عماد أنور التمنى أن يفاجئها خطيبها قائلا: «وجودك فى قلبى أعظم يوم فى التاريخ وأجمل خبر في الدنيا»
الأمل: انتظار البنت «السنجل» للفارس الذي ينصبها أميرة على قلبه بدعوة حب فحواها: «أحبيني لأسبوع.. لأيام.. لساعات.. فلست أنا الذي يهتم بالأبد»
العناد: مقاومة البنت «المسترجلة» الاستجابة لكلماته التي تعبر عن حالها: «جربت ألف محبة ومحبة.. فوجدت أفضلها محبة ذاتي»
آية : في قصيدة «رسالة إلى تلميذة».. تعاطفت مع بطلة القصيدة التي ألحت في طلب كلمات الحب من حبيبها.. «قل لي ولو كذبا كلاما ناعما.. قد كاد يقتلني بك التمثال»
سارة : أشعار نزار قباني بالنسبة لى لم تكن مجرد كلمات عن الحب والغزل أو العزة والكبرياء لكنها كنز لعاشقي اللغة العربية
دينا: ليس هناك وقت محدد لسماع أو قراءة قصائد نزار فالحب انتهى بوفاة هذا الشاعر العملاق
أذابت كلماته قلوب البنات، والتصقت دواوينه بأيديهن، يبحرن بين سطورها حتى يغلب عليهن النعاس، ليتحول ما قرأنه إلى قصة عشق بين محبوبين، تنتهي مع الاستيقاظ، وجاء صوت كاظم الساهر، ليكون رسولا أمينا، في نقل كلمات نزار من صفحات دواوينه إلى آذان وقلوب البنات من خريجات «مدرسة الحب»، ليزيدهن عشقا بشاعرهن المحبب .. هذا هو دستور العشق عند نزار قباني، الذى مزج بين الحلم والجرأة «تحركي خطوة يا نصف عاشقة، فلا أريد أنا أنصاف عشاق.. إن الزلازل طول الليل تضربني وأنت واضعة ساقًا على ساق» هو مفهوم مختلف عن الحب، لا يعرف أنصاف الحلول، ولا يؤمن بالمنطق، هو فقط يعترف بأن تطلق العنان لجناحي عشقك، وتترك الأيادي تتشابك، كي تشعر برجفة خفيفة، أشبه بماس كهربائي (منخفض التيار)، تأخذك ممن حولك لدقائق معدودة، فتتيقن أن الدنيا تخلو من البشر، سوى عاشقين أنت ونصفك الآخر، حتى وإن انتبهتما، ستبقى تلك اللحظات هي الذكرى، التي كلما تذكرتماها تشعران وكأن نسمة خفيفة تداعب خديكما. تعيش بنات حواء مع أشعار نزار قباني، إما سرا داخل غرفتها المغلقة، حيث تتعامل مع دواوين شاعرها المفضل، كأنها من المحرمات، تخفيها بين كتبها، أو علانية، حيث تجلس في شرفتها تبدأ يومها بقصيدة «صباحك سكر»، فيعلو صوت كاظم قائلا: «إذا ما مر يوم ولم أتذكر، فيه أن أقول صباحك سكر.. فلا تحزني من جهوري وصمتي، ولا تحسبي أن شيئا تغير.. فحين أنا لا أقول أحبك.. فمعناه أني أحبك أكثر». وبين التمني والأمل والعناد، تتعاملن مع سطور القصيدة، إحداهن تتمني أن يفاجئها خطيبها، بكلمات عشق كتلك التي يكتبها سلطان العاشقين، فيغازلها قائلا: «هل عندك شك أنك أحلى امرأة في الدنيا، وأرق امرأة في الدنيا.. هل أن وجودك في قلبي هو أعظم يوم في التاريخ وأجمل خبر في الدنيا»، ويعترف بتأثير حبها على قلبه حين يقول: «كم صار رقيقا قلبي حين تعلم بين يديك، كم كان كبير حظي حين عثرت يا عمري عليك». وأخرى تعيش على أمل أن يأتي ذلك الفارس الذي ينصبها أميرة على قلبه وسيدته الأولى والأخيرة، ويدعوها قائلا: أحبيني بلا عقد وضيعي في خطوط يدي.. أحبيني