أدان التقرير الثالث للجنة الفنية المعنية، ببحث آثار سد النهضة الإثيوبي، أديس أبابا بشدة لعدم تعاونها الكافي مع اللجنة، وعدم موافاتها بالوثائق والدراسات الخاصة بمشروع السد قبيل شروعها في بنائه. ولفت التقرير الذي تم وضعه علي أثر اجتماع اللجنة في أديس أبابا قبل عدة أيام من الشهر الجاري، إلي أن اللجنة لا يمكن أن تستمر في إضاعة وقتها في ظل الموقف الإثيوبي السلبي، الذي لم يقدم حتي الآن ما يثبت إجراءه للدراسات التي تمكنه من الشروع في بناء هذا السد الضخم للغاية. ويعد اجتماع اللجنة هو الثالث منذ تأسيسها إثر طلب مصري فيما كانت أديس أبابا قد ظلت تراوغ في تلبيته، ثم سعت إلي حصر نطاقها ومهمتها بين الدول الثلاث، غير أن ضغوط القاهرة نجحت في توسيع اللجنة لتضم خبراء دوليين من دول أوروبية وجنوب إفريقيا مختصين في بناء السدود. في السياق ذاته تحدثت مصادر بالقاهرة عن خطورة الاستمرار في بناء السد في ظل غياب ما يثبت إعداد هذه الدراسات، وأكدت أن إصرار الجانب الإثيوبي علي بنائه بهذه المواصفات والمعايير سيعني انهياره الحتمي، مما يعرض السودان "الخرطوم" للغرق الكامل، وإلحاق الضرر الحتمي أيضا بمصر. وكانت مصر قد نفت تماما توسط الولاياتالمتحدة بينها وبين إثيوبيا في موضوع هذا السد، فيما أكدت مصادر مطلعة أن القاهرة لا تقبل أي وساطة في مثل هذه القضية باعتبارها ليست قضية سياسية ولا تحتمل أنصاف الحلول. وشرعت أديس أبابا في بناء سد النهضة في غمار اشتعال أحداث ثورة 25 يناير وفي الوقت الذي كانت مصر منشغلة بوضعها الداخلي استغلالا لهذه الأحداث ظنا بنجاحها في فرض الأمر الواقع عليها، بخاصة بعد إبرام اتفاقية عنتيبي في مايو 2010، لإعادة توزيع حصص مياه النيل. جدير بالذكر أن طاقة تخزين هذا السد لمياه النيل تصل 70 مليار متر مكعب مما سيضر حتميا بحصة مصر والسودان من المياه، فيما ترفض الدولتان تماما بناء هذا السد، وهو الموقف الذي تم إبلاغه لكل الجهات الدولية سواء أكانت دولا "خاصة الولاياتالمتحدة ودولا أوروبية"، بجانب منظمات ومؤسسات التمويل الدولية وعلي رأسها البنك الدولي. والغريب أن أديس أبابا تدعي أنها شرعت في بناء هذا السد لأجل توليد الكهرباء والطاقة، بينما تحقيق هذا الهدف يحتاج الي تخزين كميات من المياه تتراوح بين 10 إلي 15 مليار متر مكعب فقط وليس هذه الكميات الضخمة التي تثير الشكوك وعلامات الاستفهام في حقيقة نوايا أثيوبيا. ويشار أيضا إلى أنه ووفقا لمصادر دبلوماسية مصرية رفيعة المستوي فإن مصر ليست ضد بناء هذا السد، ولا تقف ضد حق إثيوبيا في الاستفادة بالطاقة، ومن ثم تحقيق عملية التنمية بها، وإنما ضد بنائه بهذه المواصفات التي تمس حقها وحق السودان في المياه من جانب، كما أن بناءه ينذر بوقوع كارثة تهدد الأمن والاستقرار بالبلدين معا.