خلال دراسة لها -خاصة بتحديد المعوقات التى تحول أمام تطوير الصناعات التصديرية فى مصر- إلى توجيه الدعم للشركات التى تعمل على تحقيق أهداف التصدير من خلال رفع كفاءة العاملين بها وتحسين جودة المنتج من خلال دعم البحوث والتطوير والابتكار وتوسيع القاعدة التصديرية. وأشارت إلى الخطوات التى قامت بها الدول الأخرى فى سبيل توسيع القاعدة التصديرية ومن بينها إعفاء المصدرين الناجحين من الضريبة غير المباشرة مثل كوريا الجنوبية فى سبعينيات القرن الماضى وكذلك إعفاء الواردات الداخلة فى تصنيع الصادرات من الضريبة ذاتها كما فعلت تركيا وأيضا الإعفاء الضريبى للمنتجين المحليين الذين يوردون المدخلات إلى المصدرين بما يشجع على توفير المدخلات بأقل الأسعار مع زيادة المكون المحلى. ودعا الدكتور طارق الغمراوى، فى الدراسة ذاتها إلى توجيه الاستثمارات إلى الصناعات متوسطة التقنية وكثيفة العمالة مثل الإلكترونيات البسيطة ورفع كفاءة العمالة وإنشاء مناطق صناعية متكاملة للصناعات المتطورة والعمل على زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر الذى يزيد من الطاقة التصديرية مع ربط حوافز الاستثمار الأجنبى بالأداء المحقق لأهداف التصدير كالاستثمار فى الصناعات عالية القيمة المضافة. تيسير شروط الإقراض أيضا شجعت هذه الدراسة على ضرورة تيسير شروط الإقراض وخطابات الضمان للمصدرين لا سيما صغار المصدرين وإنشاء المؤسسات التى تتولى التأمين المطلوب ضد مخاطر التصدير ومنح امتيازات للشركات التى تحصل على شهادات الجودة والمطابقة للمواصفات العالمية. وأشار الغمراوى إلى أنه على الرغم من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة فى منظومة التصدير تساهم بنسبة 08% من إجمالى القيمة المضافة فإن مساهمتها فى الصادرات لا تتجاوز 4% وبالتالى من الضرورى تشجيع هذه الشركات من خلال منحها تسهيلات تمويلية وإجرائية وربطها فى المنشآت الكبيرة ومساعدتها على اختيار الأسواق مع التركيز على فتح أسواق جديدة مثل الأسواق الواعدة فى آسيا. ومن بين مقترحات الدراسة لتوسيع القاعدة التصديرية أيضا وضع خطة عمل للتعاون مع القطاع الخاص والارتقاء بالتعليم الفنى وإنشاء مراكز تدريب بالتعاون مع الدول المتقدمة ومنح حوافز للشركات التى تنشئ وحدات للبحوث والتطوير والابتكار وتحسين الجودة. وتقول الدكتورة يمن الحماقى استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس: إنه بالرجوع للاستراتيجيات السابقة التى وضعتها الحكومة لتنمية الصادرات المصرية سنجد انها فشلت بشكل ذريع، وأرجعت سبب ذلك إلى افتقاد الدولة للرؤية القومية اللازمة فى مجال تشجيع وتطوير الصادرات إلى الخارج من خلال تحديد الصناعات التى تحقق فيها الصناعة المصرية ميزة تنافسية مثل الملابس الجاهزة والغزل والنسيج وتكنولوجيا المعلومات وصناعات الاغذية وغيرها كى يتم العمل على تشجيعها وتطويرها لزيادة صادراتها الى الخارج ولكن الأداء الاقتصادى الحالى لا يرتقى بمصر إلى مصاف الدول التصديرية ويجب وضع خطة من البداية. أوضحت الحماقى أن اولى خطوات تطوير الصادرات المصرية هو توسيع دائرة الانتاج ورفع تنافسية المنتج وزيادة قاعدة المنتجين وهذا هو الاقتصاد التصديرى الذى تسعى مصر للوصول إليه، لكن لا يوجد اقتصاد تصديرى قائم على عدد محدود من المصدرين وهذه هى مشكلة الدول التى تعانى من ضعف التصدير وهى الاعتماد على عدد محدود من المصدرين وعدم الاهتمام بمتوسطى وصغار