مجلة كلية التجارة بجامعة حلوان ضمن أفضل المجلات العربية    13 نوفمبر 2025.. أسعار الذهب تصعد 90 جنيها وعيار 21 يسجل 5600 جينها    تركيا: قوة الاستقرار الدولية المزمعة في غزة يجب أن تضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار    تأهل تاريخي ومنافس صلاح وبطل العالم.. أبرز 5 معلومات عن منتخب أوزبكستان قبل مواجهة مصر الودية    يوفنتوس يحدد 100 مليون يورو لبيع يلدز وسط اهتمام ريال مدريد وتشيلسي    التعليم: بدء التسجيل لامتحانات الطلاب المصريين في الخارج    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    خلال 24 ساعة.. تحرير 150 ألف مخالفة مرورية متنوعة    حسين فهمي يشارك في حلقة نقاشية عن "الترميم الرقمي" بمهرجان القاهرة السينمائي    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    اسعار الفراخ البيضا والبلدى اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى بورصة الدواجن.    الأهلي يجهز محمد شريف لقيادة الهجوم أمام شبيبة القبائل    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    رونالدو يقود هجوم البرتغال أمام أيرلندا.. تشكيل المنتخب المتوقع في تصفيات كأس العالم    بشير التابعي: شكوى الزمالك ضد زيزو "شخصية".. وطاهر لا يستحق الانضمام للمنتخب    وزير المالية: النشاط الاقتصادي يسير فى اتجاه إيجابي.. والاستثمارات الخاصة تنمو بنسبة 73٪    الكهرباء: مستمرون في التنسيق مع البيئة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة    «التحديات النفسية والاجتماعية لظاهرة التنمر في ظل الرقمنة».. ندوة بآداب بنها    الاستعانة ب 12 سيارة لسحب تراكمات مياه الأمطار من شوارع بورسعيد    منخفض جوى يضرب لبنان اليوم والذروة غداً    ضبط 5 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار بالمطرية    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    مئات الشاحنات تعبر رفح محمّلة بالمساعدات في طريقها إلى كرم أبو سالم لتسليمها للجانب الفلسطيني    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    وزير المالية يقرر زيادة العملات التذكارية للمتحف المصرى الكبير لتلبية الإقبال المتزايد على اقتنائها    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    اعتراف إسرائيلى نادر.. هرتسوج: عنف المستوطنين فى الضفة الغربية يجب أن ينتهى    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان دعمهما القوي للشعب الفلسطيني وتخفيف معاناة قطاع غزة    المجلس التصديرى للملابس يوقع مذكرة تعاون مع "الجمعية التشيكية"    التعليم تعلن شروط التقدم والفئات المسموح لها أداء امتحانات الطلاب المصريين بالخارج    اعتماد نادي اليونسكو للتنمية المستدامة بجامعة القاهرة ضمن الشبكة العالمية    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    المصرية للاتصالات: تحسن التدفقات النقدية الحرة يعكس قوة الأداء المالى    دوري المحترفين، 5 مباريات اليوم في الجولة ال 12    جوتيريش يدعو للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة    إعلام فلسطيني: غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على غزة وخان يونس    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    من عثرات الملاخ وتمرد عادل إمام إلى عالمية حسين فهمي، قصة مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    استمرار امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول بهندسة جنوب الوادي الأهلية    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب شمال شرقي الصومال    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    استخراج الشهادات بالمحافظات.. تسهيلات «التجنيد والتعبئة» تربط أصحاب الهمم بالوطن    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الخروج» البريطانى وفاجعة «نيس» وزلزال تركيا فى 10 أيام فقط.. القارة العجوز تواجه 3 أزمات قلبية
نشر في الأهرام العربي يوم 26 - 07 - 2016


جنيف – من لولا لحّام
بريطانيا تستمر فى دفع 4930 مليون يورو نصيبها من ميزانية الاتحاد الأوروبى لمدة عامين ... و الجميع يتسابق للاستحواذ على موقعها اقتصاديا وسياسيا

"البريكسيت" سينزع من بريطانيا بوابة الدخول الاقتصادى والمالى إلى أوروبا ويؤثر على كرة القدم!

