المجلس الأعلى للجامعات يوافق على إنشاء جامعة سوهاج التكنولوجية    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    بنك الأهلى فاروس يقترب من إغلاق إصدارين للصكوك ب8 مليارات جنيه فى الاستثمار الطبى والإنشاءات    رئيس هيئة قناة السويس: نلتزم بالدور المحوري للقناة في تحقيق الاستدامة لسلاسل الإمداد العالمية    مصر تستورد 391 ألف طن من الذرة وفول الصويا لدعم احتياجات السوق المحلية    شيخ الأزهر يعلِّق مكالماته لتهنئة أوائل الشهادة الثانوية ويلغي المؤتمر الصحفي للنتيجة تضامنًا مع غزة    وزير الطاقة السوري يزور السعودية لتعزيز التعاون الثنائي    تجدد القتال لليوم الثالث بين كمبوديا وتايلاند ووقوع ضحايا ومصابين    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    الأهلي يعلن انتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس كرو الأمريكي    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    عقوبة الإيقاف في الدوري الأمريكي تثير غضب ميسي    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    الداخلية تكشف ملابسات فيديو طفل يقود سيارة وتضبط المتورطين في الجيزة    أمّ المصلين بالأزهر رمضان الماضى.. 86% مجموع محمد احمد حسن من ذوى البصيرة    مدين يشارك تامر حسني كواليس حفل "العلمين"    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    سميرة عبدالعزيز في ندوة تكريمها: الفن حياتي.. وبرنامج «قال الفيلسوف» هو الأقرب لقلبي    دور العرض السينمائية تقرر رفع فيلم سيكو سيكو من شاشاتها.. تعرف على السبب    عالم أزهري: تجنُّب أذى الأقارب ليس من قطيعة الرحم بشرط    ناهد السباعي تتربع على عرش التريند بسبب إطلالة جريئة    تقرير فلسطيني: إسرائيل تسيطر على 84% من المياه بالضفة    فحص 394 مواطنا وإجراء 10 عمليات باليوم الأول لقافلة جامعة المنصورة الطبية بشمال سيناء    وكيل صحة الدقهلية يوجه المستشفيات برفع كفاءة الأداء والتوسع في التخصصات الدقيقة    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي يؤكدان ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة    صور| ترامب يلعب الجولف في مستهل زيارته إلى أسكتلندا «قبل تظاهرات مرتقبة»    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    أكسيوس عن مصادر: أعضاء بإدارة ترامب يقرون سرا بعدم جدوى استراتيجيتهم بغزة    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    الأزهر يرد على فتوى تحليل الحشيش: إدمان مُحرّم وإن اختلفت المُسميات    محافظ البحيرة: 8 سيارات لتوفير المياه في المناطق المتضررة بكفر الدوار    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    نجاح جراحة ميكروسكوبية دقيقة لاستئصال ورم في المخ بمستشفى سوهاج الجامعي    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    وزير الزراعة اللبناني: حرب إسرائيل على لبنان كبدت المزارعين خسائر ب 800 مليون دولار    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوب ديلان المغني الذي سعت إليه.. إلى متى تتجاهل "نوبل" العرب؟
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 10 - 2016

فريدة النقاش: الأدب العربي مظلوم لوجود قامات كثيرة تخرج عن نطاق الجوائز العالمية