المصدرين والتركيز على كبار المصدرين فقط وما يترتب عليه عدم الاهتمام بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مؤكدة ضرورة ان تكون هناك استراتيجية محددة لتنمية الصادرات وبالاخص فى الصناعات التى يتحقق فيها لنا ميزة تنافسية. وتشكك استاذ الاقتصاد فى أن يكون الدعم النقدى للمصدرين هو الوسيلة المثلى لمساندتهم فى تحسين وتنمية الصادرات كما تنص استراتيجية وزارة التجارة والصناعة وذلك بحكم التجربة، والافضل هو عمل ما يعرف بحضانات وعناقيد صناعية وتوسيع دائرة الانتاج والتصدير. وتعتقد أن المنتجات المصرية قادرة على المنافسة فى الاسواق الخارجية بدليل ان هناك قطاعات تساهم فى التصدير مثل الجلود والملابس ولكن يبقى التصدير ضعيفا، متهمة وزارة التجارة والصناعة بأنها لا تلجأ الى الاقتصاديين من اجل تنمية الصادرات، وان النظام يفتقد بوصلة التوجه التصديرى فى الاقتصاد، وان محاور تنمية الصادرات التى اعلنها وزير التجارة يمكن ان تكون رائعة شرط ان يتم العمل على تطوير الانتاج وجودته وما يستتبعه من زيادة كفاءة الاجهزة المؤسسية التى تساعد الدولة على التصدير لكن يبقى الاداء المؤسسى ضعيفا ويفتقد للرؤية الاقتصادية. وتشير إلى ضعف الرقابة على جودة المنتج من قبل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات التى تحتاج الى اعادة هيكلة وهو ما يجعلنا ندور فى دائرة مفرغة فيما يتعلق بتنمية التصدير. وتعليقا منها على التصريحات المنسوبة لوزير التجارة من ان خفض قيمة الجنيه سوف يساعد على زيادة الصادرات بنسبة10٪ قالت الحماقى: ان الربط بين هذين الامرين ليس قاطعا ولكن الاهم فى هذا الامر هو رفع كفاءة المنتج وتدريب العمالة وفتح اسواق جديدة ومراقبة مواصفات الجودة وهو ما سيساعد فى النهاية على زيادة الصادرات. وفيما يتعلق بأبرز معوقات الصادرات المصرية حددت بعضا منها مثل تحقيق التنافسية التى تقوم على نقل التكنولوجيا وربط البحث العلمى بالصناعة، وأشارت ايضا الى معوق نقص الانتاج، مؤكدة ضرورة العمل على زيادة المكون المحلى للمنتج المصرى. - 4 مليارات دولار صادرات مصر فى الربع الأول من 2016 فى الوقت الذى أجمع فيه خبراء الاقتصاد على ضرورة تحديد المنتجات المصرية ذات الميزة التنافسية بالأسواق الخارجية كسبيل رئيسى نحو تنمية السوق التصديرى، كان من المهم أن نستعرض أبرز مؤشرات الربع الأول من عام 2016 فيما يتعلق بوضع المنتجات السلعية المصرية على جداول واردات دول العالم المختلفة. ووفقا للمؤشرات الخاصة بالربع الأول من عام 2016 التى أعلنتها وزارة التجارة والصناعة، فقد بلغ إجمالى صادرات مصر إلى مختلف دول العالم 4 مليارات دولار و203 ملايين و400 ألف دولار بما يعادل نحو 02% من حجم إجمالى صادرات عام 2015 التى كانت تبلغ 21 مليار دولار و354 مليونا. وبالرجوع إلى السؤال الأهم: ما أكثر القطاعات السلعية الواعدة فى السوق التصديرى؟ فقد وجد أن مؤشرات الربع الأول من عام 2016 كشفت عن أربعة قطاعات حازت نصيب الأسد فى حجم الصادرات عن هذه الفترة نعرضها تباعا كالتالى: حقق قطاع الحاصلات الزراعية (بدون القطن) حجم عائدات تصديرية بلغ 886 مليون دولار و20 ألفا وذلك بنسبة 12% من إجمالى الصادرات كاشفة عن ميزة تنافسية هى الأعلى بين باقى القطاعات السلعية الأخرى. حل قطاع الكيماويات والأدوية فى المركز الثانى بين أكثر القطاعات مساهمة فى السوق التصديرى بحجم عائدات بلغت 847 مليون دولار و100 ألف وذلك بنسبة 