لأسبوع.. لأيام.. لساعات، فلست أنا الذي يهتم بالأبد». أما الثالثة التي يسيطر العناد على عقلها، وتلقب نفسها ب «المسترجلة»، التي لا تؤمن بالحب، وترفع لافتة «ممنوع الاقتراب»، أمام كل محاولة شبابية للدخول في دائرتها العاطفية، لكن حتى هؤلاء يتوقفن أمام كلمات نزار، خاصة تلك التي تصف شخصياتهن بدقة: «جربت ألف محبة ومحبة، فوجدت أفضلها محبة ذاتي.. فالحب أصبح كله متشابها، كتشابه الأوراق في الغابات.. كل الدروب أمامنا مسدودة، مسدودة.. مسدودة.. وخلاصها الرسم بالكلمات». وكما جاءت كلمات نزار على هوى عاشقات الجنون، والرقص حافيات الأقدام، واللائي أوقعهن القدر في حبيب متردد، يخاطبها دائما بلهجة تقف في منتصف الطريق بين القرب والبعد: «وإني أحبك لكن، أخاف التورط فيك التعلق بيك التوحد فيك.. لقد علمتني التجارب أن تجنب عشق النساء، وموج البحار»، أنصفت كلماته أيضا من وقعن في غرام «زير النساء» من الرجال، حين شكت أمام قاضي محكمة الحب مستغيثة: « كن منصفا يا سيدي القاضي، ذنبي أنا رجل له ماض، إن الذي أمامك الآن، أشبعني ظلما وحرمانا، أنا حالة فعلا لها يرثي، حتى نسيت بأنني أنثى». العلاقة بين نزار وبنات حواء، لم تتوقف عن أنه القادر على وصف حالهن، والمصور الماهر لقصص الحب، بل إنها علاقة قديمة حيث كانت الفتيات مع بداية كتاباته الجريئة، يقبعن في دهاليز السرية يطلعن على الأشعار التي اعتبرها الآباء في ذلك الوقت خادشة للحياء، لكن عشق القراءة لنزار، جعل بعضهن لا يتخيلن، أن هناك من لا يقرأ لنزار. أن تكون دواوين نزار مجهولة للبعض، هو أحد المستحيلات بالنسبة ل (آية طلعت)، التي قالت في حوارها معنا عن قباني: «لم أتصور وجود شخص لا يقرأ له، فأنا أعشق حسه المرهف العالي الرومانسي، وأكون في قمة سعادتي وانسجامي عندما أقرأ كلماته». وفي قصيدة «رسالة إلى تلميذة»، تعاطفت آية مع بطلة القصيدة، التي ألحت في طلب كلمات الحب من حبيبها: «قل لي ولو كذبا كلاما ناعما، قد كاد يقتلني بك التمثال»، وتمنت آية أن تجد أمامها هذا الشخص لتعنفه، على أنه لا يعير حبيبته أي اهتمام، ولا يراعي مشاعرها نحوه. إلا أن الشاعر العظيم – كما وصفته آية – فاجأها برد الحبيب على حبيبته، عندما أكد لها على أن الصمت في بعض الحالات يكون أبلغ تعبير عن الحب، خاصة إذا ما صاحب تبريره هذا غزل رقيق لجمالها: « فإذا وقفت أمام حسنك صامتا، فالصمت في حرم الجمال جمال.. كلماتنا في الحب تقتل حبنا، إن الحروف تموت حين تقال.. حسبي وحسبك أن تظلي دائما، سرا يمزقني وليس يقال». فالشاعر العبقري أبدع في أن الصمت وصف أقوى بكثير من الكلام الذي عجز عن وصف حبهم لبعض، بل إن الحبيب يخشى من أن تكون كثرة الكلام سببا في ضياع هذا الحب، لذلك تمنى أن يظل الحب سرا بينهما. كل هذا جعل آية تتذكر كلمات نزار قباني وهي مع خطيبها، ويرافقها الأمل أن يعطيها نصف ما يعطيه نزار قباني لبطلات قصائده. والحال نفسها بالنسبة ل (دينا سيد)، التي قالت: «ومين في العالم ما يعرفش