- محفوظ عبد الرحمن: المحكمون في نوبل ينحازون للصهاينة
- د. عبد المنعم تليمة: الأهواء السياسية تدخل في منح نوبل وتتم من تحت الترابيزة
- د. هيثم الحاج علي: كان من الأفضل أن تمنح لمفكر مؤثر
- أمير تاج السر: هناك انحدار كبير في قيمة الجوائز الأدبية
- موسي الحوامدة: مازلنا نجرجر أرجلنا نحو المستقبل متكئين علي عصا القرون الماضية
- سلوي بكر: هناك إفلاس فكري في العالم الغربي
- محمود قرني: الحسبة جاءت علي عكس ما كنا نتوقع
- لؤي عبد الله: فوز ديلان بها مسعي لإيقاظ روح التفاؤل من أجل السلام
لم ينته الجدل واللغط حول جائزة نوبل التي اعتدنا الإعلان عنها في 13أكتوبر من كل عام، وبمجرد أن تعلن خصوصا في فرع الآداب، يدور سجال واسع النطاق في الدوائر الثقافية في العالم أجمع العربي والغربي، فدائما يكون الفائز شخصاً غير متوقع، العام الماضي كانت سيفتلانا أليكفيتيش، تلك الصحفية التي قيل عنها إن إنتاجها الأدبي لا يتعدي الثلاثة كتب، وها نحن اليوم نجد نوبل تمنح للمغني الأمريكي الشهير بوب ديلان، ربما يستحقها عن جدارة من وجهة نظر البعض، لكن هناك آراء أخري تقول: كان من الأجدر أن تمنح لروائي، بين هذا الرأي المؤيد وذاك المعارض، نتساءل: لماذا لا تمنح الجائزة لمثقف عربي بعد نجيب محفوظ؟ أو حتي قبل نجيب محفوظ؟ في ظل وجود أبحاث ودراسات مقارنة كانت تؤكد استحقاق مثقفين عرب، وحصولهم علي هذه الجائزة عن جدارة، خصوصا ترشح لها من قبل عام 1948، الكاتب الكبير طه حسين، وللأسف لم يحصل عليها برغم أنه باعتراف الجميع يستحقها عن جدارة؟
ولا نذهب بعيدا، فالشاعر الكبير أدونيس ترشح لها أكثر من مرة ولم يحصل عليها وغيره الكثيرون، ما يثبت للجميع أن هناك حسابات ومصالح خفية.
ليظل السؤال قائما متي ينتهي الجدل حول تلك الجائزة العالمية؟ وما مستقبلها بعد اليوم؟! وهل عدم منحها للعرب يعد بمثابة إعلان وفاة للأدب العربي؟!
"الأهرام العربي" اقتربت من المثقفين العرب والتي اختلفت آراؤهم بين مؤيد ومعارض.
في البداية تقول الكاتبة الكبيرة فريدة النقاش، عن جائزة نوبل أنها وضعت مجموعة من المعايير منذ زمن طويل عبر عنها الكاتب الكبير أزب مارك شبل، والذي كان عضو لجنة الجائزة المكلف منها بتحرير، كتاب تحت عنوان "دراسة في معايير اختيار جائزة نوبل في الأدب" وكانت الفكرة الرئيسية في هذه المعايير، كما سجلها أحد أعضاء المرشحين للجائزة تقوم علي الإخلاص الفلسفي التي يقوم عليها النص الأدبي، وتواصل حديثها إذا كانت هذه الفلسفة تتفق مع القيم المثالية التي تؤمن بالتغيرات، وعدم الثبات العام وعدم تحوله أيضا، كما أنها هي التي تقرر الأعضاء الذين يختارون الفائزين أي أنها باجتياز شديد ضد الأفكار الجديدة التي تدعو إلي تغيير العالم، وهي قيم سادت في عصرنا سواء نجحت تجاربها أم لم تنجح، فبطبيعة الحال لهم قدراتهم الإبداعية ومخيلاتهم والعوالم والرؤى التي يرتكزون عليها في هذا السياق.
وتري النقاش أن بوب ديلان، أهم ما يميزه أنه فنان متعدد المواهب وشامل، إذا جاز لنا أن نستخدم هذا التعبير، لكن فيما يكتبه، فرؤية العالم لديه تتمثل في الالتزام الضمني للمعايير التي وضعتها الجائزة، وتضيف: هو شاعر جيد والنقد الحديث يتجه الآن إلي عدم الفصل بين الألوان الأدبية، فالروابط الجدلية بين العوالم الإبداعية المختلفة هي موضوع الدراسات النقدية في السنوات الأخيرة.