02% من إجمالى حجم الصادرات فى الربع الأول من العام الجارى. أما قطاع البترول الخام ومنتجاته، فقد جاء فى المركز الثالث محققا عائدات قيمتها نحو 700 مليون دولار بنسبة تقدر بنحو 16% من مساهمة باقى القطاعات الأخرى فى السوق التصديرى. وفى المركز الرابع جاء قطاع القطن والمنسوجات والغزل والملابس والسجاد بعائدات قيمتها نحو 610 ملايين دولار بنسبة 14.5 ٪. مؤشرات وزارة التجارة والصناعة بشأن السوق التصديرى فى الربع الأول من عام 2016 أبرزت بوضوح الأسواق الخارجية الأكثر استهلاكا لمنتجاتنا السلعية سواء من حيث حجم الإنفاق أو التنوع فى استيراد هذه الدول لمختلف السلع التصديرية. المملكة العربية السعودية احتلت الصدارة فى قائمة أكثر الدول المستوردة للمنتجات السلعية المصرية وذلك بإجمالى إنفاق قدره 275 مليون دولار بنسبة 6.5 ٪ من حجم العائدات التصديرية بمختلف القطاعات السلعية؛ حيث تنوعت وارداتها من المنتجات المصرية ما بين سلع الأثاث ومنتجاته والحاصلات الزراعية «بدون قطن»، السلع الهندسية والإلكترونية والكتب والورق. وجاءت تركيا فى المرتبة الثانية بإجمالى إنفاق قدره 208 ملايين دولار وهو ما يمثل 5٪ من حجم العائدات التصديرية، وتنوعت واردات تركيا من السلع الغذائية بين قطاعى الكيماويات والأدوية، والقطن والغزل والملابس والمنسوجات والسجاد. إيطاليا كانت ثالث أكبر دولة من حيث استيراد المنتجات المصرية بإجمالى انفاق بلغ 195 مليون دولار بنسبة 6.4%، وتنوعت وارداتها بين سلع المعادن ومصنوعاتها، والبترول الخام ومنتجاته. وبينما استعرضنا فى السطور السابقة أبرز القطاعات المساهمة فى السوق التصديرى، كشفت المؤشرات فى المقابل عن قطاعات أخرى تعانى من ضعف واضح فى حجم صادراتها، وأبرزها قطاع الجلود ومنتجاته الذى لم يحقق فى الربع الأول من العام الجارى سوى 35.29 مليون دولار، تلاه قطاع الكتب والورق الذى حقق عائدات قدرها 62.6 مليون دولار. من جهته يرى المهندس على عيسى رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن تصدُّر قطاع الحاصلات الزراعية لقائمة أكثر القطاعات التصديرية هو أمر طبيعى لأن هذا القطاع هو قطاع موسمى، على خلاف باقى الصادرات الصناعية المستمرة على مدار العام، وعلى الرغم من أن مصر تملك صادرات زراعية صيفية فإنها لا ترقى لموسم الشتاء الذى يبدأ من شهر نوفمبر ويستمر حتى شهر مايو. ويشير عيسى إلى أن قطاع الحاصلات قد حقق العام الماضى 2.3 مليار دولار كحصيلة صادرات وهو من أكثر القطاعات التى حافظت على مستواها وربما زادت على العام الماضى، أما باقى القطاعات فقد تأثرت العام الماضى ولم تكن على نفس مستوى الأعوام السابقة. وتعليقا على إمكانية تأثر هذا القطاع بما أثير مؤخرا حول وقف استيراد بعض أنواع الخضر والفاكهة قال رئيس جمعية رجال الأعمال: إن تأثير هذه الأزمة فى أرض الواقع ليس بضخامة ما يثار إعلاميا، وإن هذه الأزمة بدأت فى أوائل أغسطس أى خارج الفترة الموسمية لهذا القطاع، ولكن يبقى الخوف من أن تستمر هذه الادعاءات بحيث تؤثر فى الموسم الجديد الذى سيبدأ فى شهر نوفمبر القادم. ويعتقد الرئيس السابق للمجلس التصديرى أن أغلب ما يثار فى هذا الشأن ما هو إلا دعايات سلبية خرجت من مصر بالأساس، وأن الولاياتالمتحدة لم توقف استيراد الخضر والفاكهة من مصر والأمور تسير بسلاسة. وتعليقا على قرار السودان بوقف الاستيراد قال عيسى: إن هذا القرار جاء لأسباب سياسية وليس لأسباب فنية وتابع: »بيانهم فى هذا الشأن هو بيان مضحك، ادعوا فيه أن وقف الاستيراد جاء لعدم توافر العملة رغم أنهم لم يوقفواأى سلع أخرى وبالتالى فالأمر واضح بشكل فج«. وفيما يتعلق بالتعديل المتوقع لسعر الدولار وتأثيره فى الصادرات عموما وصادرات الحاصلات الزراعية بشكل خاص، فيؤكد عيسى أن هذا الأمر ربما يكون له تأثير إيجابى فيما يتعلق بزيادة الصادرات لأن القيمة العادلة للعملة تساعد على زيادة التصدير. واستشهد عيسى فى ذلك بالارتفاع الشديد الذى أصاب سعر الدولار خلال عام 2004 من 3 جنيهات إلى 7 جنيهات فصدر قرار بتعديل سعر الدولار إلى 5 جنيهات واستقر وقتها على المستويين الرسمى والسوق السوداء. - التجارة الحرة .. طريق مصر لزيادة الصادرات هل لعبت الاتفاقيات التجارية المتعددة التى وقعتها مصر مع أطراف مختلفة دورا فى دعم حركة الصادرات المصرية إلى الاسواق العالمية؟ بمعنى آخر هل استفادت مصر من تحرير التجارة والانفتاح على العالم؟ سؤال يسعى التحقيق التالى للإجابة عنه. فى البداية تمثل ارقام وزارة التجارة والصناعة مرجعا لها حيث تشير إلى أنه على مستوى اتفاقية السوق العربية التى تضم منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى كأبرز الاتفاقات الإقليمية الموقعة بين مصر وعدد من البلدان العربية مثل السعودية والأردن والإمارات وغيرها. وبمقتضاها يتم التحرير التدريجى للرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء على السلع المتبادلة بدءا من عام 2005 إلى أن يتم التحرير الكامل عام 2010. وعلى مستوى آخر جمعت مصر بدول المغرب وتونس والأردن المطلة على البحر الأبيض المتوسط اتفاقية «أغادير» ودخلت حيز التنفيذ فى مارس 2007 بغرض إقامة منطقة تجارة فيما بين هذه الدول، حيث إنها تعد نافذة التكامل الصناعى بين دول الاتفاقية. ويمكن لأى دولة عربية متوسطية الانضمام إلى اتفاقية أغادير بشرط أن تكون لديها اتفاقية مشاركة مع الاتحاد الأوروبى. تهدف الاتفاقية إلى إعفاء جميع السلع المتبادلة بين الدول الأعضاء منذ تاريخ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل، فضلا عن زيادة الاستثمارات الأوروبية من خلال الاستفادة من اتساع أسواق الاتحاد الأوروبى بعد انضمام 10 دول جديدة لعضويته. وتشير أحدث بيانات لوزارة التجارة والصناعة عن حجم الصادرات المصرية إلى الدول العربية عام 2015 إلى أنها بلغت أكثر من 8 مليارات دولار بنسبة تراجع %14 عن عام 2014 والذى بلغت فيه نسبة الصادرات أكثر من 9 مليارات. وبإجراء مقارنة سريعة بين صادرات مصر إلى الدول العربية وباقى التكتلات الاقتصادية سوف نجد أنها احتلت المرتبة الأولى بين باقى التكتلات الاقتصادية فى قائمة أكثر التكتلات استيرادا من مصر. ووفقا لما سبق يبدو أن اتفاقيتى السوق العربية المشتركة وأغادير قد حققتا الأهداف المرجوة منهما من حيث تشجيع المناخ التصديرى المصرى، إلا أن نسبة التراجع الواضحة بين عامى 2014 و2015 تستدعى الاهتمام من قبل القائمين على إدارة الصادرات المصرية إلى الخارج لبحث أسباب هذا التراجع. نمو الصادرات لإفريقيا وعلى المستوى الإفريقى وقعت مصر على اتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى »الكوميسا« وتم البدء فى تطبيق الإعفاءات الجمركية على الواردات من الدول الأعضاء فى فبراير من عام 1999، ثم وقعت مصر على اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة مع ثمانى دول أعضاء فى أكتوبر عام 2000. ويبلغ عدد الدول