نزار»، لأنه من وجهة نظرها، شاعر الرومانسية العذوب الذي يحب المرأة وينصفها دائما، وهو ما يجعلها متابعة جيدة لنزار، بداية من قراءة دواوينه، حتى سماع كلماتها من عمالقة الغناء. ومن بين قصائد عديدة، تعتبر قصيدة (إني أحبك)، هي الأقرب إلى قلب دينا، التي تقول: «إني أحبك حين تبكين وأحب وجها غائما وحزينا)، والأجمل فيها أنه يحب امرأته في كل أحوالها سواء حزينة أو سعيدة، إلا أنها تزداد جمالا في حالة الحزن. وتقول دينا، إنه ليس هناك وقت محدد لسماع أو قراءة قصائد نزار، وتجزم أيضا أن الحب انتهى بوفاة هذا الشاعر العملاق، الذي كان مختلفا في كلماته المتناقضة التي قال فيها: «من بين حب وحب أحبك أنت، ومن بين واحدة ودعتني وواحدة سوف تأتي، أفتش عنك هنا وهناك، كأن الزمان الوحيد زمانك أنت». بينما تشعر آية أحمد معه بقمة الرومانسية الخيالية، خاصة وهي تقرأ «أولها وعدتك ألا أعود»، وعدت.. وأن لا أموت اشتياقاً، ومت.. وعدت مراراً، وقررت أن أستقيل مراراً، ولا أتذكر أني استقلت»، ولجمال فيها هو عدم قدرة الحبيب على فراق حبيبته، وهو ما يصنعه نزار دائما في محبيه، حيث المفاجأة والاختلاف، اللذين نقف أمامهما مبهورين بجمال الكلمات وروعة الحالة. ولم يكتب نزار قباني أصدق ما كتبه حين قتلت حبيبته بلقيس في قصيدة باسمها، وهي القصيدة التي كانت أكثر تأثيرا على سارة أحمد، الفتاة العشرينية، التي قالت إنها ليست شغوفة بقراءة الشعر، لكن بعض قصائد نزار قباني، ظلت محفورة في وجدانها، خاصة قصيدة بلقيس التي رثى فيها الشاعر حبيبته قائلا: «شكرا لكم، شكرا لكم، فحبيبتي قتلت.. وصار بوسعكم، أن تشربوا كأسا على قبر الشهيدة.. وقصيدتي اغْتِيلتْ، وهل من أمة في الأرض إلا نحن نغتال القصيدة.. بلقيس كانت أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابل، بلقيس كانت أطولَ النخلات في أرض العراقْ، كانتْ إذا تمشي ترافقُها طواويس وتتبعُها أيائل.. بلقيس .. يا وَجَعِي». وأشعار نزار قباني بالنسبة ل سارة، لم تكن مجرد كلمات عن الحب والغزل، أو العزة والكبرياء، لكنها ترى أن أشعار نزار تعد كنزا بالنسبة لعاشقي اللغة العربية، خاصة في زمن لم يعد فيه وقت لقراءة الكتب والدواوين. لكن بعيدا عن الدواوين، كانت هناك حالة عشق أخرى بين البنات ونزار قباني، كان الفنان كاظم الساهر وسيطا فيها، حيث أبدع في غناء هذه الدواوين، وكان سببا في عشق جيل بأكمله لنزار قباني، حتى وإن لم يعاصروه، أما نزار، ورغم وفاته منذ 18 عاما، فكان سباقا بالجميل، وترك موروثا صنع من كاظم الساهر ظاهرة أطلق عليها «بحبك يا كاظم»، وهي الكلمة التي أطلقتها الفتيات في إحدى حفلاته. حفلات كاظم الساهر، تحولت بفضل قصائد نزار قباني، ظاهرة للدباديب وباقات الزهور، التي تلقيها عليه المعجبات الهائمات من مقاعدهن، بعد أن رفعت تلك الكلمات سقف توقعاتهن بفعل الرومانسية المفرطة، فجلسن يستمعن ويتمايلن مع الألحان يمينا ويسارا، متمنيات لو يتعلم الرجال كيف يكونوا عشاقا مثاليين.