أيام قليلة وتنتهي حالة الطوارئ ومعها حظر التجوال, ورغم المخاطر المحدقة بالبلاد فإنني لا أخفي سعادتي بانتهاء حالة الطوارئ, ولكن علينا أن نستغل حالة التوافق المجتمعي علي ضرورة القضاء علي الإرهاب لتصحيح الأوضاع المقلوبة داخل الشارع المصري. يوم الجمعة الماضي وخلال جولة تسوق في إحدي سلاسل الهايبر ماركت الشهيرة, كنت سعيدا جدا عندما بدأت أقسام البيع في التوقف عن البيع في الرابعة والنصف عصرا رغم وجود أعداد كبيرة من راغبي الشراء, وكان التوقف عن البيع بسبب ضرورة إغلاق المحال في الخامسة لأن حظر التجوال سيبدأ في السابعة مساء ويجب إعطاء فرصة للعاملين للذهاب إلي منازلهم. مصدر سعادتي أنني تذكرت ما يحدث في معظم دول العالم عندما تبدأ في خفض الأضواء قبل مواعيد الإغلاق لتنبه المشترين بأن المحل سوف يغلق في موعده وهو غالبا العاشرة مساء. لماذا لا تستفيد محافظة القاهرة, بل وكل محافظات مصر من حظر التجوال الحالي الذي اعتاد عليه الناس بدون تذمر أو ضيق, لنطبق ما عجزنا عن تطبيقه في الماضي, وهو أن تكون مواعيد الإغلاق الرسمية للمحال التجارية في العاشرة مساء, وأن نترك الفرصة فقط للصيدليات, والمستشفيات وعدد قليل من المقاهي وأماكن الترفيه للسياحة, وأن يتم توقيع عقوبات شديدة علي المخالفين من أصحاب المحال التجارية تصل إلي حد الإغلاق أو سحب الرخصة في حال تكرار المخالفة حتي وإن كان لديه زبائن ترغب في الشراء. تنظيم مواعيد إغلاق المحال سوف يقضي علي عدد من الظواهر السيئة في المجتمع, أولها أن المحال في مصر لا تفتح قبل الثانية عشرة ظهرا, وأصبح العامل المصري مثل الفلاح المصري يستيقظ مع أذان الظهر ليذهب إلي الورشة أو المحل لأنه يسهر إلي الثانية صباحا.. وكان من نتائج ذلك زيادة استهلاك الكهرباء إلي ضعف الاستهلاك الطبيعي, وكان من نتيجة ذلك أن انتشرت عمليات التهريب وبيع السلع المهربة ليلا في المحال نظرا لغياب جهات المراقبة من جمارك وضرائب وحملات وزارة الصحة والتموين في هذه الساعات المتأخرة من الليل.. بخلاف الظواهر الأخلاقية السيئة من عمليات التحرش بالفتيات, وعمليات البلطجة وانتشار الباعة الجائلين في وسط الشوارع وأمام أبواب المحلات وبعض هؤلاء البائعين ينسقون مع أصحاب المحلات بعيدا عن الرقابة. يجب أن تتخذ الحكومة خطوات جريئة لمصلحة تنظيم التجارة والاقتصاد والشارع, وأن تعلن لنا عن الوفورات التي تمت في استهلاك الكهرباء خلال فترة الحظر, وأن يلتزم اتحاد الغرف التجارية بتنفيذ المواعيد الجديدة بدلا من مقاومتها خاصة أن الشتاء علي الأبواب والمدارس والجامعات بدأت تمارس عملها. ------------------ التحرش قضية أخلاقية.. واقتصادية لا أجد حرجا أن نستفيد من تجارب الآخرين مهما كانت انتماءاتهم العقائدية أو قناعاتهم الأيديولوجية, الصين لديها تجربة متميزة في محاربة الفساد, وإيران لديها تجربة ناجحة في محاربة التحرش في الشوارع, ومع انتشار التحرش في الشارع المصري, في ظل غياب الرادع أمام هؤلاء المتحرشين وبالطبع لم يعد هناك وازع ديني أو أخلاقي نظرا لضعف دور المدرسة والجامع والكنيسة, تحول التحرش إلي ظاهرة اعتاد عليها المجتمع للأسف الشديد. في إيران كانت تلك الظاهرة منتشرة ربما أكثر من مصر وخلال زيارة لوفد إعلامي ضمن عشرات الوفود التي زارت بلاد الفرس, شرحوا لنا أنهم استعانوا بكاميرات التليفزيون لتصوير أحداث التحرش في الأماكن المشهورة وأنهم كانوا يتعمدون أحيانا أن تقف فتاة علي قارعة الطريق لتشير إلي سيارة فيقف صاحبها لتركب معه الفتاة ثم يهددون بنشر الفيلم في التليفزيون الإيراني أمام زوجته وأبنائه ومعارفه, وبالفعل استطاعوا أن يقضوا علي ظاهرة التحرش خوفا من الفضائح المصورة ومن العقاب الجنائي, تذكرت ذلك بعد أن قرأت شكوي منسق حملة امسك متحرش حاتم شعبان من أن أعضاء الحملة يتعرضون كثيرا للضرب من المتحرشين وبعضهم يحمل أسلحة. وقضية التحرش ليست فقط قضية أخلاقية لا يرضي عنها الدين والمجتمع, ولكنها أيضا قضية اقتصادية عندما يتعرض السائحون لمثل تلك التصرفات المشينة, في وقت تعاني فيه مصر كلها من نتائج غياب السياحة. [email protected]