مدينة نيس أصبحت اسما مشهورا فى تجنيد الشباب للجهاد فى سوريا والعراق بفضل عمر ديابى الفرنسى من أصل سنغالي

سويسرا تعلن حالة التأهب وتعزز من الوجود الأمنى فى الفاعليات الفنية التى تقام كل صيف على أراضيها

محاولة أردوغان إعادة العمل بأحكام الإعدام تنسف الحلم التركى فى الانضمام للاتحاد الأوروبى


فى ظل أزمات اقتصادية تتفاقم ولا تنتهي، وآلاف اللاجئين الذين يطرقون أبوابها كل يوم، تعرضت أوروبا لثلاث أزمات قاتلة فى العشرة أيام الأخيرة. الأزمات بترتيب حدوثها، هى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ومجيء رئيسة وزراء جديدة لإدارة شئون البلاد، ثم حادث الدهس المروع الذى شهدته مدينة نيس السياحية فى يوم عرس فرنسا فى الرابع عشر من يولية، وأخيرا محاولة الانقلاب فى تركيا التى خرجت بنتيجة واحدة أساسية وهى تدعيم سياسات ومواقف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
فكيف عاشت أوروبا هذه الأحداث العنيفة وما تأثيرها على مستقبل ال 450 مليون نسمة الذين يعيشون على أرضها؟ هذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه فى السطور التالية.

أول ما فعلته السيدة تريزا ماى، رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة التى جاءت بعد استقالة دافيد كاميرون، هو تعيين بوريس جونسون، وهو المحرك الرئيسى لموضوع "البريكسيت" كوزير للخارجية. ولمن لا يعلم، فإن "بريكسيت" كلمة مستحدثة، حتى فى اللغات الأوروبية، مكونة من شقين: "بري" وهى النصف الأول من كلمة "بريطانيا" و"إكسيت" بمعنى "خروج" (من الاتحاد الأوروبي). وتعيين جونسون يعنى أن بريطانيا سوف تسير جديا ودون كلل فى طريق الخروج من الاتحاد الأوروبي. وهذا الخروج هو الأول من نوعه الذى تطلبه إحدى دول الاتحاد الأوروبي، وهو لن يتحقق بين يوم وليلة بل سيتم تنفيذه على مدار سنتين كاملتين قابلتين للتجديد. لذلك، فإن بريطانيا ستستمر فى دفع الجزء الخاص بها فى ميزانية الاتحاد الأوروبى وقيمته 4930 مليون يورو لمدة عامين على الأقل!
خارجيا، تتسابق كل الدول الأوروبية للاستحواذ على الموقع الذى كانت تحتله بريطانيا اقتصاديا أولا، ثم سياسيا. ففى اليوم التالى مباشرة، هبطت أهم بورصات العالم بنسب ملحوظة: باريس 7% وطوكيو 6.67% ولندن (بطبيعة الحال) 7.5%. وسجل الجنيه الإسترلينى أكبر انخفاض له منذ 1985 فقد خسر 11% من قيمته أمام الدولار. وعموما ستتأثر جميع بورصات أوروبا بالسلب بعد خروج البورصة الأولى عالميا منها. وغالبا ما سيتسبب البريكسيت فى إلغاء مئات الوظائف فى البنوك البريطانية التى تعمل فى أوروبا، ويعتقد كثير من الخبراء الاقتصاديين، أن كل من كان يدخل إلى القطاع المصرفى فى أوروبا عن طريق لندن، لن يتمكن من فعل ذلك مجددا. فالبريكسيت سينزع من بريطانيا بوابة الدخول الاقتصادى والمالى إلى أوروبا.
