لم يكن ما آلت إليه الجولة الثالثة من مفاوضات سد النهضة بين مصر' بدرجة أساسية'وأثيوبيا مفاجئا قياسا علي النهج الذي اتبعته'وابتدعته أيضا' أديس أبابا طوال الأشهر الماضية منذ الاتفاق علي انشاء لجنة دولية تعني بدراسة آثار سد النهضة.. وتعكف القاهرة علي دراسة العديد من البدائل في مواجهة موقف أثيوبيا المتعنت خلال مفاوضات سد النهضة بعد فشل الجولة الثالثة التي عقدت بالخرطوم يومي4 و5 يناير الجاري... ووفقا لمصادر رفيعة المستوي أكدت أن مصر لم تفقد بعد الأوراق التي تواجه بها هذا التعنت,وتحفظ لها حقوقها التاريخية سواء في مياه النيل أو بمواجهة مشروع سد النهضة بالنظر الي الأضرار'الحتمية'التي ستنجم عنه في حال الاصرار علي تنفيذه بتلك المواصفات,وتجاهل ما انتهت اليه لجنة دولية من توصيات بعد سلسلة اجتماعات استغرقت نحو17 شهرا. ولم يكن الموقف الأثيوبي خلال جولات المفاوضات الثلاثة الماضية مفاجئا للقاهرة حسبما برهن علي ذلك سياسات أديس أبابا منذ الاتفاق علي تشكيل اللجنة الأولي'الفنية الدولية'التي درست السد من كافة جوانبه وأصدرت تقريرا خطيرا كشف الممارسات الأثيوبية والسلبيات وجوانب القصور في بناء السد. وكانت هذه اللجنة' الفنية الدولية' قد استغرق تشكيلها عدة أشهر ثم استهلكت نحو ستة أشهر أخري حتي بدأت تباشر مهمتها ثم عقدت ستة جولات استمرت17 شهرا بدلا من تسعة أشهر, بجانب ذلك دأبت أثيوبيا علي المراوغة والتهرب من تزويد اللجنة بالدراسات والوثائق التي اعتمدت عليها في هذا المشروع, مما دفع اللجنة الي انتقادها في تقارير عديدة واحدا بعد الآخر الي أن أنهت اجتماعاتها'التي تم تمديدها سبعة أشهر' وأصدرت توصياتها بضرورة اعادة النظر في مشروع السد برمته وادخال تعديلات عليه. كما أن الاجتماعات الأخيرة التي انطلقت في الخرطوم علي مدي الأشهر الثلاثة الماضية'وشهدت3 جولات'استغرقت أكثر نحو ستة أشهر منذ مايو الماضي الموعد الذي أصدرت اللجنة الفنية الدولية تقريرها النهائي حول مسالب السد.. وأفصحت المصادر عن أن القاهرة بصدد دراسة العديد من البدائل للتحرك علي كافة الأصعدة لكشف الموقف الأثيوبي, فيما اعتبرت أن فترة الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في مواجهة هذا التعنت,ولفتت في هذا الشأن الي أن لدي مصر الكثير من البدائل وأنها لم تفقد الأوراق الدبلوماسية والقانونية لوضع حد لتلك الممارسات. ونوهت الي أن مصر لن تتردد في اللجوء الي جهات دولية سواء مجلس الأمن أو محكمة العدل لطلب المشورة القانونية باعتبار أن مشروع السد غير قانوني وينطوي علي مخالفات للقانون الدولي والمواثيق التي تنظم سريان الأنهار الدولية,وأنه في حال الاصرار علي تنفيذه بتلك المواصفات سيؤدي الي أضرار ضخمة علي كافة الجوانب اقتصاديا وأمنيا وبيئيا الي جانب تهديده للسلم والأمن بهذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية من العالم علاوة علي ذلك فان القاهرة تبحث في تصعيد تحركاتها لدي المنظمات والدول المعنية لمحاصرة الموقف الأثيوبي,خاصة مع الدول التي ترتبط بعلاقات معها'عربية وأجنبية' لتوضيح مخاطر هذا المشروع وتأثيراته علي مصالحها,فيما ستؤكد أنها ليست ضد بناء المشروع بذاته وانما الاصرار علي تنفيذه بالمواصفات التي عارضتها لجنة فنية دولية محايدة. ولفتت أيضا الي أن حصول مصر علي مشورة قانونية بعدم شرعية بناء السد بهذه المواصفات سيعد بمثابة وثيقة دولية تعزز من مواقف القاهرة من شأنها أن تدعم تحركاتها لدي الدول والمنظمات المعنية,وكذا للضغط علي أي أطراف يمكن أن تقدم الدعم لأثيوبيا في بناء هذا المشروع. ويبقي موقف السودان يظل يراهن برغم أضرار السد حال بنائه بمواصفاته الحالية علي امكانية التوصل الي صيغة عبر المفاوضات لتضييق الخلافات بين وجهتي النظر المصرية والأثيوبية في الوقت الذي تنفي الخرطوم تماما وجود أي صفقة,معتبرا أن التفاوض هو الأسلوب الأفضل للتوصل الي اتفاق يحقق مصالح الأطراف ويحفظ العلاقات بينها.