لفتت دبى أنظار العالم، من خلال التطوير العقارى، رغم أن الطلب على منتجاتها منخفض، ومصر التى بها عجز 2 مليون وحدة سكنية، وطلب سنوى يقدر ب 006 ألف وحدة، لم تنجح فى جذب مليارات الأجانب التى لاتزال على الأبواب فى انتظار تشريع قانونى ينظم عملية دخولها السوق، عبر صناديق الاستثمار العقارى الخاصة، التى يمكنها شراء مراحل كاملة فى المشروعات العقارية وإعادة تدوير رأس مالها بأكثر من أداة تمويلية إما بالإيجار او البيع أو طرح سندات لها، وعبر تلك النافذة كان لنا التساؤل عن: لماذا لم تفعل مصر نظام صناديق الاستثمار العقاري، وما هى العقبات أمام تعميمها فى مصر، وهل هى أداة لغسل الأموال، وكيف يستفيد السوق المصرى من تلك الصناديق، ومتى تبدأ نشاطها فى مصر؟ قال الدكتور أحمد أنيس، رئيس الجمعية المصرية لخبراء التقييم العقارى، إن أبرز العقبات التى تواجه انتشار صناديق الاستثمار العقارى فى مصر، هى فقر ثقافة الإيجار لمدد قصيرة، فيما تعتمد الصناديق على تدوير رأس المال من خلال إيجار الوحدات السكنية وليس البيع، فيما أن ثقافة العميل المصرى تعتمد على البيع المباشر. والعقبة الثانية - بحسب رؤيته - هى فرض الدولة ضرائب كبيرة على أرباح الصناديق العقارية الخاصة، رغم أن تلك الصناديق تشترى آلاف الوحدات، وتتحمل مخاطر ضخمة، ولابد أن يكون لها ميزة ضريبية، خصوصًا فى البداية لجذبها للسوق المصري. والعقبة الثالثة، هى الروتين والتشريعات الصارمة تجاه صناديق العقارات الخاصة، فالقانون يلزم الصندوق بأن يكون له مخصصات مالية تغطى استثماراته، رغم انه لا يبيع ولا يشترى بل يتعامل بالإيجار فقط، إضافة إلى شرط أن تكون الوحدات مسجلة فى الشهر العقارى وهو أمر من الصعب تنفيذه الآن فى ظل عدم تفعيل السجل العينى، موضحاً أن الصناديق تطرح سندات بها مخاطر لأن السند مملوك لصاحبه، بينما السندات العقارية مضمونة بالوحدة نفسها وبالتالى لا مخاوف على العملاء من إفلاس الصندوق. واستبعد ان تكون هناك شبهة غسل أموال، فقوانين هيئة الرقابة المالية تنظم تلك العملية بقوة، كما أن دخول الأجانب يتم وفقاً للقانون، وكثير من دول العالم لا تملك الأجانب ولكن تمنحهم الوحدات السكنية أو الأراضى بحق انتفاع يتراوح بين 25 إلى 100 سنة. وتوقع شادى السيد، المدير التنفيذى بالشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى، أن تستغرق صناديق العقارات الخاصة فترة زمنية تصل إلى 10 سنوات، حتى تنتشر وتحقق الهدف منها فى السوق المصرى؛ لأن المواطن المصرى يفتقر للعديد من الثقافات الاستثمارية، أبرزها الإيجار على فترات قصيرة المدى، وشراء السندات العقارية. وفى اطار افتقار المواطن المصرى للعديد من الثقافات الاستثمارية، قال محمد عادل، مدير التسويق بشركة أوشن للتطوير العقارى، إن صناديق الاستثمار العقارى يتوقع لها نفس مصير نظام «التايم شير» الخاص بإيجار وحدات سكنية لفترات طويلة ولكنها متقطعة على مدار السنة، فذلك النظام نجح فى جميع بلدان العالم وفشل فى مصر؛ نظرًا لنقص الثقافة، وافتقار القوانين، فكلا السببين وراء إحباط كل فكرة جديدة. وكشف د. ممدوح بدر الدين، رئيس شعبة الاستثمار العقارى باتحاد الغرف التجارية، عن إجراء مفاوضات بين وزارات الإسكان والمالية والاستثمار وكذلك المطورين العقاريين مع البنوك، بشأن تفعيل منظومة صناديق الاستثمار العقارى الخاصة خلال أقل من عام، بحيث توفر البنوك غطاء ماليا يضمن الصناديق فى حالة التعثر، إضافة إلى تفعيل دور البنوك فى مبادرة لتمويل العملاء ودعم قدرتهم الشرائية للوحدات. ورفض أن تسوق صناديق الاستثمار العقارى الخاصة وحدات السكنية بنظام البيع والشراء، ولكن الأفضل لها الاعتماد على الإيجار، لأن المستثمر يريد عائدا ثابتا، ولن يغامر بأمواله فى عملية البيع والشراء، خصوصًا أن هناك عقيدة لدى المستثمرين تقول «رأس المال جبان». وأكد رياض رفعت، مدير علاقات المستثمرين بمجموعة عامر القابضة، أن السوق المصرى جاذب للصناديق الخاصة، فمعدل الطلب الفعلى به كبير جداً، ولكن التشريعات تظل العائق الأول أمام دخول مليارات الصناديق، نظرًا لتشديد الرقابة ونقص العديد من القوانين مثل السجل العينى، وإنهاء ازمة الإيجار القديم، وضبط منظومة الإيجار الجديد، وتمكين المالك بالقانون والسلطة التنفيذية من الحصول على وحدته فى حالة انتهاء مدة الإيجار الجديد. وقال ابراهيم الشواربى، عضو الاتحاد العالمى للعقار، إن التشريعات هى العائق الأول أمام دخول الصناديق العقارية، فهى تلزم المستثمر بتقديم مستندات تثبت قيمة الدخل، رغم أن العديد من فئات المجتمع غير قادرين على اثبات دخلهم، مطالبًا بضرورة مشاركة شركات التأمين لحماية أموال المستثمرين فى الصناديق الخاصة، بجانب دور البنوك فى توفير الغطاء المالى للمطورين العقاريين والمستثمرين بالصناديق. وعن مخاوف احتكار بعض الصناديق للسوق العقارى، اكد الشواربى أن السوق العقارى لديه طلب أكبر بكثير من إمكانية الشركات على احتكاره، مطالبًا بضرورة تفعيل منظومة الإيجار التمويلى فى مصر، بحيث يوقع العقد بين العميل والشركة على أساس انه عقد إيجار بغرض التملك، وليس كما تفعل شركات التمويل العقارى التى توقع عقدا ثلاثيا للتمليك بين الممول والمشترى والبائع. وعن حركة الأسعار توقع الشواربى ارتفاع أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة موضحًا أن سعر الوحدة فى القاهرة الجديد كان 450 ألف جنيه عام 2006 وأصبح 2.25 مليون فى عام 2009، مرجعًا ذلك إلى مد الدولة شبكة طرق إلى أغلب المدن الجديدة، وبالتالى انتشر الامتداد العمرانى وارتفعت الأسعار هناك، خصوصًا بعدما أحيت الرحاب منطقة القاهرة الجديدة، وأحيت «مدينتى» منطقة الشروق، بجانب مشروع «ماونت فيو» والعاصمة الإدارية فى القاهرة الجديدة.