الأعضاء فى الكوميسا 19 دولة، وتهدف إلى الاعفاء الجمركى والتحرر من القيود الكمية للسلع المتبادلة، وتنص الاتفاقية على تحقيق قيمة مضافة لا تقل عن 35% كشرط للتمتع بالإعفاء، إلا أن مصر تطبق 54% من المكون المحلى بشرط المعاملة بالمثل. وتم استثناء بعض السلع السودانية من الاعفاء الجمركى بناء على الاتفاقية وتطبق أثيوبيا تخفيضات جمركية بنسبة 10%. وبعد مرور 17 عاما من توقيع مصر هذه الاتفاقية نجد أن الصادرات المصرية إلى الدول الإفريقية قد حلت فى المركز الخامس بين التكتلات الاقتصادية الأخرى بإجمالى صادرات قيمتها مليار و41 مليون دولار بنسبة تراجع 7% عن عام 2014 الذى بلغت فيه الصادرات ما قيمته مليار و116 مليون دولار. وبالنظر إلى حالة التراجع الواضحة فى المجالات التصنيعية المختلفة فى عدد كبير من الدول الإفريقية يمكن القول إن الاتفاقية يمكن أن يتم تفعيلها بصورة أكبر لاستغلال الأسواق الإفريقية البكر المتعطشة للمنتجات المصرية خاصة ذات الطابع التصنيعى. وتعد اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية واحدة من أهم اتفاقيات التبادل التجارى بين مصر والعالم الخارجى التى دخلت حيز التنفيذ مطلع عام 2004 بمشاركة 15 دولة وأبرزها إيطاليا وفرنسا وانجلترا وقبرص، حيث تتيح الاتفاقية أن تتمتع صادرات مصر الصناعية إلى دول الاتحاد الأوروبى بالإعفاء الجمركى أو أى رسوم مماثلة. وتؤكد الأرقام الخاصة بحجم الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبى أهمية هذه الاتفاقية؛ حيث حلت الدول الأوروبية فى المركز الثانى فى قائمة الدول الأكثر استيرادا من مصر بإجمالى صادرات قيمتها بلغت نحو 6 مليارات دولار، بل وكانت إيطاليا هى ثالث أكبر دولة مستوردة من مصر على الإطلاق فى الربع الأول من عام 2016. أما فيما يتعلق بحجم التبادلات التجارية بين مصر وتركيا فقد نظمتها اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التى هدفت إلى إلغاء الرسوم ذات الأثر المماثل والقيود غير الجمركية الخاصة بتجارة السلع بين الدولتين فى كل من البلدين، ولا يجوز لأى من الدولتين فرض رسوم أو قيود غير جمركية جديدة. وبناء على بيانات الوزارة فيما يتعلق بصادرات مصر إلى تركيا فى الربع الأول من عام 2016 سوف نجد أنها حلت كأكبر بلد مستورد من مصر بعد السعودية وقبل إيطاليا بإجمالى صادرات قيمتها 208 ملايين دولار وهو ما يمثل 5٪ من حجم العائدات التصديرية. اتفاقية الكويز تم توقيعها عام 2004 بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، وتهدف الاتفاقية إلى فتح الأسواق الأمريكية دون تحديد حصص أو فرض رسوم جمركية أمام المنتجات المصنعة فى المناطق الصناعية المؤهلة فى مصر على ألا تقل نسبة المكونات المصنعة محليا عن 35٪ وأن تحتوى على %10.5 كمكون اسرائيلى. وعلى الرغم من أن الولاياتالمتحدةالأمريكية حلت فى المركز الرابع بحجم واردات 192 مليون دولار فى الربع الأول من عام 2016، فإن بيانات الشريك الأمريكى عن إجمالى وارداته خلال النصف الأول من العام نفسه قد قفزت بهذا الرقم إلى 930 مليون دولار بزيادة 8٪ على الفترة المماثلة فى عام 2015 860( مليون دولار). وبناء على ماسبق فيشير معدل الصادرات المصرية للولايات المتحدةالأمريكية خلال العام الحالى والسنوات الماضية إلى نجاح هذه الاتفاقية فى انعاش حركة التبادل التجارى بين البلدين بمختلف القطاعات السلعية. آثار إيجابية سعيد عبدالله، رئيس قطاع الاتفاقيات