وتعتبر النقاش، أن منح الجائزة لبوب ديلان يتفق مع التوجهات الجديدة في النقد الثقافي. ومن وجهة نظرها أن وجود اللغط في مثل هذه الجوائز متوقع، نظرا لاختلاف وجهات النظر، ونظرا لوجود شكوك كثيرة في البلدان العربية. وتأسف قائلة: الشاعر الكبير أدونيس، ظل يترشح لسنوات طوال لهذه الجائزة ولم يحصل عليها، ما يؤكد أن الأدب العربي مظلوم لوجود قامات كبيرة تخرج عن نطاق مثل هذه الجوائز العالمية.
وتبرر قولها بوجود تحيزات "استعمارية" وأسباب خفية تتم علي أساسها الاختيارات، وإن كانت تخطيء في بعض الأحيان وتصل إلي من يستحقها عن جدارة، كما حصل عليها جارثيا ماركيز.
بينما يعلن الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن، صراحة قلقه علي مستقبل هذه الجوائز التي أصبحت لا تلتزم بالمعايير الواضحة، فعلي الرغم من أهميتها فإنها باتت محصورة في إطار معين ونطاق ضيق.
ولا يعترض علي منح جائزة لبوب ديلان، الحاصل علي نوبل في الأدب هذا العام، لكنه يري أنه من الفضل وجود فرع في الفنون، كان يمنح لهذا المغني الشهير الذي يتبني قضايا قومية في أغانيه، لكن ليس جائزة في الأدب في ظل ترشح كتاب وشعراء عرب كانوا الأجدر في الحصول عليها.
في الوقت ذاته يري صاحب "بوابة الحلواني " أن قضية الحكم في هذه الجائزة ليس سليما، فلا نستطيع القول أو حتي الحكم المطلق علي كاتب أو شاعر حصل عليها بأنه أعظم كاتب في العالم، فكل مرحلة ولها مفرداتها وكل جيل له نظرته المختلفة.
ويعتقد أن هناك كتاباً كثر عظماء لم يحصلون عليها، للأسف كل الجوائز فقدت مصداقيتها والذوق العام اختلف أيضا، للأسف المحكمون لنوبل منحازون للغرب والصهيونية بشكل كبير، ولا يجوز أن نطلق علي من يحصلون علي هذه الجوائز بأنهم كتاب عالميون.
ربما يكون الناقد الأدبي د. عبد المنعم تليمة، له وجهة نظر مختلفة، فهو يري أن بوب ديلان يستحق هذه الجائزة عن جدارة، لأنه من يكتب أغانيه واستطاع بأشعاره أن يحدث حالة في الشعر الأمريكي منذ 300عام، فتح فتوحات جديدة بأشعاره الإنجليزية الفريدة. لكنه في الوقت نفسه لا يعترض علي أن جائزة نوبل تشوبها شوائب كثيرة وبشكل غير مرئي تدخل فيها الأهواء السياسية التي تتم من تحت الترابيزة.
لكن في ظل وجود الوسائط الرقمية الحديثة، أصبح التصويت للجوائز يتم علي عينك يا تاجر، ويلفت د. تليمة النظر إلي أن الأبحاث والدراسات المقارنة التي أجريت علي الأدب العربي، تؤكد أن نوبل كانت من حق خمسة كتاب عرب علي مدار خمس سنوات، لكن للأسف تدخل العنصر السياسي حال دون حصول أدباء وشعراء عرب بارزين عليها أمثال أحمد شوقي، وطه حسين، دون وجود أدلة ملموسة.