وبدأ التنافس على الكعكة مبكرا. ففى سويسرا، بدأ قطاعى الاقتصاد والمال بالشعور بآثار العلاقات الضبابية التى ستربط بريطانيا بالاتحاد الأوروبي. ويأمل قطاع الصناعات الدوائية، على سبيل المثال، وهو الثالث أوروبيا خلف ألمانيا وبريطانيا، التربع على عرش هذا القطاع فى أوروبا. فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى يعنى أيضا خروج الوكالة الأوروبية للموافقة على الدواء من مقرها فى لندن. ويعتقد رؤساء الشركات الكبيرة أن هذا الجزء من الكعكة من حق سويسرا، خصوصا أن هذا القطاع به أكثر من 15 ألف وظيفة حالية ومطلوب به عشرات الوظائف المستقبلية، وتبلغ الاستثمارات به هذا العام نحو 907 ملايين فرنك سويسري، بارتفاع نحو 26% عن العام المنتهي. فظهرت وتعددت الدعوات السويسرية على جميع مواقع الإنترنت على غرار "نحن مستعدون لاستقبال شركات جديدة ونضاعف الاتصالات حتى يتعرف الصيادلة والعلماء على بعضهم". وتساعد فى هذا قرارات اقتصادية حديثة صدرت فى سويسرا خاصة بتخفيض الضرائب على بعض الشركات. والطريف أن لسويسرا فى هذا المجال منافسين أشداء. فشوهدت دعوات مماثلة قادمة من إسبانيا، ومن إسكتلاندا، التى تحب الاتحاد الأوروبى وتريد الانفصال عمن انفصل عنه!
قطاع الصناعات الدوائية مجرد نموذج للكم الهائل من الأسئلة التى تدور فى كل دولة من دول أوروبا: ماذا سيكون مصير الثلاثة ملايين أوروبى الذين يعيشون فى بريطانيا؟ هل سيحتاجون فيزا لدخول بريطانيا؟ هل يحتاجون إلى تصريح عمل؟ هل سيتعرضون لتفضيل البريطانيين عليهم؟ أم سوف يكون عليهم لم حقائبهم والعودة لبلادهم الأصلية؟ لا أحد يعلم.
تأثير البريكسيت وصل أيضا إلى كرة القدم البريطانية، حيث يتوقع كثير من المراقبين آثارا سلبية عليها، لأن حرية التنقل عنصر هام للغاية بالنسبة لعقود احتراف اللاعبين، حيث يمكن للاعبين أن يوقعوا للاحتراف فى الأندية البريطانية دون الاحتياج لاستصدار فيزا دخول لبريطانيا أو تصريح عمل بها، وهذا يسهل كثيرا استحضار أفضل اللاعبين الأوروبيين. وقد أظهرت بعض الدراسات أن أكثر من ثلثى النجوم الأوروبيين فى الدورى الإنجليزى لن تنطبق عليهم شروط الحصول على تأشيرة الدخول إلى بريطانيا، وبالتالى سوف يجدون أنفسهم مجبرين للمغادرة عاجلا أو آجلا.
لكن هل هناك بالفعل فائز أو مهزوم فى عملية الخروج هذه؟ من المؤكد أن تكلفة خروج بريطانيا ستكون أكبر بالنسبة لبريطانيا ذاتها، وأكثر بكثير مما ستتحمله أوروبا. فخروج بريطانيا من أكبر سوق على مستوى العالم سيخفض معدل النمو بها إلى 1.5% فى 2016 بعد أن كان متوقعا فى حدود 1.8% وإلى 1.3% بدلا من 1.7% فى 2017، أمام 0.3% فقط متوقعة على إجمالى اقتصاد الاتحاد الأوروبى فى السنتين.
