كانت جلسة الأربعاء الماضي في مجلس الوزراء تاريخية بدون شك بعد أن حصلت الحكومة علي حبوب الشجاعة وأصدرت عدة قرارات حاسمة, أولها: تحديد الحد الأقصي للدخل في الجهاز الإداري للدولة ب35 مثل الحد الأدني بما لا يتجاوز42 ألف جنيه شهريا. وفي نفس الجلسة وافقت الحكومة علي السماح للبنوك بتكوين مخصصات واعتبارها جزءا من التكاليف وخصمها من الأرباح بما يتجاوز80% من قيمة تلك المخصصات. أيضا وافق مجلس الوزراء علي تنفيذ حكم عودة بعض شركات الخصخصة إلي الدولة وتكليف وزارة المالية بتوفير المبالغ اللازمة لتعويض المضارين من هذه الأحكام.. وربنا يستر علي تأثير تلك الأحكام علي فقد مصر لكثير من مصداقيتها أمام المستثمرين في أنحاء العالم, وعلي عجز الموازنة العامة الذي سيرتفع بدون شك نتيجة لتوفير مبالغ التعويض, خاصة أن مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا مسعود أحمد حذر من تراجع معدل النمو في مصر إلي1.8% خلال العام الحالي مقابل2.2% العام الماضي بسبب التحديات الاقتصادية البالغة الصعوبة واضطرابات التحول الديمقراطي وتداعيات تلك العملية, إضافة إلي تفاقم مشكلات الاقتصاد الدولي وتراجع معدلات النمو العالمية خاصة في أوروبا الشريك التجاري المهم لمصر وكثير من الدول العربية. مصر في حاجة إلي مزيد من القرارات الجريئة التي تصب في خانة تنشيط الاقتصاد ومساندة القطاعات الإنتاجية في القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام لتستطيع أن توفر فرص عمل جديدة تحد من البطالة التي بلغت30% بين الشباب دون الثلاثين عاما وهم الفئة الاكثر عطاء, والأكثر سهولة في التأثير عليهم وعلي أفكارهم وعقولهم التي يستغلها القائمون علي المنظمات الإرهابية لتجنيدهم مرة باسم الدين, ومرات باسم الحرية والديمقراطية من خلال بعض منظمات المجتمع المدني الأجنبية, ويكون الشباب معذورا في تصديق تلك الشعارات لأنها حق ولكن يراد به باطل. قرار تحديد حد أقصي للدخل للعاملين بالجهاز الإداري للدولة يحتاج إلي خطوة أخري جريئة أيضا, وهي أن يمتد ليشمل قطاعات أخري في الدولة بعيدا عن الجهاز الإداري, وليكن ذلك علي مرحلتين خلال العام المالي المقبل, الأولي: تشمل القضاء والشرطة والمؤسسات الصحفية. والمرحلة الثانية تشمل الجهاز المصرفي, وعلينا ألا نخاف من هروب الكوادر.. فمصر ولادة كما يقول المثل الشعبي, ولديها صفوف لم تحصل علي حقها في الحكم والإدارة والعمل. في الرابعة من عصر الخميس الماضي انتهت حالة الطوارئ وحظر التجوال تنفيذا لحكم القضاء الإداري, وهو إعلاء للسلطة القضائية حتي وإن جاء قبل نهايته القانونية بأقل من24 ساعة فقط, لأن حالة الطوارئ كان مقررا لها أن تنتهي بعد مرور ثلاثة أشهر من فرضها في14 أغسطس أي قبل منتصف ليلة الجمعة الماضية. انتهاء حالة الطوارئ لقي ترحيبا دوليا من جميع الدول الغربية والعربية التي كانت تري أن فرض تلك الحالة يعد عائقا أمام جذب مزيد من الاستثمارات وأيضا أمام السائحين خاصة في القاهرة والإسكندرية التي يعشق السائحون العرب السهر فيها حتي ساعات الصباح الأولي في المسارح والسينما والمقاهي. ولكن انتهاء حالة الطوارئ وحظر التجوال لا يعني ترك أوضاع الشارع المصري بدون تنظيم وأن نتركها مرتعا للخارجين علي القانون, ولبعض أصحاب المحال لتخزين البضائع المهربة من الجمارك وبعيدا عن أعين رجال الضرائب وباقي الأجهزة الرقابية. لابد من تحديد مواعيد لإغلاق المحال التجارية المرخصة والبائعين الجائلين الذين يفترشون الشوارع ويسرقون الكهرباء من الأعمدة ويعيقون سير المارة والسيارات, ولا أعرف لماذا تسكت وزارة الداخلية عن المطالبة بإغلاق تلك المحال التي تعوق الشرطة عن دورها في مراقبة الشارع المصري, ولا أعرف لماذا تسكت وزارة الكهرباء عن نفس الشيء رغم ما تتكبده من مليارات سنويا لتوفير الطاقة لإنارة تلك المحال المرخصة, وإيقاف عمليات سرقة التيار الكهربائي التي أصبحت ظاهرة وكأن كل محل لديه فرح يومي. [email protected]