ومن جانبه يقول د. هيثم الحاج علي، رئيس الهيئة العامة للكتاب، إن جائزة نوبل اتجاهها واحد ومنحها دائما يتم علي أساس سياسي أكثر من الاتجاهات الأدبية. ويري أن فكرة حول مغني أمريكي، ليس صاحب حيثية في عالم الأدب عليها يؤكد أن السياسة تلعب دورا واضحا في منح هذه الجوائز، فالحسبة تتم بشكل غريب علي عكس ما كنا نتوقع من قبل، وكان من الأفضل والأجدر أن تمنح لأديب مؤثر في العالم بفكره وكتاباته.
بينما يري الروائي السوداني أمير تاج السر، أن بوب ديلان، ربما يستحق الفوز بجوائز عديدة، لكن جائزة أدبية بحجم نوبل كانت مفاجأة كبرى، ولم يتوقع أحد أن يفوز المغني الأمريكي بها، ويعتقد أن ذلك انحدار كبير في قيمة الجائزة الأدبية، والكل يعتقد الآن وأنا منهم أن نوبل الأدب فقدت مصداقيتها
ويقول بصراحة لا تنطبق الشروط على كاتب أغان ومغني، لافتا النظر إلي أن الأدب العربي أصلا غير مطروح بقوة في الساحة العالمية، خصوصاً الأدب المترجم من العربية وليس غريبا ألا تمنح لكاتب عربي، فنجيب محفوظ كان حالة خاصة.
أما الشاعر الأردني موسي حوامدة، فله وجهة نظر مختلفة يستمدها من منظور أن العالم يتغير ويتبدل وكل شيء يتحرك، ونحن لا نرى إلا السكون حتى القمر والشمس والبشر يتغيرون، والأنفس تتغير والكتابة انتقلت إلى عصر جديد من العصر الكلاسيكي، عصر الكتابة التي تعتمد على القيم والمواقف والحكايات والحبكة، والصراع وزمن الرواية الذي نادي به جابر عصفور، لكن صارت الكتابة لها أكثر من شكل وأسلوب، وليست محصورة في السرد والرواية الكلاسيكية هذا يفرحني شخصيا كشاعر يؤمن بالحداثة والتغير وبقصيدة النثر والكتابة الجديدة، والغد المقبل وأن الكون لا يقيم لصنم ولا لأسلوب ولا لديكتاتور أو إمبراطورية.
ويستكمل حوامدة حقا أن لجنة نوبل أدركت ذلك، وفهمت أن الحياة تغيرت، وأن الكتابة لها أكثر من شكل وبهجة وتأثير فاختارت بوب ديلان. لما كتبه من أغان وكلمات عميقة تخترق الوجدان والفكر والروح، ليس بالضرورة أن تقدم الجائزة لكتاب وهذا قمة الوعي، وإن كان البعض يحمل كتبه ويدبجها بانتظار الجوائز فهم وجهوا رسالة للعالم وللكتاب والمثقفين، ولا تهتموا بالجوائز نفسها، فها هي نوبل تذهب لكاتب كلمات ومبدع مختلف لم يسع للجائزة، إن نوبل تجد نفسها وهذا سر بقائها، أما العرب فعليهم أن ينظروا إلى تخصصاتهم في منح الجوائز وتشكيل اللجان من معلمي المدارس والنقاد التقليديين البؤساء.
ويقول: انتهى زمن الوصاية والتلقين ونحن اليوم أمام ثورة معرفية، ومازلنا نجرجر أرجلنا نحو المستقبل متكئين على عصا القرون الماضية، وهذا ما دفع كثيرين للهجوم علي نوبل حين قرأت خبر فوز بوب ديلان، أدركت أن لجنة الجائزة تتكون من عباقرة ومستشرفي مستقبل وروائيين حقيقيين لم يخشوا النقد، بل وضعوا أنفسهم وحتى الجائزة دائما في الريادة.
ويهنيء بوب ديلان قائلا: وهنيئا لكل مبدع مختلف وحقيقي يستحق نوبل، وقبلها الاحترام لأنه يكون نفسه ولا يتبدل، ويذهب لكتابته الرواية من أجل جائزة أو لكتابة النقد من أجل غرض أو التمثيل لهدف مادي الفن والأدب الأصيل.