على المستوى السياسي، تتضاءل الثقة فى المؤسسات الأوروبية وتتزايد النعرات القومية فى العديد من البلدان والأقاليم، وتزيد معها دعوات الأحزاب القومية إلى إجراء استفتاءات مماثلة. فاسكتلندا متمسكة بالبقاء فى الاتحاد الأوروبى وقد تختار الانفصال عن بريطانيا فى سبيل تحقيق ذلك. وقد يأتى بعدها إقليم كتالونيا الإسباني. والخطر الأكبر هو الاتجاه نحو تفتيت الاتحاد الأوروبى بكامله، أى تفتيت مجهودات بدأت فى 1951 من أجل إنشاء أوروبا الكبيرة. وقد قال دافيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق إن البريكسيت فى النهاية هو قفزة فى المجهول. وتنتظر بريطانيا رؤية هذا المجهول، آخذة فى الاعتبار رغبة أوروبا فى الانتقام لكرامتها.

ليلة بكت فيها «نيس»
ننتقل الآن إلى فرنسا والحادث المأسوى الذى هز العالم يوم 14 يولية الماضي، وهو اليوم الذى تحتفل فيه بعيدها القومى كل عام. ففى 14 يولية من عام 1789 سقط سجن الباستيل الفرنسى الذى آوى على مدار التاريخ الكثير من المعارضين الفرنسيين، وأصبح هذا اليوم رمزا تاريخيا وسياسيا لقضاء الفرنسيين على الطغاة والظالمين وقتلة الأبرياء. وقد اعتاد الفرنسيون الاحتفال به فى الشوارع حتى الساعات الأولى من الفجر. حدث ما حدث وقتل 85 وأصيب مئات آخرون ربعهم على الأقل من الأطفال.
وبعد الصدمة والبكاء وزيارة المسئولين ودعوات الشجب والإدانة وبرقيات العزاء الآتية من كل بقاع الأرض، يحين وقت إلقاء الضوء والفهم.
فى ظهر 14 يوليه، أعلن الرئيس الفرنسى رفع حالة الطوارئ. وقبل سطوع شمس اليوم التالى كان قد قرر تمديدها. ولم يسكت النواب الفرنسيون بطبيعة الحال، فهم يرون أن فرنسا يجب أن تعيش فى حالة دائمة من الطوارئ لأن التهديد كبير ومستمر. من ناحيته، أعلن عمدة مدينة نيس السابق، أنه مندهش للغاية من إعلان الرئيس الفرنسى رفع حالة الطوارئ، ومن ناحية أخرى، طالب فرانسوا فيلون، رئيس الوزراء الأسبق معرفة أسباب القرارين المتضاربين. ويرى مراقبون آخرون فى فرنسا وخارجها أهمية استمرار حالة الطوارئ، لاستمرار ضبابية وغموض الحالة الأمنية، ولأن الذى قام بعملية نيس الأخيرة ليس مصنفا كجهادى أو متطرف، وهو مجرد رجل يمارس العنف والبلطجة داخل وخارج منزله. ففجأة.. وهذا هو المثير فى القصة، تفاعل محمد الحويج بوهلال مع داعش عن طريق الإنترنت غالبا، وأعجب بهم سريعا جدا، طبقا لتصريحات وزير الداخلية الفرنسى وأسهم فى تنفيذ رؤيتهم.
ومدينة نيس بالذات تحولت إلى اسم مشهور فى تجنيد الشباب الفرنسى للجهاد فى سوريا والعراق بفضل عمر ديابى، وهو فرنسى من أصل سنغالي، عمل إماما لإحدى الزوايا فى نيس، ثم سافر إلى سوريا وانضم إلى جبهة النصرة وأصبح مسئولا عن أحد الكتائب الجهادية المكونة من نحو 30 فرنسيا قادمين كلهم من هذه المدينة الفرنسية. وتختلف الآراء حول التهاون الأمنى من عدمه، حتى فيما بين الفرنسيين أنفسهم. ففى الوقت الذى يعلن فيه رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس أنه تم منع وقوع أكثر من 15 حادثا إرهابيا فى السنوات الثلاثة الأخيرة، يعلن معارضو الحكومة أنه من العار أن يقتل فى فرنسا أكثر من 250 شخصا بسبب عمليات إرهابية جهادية منذ نوفمبر الماضى وحتى يوليه الحالي.