التجارية ووكيل أول وزارة التجارة والصناعة، يرى أن انضمام مصر للاتفاقيات التجارية مع التكتلات الاقتصادية المختلفة له أثر إيجابى ملحوظ، فقد شهدت الصادرات المصرية ارتفاعا ملحوظا خلال سنوات تطبيق هذه الاتفاقيات وبالأخص خلال الفترة من 2005 إلى2015 . أضاف عبدالله أن حجم الصادرات المصرية خلال عام 2003 بلغ نحو 6,3 مليار دولار فى حين بلغ عام 2005 نحو11 مليار دولار لتواصل هذه الزيادة ارتفاعها وتصل الى 27 مليار دولار عام 2014، ولكن انخفضت عام 2015 نتيجة بعض المشاكل الاقتصادية منها نقص العملة الأجنبية. وتابع: ارتفعت نسبة الصادرات المصرية لكل تكتل على حدا من إجمالى الصادرات مما يدل على وجود تأثير إيجابى ملموس فى حجم الصادرات نتيجة هذه الاتفاقيات، وإن كان الميزان التجارى شهد عجزا مع بعض التكتلات فيرجع ذلك إلى ارتفاع الواردات المصرية من هذه التكتلات وبالأخص المدخلات التى تستخدم فى الصناعة. وأوضح رئيس قطاع الاتفاقيات التجارية، أنه فيما يخص اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى ارتفعت الصادرات المصرية بعد دخول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى حيز النفاذ، حيث ارتفع حجم الصادرات من 487 مليون دولار أمريكى عام 1997 إلى ما يقرب من 9 مليارات دولار أمريكى عام 2014، فى حين سجل الميزان التجارى لمصر مع الدول العربية عجزا فى غير صالحها نتيجة ارتفاع حجم الواردات المصرية التى تتركز بشكل كبير فى المواد البترولية والمواد الكيماوية وغيرهما من مدخلات الإنتاج التى تستخدم فى الصناعة المصرية. وأضاف أن نسبة الصادرات المصرية الى الدول العربية من إجمالى الصادرات المصرية للعالم قد شهدت تقدما ملحوظا وارتفاعا مستمرا حيث بلغت هذه النسبة قبل إبرام الاتفاقية نحو13٪ ووصلت الى 73% عام 2014، مما يوضح أثر الانضمام للمنطقة فى الصادرات المصرية. وبالنسبة لاتفاقية الكوميسا، فقد ارتفعت الصادرات المصرية بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ، حيث ارتفع حجم الصادرات من 44 مليون دولار أمريكى عام 1997 إلى ما يقرب من 2,5 مليار دولار أمريكى عام2014 . وأضاف ان نسبة الصادرات المصرية الى الدول أعضاء الاتفاقية من إجمالى الصادرات المصرية بالعالم قد شهدت ارتفاعا مستمرا حيث بلغت هذه النسبة قبل إبرام الاتفاقية نحو 1% فى حين وصلت الى 9% عام 2015، مما يوضح أثر الانضمام للاتفاقية فى الصادرات المصرية. وأشار إلى أن إجمالى الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبى ارتفعت بنسبة تصل إلى 29% بعد تنفيذ اتفاقية المشاركة الأوروبية، ثم شهدت هذه النسبة تذبذبا ولكن قد بلغت أعلى معدل لها عام 2010 لتصل الى 39% من إجمالى الصادرات المصرية للعالم. واستطرد وكيل وزار التجارة والصناعة قائلا ان حجم الصادرات المصرية قبل هذه الاتفاقية كان 2.7 مليار دولار أمريكى عام 2003 وارتفع بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ إلى 8 مليارات دولار أمريكى عام 2015 . وفيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع تركيا، أفاد بأن حجم الصادرات ارتفع من 362 مليون دولار أمريكى عام 2006 إلى ما يقرب من 1,5 مليار دولار أمريكى عام 2015 حيث بلغت نسبة الصادرات المصرية قبل إبرام هذه الاتفاقية نحو %3 ووصلت إلى 6% عام 5102 بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، مما يوضح أثر الانضمام للاتفاقية فى الصادرات المصرية.