لا أزايد على أحد ولا أحجب رأي أحد، لكن اختيار نوبل لم يفاجئني لأنهم يعيشون روح العصر وليسوا متمسكين بالشكل التقليدي للأدب.
أما الروائية سلوي بكر، تري أن النتائج التي ترتبت علي منح نوبل العام الماضي، وهذا العام تعكس وجود إفلاس فكري في الغرب ما يجعله في مأزق، وأحد تجليات هذا المأزق منحها لغير مستحقيها، فالمعروف أن جائزة نوبل في الأدب، كما تعودنا تمنح لأدباء ليس معني كلامي التقليل من شأن بوب ديلان، فهو مغني يحترم وله أفكار نبيلة، لكن إنجازه غير كاف للحصول علي مثل هذه الجائزة العالمية.
بينما يقول الشاعر محمود قرني، إن فوز بوب ديلان، بجائزة نوبل كان مفاجئاً لنا جميعا، خصوصا وهي جائزة رفيعة اعتدنا أن تصل لمستحقيها من الأدباء الكبار والقامات الأدبية الرفيعة التي أثرت بكتاباتها في العالم أجمع.
ويري: أن هذه الجائزة قدمت أسماء شديدة الأهمية في تاريخ الكتابة ولفتت الانتباه إلي أسماء لم تكن معروفة في غير بلدانها ولغاتها، وعززت بشكل كبير فكرة تقدير الموهبة ومكافأة التفوق، ويتابع قرني واتسمت في حالات كثيرة بالنزاهة، لكنها علي مستوي آخر تظل مؤثرة بقدر انحيازاتها السياسية، وظهر ذلك جليا في العديد من المظاهر، وهي ربما في هذه المرة تكون منحازة لأن هذه طبيعة الأشياء. ويظن أن التقديرات التي يشيعها مثقفون في أنحاء العالم ويعتقدون أنها ملزمة للجائزة لا محل لها، لأن هذه الجائزة تعتمد علي التمدد المعرفي والجغرافي والمحيط المؤثر في ثقافات الأمم لدي الفائزين بها، لكنها تنطوي علي الكثير من المحاذير – الكلام مازال له- مثل موقعها من الشعر العربي، وقد انتظرنا لسنوات طويلة أن يحصل عليها اسم عربي في الشعر، لكن ذلك لم يحدث وهذا أمر له علاقة بالموقف العقائدي والأيديولوجي من الثقافة العربية، ومن الأدبيات الدينية التي نضيف ضمنها الشعر العربي، لذلك سنجد الاستخدامات السياسية للجائزة في بعض فروعها مثل جائزة السلام التي منحت لقتلة أمثال أوباما، وتوكل كرمان، الناشطة التي لا قيمة لها سوي خدمة المشروع الأمريكي في إسقاط الدول التقليدية في العالم العربي، وهذه أحوال الجوائز وليس علينا أن نتعجب، فالحسبة علي عكس ما كنا نتوقع نحن المثقفين البسطاء.
أما الشاعر العراقي لؤي عبد الله، فيظن بينما يظن الروائي العراقي لؤي عبدالله، أن بوب ديلان حالة خاصة جدا، فما كتبه كان مختلفا عن معظم ما كتب في مجال الأغنية أنه في أغلبه شعر، وتأثير هذا الشعر تضاعف كثيرا بفعل الموسيقى والآداء، لعل بوب ديلان الشاعر المغني الذي كسب زبدة المثقفين الغربيين، وخصوصا في العالم الأنجلوساكسوني لخصوصية المجازات والاستعارات المستخدمة في كلمات، كذلك أصبح خلال عقدي الستينيات والسبعينيات أفضل من عبر عن الحركات المضادة للحرب والمناصرة للحقوق المدنية، صوت ديلان فقير، ولكن المتلقين تهمهم الكلمات.
