سوزى الجنيدى يعتبر الكاتب هنرى سيجمان كبير أعضاء ورئيس مشروع الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية من أهم المتخصصين فى الشأن الفلسطينى الإسرائيلى فى عالم السياسية الأمريكى، وبرغم كونه يهوديا من أصل ألمانى، فإن آراءه كانت دائما متوازنة ومؤيدة بشدة لحق الفلسطينيين فى دولتهم المستقلة، وفى حديثه ل«الأهرام العربى» أشار سيجمان إلى أهمية التصريحات التى أدلى بها الرئيس عبد الفتاح السيسي حول ضرورة تحريك ملف السلام، مؤكدا أن وجود بنيامين نيتانياهو على رأس الحكومة الإسرائيلة إحدى أهم العقبات أمام حل الدولتين، مضيفا أن معلوماته أن الرئيس الأمريكى أوباما يفكر فى احتمال إعلان سياسية أمريكية تؤكد ضرورة الوصول لحل الدولتين، وأهمية الوصول إلى المحددات التى تؤدى لعملية تفاوض وتعريف تلك المحددات، وأعرب سيجمان عن عدم تفائله بأن تحقق المبادرة الفرنسية تقدما يذكر، مؤكدا أن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية سيكون كارثيا ليس فقط على عملية السلام ولكن على الكرة الأرضية كلها. كيف ترى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيرا حول دفع عملية السلام وإمكانية نجاح الجهود الحالية فى تحريك المياه الراكدة؟ بالطبع فإن تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي في الآونة الأخيرة حول الحاجة الملحة إلى حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، والتزامه بهذا الهدف كانت تصريحات مهمة. ولكن بما أن نيتانياهو كان دائما يستخدم استئناف المفاوضات كغطاء لتوسعة المستوطنات، فإن الدعوة لمزيد من عملية السلام لا طائل منه تماما. وإذا كان الرئيس السيسي جاداً بشأن اتفاق الدولتين، فيجب أن يصر على تمسك إسرائيل بخارطة الطريق للسلام في الشرق الأوسط، والتي تحظر صراحة التغييرات الإقليمية أحادية الجانب بأي الصورة، وبالطبع فإنه رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو وليس الرئيس الفلسطينى محمود عباس هو الذي قام بانتهاك هذا الشرط الأساسي لاتفاق الدولتين بمنطق التخلي عنه والإفلات من العقاب. وهذا هو الموضوع الذى يحب أن يتعامل معه الرئيس السيسي إذا كان يريد المساعدة في وضع حد للفشل فى كل جهود السلام السابقة. كيف ترى مستقبل عملية السلام خلال فترة الرئاسة الأمريكية المقبلة بعد الانتخابات فى نوفمبر المقبل؟ إن عملية السلام كانت ومازالت مبنية طوال الفترة الماضية على أساس من الأكاذيب، وأولها أن الحكومات الإسرائيلية خصوصا حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو تريد الوصول إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين، بينما كان لكل تلك الحكومات هدف إستراتيجى وهو عدم إعطاء الفلسطينيين دولتهم، مع الحفاظ على السيطرة الإسرائيلية الدائمة على كل فلسطين، والكذبة الثانية أن الولاياتالمتحدة - التى لديها نفوذ محتمل لإقناع إسرائيل بالدخول فى مفاوضات جادة وحقيقية على أساس حل الدولتين - تظاهرت بالاقتناع بكذبة أن حكومة نيتانياهو تريد اتفاق سلام حقيقيا، وكلتا الكذبتين مرتبطان ببعضهما، وبسبب تلك الكذبتين لم يحدث أى شىء فى عملية السلام، والشىء الوحيد الذى تغير هو أنه أخيرا فإن الرئيس الأمريكى ذكر للمرة الأولى أنه يدرك أن عملية السلام الحالية لا يمكن أن تؤدى لحل الدولتين، فى ظل الظروف الحالية التى يؤكد فيها نيتانياهو أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية طالما هو رئيس لوزراء إسرائيل، فالمسألة واضحة أن نيتانياهو مصمم على ذلك. إذن ما الخطوات الأمريكية المنتظرة خصوصا أن فترة حكم أوباما ستنتهى يناير المقبل؟ ليس واضحا حتى الآن، ولكن أتصور أن هناك تفكيرا لدى أوباما بجدية حول الخطوات التى يمكن أن يتخذها لمساعدة الإدارة الأمريكية المقبلة اتباع سياسة قد تؤدى لاتفاق حل الدولتين، وقد ذكر لى بعض السياسيين فى واشنطن أن أوباما يفكر فى احتمال إعلان سياسية أمريكية، تؤكد ضرورة الوصول لحل الدولتين، وأهمية الوصول إلى المحددات التى تؤدى لعملية تفاوض وتعريف تلك المحددات الأمريكية لتقليل التدمير الذى يمكن للأطراف إحداثه عند بدء عملية التفاوض، والسؤال هو هل سيفعل أوباما ذلك؟ فقد يعلن أوباما السياسية الأمريكية فيما يخص تلك المحددات للوصول إلى عملية تفاوضية من أجل الوصول إلى حل الدولتين، ولكن إسرائيل قد ترفض تلك المحددات، فهل يرفع أوباما بعدها الأمر إلى مجلس الأمن؟ كلها مجرد تساؤلات حاليا. هناك أفكار فرنسية لاستئناف مفاوضات السلام وهناك مؤتمر تم عقده فى باريس فهل تنجح تلك الأفكار فى ظل الرفض الإسرائيلى؟ لا أعتقد أن الفرنسيين يستطيعون فعل شىء بالنسبة لحل الدولتين، والطرف الوحيد الذى يملك القدرة على التأثير هو الولاياتالمتحدة، ولكن هل أمريكا مستعدة للتحرك ورفع الأمر لمجلس الأمن، لأن مجرد التحرك الأمريكى بدون رفع الأمر لمجلس الأمن لن يؤدى لشىء أيضا. ولكن الإدارة الأمريكية حاليا فى عام الانتخابات ولن تضحى بخسران أصوات اليهود لصالح مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون أو لصالح مرشح الحزب الجمهورى دونالد ترامب فى حالة الضغط على إسرائيل؟ ليساعدنا الرب إذا فاز ترامب، فالأمر المؤكد أن فوز ترامب سيكون كارثيا ليس فقط على المسألة الفلسطينية بل على الكون كله، فبقاء كوكب الأرض سيكون فى خطر، وأنا لا أقول ذلك كمزحة ولكنى جاد تماما، وبالنسبة للمسألة الفلسطينية الإسرائيلية فإنه حتى الآن لم تقدم هيلارى كلينتون أى دليل أيا كان أنها مستعدة أو راغبة للتعامل مع نيتانياهو فيما يخص عملية السلام، فلو قالت هيلارى نيتانياهو بوضوح إنه إذا استمريت فى بناء المستوطنات على الأراضى الفلسطينية ورفض الانسحاب إلى حدود 1967 فإن الولاياتالمتحدة لا يمكنها أن تستمر فى دعمك، وأن تكون شريكة لك وتستخدم الفيتو بمجلس الأمن لصالحك، وعندما تكون أمريكا مستعدة لقول ذلك لإسرائيل ستكون وقتها هناك فرصة لحل الدولتين، ولا يوجد دليل حاليا أن هيلارى لديها الشجاعة لفعل ذلك. ولكن المرشح الديمقراطى بيرنى ساندرز قالها بصراحة؟ نعم هو المرشح الوحيد بل ربما اليهودى الوحيد الذى قال إننا لن نؤيد ما يفعله نيتانياهو من سياسات خاطئة ولا يجب تأييد تلك السياسيات من جانب الولاياتالمتحدة، ولكن فرص ساندرز ضعيفة فى الفوز برئاسة أمريكا. كان هناك تهديد من الرئيس الفلسطينى محمود عباس باللجوء إلى مجلس الأمن فهل يحرك ذلك المياه الراكدة أم أن أمريكا ستوقف تلك التحركات؟ أعتقد أن الفلسطينيين يراجعون أنفسهم فى مسالة اللجوء لمجلس الأمن، لأن ذلك سيؤثر على المبادرة الفرنسية، والمشكلة هى فى الحكومة الإسرائيلية الحالية التى ليست فقط غير مهتمة بالسعى فى عملية سلام ولكن أيضا ملتزمة بشكل كامل فى منع أى اتفاق سلام، ولن يغير فى الأمر شيئا ما يريد الفلسطينييون فعله بالذهاب لمجلس الأمن لأن الإسرائيليين يتجاهلون كل المحاولات ويستمرون فى بناء المستوطنات بإصرار، ولن يؤثر فيهم قرار جديد من مجلس الأمن، يطالبهم بالتوقف عن البناء للمزيد من المستوطنات، والأمر الوحيد الإيجابى الذى يمكن أن يحدث هو أن يقول الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة لإسرائيل إنه إذا استمرت فى الإصرار على خرق القانون الدولى والاتفاقيات الدولية فيما يخص الاحتلال فإنهما لن يساندا هذه الاختراقات بعد الآن، وحتى يحدث ذلك من جانب أمريكا على الأقل فلن يحدث شىء حقيقي، وأى قرار جديد من مجلس الأمن سيكتفى بالقول مجددا إن المستوطنات غير شرعية، وهو ما لن يحدث تغيرا كبيرا فى الوضع. هل تعتقد إذن أن حل الدولتين قد لا يتحقق بسبب الحكومة الإسرائيلية الحالية؟ نعم من الصعب حاليا أن تحدث، والولاياتالمتحدة قد تستخدم الفيتو ضد أى قرار قوى من مجلس الأمن. إذن ما البديل إذا فشل حل الدولتين؟ للأسف فإن استمرار الوضع الحالى سيؤدى إن قريبا أو بعيدا اندلاع أعمال عنف، وهناك انطباع حاليا أن كل شىء هادئ، وأن الفلسطينيين هم من يبدأون بالعنف، ولكن العنف يبدأ بسبب التصرفات من العسكريين الإسرائيليين الذين يعملون على استمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، وهناك أعمال عنف يومية وحوادث قتل وهدم المنازل بشكل يومى ويعيش الفلسطينيين فى أجواء معيشية صعبة بدون أمل وتحت تهديد السلاح ودون أفق سياسي وفى يوم ما سيقابل كل هذا العنف الإسرائيلى بانفجار عنف فلسطينى مضاد. هل سيكون هناك أى تغيرات فى حالة فوز هيلارى كلينتون أو دونالد ترامب فى عملية السلام؟ لا يوجد فى مقولات هيلارى كلينتون سواء عندما كانت وزيرة للخارجية أو فى أحاديثها كمرشحة أنها على استعداد للوقوف فى وجه إسرائيل فى أى من القضايا الأساسية، ستقول غالبا إن إسرائيل يجب ألا توسع من الاستيطان، وهو ما سبق أن قالته وقاله رؤساء أمريكيون سابقون ولكن لا هيلارى و لا أى رئيس أمريكى سبق أن ذكر لإسرائيل أنها لو استمرت فى تجاهل ما نطالبك به وما يطالبك به المجتمع الدولى فإن أمريكا لن تستطيع دعمك سواء فى مجلس الأمن أو فى محكمة العدل الدولية أم أى مكان آخر، ولا توكد أى إشارة أن هيلارى ستقول أو تفعل ذلك، فهيلارى لديها تأييد مائة بالمائة من منظمة الإيباك اليهودية فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولن تفعل هيلارى أى شىء ضد إسرائيل. ولكن زوجها بيل كلينتون حاول الوصول لاتفاق سلام فى نهاية فترة رئاسته عام 1999؟ نعم حاول بيل كلينتون ولكنه كان يتعامل مع إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل وقتها والذى كان على استعداد للتعامل بشكل بناء ولهذا تم قتله، ولكن حاليا لدينا نيتانياهو ودعونا نتذكر أن بيل كلينتون رفض استقبال نيتانياهو فى البيت الأبيض عندما كان رئيسا، ولكن إذا فاز ترامب فلن أشعر بالقلق على مستقبل الوضع الإسرائيلى الفلسطينى، ولكنى سأقلق على استمرار الحياة على الكرة الأرضية فى حد ذاتها، وأنا جاد تماما فيما أقوله، فهو إذا فاز سيكون مسئولا عن الضغط على الزر لبدء حرب ومسئولا عن الأسلحة النووية. دعنا نعود إلى مصر هناك العديد من الانتقادات لكتاب أمريكيين لما يحدث فى مصر فهل صورة مصر سلبية حاليا داخل أمريكا؟ كان هناك أمل فى نقطة ما وتقدير لما خاضه الرئيس السيسي من تحديات من أجل استعادة الاستقرار السياسيى فى مصر، وكانت هناك توقعات عالية المستوى، وأكثر ما نجح فيه هو وضع وجه إنسانى للقوات الأمنية، وتخفيف الغضب الشعبى من الشرطة إلى حد ما، ولكن بعض ما يحدث يعطى انطباعا أن هناك عودة للوضع السابق من التضيق على حرية الرأى، وهو ما يثير خيبة أمل. كيف ترى تطور العلاقات الأمريكية السعودية خصوصا بعد الاتفاق النووى مع إيران؟ هناك خيبة أمل أيضا بين الجانبين الأمريكى والسعودى ولكنهما يدركان أهمية العلاقات بينهما، ولهذا لا أعتقد أن العلاقات ستتدهور بشدة.