هذا وبدأت فى فرنسا مناورة عسكرية أمنية كبرى يشارك فيها أكثر من عشرة آلاف جندى لتأمين الحدود الفرنسية من جميع الجهات وحراسة الفاعليات الاحتفالية والثقافية التى ستقام على الأراضى الفرنسية فى الفترة المقبلة. وغير ذلك، دعا الرئيس فرانسوا هولاند الشباب ابتداء من سن 17 عاما إلى الانضمام إلى القوات الاحتياطية لمساعدة القوات الحالية لمدة عدة أيام كل عام فى نشر الأمن. وسيكون على من يريد الانضمام للاحتياطى التوقيع على عقود مشابهة لعقود العسكريين والحصول على مكافآت نظير ما يقومون به من أعمال.
من ناحية المعارضين، نجد كريستيان إيستروسى عمدة نيس السابق، الذى صرح بأن الوجود الأمنى يوم 14 يولية فى المساء لم يكن كافيا ودليله مشاهدات عديدة لما صورته كاميرات المراقبة الموجودة فى المنطقة التى تمت بها المجزرة: "الحكومة كاذبة. لقد شاهدت فقط نصف عدد الجنود الذين أعلنت وزارة الداخلية عن وجودهم بمسرح الأحداث". وأكمل بأن قرار رفع حالة الطوارئ وإعادتها فى اليوم ذاته يدل على حالة من الإهمال الشديد فى التعامل مع الأحداث الجسام.
الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى من جانبه صرح بأن كل ما كان يجب أن تفعله الحكومة الفرنسية منذ الهجمات الأولى منذ 18 شهرا لم تفعله. وطالب بدراسة وتحليل الملفات الأمنية ل 11400 شخص لهم علاقات متنوعة مع الجهاديين والأصوليين، على أن يطرد خارج فرنسا كل من يثبت عليه تهمة الإرهاب.
أما حال المدينة السياحية الثانية فى فرنسا فيرثى له: عشرات السائحين يغادرون المدينة، ويتم إلغاء عشرات الرحلات، المراكب المحملة بالسياح لا تتوقف فى ميناء نيس، مما يحرم المدينة من العائدات السياحية التى تعودت عليها تاريخيا.
سويسرا من ناحيتها أعلنت حالة التأهب وعززت من الوجود الأمنى فى الفاعليات الفنية التى تقام عادة كل صيف على أراضيها، وحول البعثات الدبلوماسية المختلفة سواء فى العاصمة برن أو فى جنيف، حيث المقر الأوروبى لمنظمة الأمم المتحدة، واستعدت جيدا للاحتفال بعيدها القومى فى الأول من أغسطس. وكذلك فعلت جيرانها ألمانيا وبلجيكا. فهل يكفى هذا للتعامل مع فصائل تغير طريقة هجومها كل فترة؟ "لا بطبيعة الحال. يجب طرد جميع من يمارسون التطرف فى فرنسا". وهذا كان رد مارينيت لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية المتطرف فى فرنسا.

مجزرة نيس طالت المسلمين مثلما طالت المسيحيين
بعد التعرف على هوية الضحايا، أعلنت الشرطة الفرنسية أن 30 من إجمالى ال 85 الذين لقوا حتفهم فى حادث الدهس من المسلمين. ومع ذلك، أهملت وسائل الإعلام الأجنبية هذا الواقع ربما متعمدة. هنا، الكثيرون من مختلف الجنسيات والأديان جاءوا لتمضية إجازة قصيرة فى هذه المدينة الساحلية الجميلة وكلهم وبدون استثناء هالهم ما شاهدوه، مثل هاتين الفتاتين، دينا ولينا، ابنتى شخصية إسلامية كبيرة تعيش فى سويسرا: "فجأة سمعنا صراخا.. هجوم! مرت السيارة بالقرب منا وجرينا منها واستقبلنا الأهالى فى بيوتهم، ثم سمعنا طلقات رصاص وبدأنا نفهم ماذا يحدث".

