خبراء: محاولة دولية لتغليف احتلال سوريا قبل تقسيمها فيما يمكن اعتباره أول إعلان رسمي عن وجود نوايا دولية لتقسيم سوريا اقترح المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا تشكيل إدارة ذاتية في شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة. الاقتراح الذي اتفق النظام السوري والمعارضة على رفضه ربما لن يكون نهاية المطاف فى أزمة تقسيم سوريا فى ظل وجود دعم أمريكي واضح لفكرة الفيدرالية التي يتبناها الأكراد فى الشمال السوري . وقال المبعوث الدولي في تصريحات صحفية في دمشق الأحد إنه يعتقد بأن مثل هذا الإجراء "الإدارة الذاتية لشرق حلب" يجب أن يكون مؤقتا، وشدد على ضرورة أن يتم التعامل مع حلب على أنها "حالة خاصة". وعقب محادثات أجراها مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم بدمشق، حذر دي ميستورا من أن الوقت "ينفد" بالنسبة للوضع في شرق حلب، وقال "نحن في سباق مع الزمن"، معربا عن الاستنكار الدولي لحملة القصف المكثف التي يقوم بها النظام السوري على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة. كما حذر من أنه "بحلول عيد الميلاد وبسبب كثافة العمليات العسكرية، قد نشهد تدهورا لما تبقى في شرق حلب، ويمكن أن ينزح نحو مئتي ألف شخص إلى تركيا، مما سيشكل كارثة إنسانية"، مؤكدا رفض دمشق اقتراحه إقامة "إدارة ذاتية" لمقاتلي المعارضة في أحياء حلب الشرقية. أما وزير الخارجية السوري وليد المعلم فقد قال إن دمشق رفضت اقتراحا من دي ميستورا بتشكيل إدارة ذاتية في شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة. وخلال المؤتمر الصحفي مع المبعوث الأممي، قال المعلم إن "فكرة الإدارة الذاتية التي طرحها دي ميستورا مرفوضة لدينا، لأنها نيل من سيادتنا الوطنية ومكافأة للإرهاب"، على حد قوله. كما أعلنت المعارضة السورية رفضها مقترح دي مستورا أكد الائتلاف السوري المعارض رفضه اقتراح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستفان دي ميستورا ، معتبرا رفض دمشق له مجرد مكيدة إعلامية. وقال أسعد الزعبي رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات التابع للائتلاف الوطني السوري فى تصريحات صحفية إن الاقتراح يحقق هدف النظام المتمثل في إخراج المقاتلين أو المواطنين، وهو ما لم يتمكن من تحقيقه بالقصف العنيف الذي يستهدف بمختلف الأسلحة المحرمة دوليا أحياء حلب الشرقية المحاصرة. وبحسب خبراء وباحثين فإن دعوة ديمستورا حول منح شرق حلب إدارة ذاتية قد تكون غير واقعية أو منطقية ولكنها جس نبض لقبول الأطراف السورية بفكرة تقسيم البلاد . ويري د.خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك محمد الخامس بالرباط أن دعوة غير واقعية لأن الصراع حول حلب استرتيجي بالنسبة لروسيا والنظام السوري من جهة وبالنسبة لتركيا وأمريكا من جهة ثانية. وأكد يايموت فى تصريحات خاصة ل"الأهرام العربي" أن الدعوة تهدف فقط لخلق واقع دبلوماسي توافقي لحظي لا يحل الأزمة ولا يؤثر على مسار الإستراتيجيات الدولية المتناقضة والمتضاربة في حلب خاصة وفي سوريا عموما. وأشار إلى أن هناك توجه روسي وأمريكي يهدف للبحث عن مناطق داخل سوريا تخضع لإدارة دولية وهذا يتيح للقوى الدولية تغليف احتلالها لمناطق معينة في انتظار تكريس تقسيم معين دون حرب طاحنة ومكلفة لجميع الاطراف, لافتا إلى أن دعوة ممثل الأممالمتحدة هي تعبير عن هذا التوجه الجديد الذي يريد مناطق تحت ادارة دولية. وبسؤاله حول وجود رغبة دولية لتقسيم سوريا أكد الباحث المغربي أن فكرة التقسيم مؤجلة، ومصالح أطراف الصراع السوري تدفع للبدأ بمناطق ادارة دولية بمعنى أن يكون للامم المتحدة دور كبير في ادارة مناطق بعينها، لكن في الجوهر القوات الدولية المزمع نشرها لها أجندة تقسيم لان القوات التي يراد وضعها في حلب هي تمهيد فقط لعملية التوافق حول توزيع مناطق النفوذ وهذه مرحلة أولى من التقسيم باشراف الأممالمتحدة. بدوره اعتبر فادي عاكوم ادعوة المبعوث الاممي ستيفان دي مستورا لاعطاء شرق حلب حق الادارة الذاتية هي بادرة أممية جدية لطرح تقسيم سوريا كحل من الحلول النادرة للتخلص من الأزمة الحالية التي تعيشها سوريا والسوريين منذ خمس سنوات. وقال عاكوم ل"الأهرام العربي" حسب الوقائع الميدانية من غير الممكن التوصل الى أي اتفاق غير اتفاق التقسيم بسبب طبيعة انتشار القوى السياسية والعسكرية على الارض، كما ان الحل العسكري أصبح بعيدا جدا بسبب حجم القوى ان كانت تابعة للنظام او للفصائل المعارضة، ويبدو واضحا ان مقترح دي مستورا يعتبر بالونا للاختبار او مفتاح البدء باجراءات التقسيم، خصوصا وأن بعض العمليات العسكرية الجارية في حلب نفسها ومنطقة دير الزور تتلاقى مع واقع التقسيم من ناحية ترسيم الحدود بين المناطق المختلفة. ويري الباحث أن الادارات الذاتية عبارة أكثر لطفا من عبارة التقسيم وسيكون لها اثر كبير في تهدئة العمليات الحربية الدائرة ووقف نزيف الدم، لافتا إلى أن الإدارات الذاتية إن حصلت سيواكبها دون شك فرض لوقف اطلاق النار يليه مرحلة إعادة الإعمار ومنع المظاهر المسلحة العشوائية بشكل مطلق لارساء الأمن، وربما تكون وسيلة جدية لاعادة بناء الجيش السوري من جديد.