ولا يعتقد أنه سيكون هناك تغيير في جائزة نوبل للآداب سوى أنها ستكون صوب الأدب ذي التأثير السياسي والإنساني على قطاعات أوسع، فهناك إجماع كبير بين كل الكتاب البريطانيين الذين نشروا تعليقاتهم خلال الأيام الثلاثة الأخيرة باستحقاق ديلان بالجائزة لأنه أثر بشكل ما عليهم، ويضيف: يبدو لي أن الكثير ممن عبروا عن امتعاضهم من منح بوب ديلان جائزة نوبل لم يتابعوا ما أنجزه هذا الفنان في مجال الشعر، فإن كانت قصائده صالحة للغناء، فهذه ليست مثلبة، فالكثير من شعراء كبار كحافظ الشيرازي، وأراغون، وبودلير، وشوقي، ودرويش وآخرين، تحولت قصائدهم إلى أغان خالدة.
وقبل حصوله على نوبل منح ديلان ألقاب دكتوراه شرفية لشعره من عدة جامعات بارزة في العالم، وظل مثل حال المتنبي موضع اهتمام ملايين من المثقفين في العالم الغربي، والعالم الأنجلو ساكسوني محط جذب كبير، فمواضيع قصائده المغناة تضرب في صميم الوجود الإنساني، وعدد دواوينه كبير، فهو لم يتوقف قط على الإنتاج منذ مراهقته.
ويري عبد الله لم يغير ديلان شيئا في صياغة وعي جيل الستينيات، لكنه كان الصوت المعبر أو واحدا من أهم الأصوات المعبرة له، وخصوصا بالنسبة إلى الموقف من الحرب الفيتنامية وحركة السلام التي تنامت، وأصبحت قوة لا يستهان بها ولعل منح ديلان جائزة نوبل هو مسعى لإيقاظ روح النضال من أجل السلام الذي راح القادة العسكريون الأمريكيون اليوم يدقون طبول حرب ستنهي الحياة مرة واحدة، وإلى الأبد على كوكب الأرض، لعل هذه الجائزة ستلعب دورا في إخماد فتيل الحرب قبل اشتعالها لقد أعطى حكام نوبل جائزة السلام، لحظة وصول أوباما إلى السلطة بعد كل الحروب التي خاضها بوش والمحافظين الجدد لموقفه الرافض من غزو العراق، ولعل الجائزة كانت وراء إحجامه من دخول حروب جديدة، إذ كيف سينظر التاريخ لشخص منح جائزة السلام، ثم خاض غمار حروب جديدة،ويتساءل عبد الله هل سيتكرر تأثير هذه الجائزة بإيقاد ذاكرة جيل سكنته حرب فيتنام وصاغت وعيه ومسلك حياته بالكامل. ويظن أن هناك حالة مرضية سائدة بين أوساط الكتاب العرب اسمها الغيرة، فقطاع واسع منهم كان يخشى أن يحصل عليها أدونيس، هل تعرفين أن من حصل على جائزة نوبل للأدب كانوا تماما غافلين عنها، فدوريس لسينغ، لم تعرف بها حتى وجدت الصحفيين أمام بيتها، ولا أستبعد أن تكون الحالة مع بوب ديلان، فهو شخص شديد الخصوصية، وغير معني كثيرا بكسب اعتراف إضافي له.
والكلام مازل له، عبر جائزة نوبل، لأن ما حققه وما تحقق له من اعتراف من قبل النخبة المثقفة في العالم الأنجلوساكسوني، وجزء كبير من أوروبا وأمريكا اللاتينية لم يعرف أحد قبله.
ويري أن مشكلة الكاتب العربي شاعرا أو روائيا، هو أنه يريد انتزاع اعتراف الآخر به قبل اعتراف أبناء جلدته به، وبانتشار الجهل والأمية أصبحت الفجوة أكبر وغياب نقاد ومؤسسات نقدية، ذات وزن أصبح كل شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.