السلطان العثمانى يبعث من جديد
وفى غمرة الانشغال بمتابعة حادث نيس، طغى على الساحة الإعلامية موضوع انقلاب تركيا. فكيف رأته أوروبا؟ أحدث الأخبار حتى وقت طباعة المجلة تتحدث عن أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت بصوت وزير خارجيتها جون كيرى أنها لن تتهاون مع أى اختراق تقوم به تركيا لدولة القانون. ودولة القانون هذه كانت قد ألغت أحكام الإعدام فى 2004 تمهيدا للانضمام للاتحاد الأوروبي، لكن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يلوح بإعادتها لمعاقبة المسئولين عن الانقلاب الفاشل الأخير. النبرة الجادة ذاتها جاءت أيضا من وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موغيرينى فى اجتماعات بروكسل الحالية: "إذا أعادت تركيا أحكام الإعدام فى قانونها فسوف نقوم بغلق ملف انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي". هذا وقد أدانت موغيرينى محاولة الانقلاب الفاشلة فى يوم حدوثها، لكنها لن تقبل أى تجاوز ضد الديمقراطية أو ضد حقوق الإنسان تحت أى ظرف.
فى برلين أدان المتحدث الرسمى باسم الحكومة الألمانية لقطات الفيديو والصور التى أظهرت التجاوزات العديدة ومظاهر الانتقام التى عانى منها الجنود الأتراك الذين ربما يكونوا قد شاركوا فى الانقلاب: "موقفنا واضح. إننا نرفض أحكام الإعدام". فرنسا من جانبها أعلنت أنها لا تفهم أن تقوم تركيا بهدم كل ما بنته فى السابق مع فرنسا بإعادة أحكام الإعدام.
ومن تركيا جاء الرد على لسان رئيس الوزراء بن على يلدريم: "لن نعيد أحكام الإعدام إلا بعد مشاورات فى البرلمان". إلا أن حملات الاعتقال لازالت مستمرة ولا أحد يعلم كيف سيعامل الآلاف الذين يتم اعتقالهم.
والرد على سؤال "كيف رأت أوروبا محاولة الانقلاب فى تركيا؟" يمكن تلخيصه فى جملة واحدة: رأت أوروبا العار فى صور الجنود العراة ورأت الدم فى مقتل المئات. والانقلاب يخبئ – طبقا لجريدة لوتون السويسرية – "عودة اليد الحديدية للسلطان العثمانى أردوغان الذى يحكم دولة منقسمة على نفسها بدرجة كبيرة، وربما تتعرض فى المستقبل القريب لحرب أهلية تطيح بكل شيء". لكن داخليا، فإن أردوغان يمسك بزمام كل الأشياء، بما فيها تغيير الدستور لإعادة أحكام الإعدام حتى لو كلفه ذلك غلق ملف انضمام تركيا إلى ماما أوروبا.
من جانب آخر تعمل حملات التطهير على قدم وساق. وقد طالت 6038 جندى و600 مدنى و755 مستشارا وتم اعتقال 316 مواطنا. وسترتفع هذه الأعداد طبقا لتصريحات رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم الذى قال أن 2745 من القضاة سيتم التحقيق معهم ويحالون إلى التقاعد. أحالت وزارة الداخلية أيضا 8777 موظفا حكوميا إلى التقاعد، منهم 7899 شرطيا، غالبا ما سيتم اتهامهم بقضايا خيانة عظمى ومحاولة قلب نظام الحكم. وزارة المالية فعلت الشيء ذاته مع 1500 من موظفيها. غير ذلك، أصدرت الحكومة التركية قرارا بمنع سفر الملايين خارج البلاد دون تصريح. وبشكل عام، تنتظر وسائل الإعلام ما سوف ينشره موقع ويكيليكس بشأن إعادة هيكلة السلطة فى تركيا، وقد وعد مبدئيا بنشر 300 ألف وثيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.