طالعتنا جريدة الجمهورية بعددها الصادر في28/4/2013 بأن مؤشرات حصاد القمح لهذا الموسم10 ملايين طن مما قد يصل بالبلاد لحد الاكتفاء الذاتي, كما اعتمدت الحكومة11 مليار جنيه مصري لشرائه من المزارعين لحساب الهيئة العامة للسلع التموينية حيث ارتفع سعر الاردب من380 جنيها الي400 جنيه ليصل سعر الطن2670 جنيها بزيادة حوالي400 جنيه عن اسعار القمح المستورد, كما طالعتنا ذات الجريدة بعددها الصادر في2/5/2013 برأي خبراء القمح مخالفا لذلك الامر الذي يستوجب كشف النقاب عن الحقائق التالية: من المسلمات ان وزارة التموين هي المسئولة عن حماية حقوق ومصالح المواطن المصري خاصة معدومي ومحدودي الدخل في حصوله علي احتياجاته المعيشية التي من اهمها القمح فهو من المحاصيل الرئيسية الذي تعطيه جميع دول العالم اهمية خاصة باعتبار ان من لا يملك قوته لا يملك قراره.. ومنظومة القمح المحلي في مصر منذ عقود زمن بعيد حتي الان تنهج منهجا يقوم علي عاملين فضلا عن مخالفتهما لاحكام القانون والدستور الا انهما يتعارضان كل التعارض مع قواعد اقتصاديات السوق الحر وهما: 1 تحديد أسعار التوريد. 2 تحديد جهات معينة للتوريد. اما عن العامل الاول فان القرار الوزاري236 لسنة2012 الصادر في5/11/2012 قد حدد سعرا لتوريد اردب القمح المحلي زنة150 كجم من محصول الموسم الحالي هو:390 جنيها بدرجة نظافة22.5 قيراط,395 جنيها بدرجة نظافة23 قيراطا,400 جنيه بدرجة نظافة23.5 قيراط, وقد يتبادر لذهن وزير التموين ان هذه الاسعار تفوق اسعار القمح المستورد مما يحقق نفعا للموردين ولكن بالرغم مما يتمتع به القمح المحلي من خصائص ومواصفات تفوق المستورد فان التغيير المفاجئ والارتفاع الواضح في سعر الصرف بين الجنيه المصري والعملات الاجنبية يحقق نتائج تخالف ظن وتوقع وزير التموين في ذلك لذا فلا تتمتع اسعار القمح المستورد بالثبات والاستقرار.. ومن ثم فإن سياسة تحديد اسعار لتوريد القمح المحلي لحساب وزارة التموين له آثار مباشرة وغير مباشرة علي كفاءة اداء منظومة القمح وقدرة الموردين علي توليد الارباح المراد تحقيقها منه التي تمثل احد المعايير الهامة في قياس نجاح زراعة هذا المحصول في مصر وتحقيق الاهداف الاقتصادية للبلاد حيث ان الربحية تمثل زيادة الايرادات علي النفقات او الزيادة في حصيلة المبيعات علي اجمالي تكاليف الانتاج وبالتالي فهي تعبير عن القيمة المضافة لمحصول القمح المصري المتوقع قيامها.. وتدخل وزارة التموين خلال النظام السابق واللاحق في تحديد سعر لتوريد القمح المحلي لحسابها سوف يجمع بين امرين متناقضين متعارضين كل منهما اشد خطرا علي الاخر وضررا بالاقتصاد القومي للبلاد خاصة اذا بغي احدهما علي الاخر في ظل الظروف الراهنة لاقتصاد البلاد. فاذا حقق تحديد اسعار التوريد نفعا للموردين علي حساب المنفعة العامة فهو اهدار للمال العام يستوجب فيه المساءلة الجنائية وما نحن ببيعد من مثل تلك القضايا التي طرأت علي الساحة الاقتصادية عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير2011, اما اذا حقق تحديد اسعار توريد القمح المحلي لهذا الموسم نفعا للدولة علي حساب الموردين فهو اهدار لحقوقهم التي كفل حمايتها القانون والدستور.. لذا وجب احترام القانون الذي اقسم عليه الوزير والذي جاء بقواعد تتسم بعموم التطبيق دون تمييز وتجريد المنشأ دون هوي يتمثل في قانون تنظيم المناقصات والمزايدات89 لسنة1998 وتعديلاته ولائحته التنفيذية وهو ما كان يتعين علي وزير التموين تنفيذ احكامه التي تحقق العلانية وتكافؤ الفرص والمساواة بين الاطراف وحرية المنافسة المشروعة مما يحقق العدالة الاجتماعية والمصلحة العامة دون افراط او تفريط من خلال توافر كامل عناصر الارادة والاهلية لوزارة التموين والموردين. أما عن العامل الثاني وهو ما وضع الموردين بين امرين احدهما اشد مرارة من الاخر فهو إما التوريد لحساب وزارة التموين بالاسعار التي حددتها وإما الاحتفاظ بالمحصول دون تعظيم المنفعة في استخدامه او بيعه او استعماله خاصة أن وزارة التموين قد وضعت سياجا حديديا صلبا يحول علي المطاحن المنتجة للدقيق72% الحر التداول حيازة القمح المحلي خاصة ان المطاحن المواني المختصة بالطحن للاهالي ليست بالتقنيات التكنولوجية لهذه المطاحن.. تأسيسا علي ما سلف فانه يتعين علي الحكومة تطوير منظومة القمح والدقيق والخبز المدعم فليس هناك طريق واضح صحيح يحقق وصول الدعم لمستحقيه الحقيقيين الا الدعم النقدي وليس الدعم العيني خاصة في الخبز واسطوانة البوتاجاز وعلي الحكومة ممثلة في وزير التموين ترك آليات السوق تتفاعل بحرية ورفع القيود عن المخابز والمطاحن والقمح فسوف تتحقق النتائج الاقتصادية التي يزيد فيها حجم المعروض علي حجم الطلب فتقل الاسعار عما هي الان. فإن لم يكن في مقدور الحكومة ذلك فيجب ابرام عقود بين وزارة التموين والموردين علي شراء القمح وفق احكام القانون89 لسنة98 وكذلك التعاقد مع المطاحن والمخابز علي انتاج الحجم المطلوب للمستحقين فقط لدعم الخبز, هذه قواعد ليست بجديدة علي المفاهيم انما العوائق في سوء الادارة وانعدام الدراية, وكفي اختيار اهل الثقة دون اهل الخبرة ولا داعي للسباق بطريقة النعام فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي. ------------------- رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة الأسبق